طالب بمنصَّة رصد لتوثيق الممارسات الممنهجة للكيان الصهيونى ملتقى مركز الأزهر العالمى للفتوى يطلق صيحة أزهرية لدعم فلسطين

فى إطار مواجهة الوجود الصهيونى الغاصب لأرض فلسطين عقد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية الملتقى الفقهى الرابع بعنوان: «هيئات ومؤسسات الفتوى ودورها فى دعم القضية الفلسطينية»، حيث أسفر الملتقى الذى عقد فى رحاب مركز مؤتمرات الأزهر عن عدد من المطالبات التى ترسخ الحق الفلسطينى فى مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، مع إصدار عدد من التوصيات فى مواجهة جرائم الاحتلال الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى، والدعم الغربى له.
فمن جانبه عبر د.سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، عن بطلان الوجود الإسرائيلى فى فلسطين قائلًا: إن الكيان الصهيونى المحتل لأرض فلسطين الشقيقة كيان غاصب وعنصرى، لا يراعى حرمةً للإنسانية ويمارس إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، ويعتدى بشكل وحشى على حق الشعب الفلسطينى وحريته، بما ينافى ويعادى مبعث الرسل والأنبياء -وفى مقدمتهم سيدنا موسى عليه السلام- الذين أرسلوا بالأديان حتى تكون نبراسًا يضيء للناس طريق السلام والعدل والهدى والرحمة والنجاة.
وأكد داود أن فلسطين أرض مقدسة وحق عربى أصيل للإسلام والمسلمين، وأن للشعب الفلسطينى حق فى الدفاع عن أرضه والتصدى لمحاولات المحتل الغاشم لطمس الهوية العربية والإسلامية.ـ مشددًا على أنَّ المسئولية الملقاة على عاتق مؤسسات الفتوى ورجالهم كبيرة فى توضيح وشرح أهمية وبيان الحقائق المتعلقة بالقضية الفلسطينية، خاصة الفتاوى الدينية اليهودية التى تبيح قتل العرب وتوجب على اليهودى قتل الأطفال والشيوخ.
وأكد أن هذه الفتاوى اليهودية المتطرفة، والفتاوى الدينية الداعمة للكيان الصهيونى بهذه التوجهات المتطرفة، هى فتاوى تتنافى مع مبادئ الأديان التى نادت بالخير والتعايش والمحبة والسلام وما هى إلا (معابد داعشيَّة) ترتدى ثوب الدين، ويتحتَّم على علماء المؤسسات الدينية ودعاة التسامح فى العالم فضح وتفكيك هذا التطرف والشذوذ.
وأضاف رئيس جامعة الأزهر أنَّ مركز الأزهر للفتوى يقوم بدور كبير فى تفنيد الفتاوى الشاذة عن طبيعة وفطرة الأديان دعمًا للقضية الفلسطينية، فأصدر المركز منذ نشأته وحتى يومنا هذا العديد من البيانات التاريخية التى تكشف زيف الادعاءات الصهيونية، وتؤكد حقوق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن نفسه وأرضه، واستحدث المركز مؤخرًا قسمًا خاصًّا للغة العبرية، كما أطلق العديد من المبادرات وحملات التوعية التى تعمل على نشر الوعى بالحق الفلسطينى، بالإضافة إلى مشاركته فى الكثير من حملات الدعم والإغاثة، كحملة التبرع بالدم لإغاثة المصابين فى قطاع غزة، وفى تعزيز ودعم موقف الدولة المصرية من سيناء الحبيبة، أطلق المركز حملته «سيناء.. أرضٌ مقدَّسة»، وقام بالعديد من القوافل والجولات فى جامعتها ومعاهدها ومدارسها مقدمًا عددًا من البرامج التوعوية بيَّن فيها قيمة سيناء كأرض مقدسة مباركة لها منزلة عظيمة فى الإسلام.
