الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الخناقات الزوجية بسبب الدروس الخصوصية فى أطول أجازة دراسية!

الخناقات الزوجية بسبب الدروس الخصوصية فى أطول أجازة دراسية!
الخناقات الزوجية بسبب الدروس الخصوصية فى أطول أجازة دراسية!


 
 رغم تأجيل الدراسة فى إطارى الأمن والصحة، فإن الكارثة الوبائية تطل برأسها وتهدد بنسف الجهود، وذلك بسبب انتشار مراكز الدروس الخصوصية التى لا تعلم عنها الأجهزة الحكومية شيئا، آلاف الطلاب يتلقون الدروس الخصوصية فى تلك المراكز المكتظة منذ بداية أغسطس وحتى الآن فى الإجازات الدراسية التى تتم تأجيل الدراسة فيها، إلا أن الدروس الخصوصية استحالة تأجيلها وتم تأجيل الدراسة هذا العام لتعد ثانى أطول إجازة دراسية منذ عشر سنوات ومن أطول الإجازات التى مرت بنا منذ النكسة «67» وحرب أكتوبر 73 وانقلاب الأمن المركزى 1986 وثورة يناير 2011 وهذا العام.
 
استمرت هذه الإجازات شهرًا تقريبا بعد الإجازة المعتادة وهى أسبوعان لنصف العام ليصبح الطالب منذ شهر ونصف فى إجازة مدرسية وليست دراسية لأن الدروس مستمرة فيها.
 
فى البداية تم تأجيل الدراسة إلى 22 فبراير وهذا أثار الجدل.. وبعد ذلك أثار الجدل الأكبر تأجيلها إلى 8 مارس لتعد إجازة منتصف العام الدراسى الحالى أطول إجازة على مستوى المدارس والجامعات فى العشر سنوات الأخيرة بعد تأجيل الفصل الدراسى الثانى عقب ثورة يناير ,2011 وتعليقا على ذلك يقول أحمد حلمى المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم: إن التأجيل يرجع إلى أسباب فنية وأبعاد اجتماعية، مشيرا إلى أن الوزارة تلقت العديد من الشكاوى من قبل أولياء الأمور ومطالبتهم بمساواة طلاب المدارس بالجامعات فى الإجازة، وبالتالى تم تأجيل الدراسة لأن شريحة كبيرة من المجتمع ترغب فى التأجيل، نافيا تماما تدخل أبعاد أمنية وراء عملية تأجيل الدراسة، لافتا إلى أن هذا التأجيل لم يتسبب فى تغيير الخريطة الزمنية لشرح المناهج، وأيضا هذا التأجيل لا علاقة له بانتشار أنفلونزا الخنازير، مؤكدا أن وزارة التربية والتعليم اتخذت إجراءات وتدابير احترازية لمواجهة الأمراض الموسمية والأمراض الوبائية من خلال بروتوكول تعاون مع وزارة الصحة، ومنها وجود طبيب لكل 3 مدارس، وأن يتم حجب التلاميذ الذين يتم اكتشاف إصابتهم عن أقرانهم، ومنحهم إجازة لمدة 15 يوما مع تعويضهم دراسيا.
 
وتعتبر هذه القرارات المتعلقة بتأجيل الدراسة أو إغلاق المدارس تقدير موقف من الوزارة فى حالة تحول المرض إلى وباء، ولكن الوضع حتى الآن غير مقلق، ويذكر أن قرار التأجيل لا يشمل المدارس الدولية، فهى ذات مناهج خاصة باتفاقيات الدول، خاصة أن الدراسة بهذه النوعية من المدارس مرتبطة بساعات دراسية محددة من الصعب تعديلها، فى حين يسود التذمر فى صفوف المدرسين الذين يشعرون بفداحة هذا التأخير على مناهجهم والجهد المضاعف الذى سيكون عليهم بذله للتمكن من إنهاء شروحهم فى الوقت القليل المتبقى قبل نهاية التيرم الثانى وحلول موعد الامتحانات، فى حين تشير بعض المصادر لنية التربية والتعليم لتخفيف المناهج على الطالب.
 
من المعروف أن العلاقة بين الآباء والأبناء علاقة أزلية تتأثر بالمحيط الذى ينشأ فيه الأفراد فتغير القيم السائدة والسلوكيات الفردية والجماعية فى هذه العلاقة المصيرية، ولكن رغم ذلك فلا تزال حكمة عربية مشهورة جديرة بالتأمل، وهى قول أحدهم «ربوا أبناءكم على غير أخلاقكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمنكم».
 
