خلال المؤتمر العالمى للسكان .. د.مايا مرسى: النهوض بصحة السكان مسئولية مشتركة تتجاوز حدود المساواة

نعمات مجدى
شاركت د.مايا مرسى رئيسة المجلس القومى للمرأة، فى جلسة بعنوان «تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين من أجل النهوض بسكان يتمتعون بصحة جيدة»، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية.
وقالت د.مايا مرسى فى بداية كلمتها: «يشرفنى أن أقف أمامكم لمناقشة موضوع على قدر عظيم من الأهمية؛ تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين وتأثيره على تَقدُّم السكان صحيًا». وتابعت: «إن تمكين المرأة ليس مجرد مسألة حقوق؛ إنها وصفة لسكان أكثر صحة، وأكثر حيوية ومجتمع أقوى، تصوّروا معى عالمًا يشجع فيه كل فتاة على أن تحلم من دون حدود وتمنح فيه كل امرأة الأدوات لتحويل تلك الأحلام إلى واقع».
وأكدت رئيسة المجلس: «على الصعيد العالمى، قد يستغرق الأمر الآن 131 عامًا لسد الفجوة العالمية بين الجنسين بعد خسارة «جيل كامل» من التقدم بسبب فيروس كورونا وفقًا للمنتدى الاقتصادى العالمى، ولا تزال العوامل التى أرجعت المرأة إلى الوراء خلال السنوات الأخيرة بما فى ذلك البنية التحتية غير الكافية للرعاية وتعطل القوى العاملة بسبب التكنولوچيات الجديدة والركود فى مختلف القطاعات سائدة».
وأوضحت، «أن تمكين المرأة هو الطريقة الأكثر فعالية لخفض معدلات الخصوبة وتحقيق حجم سكانى مستدام يحترم حدود القدرة الاستيعابية للأرض. فعادة عدد السنوات التى تقضيها المرأة فى التعليم يرتبط بعدد الأطفال الذين ستنجبهم فى حياتها».
وأضافت: «فى عام 2019 قدرت الأمم المتحدة أن الأمر سيكلف على الصعيد العالمى نحو 264 مليار دولار لإنهاء أسوأ حالات الظلم بين الجنسين: العنف ضد النساء والفتيات، وزواج الأطفال، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ووفيات الأمهات- التى يمكن الوقاية منها- وحتى الآن لم نتمكن بتمويل إلا 16 % من التعهد المطلوب».
وأشارت إلى أنه «وفقًا لما ذكره صندوق الأمم المتحدة للسكان؛ فإن كل دولار يتم إنفاقه على تلبية احتياجات المرأة فى مجال تنظيم الأسرة يؤدى إلى فوائد قدرها 120 دولارًا، فكل شخص إضافى على كوكبنا يؤدى إلى زيادة الانبعاثات الكربونية ويزيد عدد ضحايا تغيُّر المُناخ؛ وبخاصة ما بين الفقراء».
وأكدت أنه فى مصر كما ذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى؛ فإن التمكين الاقتصادى للمرأة واستقلال المرأة من خلال انخفاض معدلات الخصوبة وزيادة المشاركة فى العمل سيؤدى إلى تقليل عدد الفقراء بمقدار 3.8 مليون شخص فى العالم. مؤكدة، أن الاقتصاد يحصل على دفعة قوية من دخول المزيد من النساء إلى سوق العمل، وفى الوقت نفسه تؤدى زيادة فرص الحصول على خدمات تنظيم الأسرة إلى خفض معدل الخصوبة، مما يؤدى إلى تباطؤ النمو السكانى ويؤدى إلى انخفاض عدد الأطفال الذين يُولدون فى ظل الفقر.
كما أكدت، أن مصر تتبنّى نهجًا شموليًا وتضع نظامًا بيئيًا لضمان صحة السكان لمعالجة مجموعة واسعة من القضايا المترابطة التى تشمل الرعاية الصحية والتعليم والعوامل الاجتماعية والظروف الاقتصادية وغيرها، قائلة: «الآن حان الوقت لإعادة كتابة هذا الواقع، وإطلاق العنان للإمكانات غير المستغلة للنساء والفتيات، وتمهيد الطريق لهن نحو مستقبل أكثر إشراقًا وإنصافًا، فلدى مصر إطار سياسى ممتد من دستور 2014 إلى استراتيچية تمكين المرأة 2030.. وكما رأينا بالأمس النساء المستفيدات وعوامل التغيير فى الاستراتيچية الوطنية للسكان 2030 التى تم إطلاقها».
وأشارت إلى أن، تمكين المرأة وتحقيق المساواة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا؛ بل أيضًا واجبٌ استراتيچى مدعوم بأعلى إرادة سياسية فى مصر «سيادة رئيس الجمهورية»، مضيفة:
«فعندما يتم تمكين المرأة، تتعزز الأسر وترقى المجتمعات وتزدهر الأمم. إنه تأثير متضاعف يؤدى إلى سكان أكثر تناغمًا وصحةً واستدامةً ومستقبل أكثر إشراقًا للجميع».
وتابعت: «تبنّت مصر المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية؛ حيث يهدف إلى الارتقاء بجودة حياة المواطنين وأيضًا تحسين الخصائص الديموغرافية لهم، ويعالج الزيادة السكانية كما أنه ولأول مَرّة تعتمد فيه الدولة على مكون التمكين الاقتصادى للمرأة».
وأضافت رئيسة المجلس: «إن تمكين المرأة بشكل عام والتمكين الاقتصادى على وجه التحديد هما قوتان متشابكتان تحملان المفتاح لتنمية مجتمع صحى، وعندما يتم تمكين النساء فإنهن لا يكسبن فقط القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهن ورفاهتهن فحسب؛ بل يسهمن أيضًا إسهامًا كبيرًا فى الحيوية الاقتصادية لأسرهن ومجتمعاتهن المحلية.