واختتم رئيس جامعة الأزهر كلمته بأن الاحتلالات لا تدوم، وعاجلًا أم آجلًا سيُطرد هذا الإجرام الصهيونى من الشرق، وستعود فلسطين قريبًا إلى أهلها حُرَّةً عزيزةً ودولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وسيأتى يوم قريب نجول فيه أرضَ فلسطين العربية الحرَّة، بأمنٍ وسلامٍ من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها.
من جهته قال الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن الأمة الإسلامية فى رباط ما دام هناك ظالم يحاول أن يعتدى على مقدراتها وميراثها، وعليها أن تتخذ من الوسائل ما يمكنها من استعادة حقوقها مالم يكن هناك سبيل غير ذلك، لأن الأمة الإسلامية أمة عدل وسلام، لكنها أمة قادرة على استرداد حقوقها.
وأوضح الأمين العام لهيئة كبار العلماء، خلال كلمته بالملتقى الفقهى الرابع لمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن إطلاق لفظ الفتوى على كلام الحاخامات توصيف غير دقيق، لأن كلامهم لا يعدو أن يكون تصريحات إرهابية كأحد أساليب الحرب النفسية، ومصطلح الفتاوى الشاذة يطلق على الفتاوى الدينية غير المنضبطة بضوابط، وهذا من باب وضع الأمور فى نصابها، لأن الحروب الفكرية لا يقل تأثيرها وخطرها عن الحروب العسكرية، وهو ما يؤكده استعانة الكيان المحتل واستخدامه كلام حاخاماته ليجيشوا الجماهير خلفهم.
وأكد الدكتور الصغير أن هناك دورًا مهمًا ومحوريًا لمؤسسات الفتوى لنبذ الفتاوى الشاذة التى تنطلق من خيال مؤلفيها للرد عليها وتفنيدها، وعلى وسائل الإعلام أن تدعم هذا الدور المهم الذى تقوم به المؤسسات الإفتائية فى تنقية العقول من الأفكار التى تشعل الحروب والصراعات، وينبغى على وسائل الإعلام أيضًا ألا تتداول الفتاوى الشاذة وألا تفسح لها المجال لتعرض على الجمهور، حتى لا يقع أحد فريسة لتلك الفتاوى التى تعمل على دغدغة المشاعر وإلهاب حماسها.
زيف الادعاءات الغربية
السفير مصطفى الفقى، المفكر السياسى والرئيس السابق لمكتبة الإسكندرية، أكد مشاركته فى ملتقى مركز الأزهر للفتوى أن «وجود الكيان المحتل فى فلسطين هو وجود ظالم لا يستند إلى أى حق تاريخى، لكن الكيان الصهيونى يحاول فرض السيطرة على أرض فلسطين، وهو ما شهده العالم اليوم بوضوح فى أحداث غزة، والتى كشفت زيف ادعاءات الدول الغربية التى تنادى بالحريات وحقوق الإنسان».
وأوضح الفقى خلال كلمته بالملتقى أنَّ الأزهر الشريف جزء أصيل من منهجه دعم القضية الفلسطينية، ودائمًا رأينا مواقف علمائه فى هذا الشأن لا يخشون فى الحق لومة لائم ويقولون الحق فى وجه كل ظالم مهما كانت قوته، والتاريخ يشهد على المواقف الأزهرية المشرفة والتى تؤكد أن هذه المؤسسة لها دور مهم وتاريخ طويل فى دعم الحضارة الإنسانية.
وأكد الفقى أن الإعلام يلعب دورًا محوريًّا فى دعم الفتاوى التى تؤكد الحق الفلسطينى فى أرضه، لأن الإعلام مهم فى نقل الصورة والحقيقة للناس، والحقائق عبر التاريخ كانت دائمًا تحتاج إلى إعلام منصف لا يحيد فى اتجاه طرف على حساب الآخر، وعلى المؤسسات الإعلامية أن تتحلى بالمسئولية فى نقل الصورة حتى لا تشوش الحقائق.
