الخميس 8 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عيبنا إننا بقينا 90 مليون زعيم!

عيبنا إننا بقينا 90 مليون زعيم!
عيبنا إننا بقينا 90 مليون زعيم!


رغم وجوده فى بؤرة الإرهاب الجديدة الإسماعيلية لايزال «خال المصريين» عبدالرحمن الأبنودى لايخاف على المصريين من بكره ولاينسى أنه حتى فى أيام النكسة كتب «عدى النهار» لإيمانه بهذا الشعب، وبالتالى فاليأس الذى يسيطر على البعض الآن «ضعف رؤية» إلا أننا لدينا مشكلة شديدة مع جيل الشباب الآن، لأنهم يرون أن « 30يونيو ثورة فلول»، لكنهم لايعلمون أنهم بذلك «عميان» فعلا، وهناك خطورة من انعزال النخبة عن المجتمع، خاصة فى هذه الفترة الصعب، ولايجب أن نقسم بين أنصار السيسى وأنصار حمدين لأن هذا يفيد الإخوان، وزعلان على شباب تمرد الذين كانوا نواة حزب قوى، وكشف لنا «الأبنودى» خلال حواره الممتع أنه يؤيد «السيسى» الذى يحيط نفسه بالعلماء والمبدعين لا «السيسى» الذى يحاصر نفسه بمجلسه العسكرى، وأختار «السيسى» رغم أن «حمدين» صديقى لأن مصر فى حالة حرب استثنائية ولا رفاهية فكرية فى ذلك!
 
«الخال» يرى ككل المصريين الواعين أن رقص الستات فى عرس «الدستور» منتهى السياسة والثورية، وقال لنا أنه استشرف خيانة الإخوان فى قصائده النارية، منها «الميدان» التى قال فيها «حاسبوا من الديابة اللى وسطيكم» ككل ولسه النظام مسقطش.. والله يخرب بيت الفكر لأن الفكر كتاب وعويضة حياته هباب وتراب، لكن عويضة المتعلم صنع 30 يونيو!
استطاعت «روزاليوسف» أن تفتح مع الخال خزانة أسراره وتستمع لحكيه لتتأكد مع نهاية الحوار أنه الاستثنائى المختلف النادر الفريد المتجدد دائما، الثورى الحالم الرومانسى الواقعى.
 
وإليكم نص الحدوتة الطويلة..
 
∎ كيف ترى مصر بعد ثلاث سنوات من ثورة 25 يناير ؟
 
- أعتقد أنها من أكثر ثلاث سنوات حيوية فى حياة شعبنا المصرى بسلبياتها وإيجابياتها، فهى فترة رائعة، واستفدنا منها أن الشعب المصرى بأجمعه أصبح مهتما بالسياسة وبمصيره، وعرف من هو عدوه ومن حبيبه، وفى كلا المرتين التى خرج فيهما كانتا تاريخيتين سواء فى ثورة يناير أو ثورة 30 يونيو، وهز العالم أجمع، لأنه فى الأصل شعب فريد، فالشعب المصرى فى أسوأ حالات غيابه، كان لدَّى يقين أنه كامن كالنار تحت الرماد، لا نعلم متى سينفجر.
 
∎ هل كنت واثقا فيه دائما عكس المثقفين الذين كانوا يستنكرون ضعفه واستسلامه وعدم ثوريته؟
 
- أثق دائما فى شعب مصر، حتى فى النكسة، كان الجميع يائسا بدرجة تفوق ما نحن نعيشه الآن، ولكن مع ذلك كتبت «عدى النهار».
 
∎ وهل عرف الشعب المصرى لصوصه فى الفترة الماضية؟
 
- الناس تمردت وخلعت الإخوان الذين سرقوا حلمهم ووطنهم، فعندما كان هذا المواطن البسيط أبوعمة وفأس وشال يمضى على استمارة «تمرد»، فهو تمرد سياسى، وفتح المصريون أبوابهم التى كان منعزلا عنها تلك النخبة، وحولت الناس توقيعها إلى سلوك عملى، تدافع عن إمضائها فى الاستفتاء على الدستور، وصنعوا ما لم تصنعه الأحزاب والقيادات.
 