وتزداد المشكلات بين الآباء والأبناء أوقات الإجازات، خاصة الإجازات الطويلة والتى يطالب فيها الأبناء آباءهم بكثير من المتطلبات والأشياء من فسح وسفر والذهاب إلى أماكن ترفيهية تتطلب الإمكانيات التى تفوق حدود الأسرة المصرية، أضف على ذلك الدروس الخصوصية التى صارت عبأ على الأسرة منذ بداية الإجازة لما لها من متطلبات مادية، ورفض المدرسين إلغاءها لحين عودة المدارس، معللين بذلك أن المناهج طويلة ولا يمكن استكمالها فى الفترة القصيرة التى تبدأ منذ انتهاء الدراسة.
 
ويعانى الآباء مع الأبناء العديد من المشكلات التى يقف عندها المتخصصون، فخلال فترة توقف الدراسة يرفض الطالب أن يذاكر ما يأخذه بالدروس بحجة الإجازة، فلا معنى إذًا الآن لهذه الدروس لأن الطالب لا يحصل فيها شيئا سوى أن الأسرة تدفع المبالغ الباهظة فى الدروس الخصوصية.
 
ورغم أن الدروس الخصوصية أصبحت واقعا قائما لكن ليس بمقدور كل الأسر دفع تكلفتها الباهظة ولا يوجد أى قانون يمنع تلك الدروس أو ينظمها أو يحدد أسعارها، فهى خاضعة للعرض والطلب، وأن الحل سيكون عبر مناهج جديدة تسعى الوزارة لتطويرها وتحديثها من خلال خطة لإصدار مناهج جديدة وإدخال التقنية وتوظيفها فى خدمة المحتوى التعليمى وإصدار البلاغات التى تمنع المدرس من إعطاء الدروس الخصوصية واستغلال الطلبة.
 
الدروس الخصوصية تعتبر «مافيا» بكل ما تعنيه الكلمة، فهى صنعت لنفسها عالما خاصا اسمه «السناتر» وهى جمع سنتر، وهو عبارة عن شقة فى عمارة سكنية جرى تحويلها إلى ما يشبه المدرسة، يتوافد عليها الطلاب مقابل فيزيتا تتراوح ما بين 50 إلى 150 جنيه فى الحصة، وهذا ما يسمى بالتعليم الموازى الذى يعرفه المصريون باسم الدروس الخصوصية، حيث أصبح مرضًا أصيبت به الأسرة منذ سنوات ولا سبيل للشفاء منه إلا بإصلاح منظومة التعليم والرقابة على أداء المعلمين.
 
تشير البيانات الرسمية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن الإنفاق على الدروس الخصوصية يشغل النصيب الأكبر من نفقات التعليم، وبما يعادل 1,42٪ من الإنفاق السنوى للأسرة، وترتفع فى مدن الحضر لتبلغ 3,47٪ من نفقات التعليم وفى الريف 40٪ فقط.
 
ويرى عبداللطيف ولى أمر: إن أولياء الأمور لهم دور أساسى فى مساعدة المأمورية الضريبية التابعة لهذه المراكز التعليمية ولكن خوف أولياء الأمور من ذلك يمثل عائقا لذلك، كما أن هناك بعض المراكز التعليمية يتوافد عليها آلاف الطلبة، وبالتالى فهى أحيانا تحتاج إلى قوة أمنية لمحاصرتها ومحاسبتها، والدروس الخصوصية هى جزء من واقع الأسرة المصرية ولا يكاد يخلو منها بيت، وقد شملت جميع المراحل التعليمية حتى قبل مرحلة التعليم الابتدائى، تقول زينب عبدالفتاح- ربة منزل- ابنتى فى مرحلة الحضانة «kg2»، وقد لجأت لإعطائها درسا فى اللغة الإنجليزية نظرا لأن نطق الحروف عندها سيئ جدا، على الرغم من أن مدرستها لغات، إلا أن كل المدرسين على مستوى جيد، ونظرا لأن الحروف فى هذه المرحلة أساسا تبنى عليه اللغة، فلجأت للدرس الخصوصى، وأتساءل ماذا أفعل فى باقى السنوات، حيث بدأت منذ التيرم الأول ولم تأخذ إجازة من الدرس فى إجازة نصف العام حتى الآن، وأعتقد أن هذه الدروس ليس لها فائدة، لأن الأولاد يشعرون أنهم فى إجازة فيرفضون المذاكرة.
 
أما دعاء كمال «موظفة» فتقول ابنتى فى المرحلة الإعدادية ولابد أن أحجز لها فى الإجازة الصيفية لدى المدرسين حتى أحصل لابنتى على مكان، وتبدأ الدروس فى إجازة نصف العام، ومازلنا نأخذ دروسًا مكثفة وأدفع فيها تقريبا 100 جنيه فى الحصة الواحدة، وأحيانا تأخذ ابنتى المادة عند أكثر من مدرس للتنوع الذى يعطيه كل مدرس فى مادته.
 
