الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حرب المستشفيات!

حرب المستشفيات!

منذ بدء الهجوم على قطاع غزة، يكثر الحديث عن استهداف المستشفيات وأهداف إسرائيل من وراء هذه العمليات، على الرغم من أن الجانب الأكبر من هذه المستشفيات قد خرج عن الخدمة بالفعل، إما نتيجة للقصف الجوى، أو لنقص الوقود والمساعدات الطبية التى تم استنزافها عقب الهجوم، وهذا تحديدًا ما حذرت منه العديد من المنظمات الدولية سواء المختصة بالصحة أو بحقوق الإنسان، حيث بات الوضع كارثيًا لهذه المنشآت، التى تئن تحت استمرار القصف الإسرائيلى، ما ينذر بتحولها إلى (مشرحة)، رغم أن المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى، وطبقًا لنصوص ومواد القانون الدولى الإنسانى وقوانين الحرب، تعد مرافق مدنية تتمتع بحماية خاصة. ولا تفقد هذه المرافق حمايتها من الهجوم إلا إذا استُخدمت لارتكاب (أعمال ضارة بالعدو)، وبعد توجيه تحذير ضرورى. حتى لو استخدمت القوات العسكرية مستشفًى بشكل غير قانونى لتخزين الأسلحة أو إقامة معسكر للمقاتلين الأصحاء، فعلى القوة المهاجمة إصدار تحذير لوقف سوء الاستخدام هذا، بل يتطلب تحديد مهلة زمنية معقولة لإنهائه، وعدم شن هجوم قانونى إلا بعد تجاهل هذا التحذير. وهنا ينبغى على الطرف الذى يقوم بالهجوم ألا يستخدم أمر المرضى والطواقم الطبية وغيرهم بإخلاء المستشفى إلا كملاذ أخير. كما يجب حماية الموظفين الطبيِّين والسماح لهم بأداء عملهم، تلك هى إجراءات الحماية التى يؤكدها القانون الدولى الإنسانى الذى لا تعترف به إسرائيل ومن يدعمونها سواء فى السر أو العلن، حيث يدعى هذا وذاك أن «حماس تستخدم المستشفيات كبنية تحتية إرهابية»، ونشر الإعلام الإسرائيلى لقطات مفبركة تزعم أن حماس تعمل انطلاقًا من أكبر مستشفى فى غزة، (مستشفى الشفاء). وزعم نفس الإعلام الكاذب أن حماس كانت تستخدم المستشفى الإندونيسى لإخفاء مركز قيادة وسيطرة تحت الأرض، وأنها نصبت منصة إطلاق صواريخ على بعد 75 مترًا من المستشفى. فبركات وأكاذيب فندتها وأبطلت حجتها العديد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، من خلال موظفيها ومراسليها فى إسرائيل، حيث لم ترد أى معلومات أو تقارير استخباراتية إسرائيلية تؤكد صحة هذا الادعاء، وهذا ما صرح به مراسل لإحدى القنوات الفضائية عقب طلبه فى مؤتمر صحفى عرض فيديوهات وصور تثبت أن حماس تستخدم المستشفيات فى الهجوم على المدن الإسرائيلية، حيث كان الرد عليه من قبل المتحدث الإسرائيلي: أن ضرباتنا مبنية على معلومات استخباراتية، كذب وافتراء يتسم به المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى لم تسلم منه سيارات الإسعاف التى تحمل المرضى والمصابين، عندما يصرح بأن قواتنا رأت إرهابيين يستخدمون سيارات الإسعاف للتنقل، مما يشكل تهديدًا لها، لذا لزم قصفها.



السؤال هنا والذى يفرض نفسه: لماذا يصر الكيان الإسرائيلى على استهداف المستشفيات، خاصة أن عدوانهم على مستشفى الشفاء لم يسفر عن اكتشاف مركز قيادة عمليات حماس كما ادعوا، ولم يجدوا تحت المستشفى أنفاقًا، أو حتى تم العثور على بعض الرهائن، أى أن العملية برمتها تثبت فشل المعلومات الاستخباراتية التى يرددونها وينقلها عنهم الإعلام الغربى بطيب خاطر لا يحسدون عليه، رغم فجره وكذبه، الذى أظهر بدون قصد تلك الفجوة العميقة بين ما أعلنته إسرائيل خلال حملتها الإعلامية حول  مستشفى الشفاء، وما عرضه الجيش الإسرائيلى من صور بعد اقتحامه للمجمع الطبى؟!

يتبقى السبب الحقيقى الذى جعل دولة الكيان تستهدف المستشفيات، وهو ما اتضح عقب فشلهم فى عدم تحقيق أى مكسب عسكرى على أرض الواقع، والذى جاء كنتيجة طبيعية للفشل الذريع لجميع أجهزتها الاستخباراتية، ولذلك يعد ما تفعله ليس له من أثر أو هدف سوى تدمير البنية التحتية لإجبار سكان غزة على الرحيل.

وأخيرًا يؤكد استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف، الفشل والتدنى والانحدار الأخلاقى لدى قادة وقوات هذا الكيان، الذى لا يأبه بقصف مستشفى وقتل المدنيين، لمجرد استعادة وجوده وقوته، التى اهتزت وباتت مهددة منذ عملية طوفان الأقصى.