∎ بم تفسر حالة الإحباط وعدم وضوح الرؤية الآن بعد 30 يونيو؟
 
- فى الحقيقة هناك كثير من الإخوة والأصدقاء ينتابهم اليأس ولكنه لا يمر بى على الإطلاق، فاليأس ضعف رؤية، ولكن لدينا مشكلة شديدة مع جيل الشباب الآن، فنجد أن جيلى الذى ينتمى إلى الستينيات، وأخذ مواقف سياسية ودفع ثمن هذه المواقف سجن وتحقيقات فى نيابات أمن الدولة، وهو ما حدث معى على سبيل المثال سواء فى عهد عبدالناصر أو السادات حيث تم تقديمى إلى المدعى الاشتراكى بمقتضى قانون العيب، ولكن كل هذا أشياء عادية ولا أدعى فيها بطولة، ولكن وقعنا كشباب آنذاك فى مأزق أننا اعتمدنا على أقوال من هم أكبر منا، ومن ثم تضببت رؤانا وأصبحنا نحمل آراء غيرنا، فإذا قالوا لنا إن شخصا سيئا أو شريفا، كنا نؤمن على الفور بما يدعوه، ومن ثم قضية التلقين هى أسوأ ما يواجه الشباب.
 
 
∎ ولكن هل تلقين اليوم مختلف عن تلقين جيلكم، ومن هم ملقنو اليوم وما مصلحتهم؟
 
 
- أرى أن التلقين الذى يواجه الشباب اليوم هو أسوأ مما عاشه جيلنا، والملقنون كثر جدا، ولايمكن أن نثق فى مقاصدهم لأن لديهم مصالحهم الخاصة، خصوصا مع ظهور الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى، وأصبح من السهل جدا التأثير على الشباب، من قِبل مجموعة أكثر خبرة وحنكة ولها مصالحها وأغراضها الخفية والعلنية، تعمل على إعادة صياغة عقول شباب النت وليس شباب مصر، بما فيهم ابنتا آية ونور، وإذا بالشباب الكسول الذى لا يقرأ ولم يخض معارك حقيقية يعتمد على هذا التلقين، وأتعجب لشاب 17 عاما من هؤلاء شباب النت، يرى أن ما حدث فى 30 يونيو ليس ثورة، وكأنه لم ير ملايين الشعب المصرى التى خرجت إلى الشوارع، لتصحيح ثورة 25 يناير، وإعادة مسارها، ويردد الشباب مثل الشعارات الملقنة بأن 30 يونيو هى ثورة الفلول وأنها تستهدف إعادة النظام الأسبق والدولة القمعية، وكلها من الأقوال غير الحقيقية، الناتجة عن التلقين.
 
∎ هل هذا الانعزال بين النخبة والشعب خطير على المرحلة المقبلة؟
 
- بكل تأكيد ما يحدث يخلق نوعا من الفرقة بين مجموعة من المفترض أنها على وفاق فكرى واحد، فلا داعى لهذا الشق الذى يحدث الآن بين من يؤيد حمدين صباحى والمشير السيسى، رغم أنه فكريا ندعى أننا نفس الناس، أى لدينا أفكار تقدمية واشتراكية وناصرية، وأن السيسى أيضا يأتى بنفس هذه الأفكار لمواجهة أخطار جماعة الإخوان والجماعات المتخلفة والرجعية، ومع ذلك يصرون على هذا الانقسام فى المجتمع مثل القسمة التى اخترعها الإخوان الذين شقوا المجتمع إلى نصفين.
 
∎ ولكن الشباب يرى أنه هو الذى دفع ثمن الدم، وأن جيل الستينيات الذى نزل فى الذكرى الثالثة لثورة يناير يحمل صور السيسى ويطالبه بالترشح يعيده لما قبل ثورة يناير للرئيس المخلص من جديد؟
 
