السبت 5 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وسط المخاوف من فوز اليمين المتطرف وأكثر من 6 مرشحين: سباق غير معلن فى فرنسا لخلافة ماكرون فى الرئاسة

بدأت تظهر سباقات الترشح لانتخابات الرئاسة الفرنسية، ولكن سرا وبين السياسيين سواء الحاليون فى مناصب أو السابقون، وذلك قبل أربع سنوات من الانتخابات الرئاسية وذلك نظرا لعدم وجود مرشح قوى يستطيع أن يجلس على كرسى رئاسة فرنسا فى ظل كل الاضطرابات التى تمر بها منذ بداية العام الحالى، ونشرت الإيكونوميست البريطانية تقريرًا قالت فيه إنه فى عبارة لا تنسى تجسد طموحه المبكر منذ أربع سنوات من ترشحه للرئاسة الفرنسية اعترف نيكولا ساركوزى فى عام 2003 بأن عقله كان يركز على الوظيفة العليا كل صباح. وكان هذا التعليق بمثابة بداية كفاحه الطويل والمضطرب لخلافة رئيسه چاك شيراك وهو ما فعله فى عام 2007. واليوم قبل أربع سنوات من انتخاب الفرنسيين لخليفة رئيسهم الحالى يدور سباق غير معلن لاستلام السلطة من الرئيس إيمانويل ماكرون بين مساعديه الحاليين والسابقين.



ويسمح الدستور الفرنسى للرئيس بالبقاء فى منصبه لفترتين متتاليتين فقط،على الرغم من أنه بعد التنحى فى عام 2027 عندما يبلغ من العمر 49 عاما يمكن لماكرون أن يترشح مرة أخرى بعد خمس سنوات، ولكن لايزال أمامه من الوقت لمحاولة إعادة تشكيل فرنسا وهو لا يبدى أى علامة على الإرهاق من الوظيفة ولا على تقلص الطموح. وتعهد أخيرا بالاستمرار فى الحكم حتى آخر ربع ساعة من ولايته.

ومع ذلك، فإن الخلفاء المحتملين من داخل معسكر ماكرون يدركون تماما أنه ليس فقط أنه لا يوجد خليفة طبيعى واحد بينهم بل إنهم لا يستطيعون ترك الأمر بعد فوات الأوان إذا أرادوا أن يظهروا. وتدور فى أذهان الجميع الحاجة إلى العثور على مرشح ذى مصداقية لمواجهة اليمينية المتشددة مارين لوپان ويبدو أن ثلاثة من المتسابقين الأوائل يعتقدون أن لديهم ما يلزم.

والأكثر جذبًا للانتباه من بين هؤلاء هو وزير الداخلية شديد اللهجة چيرالد دارمانين الذى عينه ماكرون لتأمين جناحه اليمينى. وفى 27 أغسطس الماضى نظم حدثًا سياسيًا كبيرًا فى مدينة توركوينج الصناعية الشمالية حيث كان يشغل منصب عمدة المدينة سابقا. وعلى الرغم من أنه كان فى الظاهر لمناقشة الاستراتيچية السياسية لكن حمل الحدث رائحة طموحه الشخصى وتم إرسال رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، بشكل عاجل إلى هذا الحدث للحفاظ على بعض التوازن. ودارمانين هو ابن صاحب حانة ومدبرة منزل يقدم نفسه كسياسى يفهم المخاوف اليومية على عكس المسئولين الذين يجلسون بجانبه فى مجلس الوزراء. وأعلن أنه إذا لم يتمكن السياسيون الحاليون من إيجاد طريقة للتحدث إلى ناخبى الطبقة العاملة والطبقة الوسطى، وحدد وصفا وظيفيا مصمما خصيصا له فإن فوز لوپان فى عام 2027 سيكون محتملا للغاية.

وهناك شخصية طموحة أخرى ولكنها أكثر تحفظا؛ ولكن ليست أقل تصميمًا وهو إدوارد فيليب الذى شغل منصب رئيس وزراء ماكرون سابقا ومثل وزير الداخلية ينحدر فى الأصل من الحزب الجمهورى المحافظ، ويتصدر استطلاعات الرأى باعتباره السياسى الفرنسى الأكثر شعبية بنسبة موافقة 55%، متقدما بـ13 نقطة على اليمينية لوپان فى المركز التاسع و18 نقطة على دارمانين فى المركز الـ18 وفقا لمؤسسة الاستطلاع أيڤوب.