من جانبه أكد د إبراهيم الهدهد، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر الشريف، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الالتفاف الغربى والداعم للكيان الصهيونى فى مجازره البشعة التى يمارسها ضد الفلسطينيين تحمل فى باطنها حملة ممنهجة ضد الأمة العربية والإسلامية وتنسج حولها الأكاذيب والخرافات فى محاولة لإكسابها الشرعية، وعلى مؤسساتنا ومنظماتنا أن تتصدى لكل محاولات التزييف التى يتخذها الكيان الصهيونى ستارًا يخبئ خلفه كل جرائمه البشعة.
وأكد الهدهد أن محاولات تصوير الإسلام بأنه دين الإرهاب وأن أتباعه مجرمون وقتلة هى حملات هدفها تشويه صورة الإسلام والمسلمين، هذا الدين الذى لا يعرف الكره ولا البغض ولا التعدى على حقوق الآخرين، وهو دين يحمل فى مقوماته دعائم الحضارة الإنسانية التى تقوم على العدل والمساواة بين البشر جميعًا.
وأوضح الهدهد أن هناك دورًا مهمًا ورئيسًا للخطاب الإفتائى فى بناء الوعى، والتصدى لحملات التشويه الممنهجة للحقائق التاريخية الثابتة، وهو الدور الذى لعبته فتاوى الأزهر فى دعم القضية الفلسطينية فى كل مراحلها إيمانًا من علماء الأزهر بحق الشعب الفلسطينى الثابت تاريخيًا ودينيًا، ولا يزال هذا الدور مستمرًا فى مساندة القضية الفلسطينية، كما استعرض الهدهد جانبًا من وثائق الأزهر الشريف التاريخية ومواقف علمائه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية فى كل مراحلها والتى أكدت جميعها حق الشعب الفلسطينى فى نضاله لاسترداد أرضه وحماية مقدساته من اعتداءات الكيان الصهيونى الغاشم.
وفى ختام أعماله أكد ملتقى مركز الأزهر العالمى للفتوى، الذى عقد بحضور نخبة من علماء الأزهر والمفكرين وقادة الرأى وحضور وعاظ الأزهر والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى وشباب الجامعات، دعمه جهودَ الدولةِ المصرية فى الوقوف مع القضية الفلسطينية من خلال إصدار الفتاوى والبيانات، وعقد الندوات واللقاءات التوعوية، وفضح مزاعم الصهيونية وتفنيد افتراءاتها حول القضية الفلسطينية، والتصدى للفتاوى الشاذة والمتطرفة التى لا تستند إلى رسالات السماء وشرائع النبيين.
وشدد على أن وحدة الأمة فى أوقات الأزمات فريضةٌ دينيةٌ وضرورةٌ إنسانية، وأنه لا وقت فيها لمصلحة شخصية أو نزعة قبلية، وأنه إذا كان الاتحادُ واجبًا فى الظروف العادية، فهو فى وقت الأزمات أوجب، بل يأتى على رأس فروض الأعيان، حتى نستطيعَ مواجهةَ خطرِ نزل ببلادنا.
ولفت إلى أن انتهاج سياسة الاندماج مع الكيان الصهيونى الغاصب، والتبرير له يعدُّ دعمًا له فى جرائمه المنكرة، ومشاركةً له فى المجازر الوحشيّة التى يرتكبها يومًا بعد الآخر فى اعتداءات بربرية، وانتهاكات صارخة لرسالات السماء وشرائع النبيين. وأكد أن الغرقُ فى اللهو واللعب وقتَ نوائبِ الأمةِ الكبرى، ونوازِلِها، لَهُوَ من أحطِّ مراحل السقوط فى وحل الاغترار بالدنيا، وملذاتها الفانية فى زمن يُباد فيه شعب بأكمله، حذر منه المولى جل جلاله حين قال «وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا».