- اعتبر نفسى ابن ثورة يناير مثل هؤلاء الشباب، فأنا لم انزل الى ميدان التحرير لظروفى الصحية، ولكنى نزلت الميدان بأشعارى، وكتبت من أول أيام الثورة قصيدة «الميدان» قبل يوم من موقعة الجمل، لم أكن بعيدا عنهم، وأظن أن أشعارى التى كان يلتقطها الشباب كانت إحدى أيقونات الثورة، بالإضافة إلى مربعاتى التى كنت أنشرها فى جريدة «التحرير»، وكان ويضعها هذا الشباب على الفيس بوك وأصبحت زادا له طوال الأيام الماضية. ولكن عندما اندلعت ثورة 30 يونيو، التى تعتبر حدثا عظيما فى تاريخ هذه الأمة، واستطعنا أن نتخلص من الإخوان المسلمين، وصححت 30 يونيو مسار يناير، هنا اختلفت المواقف، لأن هناك ثمة قيادات سياسية لها مصالح، جرت الشباب وسحبته إلى مآربها وهو مخلص لا يعرف كثيرا، بينما الحقيقة واضحة كالشمس.
 
∎ كيف ترى هذا الاستقطاب بين شباب ثورتى يناير ويونيو؟
 
- فى الحقيقة أود أن أرسل رسالة لشباب حركة تمرد، فنحن مدينون لهم بدين كبير لا يسد، واعتبرهم آباء 30 يونيو، ولكن حتى الآن لم تكرم قيادات ثورة 30 يونيو، وسر إعجابى بتمرد أنه لأول مرة المثقف المصرى ينزل الشارع ويجعل المواطن البسيط يشارك، وسافر إلى كوم أمبو وأسوان والصعيد وبحرى وخرج من كل بلد نخبة، فلم يصنع حاكم مافعله شباب تمرد، حتى عبدالناصر كان يناضل لوحده ونحن كنا أصداء له، وحركت تمرد موجات فى بحر الجماهير الراكد تاريخيا، لذا احتفظ بمقام عال فى نفسى بشباب تمرد، أشعر معهم بكل السنين التى كنت أهرب فيها بشعرى من النخبة وأنزل إلى الجماهير، أهلى بالجلابيب والعمم، وجوابات حراجى القط وأحمد إسماعيل، ووجوه على الشط، والسيرة الهلالية التى تشبههم.
 
فلدَّى أقارب صعايدة، وسألت أحدهم عن إمضائه لاستمارة تمرد، فرد بحماس شديد وقال أنا اللى طبعت استمارة تمرد على حسابى وجعلت كل العمم من أهلى ناسى يوقعون عليها، فاندهشت من ردوده، رغم أننى كنت أسأله وأنا محرج وأخشى رده أنه غير مهتم بالسياسة وما يحدث برمته.
 
∎ ولكن شباب تمرد لم يتعلموا من أخطاء النخبة ودب الشقاق بينهم؟
 
- لأنهم لم يدركوا حقيقة وعظمة ما فعلوه فى الشعب المصرى، ولو أدركوا ذلك لما كانوا انشقوا، والتفرق بين دعمهم لحمدين والمشير السيسى، لأننى كنت أرى فيهم نواة الحزب الذى لديه جماهير قادمة من القرى والنجوع البعيدة، وكان فى تمرد الحلم المصنوع خارج الغرف المغلقة والمقاهى الموجودة بوسط المدينة.
 
∎ كيف ترى هتاف يسقط حكم العسكر الآن؟
 
- أبرز أشكال التلقين «يسقط حكم العسكر» فهو هتاف إخوانى، التقطها الشباب بمسلك إيجابى ومحمود مع المجلس العسكرى القديم الذى لايمكن تبرئته من قتل الشباب فى محمد محمود أو مجلس الوزراء، أو أحداث ماسبيرو، وأتعجب تماما من ترشح الفريق سامى عنان، واتساءل كيف يتخيل عنان أن ينزل رئيسا لجمهوريتنا بعد كل ما حدث طوال عام من حكمهم فى المرحلة الانتقالية، ولكنه بكل تأكيد لايعتمد فى الانتخابات على شعبه المصرى، ولكنه ينزل بدعم القوتين الأمريكان والإخوان، فهو ينزل فى مواجهة السيسى لأن الأمريكان والإخوان غير راضيين عن السيسى، وأقول لعنان «إن مثل هذه الأحلام برئاسة مصر مصيرها مزبلة التاريخ».
 