ويأتى ماكرون فى المركز 23 بنسبة 32%. وكما يفعل الساسة الفرنسيون، سيحتفل فيليب بالعودة إلى العمل، من خلال نشر كتاب جديد، يوضح رؤيته، فى 13 من سبتمبر. وبعد أن ترك الحكومة، فى عام 2020، أسس حركته السياسية الخاصة، «آفاق»، التى تجلس فى البرلمان كجزء من ائتلاف الأقلية الذى يتزعمه ماكرون. ويشغل فيليب، أيضاً، منصب عمدة مدينة لوهافر الساحلية فى نورماندى. وهذا يمنحه مكاناً مناسباً ليبدو منه شبه معزول عن السياسة اليومية فى باريس. وأولئك الذين التقوا فيليب أخيراً، يقولون إنه يركز بشدة بالفعل على الاستعداد لعام 2027.

والمرشح المحتمل الثالث هو وزير المالية برونو لومير وهو جمهورى سابق آخر وثانى أكثر السياسيين شعبية حاليا بنسبة 46%. وكان أكثر تحفظا فى العلن حول تطلعاته الشخصية ،وعادة ما تتم رؤيته فى قاعات الاجتماعات وكان من المقرر رؤيته هذا الصيف مرتديا قمصان بأكمام وهو يستقبل المصطافين بحماس فوق ممر جبلى فى جبال الألب ،وتولى لومير حاليا منصب وزير المالية لأطول فترة متواصلة فى ظل الجمهورية الخامسة التى تأسست عام 1958. ولكنه قد يشعر فى مرحلة ما أنه بحاجة إلى المضى قدما إذا كان يريد توسيع نطاق جاذبيته والعمل على استغلال فرصه الخاصة.

ويقال إن آخرين أيضا يفكرون فى منصب الرئاسة بمن فى ذلك رئيس وزراء سابق آخر چان كاستكس ورئيس الجمعية الوطنية يائيل براون بيڤيت أو حتى وزير التعليم البالغ من العمر 34 عامًا جابرييل أتال.

وسيجب على كل منهم أن يسيروا على خط دقيق بين الرغبة فى البقاء مخلصين لماكرون الذى يدينون له بالوظيفة والحاجة السياسية إلى إبعاد أنفسهم عن الرئيس الذى لا يحظى بالشعبية والذى واجه إضرابات وأعمال شغب العام الجارى وحتى لو كان يرغب فى دعم وريث فإن هذا قد لا يقدم أى خدمة لمن يدعمه. أربع سنوات هى فترة طويلة وكان ماكرون نفسه مستشارا غير معروف فى الغرف الخلفية، قبل فترة طويلة من محاولته الرئاسية الأولى. ولا توجد أى عملية منظمة داخل حزبه النهضة لاختيار مرشح. وعامة يفتقر الحزب إلى الجذور وقد لا يستمر فى شكله الحالى بعد انتهاء فترة رئاسة ماكرون.

ومع ذلك، فإن التهديد بفوز لوپان بالرئاسة يجعل الأمر أكثر إلحاحا وكانت الزعيمة اليمينية المتشددة تنتظر وقتها بهدوء وتجلس بأدب على المقاعد البرلمانية المعارضة وتحاول أن تبدو وكأنها رئيسة منتظرة. وربما لا يحب ماكرون التفكير فى التخطيط للخلافة ولكن الإرث الأكثر إيلاما لزعيم فعل الكثير لتحديث فرنسا هو أن يتبع رئاسته التى استمرت لفترتين انتخاب لوپان تماما كما حدث مع رئاسة باراك أوباما التى انتهت بانتخاب دونالد ترامب.

ونسبة تأييد ماكرون وصلت لـ 32% الذى يأتى فى المركز الـ23، وتدور فى أذهان الجميع الحاجة إلى العثور على مرشح له مصداقية لمواجهة اليمينية المتشددة مارين لوپان، وسيجب على كل المتنافسين أن يسيروا على خط دقيق بين الرغبة فى البقاء مخلصين لماكرون الذى يدينون له بالوظيفة والحاجة السياسية إلى إبعاد أنفسهم عن الرئيس الذى لا يحظى بالشعبية.