وتضيف فاطمة محمد: إن الطلبة يلجأون للدروس الخصوصية بحثا عن مجموع مرتفع يمكنهم من الالتحاق بالكليات التى يرغبونها ونحن كطلبة نقبل على مراكز الدروس الخصوصية فى حصص المراجعة التى تسبق الامتحانات وحتى الآن فى الإجازات ويضاعف المدرسون الأسعار نظرا لأن المناهج طويلة والإجازة ممتدة فتتضاعف عدد الحصص وبذلك يتضاعف الأجر، فمثلا نأخذ 8 حصص أسبوعية بدلا من شهر، وتكون الحصص ليلا ونهارا.
 
ترد مديرة إحدى المدارس أن سبب انتشار الدروس الخصوصية مجرد «برستيج» فى الوسط الاجتماعى، إلا أن الطلاب والأهل الذين يتحملون أعباء تتراوح ما بين 600 و2000 جنيه فى الشهر لديهم ما يبرر اعتمادهم على الدروس الخصوصية وهى تتعلق بصعوبة المناهج والأسئلة وازدحام غرف الدراسة وعدم قدرة المدرسين على الإجابة على كل التساؤلات الخاصة بكل طالب، بل يذهب البعض لاتهام المدرسين بالتقصير بهدف دفعهم إلى اعتماد الدروس الخاصة.
 
أما الأستاذة سولى شعراوى مديرة إحدى المدارس ترى أن هناك فجوة واسعة بين الطالب والمدرسة بمعنى أن الطالب يعتقد أنه متمكن من المادة طالما أنه تلقاها من خلال الدروس الخصوصية فيهمل واجباته المدرسية ولا يهتم كثيرا بشرح المدرس فهناك سلبيات وإيجابيات للدرس الخاص ولكن السلبيات أكثر.
 
تعد الإجازة كارثة على الأسرة المصرية لأنها تمثل عبئًا كبيرًا خاصة متطلبات الأبناء، وهو ما يثير العديد من المشاكل الأسرية ويرجع علماء الاجتماع توتر العلاقة بين الآباء والأبناء إلى الفجوة العمرية وانتماء الطرفين إلى جيلين مختلفين، ولذلك ينتج عنهم اختلاف فى طرق التفكير وأساليب ممارسة المهام الحياتية، وإن كان لجفاء العاطفة وفتور المشاعر الأبوية التأثير الأكبر على مضاعفة التوتر ومع سعى المراهقين من الأبناء إلى الاستقلال بحياتهم الشخصية، فهم يغفلون عن أهمية الأبوين بما يوفرانه من دعم مادى ونفسى، ظانين أن بإمكانهم الاستغناء عن ذلك الدعم بفضل مجهوداتهم واعتمادا على اختياراتهم دون الشعور بضرورة استشارة الأبوين ومن هنا يبدأ الصراع.
 
يقول الدكتور هاشم بحرى- رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر- عن أسباب تأزم العلاقة بين الآباء والأبناء أن الطفل عندما يربى غالبا على تقاليد لا تراعى طفولته وترى فيه تجاوزا رجلا مصغرا يمكن معاملته معاملة الكبار الراشدين وهذا بلا شك يؤثر فى الأطفال فتكون طفولتهم معتلة التوازن غير مشبعة إشباعا كافيا بما تتطلبه الطفولة من تلقائية ولعب وفرص كافية لتنمية الشخصية التى تتأثر مباشرة بسلوك الوالدين مع أبنائهم وهم أطفال، فتوفيق الآباء فى إسعاد أطفالهم لا يتطلب تكوينا أكاديميا عاليا ولا تخصصا رفيعا وإنما يحتاج إلى نظرة متبصرة بالحياة عامة وبالطفولة مع التشبع بالحب الكبير والتفاؤل غير المحدود بالمستقبل وليس من عيب على الأب أن يعتبر طفلة قطعة من كبده والتمسك بذلك ولكن أحذره بلطف من امتلاكه والإساءة إلى تربيته وإفساد مزاجه بما لا يرضى الله ولا العباد، فالحياة ببساطة فانية، فيجب أن يسود السلم العلاقة بين الأبناء والآباء وأن تختفى كل المسافات وكل مظاهر العقوق والتعنيف والعداء بين الآباء والأبناء وعليهم أيضا تلبية احتياجاتهم من خروج وتنزه حتى يتم تجديد نشاطهم وقدرتهم على العطاء واستمرار التواصل فى العمل والمذاكرة، بالإضافة إلى ضرورة تخفيف العبء عليهم فى الدروس الخصوصية باستثناء إجازات نصف العام وليس من الضرورى التكثيف حتى يشعروا بالإجازة.