∎ يقول البعض إن المشير السيسى كان مديرا للمخابرات الحربية فى عهد المجلس العسكرى.. أى أنه يتحمل نصيبا من المسئولية؟
 
- أريد أن أؤكد أن فترة المجلس العسكرى لن تعود ثانية ولن يسمح بها الشعب المصرى، ونبرئ السيسى من كل الأفعال التى وقعت فى عهد المجلس العسكرى، ومنصبه كمدير للمخابرات لايحمله المسئولية مثل تلك القيادات التى ترأست المجلس وقتها.
 
∎ بمناسبة المجلس العسكرى.. كانت لك قصيدة «ضحكة المساجين» حتى إنك أهديت هذه الأشعار لعلاء عبدالفتاح ورفاقه أثناء سجنهم آنذاك.. وها هى الأيام تعود من جديد ويتم القبض عليه ثانية.. ما رأيك فيما يتعرض له شباب يناير من سجن.. وما الذى اختلف؟
 
- بالفعل كتبت القصيدة وأهديتها لعلاء عبدالفتاح، وعرفت أنه كان يعلقها على جدران الزنزانة وكان يقرأها دائما، وكانت ونسا لأصدقائه، خرج علاء من السجن ولم يكلف نفسه أن يهاتفنى ويقول لى «متشكر أنك وقفت معايا»، ولكن الآن أيضا أنا ضد هذه العمليات من القبض التى تمارسها الداخلية سواء لـ 6 أبريل أو الاشتراكيين الثوريين، وغيرهم من الشباب بطلعت حرب حتى لو هتفوا ضد الدستور أو يسقط حكم العسكر، لأن هنا تكمن ازدواجية وهى لماذا طبقت الداخلية على هؤلاء الشباب مخالفة قانون التظاهر فى الوقت الذى لم تطبقه على المواطنين الذين نزلوا فى التحرير وكل الميادين يوم 30 يونيو.
 
∎ البعض يرى أن هناك تناقضا بين موقفك من الاعتقالات قديما وتأييدك لترشح السيسى الآن بالرغم من ارتكاب نفس الأخطاء؟
 
- أنا مع السيسى طالما هو مع الشعب المصرى، وبمجرد اعتلائه لكرسى الحكم سوف أكون ثانى يوم فى المعارضة، ولن أتخلى عن تاريخ عبدالرحمن الأبنودى من أجل عيون أحد، ولكن من يحب عيون مصر فنحن معه، ومن ثم فأنا موقفى واضح وادافع عن هؤلاء المساجين الذين أرادوا التعبير عن آرائهم، لأن هذه الممارسات من قبض والقاء بالسجون ضد ثورة يناير و 30 يونيو، ولكن لن أدافع عمن يتورط منهم فى رشاوى أو العمل مع جهات أجنبية فمشكلته مع الدولة.
 
∎ ومتى تعارض السيسى ؟
 
- لو جاءنا السيسى بمجلسه العسكرى فنحن ضد السيسى، فنحن نريده محاطا بعلماء مصر وبخيرة وبأكفاء المبدعين فى مصر سواء فى الاقتصاد أو السياسة أو الأدب أو الصحة، وليس مثل هؤلاء الذين نرهم فى حكومة الببلاوى، التى نريدها تطلع برة البلد أصلا، لأنها أضرت بمصلحة البلد فى مرحلة فارقة، وننتظر إزاحتها بكل قوة، فهى ليست حكومة ثورية بل هزلية، ولا ننتظر منها أن تقدم أى شىء سواء للشباب أو للدولة كلها.
 
∎ ما رأيك فى ترشح حمدين صباحى للرئاسة مرة ثانية؟
 
- بكل تأكيد حمدين صديقى، وهذه الكارثة التى نعيش فيها الآن، من هذه الشعارات التى تقول «شكرا حمدين لترشحك فقد جعلت الانتخابات حقيقية بدلا من كونها بالتزكية»، وأشعر دائما أن كل هؤلاء يقدمون صباحى على مذبح نجاح السيسى، لأنهم يأخذونه كضحية حتى يجعل للانتخابات صورة حقيقية، مع أنه من المؤكد سوف يكون الناجح هو المشير السيسى، فأعلم شخصيا أنه سينجح جماهيريا، فالصعيد بأكمله معه.
 