وطالب الملتقى جميعَ المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى بتبنى القضية الفلسطينية، ودعمِهَا، وفضح مزاعم الصهيونية الحديثة، وبيانِ ما يمارسه هذا الكيان من إرهابٍ وتدميرٍ وتخريبٍ، مع ضرورة توثيقه، فنحن جميعًا نعلم مدى تأثير صناع المحتوى فى الشباب والرأى العام المجتمعى.
منصة لتوثيق جرائم الصهاينة
كما طالب الملتقى الفقهى الرابع لمركز الأزهر العالمى للفتوى فى ختام أعماله بإطلاق منصَّةٍ خاصةٍ برصد الواقع الفلسطينى، وتوثيق الممارسات الممنهجة من الكيان الصهيونى.. حيث أكد فى توصياته ضرورة قيام هيئاتِ ومؤسساتِ الفتوى فى العالم بضرورة التعاون والتكامل الجاد من أجل إطلاق منصَّةٍ خاصةٍ برصد الواقع الفلسطينى، وتوثيق الممارسات الممنهجة من الكيان الصهيونى الغاصب ضد شعب فلسطين والمقدسات الدينية فيها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، ونؤكد من خلالها الحقائق الدينية والتاريخية المتعلقة بالشأن الفلسطينى، ونرد فيها على مزاعم وأكاذيب الكيان الصهيونى، لتعريته وكشف زيفه أمام جميع شعوب العالم، ونحن بدورنا فى مركز الأزهر العلمى للفتوى الإلكترونية نبدى استعدادنا التام للتعاون والتكامل فى هذا الأمر، من خلال قسم اللغة العبرية الذى أنشأه المركز خصيصًا لهذا الهدف بدعم من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف –حفظه الله-.
كما أوصى بضرورة أن يتحمل الخطابُ الدعويُّ الإسلاميُّ المعاصرُ مسئولياتهِ الدينيةَ والتاريخيةَ والواقعيةَ والمجتمعية تجاه القضية الفلسطينية، ليقوم بدوره الجاد والكبير فى توعية الجماهير بالقضية الفلسطينية، وأن يحرص على أن يكون صوتَ هدايةٍ ورشادٍ، وتسريةً وتعزيةً للمصابين والمكلومين والثكالى فى الداخل الفلسطينى، وألا يقتصر على مجرد الخطب والدروس، بل يجب أن يتعدى هذا الأمر لكل الصور التى يمكن من خلالها أن تصحح المفاهيم الخاصة بالقضية الفلسطينية وتوضح الحقائق، وتكشف الزيف، وترد أكاذيب المبطلين.
وأكد على ضرورة أن تتناول المؤسساتُ التعليميةُ القضيةَ الفلسطينيةَ فى كل صور أنشطتها الخاصة (مناهج، وبحوث علمية، ونشرات، ومؤتمرات أو منتديات ثقافية أو توعوية.....) تناولًا تاريخيًّا، ودينيًّا، وقانونيًّا، حتى يترسخ فى أذهان أبنائنا ونفوسهم فى مختلف المراحل التعليمية والعمرية (خاصة مراحله الأولى) أن تتناول حقَّ الشعب الفلسطينى فى كامل أرضه المحتلة من قبل الكيان الصهيونى الغاصب، والتأكيد على ضرورة استئصال هذه الجمرة الخبيثة من قلب المجتمع المسلم والعربى، مصداقًا لقوله تعالى: «وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ».
وأوصى الملتقى بضرورة اضطلاع المؤسسات والأكاديميات الإعلامية بمسئولياتها فى تقديم رؤيةٍ إعلاميةٍ واضحةٍ تواجه بها السقوط المهنى والأخلاقى للإعلام الغربى القائم على تزييف الحقائقِ وغض الطرف عن ممارساتٍ لأبشع أنواع التصفية العرقية والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى المكلوم، ونحضّ الشعوب العربية والإسلامية على التضامن مع القضية الفلسطينية توعويًا وإغاثيًّا وإنسانيًا.