من خلال ضمان المساواة فى الحصول على التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية».. مؤكدة، أننا نهدف إلى تهيئة بيئة يمكن فيها للمرأة أن تحقق كامل إمكاناتها، وتشارك بنشاط فى قوة العمل، وتصبح أحد عوامل التغيير.
وأوضحت: عندما تصبح النساء مستقلات ماليًا فإنهن يلعبن دورًا محوريًا فى زيادة دخل الأسرة، وهو ما يترجم بدوره إلى تحسين الظروف المعيشية وتحسين التغذية العامة والحصول على الرعاية الصحية الجيدة لأسرهن، وبالتالى فإن التفاعل بين تمكين المرأة والتمكين الاقتصادى محفز لكسر حلقة الفقر، وتعزيز النتائج الصحية، ورعاية سكان مزدهرين وأصحاء لأجيال مقبلة، مع كل امرأة تخطو إلى ضوء إمكاناتها، تزدهر الصحة الجماعية ورفاهية الأمة.
وذكرت رئيسة المجلس، أن النهوض بصحة السكان هو مسئولية مشتركة، بمشاركة كل من المرأة والرجل على حد سواء، وفى حين أن تمكين المرأة يُعَد أمرًا بالغ الأهمية؛ فلا بُدّ أيضًا من الاعتراف بأن الرجل يلعب دورًا حيويًا فى تشكيل صحة المجتمعات ورفاهيتها.. مؤكدة، أن مشاركة الرجال فى تعزيز المساواة لا تمكّن المرأة فحسب؛ بل تمهد الطريق لأجيال أكثر صحة من خلال تعزيز التواصل المفتوح وتقاسُم المسئوليات وإيجاد بيئة أسرية داعمة تعزز الصحة البدنية والعقلية للجميع.
وأكدت أنه، يتمثل جوهر تمكين المرأة فى الاعتراف بالإمكانات والقدرات الفطرية التى تمتلكها كل امرأة باستخدام 10 مسارات فى المشروع القومى لتنمية الأسرة، وهى تبدأ بالتعليم- المفتاح الذى يفتح الأبواب أمام الفرص والمعرفة، وهى قوة تتجاوز الأجيال وتحول الحياة، فعندما تتاح للفتيات فرص الحصول على تعليم جيد، لا يكتفين بتشكيل مصائرهن فحسب؛ بل أيضًا مصائر أسرهن ومجتمعاتهن المحلية.
وتابعت: الرعاية الصحية هى جانب آخر مهم من التمكين؛ لأن الحصول على الرعاية الصحية وخدمات الإنجاب وتنظيم الأسرة يمكّن النساء من اتخاذ خيارات بشأن أجسادهن وأسرهن.. مضيفة: إن وحدات صحة الأم والطفل تساعد المرأة فى ضمان صحة الحَمل والولادة المأمونة والرعاية بعد الولادة للأمهات، فضلاً عن خدمات صحة المواليد والأطفال المناسبة.
وقالت: تعد التغذية الكافية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ ضرورية للنمو البدنى والإدراكى، معالجة قضايا سوء التغذية، سواء نقص التغذية أو فرط التغذية. فعند إعطاء الأولوية لصحة المرأة؛ يتم إرساء الأساس لتمتع السكان بالصحة، بما يضمن ليس فقط السلامة البدنية؛ بل أيضًا المرونة العقلية والعاطفية، «صحة المرأة المصرية هى صحة مصر» مبادرة السيد رئيس الجمهورية.
وتابعت: إن الاستقلال الاقتصادى يُعزز من ثقة النساء وقدرتهن على اتخاذ القرار، فيصبحن مساهمات فى دخل أسرهن المعيشية، مما يعزز الاستقرار والاعتماد على الذات. وبكسر الحواجز فى قوة العمل وتشجيع روح المبادرة التجارية؛ فإننا لا نخلق مشهدًا اقتصاديًا أكثر عدلًا فحسب؛ بل نعمل أيضًا على تفكيك المعايير عميقة الجذور التى أعاقت مسيرتنا لفترة طويلة للغاية «برنامج مجموعات الادخار والإقراض: تحويشة» و«رابحة».
وأضافت فى إطار استثمار الفتيات «تحت رعاية السيدة الأولى (دوّى يا نورة)» هى منارة الأمل التى تضىء الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا للفتيات. فهو يجسد التزامنا الجماعى بالاستثمار ليس فى تعليمهن فحسب؛ بل أيضًا فى أحلامهن وتطلعاتهن وإمكاناتهن التى لا حدود لها. إنه وعد جرىء لكسر الحواجز وتحطيم الأسقف، ويشهد هذا الإطار على إيماننا بأنه عندما نمكِّن الفتيات نمكِّن مجتمعات بأسْرها، إنه تذكير بأن نجاح كل فتاة هو درج يمتد بعيدًا مُلهمًا الآخريات للوصول إلى تلك النجوم.
حلمنا فى المشروع القومى لتنمية الأسرة بأنه بالتصدى لهذه العوامل؛ يمكن أن تبنى المجتمعات بيئةً تمكن المرأة، وتزدهر فيها الأسر، وتصبح فيها المساواة حَجَر الزاوية للتقدم. وفى الختام قالت: «تذكّروا أن النساء اللاتى تم تمكينهن هن اللائى أنشأن أسرًا أكثر صحةً، ومجتمعات قادرة على الصمود، ومجتمعات أكثر استدامة».
واختتمت: «أشكركم على تفانيكم والتزامكم بهذه القضية الحيوية. ويمكننا معًا أن نبنى عالمًا يؤدى فيه تمكين المرأة إلى التقدم للجميع».