∎ لماذا ترى أن السيسى هو الأفضل للرئاسة رغم أنك تقول إن صباحى صديقك؟
 
- دعينى أخبرك بأننى اخترت أنا وعائلتى صباحى فى انتخابات الرئاسة الماضية، ولكن الآن مصر فى حرب، ووضع استثنائى، لا يسمح بالرفاهية الفكرية، ولا الأخوية، نحن نريد حاكما قويا وليس رومانسيا كحمدين، فهو إنسان رومانسى جميل يعيش على أفكار عبدالناصر، ولكن الزمن تغير، نريد رئيسا كما يفعل السيسى الآن ويخوض حربا ضارية ضد الإرهاب، يخوض معركة كبيرة مماثلة داخلية مع كل رموز النظام السابق وكل سلبيات المجتمع وضد لصوص القوت وكل من يستولون على مقدرات الشعب المصرى، وكل صور التخلف واستئصال جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من التيارات المتطرفة، وإذا لم يفعل ذلك سوف نعتبره أنه خدعنا.
 
∎ فى أحد تصريحاتك.. وصفت عناد بعض القوى الثورية ورفضها لـ30 يونيو بأنهم أصبحوا أشبه بميليشيات ثورية مثل ميليشيات الإخوان؟
 
- أود أن أقول لهم شيئا: إن الإخوان فى أزمة حقيقية بأن يروا ما حدث فى 30 يونيو انقلابا وليس ثورة، ولكن أنت كشاب مصرى والإخوان ليسوا مصريين، فالإخوان يكرهون يونيو لأنها هى التى أوقفت مخططاتهم للاستيلاء على الدولة المصرية، ولكن لماذا لا يؤمن الشباب بأن يونيو هى التى صححت المسار وأنقذت 25 يناير نفسها، فأقول لهؤلاء الشباب الذى يصمم على أنه يرى 30 يونيو بأنه انقلاب مثلما يرى الإخوان، أن من نزل هم ناسك أصحاب الجلاليب والعمم، فـ 25 يناير لم يكن بها جلاليب، أيضا أقول لهم إن 30 يونيو خرجت فيها النسوان الغلابة اللاتى تراقصن فى الشارع فرحا لأنهن يعلمن حقيقة ماصنع الإخوان وأنت لا تعلم، فهم يدركون حجم الخديعة وأنت لاتعلم، هم يشعرون بالذنب لأنهم حصلوا على زجاجة زيت وسكر وأنت لم تعلم، وهم بذلك الرقص والغناء كانوا يتبرأون من زجاجة الزيت وكيس السكر، ويعلنون أنهم يرقصون ضد تعاليم الإخوان.
 
∎ ولكن هذه القوى الثورية سلكت مسلك الإخوان فى إهانتها للمرأة المصرية التى نزلت ورقصت فى الاستفتاء؟
 
- هم لا يعلمون أن الرقص سلوك ثورى، وأن الرقص هو تعبيرعن أصفى ما فى المرأة المصرية، فهى لاترقص إلا فى زواج ابنتها، ولكن عندما ترقص فى الشارع، فهو لم يكن رقصا استعراضيا، بل نوع من التشفى فى الإخوان المسلمين وحكمهم، وأتعجب كيف لا يرى هؤلاء الشباب وتلك النخب كل ذلك.
 
∎ كنت أول من توقعت خيانة الإخوان فى قصيدتك «الميدان» وحاسبوا أوى من الديابة اللى فى وسطيكم.. حاسبوا أوى من الديابة اللى فى وسطيكم.. وألا تبقى الخيانة منكم فيكم؟ كيف توقعت ذلك؟
 
- لم أكتف «بالميدان» ولكن فيما بعد كتبت «لسه النظام مسقطش» عندما استولى الإخوان على الحكم، وكتبت «أنت إللىئوقفتئمعايا فى عركة التغيرئبكرة هتقتلنى بإديك فى ميدان التحرير «فالاستشراف فى الشعر يتطلب نقاءً غير عادى فى علاقتك بالشعر، ولا يعنى أنى أكون شخص نقى أو نبى، ولكن أن تكون العلاقة بالشعر لا تشوبها شائبة، فالشاعر الذى بداخلى هو الذى استشرف لدَّى، أن الإخوان الذين يقفون صفا واحدا مع الثوار فى التحرير سوف يقتلونهم فيما.. بعد أن يحققوا أغراضهم من الوصول للحكم، وبالفعل قد كان ووقعت أحداث الاتحادية، وخيانة الثوار فى مجلس الوزراء ومحمد محمود، وكنت أتوقع هذه الأفعال المشينة للإخوان المسلمين.
 