كما أوصِى وسائلَ الإعلام المتعددة بضرورة دعم الخطاب الإفتائى الذى يتعامل مع القضية الفلسطينية بالتوازن والاعتدال، وأهمية الترويج له فى مواجهة الفتاوى الشاذة الخاصة بشأن القضية الفلسطينية.
كما طالب الملتقى فى توصياته مؤسسات المجتمع المدنى إلى بذلِ مزيدٍ مِن الجهدِ لإغاثة المنكوبين فى قطاع غزة خاصةً، وفلسطين عامة، ونجدة هذا الشعب الصامد تحت وطأة القهر والمعاناة زمانًا بعيدًا بتقديم كافة المساعدات المادية والطبية والنفسية وكل ما يلزم من الدعم، ونحن على يقينِ أنه وإن طال الزمان به، سيكتُب الله له التأييد والنصر، «إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ».
دور المجامع الفقهية
فيما أكد البيان الختامى للملتقى أن عقْد هذا الملتقى هو جزءٌ من رسالة الأزهر الشريف فى نشر الوعى الصحيح حول القضية الفلسطينية العادلة، واحتواءِ عواطف المسلمين عامةً والشبابَ خاصة تجاه قضيتهم الدينية ومقدساتهم المحتلة، وقطعِ الطريق على أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة التى تستغل الأحداث والعواطفَ فى استقطابِ الشبابِ لأفكارهم الهدامةِ باسم الدين، والتى طالما عانت منها الأمة كثيرًا قديمًا وحديثًا.
وطالب جميع مؤسسات الفتوى والمجامع الفقهية حول العالم دعمُ المواقف السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية التى حاولت إنصافَ القضية الفلسطينية، وتعزيز إيمان الشعوب بحقوقهم الدينية والتاريخية فى فلسطين ومقدساتها.
وشدد بيان الملتقى، على أهمية تدريبُ العلماء والمفتين والدعاة وتوعيتُهم بالقضية الفلسطينية وما يدور حولها من أحداث، حتى تتوفر لديهم قدرةُ البحث حولها، والردُ على أسئلة المستفتين فيها، بما يتوافق والفكرِ الوسطى المعتدل.
كما طالب بتوجيهُ خطاب إعلامى قوى تجاه الأحداث الراهنة بما يدعم القضيةَ الفلسطينية، فليس من المقبول أن يكونَ الخطابُ الإعلامى لمؤسسات الكيان الصهيونى أكبرَ وأكثرَ ذيوعًا وانتشارًا، كما أنه ليس من المنطقى أيضًا أن تكفيَ السطورُ المعدودةُ أو الكلماتُ القليلة فى التعاطى مع هذه الكوارث وتلك النوازل التى لم تمر الأمةُ الإسلاميةُ بمثلها من قبل. وشدد على ضرورةُ التنسيق والتعاون الكامل بين مؤسسات الفتوى حول العالم فى التعاطى مع الأحداث الجارية، بهدف توحيد خطابها الإفتائى، ودعم القضية الفلسطينية، ونصرةِ المستضعفين.. وأن يكون هذا التعاون تحت مظلة الأزهر الشريف.
كما دعا المجامع الفقهية إلى تحمل مسئولِياتِها الكاملة تجاه الأحداث الجارية، والتخلى عن صمتها المُخزى حيال القضية الفلسطينية، وفى مقدمة الأدوار المنوطة بها: حصرُ المسائلِ المستحدثة والنوازلِ المستجدة الخاصة بالواقع الفلسطينى وبحثُها بحثًا علميًّا جادًّا، والانتهاءُ إلى أحكام شرعيةِ ثابتةِ من خلال العلماء والفقهاء المعاصرين، حتى تستفيد منها هيئاتُ ومؤسساتُ الفتوى فى الرد على أسئلة المستفتين الخاصةِ بالنوازل والمستجدات.
