السبت 6 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الفاتيكان والعلاقات‎‎ البابا تواضروس: زيارتنا للڤاتيكان زيارة احتفالية بمناسبة مرور ٥٠ سنة على عودة العلاقات

تحتفل الكنيستان الأرثوذكسية  والكاثوليكية بمرور 50 عامًا على «لقاء المحبة» الذى أسسه البابا شنودة الثالث البابا الـ117 والبابا يوحنا بولس السادس بابا روما الأسبق حينما التقيا فى الفاتيكان عام 1973 بعد انقطاع دام عقودًا طويلة.



زيارة البابا تواضروس للفاتيكان هى الثانية من نوعها فى حبريته حيث جاءت الأولى فى عام 2013 والتى كانت أول رحلة خارجية لقداسة البابا منذ اعتلائه سدة الكرسى المرقسى فى 2012.

 

وقد تحدث البابا تواضروس عن تفاصيل زيارته المرتقبة للفاتيكان والتى سيرافقه فيها وفد رفيع المستوى يتكون من نحو10 أساقفة من أعضاء المجمع المقدس وهو الأمر الذى حدث أيضًا فى رحلته الأولى حيث كان يرافقه الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس آنذاك.

وأكد البابا تواضروس أنه سيلقى كلمة فى الاجتماع العام لبابا الفاتيكان كنوع من التقدير والتكريم والمحبة التى يعتز بها، مشيرًا إلى أنه لا يوجد قداس ضمن برنامج زيارة الفاتيكان «كما أشيع» وإنما سيقام قداس فى إيبارشية روما وتورينو للأقباط المقيمين هناك فى كاتدرائية قدمتها الكنيسة الكاثوليكية للكنيسة المصرية لتستوعب الأعداد الكبيرة من الأقباط الأرثوذكس.

وأوضح أن القداس فى إيطاليا فى نطاق إيبارشية تورينو وروما لأبنائنا الأقباط فى كاتدرائية قدمتها لنا الكنيسة الكاثوليكية لتستوعب الأعداد الكبيرة من أبنائنا الذين سيحضرون القداس.

وأضاف البابا إن زيارة الڤاتيكان مدتها ثلاثة أيام تبدأ يوم 10 وتنتهى يوم 12 مايو، حيث ستبدأ بحضوره اجتماع بابا الفاتيكان وإلقاء كلمة بها نوع من التقدير والتكريم والمحبة التى أعتز بها، يليها اجتماع لوفدى الكنيستين، وإقامة صلاة مسكونية وليست طقسية.

وأوضح البابا أنه لا توجد موضوعات ستطرح للمناقشة خلال زيارة الفاتيكان، ولن يتم توقيع أية اتفاقيات أو وثائق، مشيرا إلى أن زيارة الفاتيكان زيارة احتفالية بمناسبة مرور 50 سنة على عودة العلاقات بين الكنيستين تبدأ بعدها زيارة رعوية لإيبارشية تورينو وروما.

وكشف البابا أن هناك جلسة ثنائية مع بابا الڤاتيكان سيكون موضوعها مناقشة دور الكنيسة فى معالجة الأزمات والمشكلات العالمية وسلام العالم، ولا توجد أى موضوعات أخرى ستطرح للمناقشة، مشيرًا إلى أن علاقة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالكنيسة الكاثوليكية بدأت ملامحها قبل زيارة المتنيح البابا شنودة، ومن أهم هذه الملامح عودة رفات مارمرقس فى عهد البابا كيرلس السادس البطريرك الـ116، مؤكدًا أنه لا يزال الطريق طويلًا للوصول للوحدة بين الكنائس لأن القطيعة استمرت نحو 15 قرنًا إلا أن العلاقات بين الكنائس تقوم على المحبة، الدراسة، الحوار والصلاة  ويمكننا التعاون فى الموضوعات الاجتماعية مثل الإلحاد، وغيره، والتعاون قائم بالفعل من خلال مجلس كنائس مصر.

تاريخ الحوار بين الكنيستين

وللكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية تاريخ طويل حيث بدأ الحوار الرسمى بينهما نتيجة أول زيارة بعد مجمع خلقيدونية 451م قام بها بابا الإسكندرية لروما، حيث زار البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كرسى روما من 4 حتى 10 مايو 1973 فى ضيافة البابا بولس السادس.

وخلال هذه الزيارة استعاد قداسة البابا شنودة الثالث الرفات الرسمى للقديس أثناسيوس أثناء الاحتفال بذكرى مرور 16 قرنًا على رحيله.

وفى هذا اليوم ذكر البابا بولس السادس فى عظته البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك الـ20 من بطاركة الكرسى المرقسى، مشيرا إلى أنه أب ومعلم للكنيسة الجامعة ولذلك يستحق أن نشترك فى تذكاره.

نقطة التقاء

وفى المناسبة نفسها ألقى البابا شنودة الثالث خطابًا قال فيه:

«كما حارب القديس أثناسيوس الأريوسية، هكذا جاهد القديس كيرلس من أجل الدفاع عن الإيمان فى مواجهة النسطورية، وأعلن إيمان العالم المسيحى الغربى والشرقى منه على السواء. وكما كان الأمر بالنسبة إلى أثناسيوس، فقد صار نقطة اتفاق، ليس فى ما يتعلق بالإيمان فحسب، بل فى طريقة التعبير المستقيمة والمحددة للإيمان التى تمثل بوضوح كلمة الحق بدقة وفاعلية».