كتبت قصيدة «الدائرة المقطوعة» التى تنتقد النخبة وبعيدة عن الجماهير والشارع ،ووصفت عويضة قائلا: «إذا مش نازلين للناس ف بلاش.. وألزم بيتك.. بيتك بيتك.. وأبلع صوتك.. وافتكر اليوم ده.. لأنه تاريخ موتى وموتك.
 
الله يخرب بيت الفكر.. وبيت اليوم.. اللى ورانا الفكر.. لأن الفكر كتاب.. و«عويضه».. حياته هباب وتراب.
 
∎ هل تعلم عويضة من الدرس؟
 
- عويضة المتعلم صنع 30 يونيو الذى خرج بعد تمرد، فرأيت العمم والجلاليب فى ميدان المحطة بقنا، بعد أن كانت اهتماماتهم قبلية وبعيدا عما يحدث من ثورة أو سياسة، لا أذكر أنه على مدار 25 عاما الماضية خرج من قنا شخص ثورى سوى أنا وأمل دنقل.
أما النخبة فعيبنا أننا بقينا 90 مليون زعيم، لاعبين محترفين من الدرجة الأولى فى كرة القدم، ولكن لانعرف اللعب كفريق، فكل لاعب يريد أن يخطف الأضواء لصالحه كفرد، وهى عادة ورثناها عبر الفراعنة، ومن ثم نحن نحتاج إلى حاكم قوى، لأننا شاهدنا ماذا حدث عندما ترهلت الأمور خلال العام الماضى، فهناك مشكلة على مستوى الأحزاب على سبيل المثال، عندما تؤسس مجموعة حزب، نجد أن عشرة أشخاص يريدون أن يتولوا منصب رئيس الحزب، وهو ما يجعلنا نصل إلى 70 حزبا ولا يعرف عنهم المواطن البسيط شىء، فنحن متضخمين كبالونات الهواء، احنا بنلعب سياسة فى بلد تانية غير مصر.
 
∎ فى الستينيات.. جمعك مع الإخوان المسلمين سجن واحد .. ولكن ما الفرق بين هؤلاء الذين كانوا فى زمن عبدالناصر والذين نراهم الآن؟
 
- الله يرحمه عبدالناصر ،يقولون أنه ديكتاتور، لم ينتظر أن يلتقط لهم قضايا، وأن يتركهم يقتلون الشرطة فى الشوارع، ولم ينتظرهم يحرقون بيوتنا، ولكنه جمعهم فى ليلة واحدة، وزج بهم إلى المعتقلات، بعد أن أعطاهم ألف فرصة، إلى أن قرروا أن يقتلوه شخصيا، كما قتلوا السادات من بعده، فهو لم يعطهم الفرصة، قولى ديكتاتور أو شىء، فإذا لم يفعل عبدالناصر ذلك لما بنى السد العالى ولا بنى مصر ولا شيد مصانع الحديد والصلب ولا الغزل والنسيج، ولا أنصف الآلاف من الفلاحين، وحتى الآن لن يستطيع أحد أن ينال من عبدالناصر أمام الفلاحين، لأنهم يعلمون جيدا ما فعله خيرا من تنظيراتنا المرتاحة التى تنظر بعين ارستقراطية لعالم لا مجال فيه لناس تأكل المش بالدود.
 
ولكننى فى السجن بالستينيات وجدتهم غلابة منكمشين حزانى منكسرين، ولكن الآن يدخلون السجون أشبه بالمنتصرين، إلى أن بدأت قواعدهم تنفلت منهم، واكتشف شبابهم أن مشروعاتهم السياسية وهمية، وما يسمونه بالانقلاب لم يستطيعوا الانتصار عليه.
 