وقال البيان إنه فى ظل ما نشهده فى هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن ندعم مواقفَ الدولةِ المصريةِ، وتوجّهَ قيادتها الحكيمة فى تقدير الموقف، منطلقين من القاعدة الشرعية القائمة على إدراك المصالح العامة والمفاسد وتغليب أخف الضررين، ونرى أن الخروج عن رؤية ولى الأمر فى وقت الأزمات، باب من أبواب الفتنة، بل جريمة من شأنها شق صف الأمّة وإضعاف شوكتها.
وشدد أنه فى ضوء ما سبق من ضوابط دينية ووطنية، يجب على الأمة العربية والإسلامية مساندة الشعب الفلسطينى فى استرداد أرضه المسلوبة والدفاع عن ثرواته المنهوبة، وحماية عِرضه ورفض نزوحهم وتهجيرهم وتصفية قضيتهم، حتى يزول هذا الكيانُ المحتلُ الغادرُ الغاشم عن هذه الأرض المباركة – بعون الله ومدده-.
وأكد البيان الختامى أن مشاهد التدمير وقتل الأطفال والشيوخ والنساء على أرض غزة وفلسطين التى يقوم بها الاحتلالُ الغادر، لم تَزِدْ أُمَّتُنا إلا ثباتًا وتمسكًّا بقضيتنا وأقصانا، وأحيت فى ضميرنا وشبابنا وأطفالنا قضية كاد الصهاينة ومعاونوهم بمرور الأيام أن يهيلوا عليها التراب.
وقال البيان أنه سقطت الأقنعةُ عن وجوه مُدَّعيِ الحضارة، الذين طالما تَغَنَّوْا بالحقوق والحريات، وزعموا أنهم دعاة التسامح والتعايش والسلام، حينما انتهجوا سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير والتعامى عن الحقائق، حتى بدا للناظر بوضوح أن هذه الدعوات قد اختزلت فى دعم الشذوذ، والنيل من مقدساتنا وديننا الحنيف، بزعم حرية الرأى والتعبير.
وشدد أن المساواةُ بين الضحية والمجرم جريمةٌ نكراءُ، لا يقول بها إلا كلُّ مُتنكِر لدينه وهويته، مُتنكِّب لوحى السماء، وهدى الشرائع، ورسالات النبيين، ومضيع للحقوق، ظالمٍ لنفسه، مشاركٍ فى دماء المستضعفين.
كما حذر البيان من المحاولات المستمرة لضرب استقرار الأمة، مخططٌ قديمٌ حديث لا يخفى على ذى عينين، الدور الفاعل للدولة المصرية فى الميدان، لرد العدوان وإدخال المساعدات، والسعى الدؤوب لجمع شتات الأمة، واتخاذ إجراءات فاعلة، لإعادة إحياء القضية الفلسطينية بقوة فى وجه عدو باطش، هو من ركائز الإيمان ودعائم قوله – صلى الله عليه وسلم- «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله».
إشادة لدور الفن والصحافة
من جهة أخرى ثمن المركز العالمى للفتوى بالأزهر ُ الدورَ الإعلاميَّ الكبيرَ للصحفيين والمراسلين الأبطال الذين قاموا بتغطية الأحداث المأساوية على أرض فلسطين الأبية، ويؤكد أن من مات منهم أثناء ممارسة عمله وسعيه فى نقل الحقائق، هو شهيد عند الله –تعالى-، ومنازل الشهداء، أفضل منازل الجنة.
كما أشاد بمواقف أصحاب الرأى والفن الهادف والرياضيين، وكلُّ من كان له موقف إيجابى حِيال هذه القضية سواء أكانت هذه المواقف دينية، أم شخصية أم مؤسسية أم دولية، وفى الوقت ذاته نقفُ بيقظةٍ تامة كاشفًا كافة محاولات المتاجرة بالقضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه يستمد رفضه لهذه المتاجرة من مبادئ الإسلام الثابتة وقوة الشعوب الإسلامية والعربية اليقظة.
