السبت 9 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الغش وفوائده!

الغش وفوائده!

هل الغش له فوائد؟ سؤال فرض نفسه علينا فى مصر عقب ظهور نتائج امتحانات بعض الطلاب فى جامعاتنا المصرية، رغم ما هو معروف عن أن الغش فى الامتحان يعد خيانة للنفس، وسرقة لجهد شخص آخر اجتهد فى تحصيل دروسه، للحصول على امتيازات غير مشروعة، ويساويه فى ذلك الغش فى التجارة وفى الميزان وفى القول والنصيحة، جميعها تعد «غش»، ولذلك نهى عنه رسولنا الكريم عندما قال لأحد البائعين (من غشنا فليس منا).



السطور السابقة سببها النتيجة النهائية لامتحانات كليتى طب أسيوط وجامعة جنوب الوادى، وتحديدًا نتيجة طلاب الفرقة الأولى، والتى جاءت مخيبة للأمال، حيث كانت نسبة الرسوب فى طب أسيوط 60 %، وفى طب جنوب الوادى 78 %، كما تبين أن نسبة النجاح بين طلاب الفرقة الأولى أيضًا بكلية طب الأسنان بلغت 20.8 %، بما يعنى أن نسبة الرسوب بين الطلاب والطالبات تبلغ 80 %، وهو ما تسبب فى حالة استياء كبيرة بين جميع المهتمين بالتعليم الجامعى فى مصر، فنسب النجاح المتدنية فى الكليتين تؤكد بما لا يدع هناك أدنى مجال للشك أن التعليم المصرى خصوصًا قبل الجامعى يمر بكارثة، فمن خلال بحث ونظرة سريعة لفهم أسباب هذه النتيجة غير المنطقية، لطلاب يفترض أنهم مميزين بحصولهم على درجات جيدة فى الثانوية العامة، يعود بنا الزمن إلى وقائع الغش والتلاعب فى امتحانات الثانوية العامة، التى انفردت بها بعض محافظات الصعيد ولجان الأكابر التى تميزت بظاهرة الغش الجماعى، التى أفرزت لنا طلاب لا تتناسب قدراتهم فى الالتحاق بكليات القطاع الطبى، فاقدين لأبسط الأشياء التى يجب أن يكون طالب كليات القطاع الطبى ملمًا بها، وهو إجادة اللغة الأجنبية تحدثًا وكتابة، إلا أن الامتحانات الجامعية أوضحت أن الطالب لا يعرف عنها شيئًا ويكتب بلغة غير مفهومة. ملحوظة: التوضيح السابق جاء على لسان رئيس جامعة جنوب الوادى الدكتور يوسف الغرباوى. 

هذه النتائج الكارثية ووقائعها المرعبة، فرضت نفسها على بعض نواب البرلمان الذين طالبوا بضرورة إجراء تحقيق عاجل لمعرفة أسبابها، مع ضرورة إجراء مقابلات مع الطلاب الراسبين لمعرفة أسباب رسوبهم، ومقابلة بعض الطلبة الناجحين لتقييمهم كى تطمئن وزارة التعليم العالى للنتيجة المعلنة. ولهذا وجهت عدة تساؤلات من قبل نواب البرلمان لوزير التعليم العالى والبحث العلمى: هل هذه المشكلة التعليمية غير المسبوقة فى تاريخ كل الجامعات المصرية الحكومية والأهلية والخاصة محصورة فى تدنى مستوى الطلاب بكليات الطب المشار إليها؟، وهل هذه الكارثة التعليمية لها علاقة بظاهرة الغش فى امتحانات الثانوية العامة بالأعوام السابقة؟ خاصة أن إدارة الكليتين وبعد إجراء بحث لمعرفة الأسباب، أكدت أن أغلب الطلاب الراسبين أدوا امتحانات الثانوية العامة فى تلك اللجان الخاصة بأولاد الأكابر، وهم نفسهم الطلاب المفترض فيهم أن يصبحوا يومًا أطباء الغد، الذين سنمثل أمامهم حين نصاب بمرض أو أزمة صحية.

أقول هذا بعد أن علمت أن هناك من حاول ممارسة نوع من الضغوط على عمداء هذه الكليات لرفع النتيجة لطلاب الفرقة الأولى، وهذا تحديدًا ما أنبه إلى خطورته، لأن فى ذلك دمار تام لمهنة تتعامل مع الإنسان الذى تبذل الدولة كل جهد للعناية بصحته، وإفساد مجتمعى سينال من جل مؤسسة فى مصر، ولهذا تظهر بين الوقت والآخر أصوات لا تستطيع أن تكبر أو تنمو بغير الاعتماد على الغش والفساد، وأنا على يقين أن الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يحارب الغش الفساد فى كل قطاع لن يسمح قط بمرور هذه المصيبة مرور الكرام.

وأخيرًا لا بد أن أذكر بأن أهم فائدة عادت علينا من نتائج كليات الطب المعنية، انحصرت فى وضع يدنا على بيت الداء فى جل ما له علاقة بالتعليم فى مصر، الذى علينا جميعًا أن نتشارك لنضع له العلاج، بعد أن عرفنا الأسباب.