∎ ما رأيك فى دعوات المصالحة مع هذه الجماعة الإرهابية التى تطل علينا من وقت للآخر؟
 
- فى الحقيقة برغم صداقتى للدكتور حسن نافعة، وأثق فيه من خلال كتاباته وأفكاره، وأعلم أنه متزن، دعوته فيها خفة ورقة مبالغ فيها، ولكن الأمور لا تحل، إذا حدث الصلح، سوف يستغله الإخوان لمرحلة أكبر، ونعطيهم فرصة لالتقاط الأنفاس، ونجعلهم يعملون من تحت الأرض ثانية، وهذه الفرصة سوف تجعلهم أعداء أشد ضراوة على المجتمع المصرى، لأنهم سوف يشعرون بالنجاح آنذاك، وأتعجب من أقوال مثل المصالحة مع من لم تغرق يده بالدم، وأتساءل «هل رأينا أحدا أعطى فرصه لتغرق يداه بالدم ولم يفعل؟!!» حتى الفتيات، بناتنا الصغيرات تحولن إلى تلك الوحوش التى تهاجم مكاتب الأساتذة وتحرق بالجامعة، لو أعطيت هذه الفتاة الفرصة لحرق مصر سوف تفعل ذلك، وفى رأيى أن كل من شارك الإخوان وينتمى لهذه الجماعة سواء غرقت يداه او لم تغرق فهو مدان وضد الشعب المصرى، وليس فى ذهنه سوى أن يحقق مشروع الإخوان المسلمين العالمى.
 
∎ كيف ترى وضع الإخوان المسلمين حاليا.. هل هم يحتضرون الآن؟
 
- الحقيقة أنهم تهلهلوا وتمزقوا تمزقا شاملا ومعظم قياداتهم المحلية والوسيطة فهى بالسجن، وهناك المحاصرة لتمويلهم، ولكن نحن نكتشف يوميا فى كل بيت قنابل يصنعها الإخوان كتخليل الزيتون والليمون، ومازالت المعركة طويلة ومستمرة، وفى جانب آخر الحرب مازالت مستعرة فى سيناء وهى حرب موفقة إلى أبعد الحدود، ولن يتمكنوا منها مثلما فعلوا فى أفغانستان أو باكستان أو سوريا، ولذا أؤكد ثانية نحن مدينون لرجل اسمه عبدالفتاح السيسى، من خلال المعركة الباسلة التى خاضتها القوات المسلحة.
 
∎ هل تتفق مع الآراء التى تحلل أن ما حدث فى يناير انتفاضة شعبية تم استغلالها من الأمريكان والغرب؟
 
- أرفض الاتهامات والتكهنات ولا أشارك فى مثل هذه الاتهامات إلا بوجود دليل ومعلومات موثقة، وسوف تظل 25 يناير هى ثورة بغض النظر عن من الذى أشعل عود الكبريت الأول، بها وأيضا 30 يونيو ثورة وليست موجة ثانية خرجت فيها الملايين لتدافع عن وطنها من جماعة إرهابية.
 
∎ هناك بعض المحللين الذين يرون أن السيسى يفتح باب الناصرية الجديدة التى تعتمد على الرأسمالية بحدود وتحافظ على العدالة الاجتماعية، وما هى الملامح المشتركة بينه وبين عبدالناصر؟
 
- كلها اجتهادات خاصة، يصنعها المثقفون، وشغلتهم الآن النفخ فى السيسى وصنع صورة له لانعلم هل حقيقية أم لا، فالسيسى كوزير دفاع وما فعله من وقوف بجانب الشعب فهو رجل عظيم، لا نعلم ماذا يكون عندما يصبح رئيسا، وهذا ما تحدده الأيام، أما المقارنة بينه وبين ناصر فالظروف تصنع الإنسان، وزمن عبدالناصر ذهب بلا رجعى.
 
∎ ما النصائح التى يسدى بها الأبنودى للمشير السيسى فى حال فوزه بالرئاسة؟
 
- ألا يفقد ابتسامته فى أقصى ظروف التناطح معنا وأن يحافظ على هذه النبرة الهادئة حتى النهاية، لأنه يوم أن تعلو «التكشيرة» على الوجه وتختفى هذه الابتسامة المتسامحة، ويتحول الصوت فى سيادية مريبة، سوف أكون ضد الرئيس، أن يستمع أكثر مما يتكلم، لكل المخلصين من حوله وخاصة صوت شعبه أهم من النخب، وأن يستمع لصوت الفلاحين ليس بالقبلات ولا بالطبطبة، وأن يتجه إلى الجلاليب التى تمثل النهر الحقيقى ورصيد مصر، وألا يحن بصورة من الصور لحزبه أو لمجموعته أو للكيان الذى كان ينتمى إليه، وأن يصبح حزبه هو الشعب المصرى.
 