وأكد مركزُ الأزهر العالميُّ للفتوى الإلكترونية أن حق الأمَّة الإسلامية والعربية فى فلسطين و«القدس الشريف» حقٌ دينيٌ ثابتٌ أكدته النصوص الدينية القطعية، ونُصرَتُهُ قضيةُ محوريةُ أساسيةُ لن نَكِلَّ أو نَملَّ من التذكير بها، أو الدفاع عنها، ويقابلُ هذا الحقَّ واجبُ الدفاع عن هذه القضية بكل ما أوتيت الأمة من قوّة ومقدرات.
كما أكد أن الكيانَ الصهيونيَّ اللقيطَ الأثيمَ ليست له أيُّ حقوقِ دينية أو تاريخية فى القدس وفلسطين، وأن ما يذكره فى هذا السياق ليس إلا أوهامًا تدخل فى جملة ادِّعاءاته الباطلة، لا أساس لها من الصحة، كما أنه لا يمكن أن يكون دليلًا مُسوِّغًا له فيما يرتكبه من جرائمَ وحشيةٍ، ومجازرَ همجيةٍ تشيب لها الولدانُ فى حق الشعب الفِلَسطينى المكلوم المظلوم.
وشدد أنه لا يجوز للمسلمين فى بقاع الأرض عامةً وأهلِ فلسطين خاصةً التخلى عن قضية «القدس الشريف» أو المزايدةُ حولها، أو تغليبُ المصالحِ الشخصيةِ عليها، وأنه إذا ما وقعت الأمةُ فى هذا المنزلق فقد ارتكبت أمرًا شنيعًا، ومحظورًا كبيرًا، وجُرمًا عظيمًا لن تمحوه الأيام والسنون، وسيعرضُ فى كتابِ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فى يوم العرض الأكبر «يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ»
كما أكد مركز الفتوى أنه يجب علينا أن نتوارث حقنا فى القضية الفلسطينية وأن نورثهُ أَبناءَنا والأجيالَ القادمة، وأن نغرس فيهم العقيدة الراسخة التى تقضى بأحقيتنا الإسلامية والعربية فى أرضنا ومقدساتنا، وأن تكون مواقِفُنا التاريخية القوية والواضحة تجاه هذه القضية نبراسًا يهتدون به على مر التاريخ، ولا شك أن موقفَ الأزهرِ الشريف من هذه القضية على مر التاريخ واضحٌ وضوح الشمس فى كبد السماء.
ولفت إلى القيمة الكبرى للفتاوى الدينية، وأنها لا تقل أهمية عن الأدوار السياسية والدبلوماسية والحقوقية فى نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن المستضعفين والمظلومين، سيما فى هذا الموقف الذى يدعو فيه حاخامات الصهاينة من خلال فتاواهم إلى إبادة جماعية للفِلسطينيين فى تحدٍ صارخ لهدى السماء، حيث كتب عليهم «أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِى الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ» وتأثيرُ الفتوى فى نصرةِ قضايا الإسلامِ على مر التاريخ معلوم مرقوم.
وأكد أن تقديمَ جميعِ أنواعِ الإغاثة الماديةِ والطبيةِ والصحيةِ والنفسيةِ للشعب الفلسطينى البطل الذى يدافع عن كرامةِ الأمةِ ومقدَّساتِها المباركة، واجبٌ على الشعوب، والأمة العربية والإسلامية، وفى هذا الصدد نثمن الدور الكبيرَ الذى تقوم به الدولةُ المصريةُ فى تقديم كافة أنواع الإغاثة لهذا الشعب، وكذلك باقى الدول والهيئاتِ والمنظماتِ الحقوقية والإغاثيةِ والشعوب الحرة التى أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر فى إغاثة أشقائنا فى غزة.