ألا يناضل بمفرده ولكن مع شعبه ولا يعتمد على الجيش فقط، وفى المعارك الحقيقية عليه أن يجيش شعبه، وألا يخون الديمقراطية، لأن خيانتها أول سلم للديكتاتورية، وأن يهتم بالأدباء والفنانين ويستمع لهم مهما كانت آراؤهم قاسية، لأنهم المرآة الحقيقية للشعب الذى يحكمه، لأن معظم الحكام معادون للفنانين والأدباء، ثم يتجه عداؤه للشعب.
 
∎ ما أول ملف يقلب صفحاته الرئيس المقبل؟
 
- الفقراء أولاً وأخيراً، لأنهم هم الزاد الأعظم الملهم لأى حاكم، لأنهم الذين بنوا مصر وخضروها وصنعوا تلك المعجزة المسماة بمصر.
 
∎ما تقييمك لدور الإعلام المصرى فى هذه المرحلة الدقيقة؟
 
- فى رأيى طالما مازلنا نرث السلوكيات الخاطئة للنظام القديم، فنحن لن نشعر بأى تغيير، واقترح القضاء على البلطجة المسماة برسم القمامة على فاتورة الكهرباء، وتستبدل بجنيه واحد ليكون بمثابة ضريبة لإقالة التليفزيون المصرى من عثرته، ولو أن المسافة بينه وبين مضمون الثورة كالمسافة بين السماء والأرض، ولن ينجح فى اجتذاب الجمهور إلا باللجوء إلى صفوف الصدق والشجاعة والانخراط بين صفوف الشباب.
 
∎ ماذا عن دور الشباب فى المرحلة المقبلة؟
 
- الشباب لم ينجز عملا سياسيا من قبل، قام بمظاهرات ضد الفساد وسعر الرغيف أياما وعاد إلى حياته، وها هو شباب طليعة 25 يناير و30 يونيو وهاهم نجدهم يدخلون فى حلبة التناحر والتشاجر، وكأن الثورة تنتهى عند هذه النقطة، مع أن هذه هى البداية.
 
∎ ما الفرق بين الإخوان والثوار؟
 
- الإخوان كانوا ينزلون للناس فى قاع المجتمع ويدخلون فى نسيج حياتهم ومشكلاتهم، أما الثوار فكانوا ينتظرون من يسعى لهم ليجندوه، ويسهل خروجه منهم، لأنهم لم يجهدوا أنفسهم فى تجنيده، لذا نرى الانشقاقات الدائمة فى الحركات الثورية.
 
∎ بعيون وأمل الشاعر.. كيف يرى الأبنودى مصر خلال السنوات المقبلة؟
 
- أتوقع من الآن وأرى أن مصر سوف ترسو على شاطىء جميل، وسوف تبنى رغم الصعوبات المستحيلة، فمن يقرأ جيدا أحوال مصر الآن الاقتصادية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية، يعرف أننا خرقة ممزقة، ولكننى متأكد أننا سوف نرتقها جزءا جزءا وسوف نجعلها جديدة وتكون شيئا جميلا بجهود المصريين، وسوف ينضم إلينا هؤلاء المختلفون على ترشح السيسى، لبناء المستقبل وإلا تركه التاريخ على الهامش.
 
∎ هل الشعب المصرى يتسم بالأقوال وليس الأفعال، عندما يهلل للسيسى الذى يطلب منه الاستيقاظ فى الخامسة صباحا، وهل بمقدور ذلك الشعب أن يصل بمصر كما فعلت كوريا الجنوبية؟
 
- لا يجب أن تنسى أن هذا الشعب هو الذى بنى السد العالى، وخاض حرب 1973فلو رأيت فترة الموات بعد النكسة، يجعلك تعتقدين أن هذا الشعب لن يستطيع أن يواجه الناس ثانية، ولكن توحد وعبر وانتصر فى الحرب الرهيبة، لأننى مؤمن دائما بالشعب المصرى، ولكن يلزمه قيادة، دونها يتبعثر.