وفى 10 مايو 1973، وقَّع رئيسا الكنيستين بيانًا مشتركًا تم فيه الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة، مهمتها توجيه دراسات مشتركة فى ميادين عدة، حتى يتمكنا بالتعاون أن يسعيا معًا لحل الخلافات القائمة بين الكنيستين، بروح الاحترام المتبادل.

بداية الحوار

وبعد هذا اللقاء التاريخى توالت جلسات كثيرة حيث انعقدت الدورة العامة الأولى للجنة الدولية المشتركة فى القاهرة فى 26 وحتى 30 مارس 1974.

«أثناء هذه الاجتماعات أخذت اللجنة بعين الاعتبار التقدم الذى تحقق فى الدراسات اللاهوتية، بغرض معرفة ما إذا كان ممكنًا اتخاذ خطوات أخرى كما تم تحديد النقاط التى تحتاج إلى مزيد من الإيضاح والدراسة.

وفى أكتوبر 1975 عقد الاجتماع الثانى للجنة فى القاهرة، وقررت اللجنة الشروع فى القيام بدراسات لاهوتية عن تفهم الوحدة التى كانت موجودة فى الكنيسة الأولى غير المنقسمة لإيجاد طريق مشترك لتحقيق الوحدة.

وأعلنت اللجنة أنها تسعى لإيجاد طريقة عمل لتحقيق الاتحاد هو أن تعود كنيستانا الرسوليتان بطريقة متساوية وبروح الاحترام المتبادل إلى الشراكة الكاملة على أساس الإيمان والتقاليد والحياة الكنسية لكنيسة القرون الأربعة والنصف الأولى غير المنقسمة.

وفى فيينا عام 1976 انعقد اللقاء الثالث للجنة وصدر التقرير المشترك، ليكون عرضًا نهائيًا لفكرهم بخصوص التفاهم بين الكنيستين.

وقد استعانوا بالمعطيات التى تضمنها البيان المشترك للبابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث، وتقرير اللجنة المشتركة بتاريخ 30 مارس 1974، وتم عرضه على سلطات الكنيستين لتقييمه ولاستعماله نهائيًا»

مبادئ وبروتوكول

فى 23 يونيو 1979 فقد تم تحضير المبادئ والبروتوكول بواسطة اللجنة الدولية المشتركة، وطالبوا أن يعرض للجميع فى أسرع وقت ممكن، لتعريف الإكليروس والعلمانيين من كلا الكنيستين بالمبادئ التى تقررت والإجراءات التدريجية التى يمكن أن تتخذ فى سبيل تحقيقها.

مؤكدين أنه ما من سعى جاد نحو الوحدة بين الكنيستين يمكنه أن يتقدم دون اشتراك ملم وحميم للكنيسة جمعاء.

توقف الحوار

الا أن هذا الحوار الحثيث انقطع بسبب الوضع فى مصر، حيث تم وضع البابا شنودة تحت التحفظ فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون من 5 سبتمبر 1981 حتى 5 يناير 1985.

 وفى هذه الفترة تسلم قداسة البابا شنودة الثالث نسخة من المبادئ والبروتوكول التى تم وضعها.

وحينما استطاع العودة إلى مزاولة مهامه بالكامل مع بداية عام 1985، اتخذت خطوات من كلا الجانبين لمواصلة الحوار بين الكنيستين.

وعندما كان البابا شنودة لا يزال فى مقره تحت التحفظ، أعرب عن رغبته فى مقابلة الأب دوبريه بهذا الخصوص وأوفد الأنبا أرسانيوس أسقف المنيا لعمل اتصالات وعرض اقتراحات.

من 22 مايو وحتى 24 مايو، زار القاهرة وفد فاتيكانى حيث استقبله البابا شنودة مرتين عبر فيهما عن تصميمه الجاد لاستئناف الحوار والتقدم فى الطريق المؤدى له، وأعلن البابا شنودة للوفد عزمه عرض النص على المجمع المقدس للدراسة.

وأثناء زيارة الأنبا أرسانيوس للسكرتارية، اقترح إعداد نص بيان مشترك.

وفى عام 1986، تلقى البابا شنودة الثالث خطابا من نيافة الكاردينال فيليبراند رئيس سكرتارية الوحدة المسيحية فى الفاتيكان، بخصوص المبادئ والبروتوكول، ومسودة إعلان متضمنًا رفع الحرومات، وتعيين أعضاء اللجنة المشتركة. فى نفس الخطاب، ذكر ترجمة البيان المشترك لعام 1973 إلى العربية، بالإضافة إلى المبادئ والبروتوكول، وتوزيعها على أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

تسلم قداسة البابا شنودة الثالث بتقدير رسالتكم بتاريخ 13 يناير 1986.

وعقد المجمع المقدس برئاسة البابا شنودة الثالث اجتماعه فى 21 يونيو 1986، وكان قرار المجمع بخصوص الحوار الرسمى مع الكنيسة الكاثوليكية هو أن أى اتفاقية سابقة تأخذ وضعها النهائى والرسمى إذا وافق عليها المجمع المقدس، وأن الاتفاقية الكريستولوجية مع جدول الأعمال المقترح للحوار يمكن إرساله فى خطاب موجه إلى نيافة الكاردينال فيليبراند فى الفاتيكان.

وأكد الخطاب على أن رفع الحرومات يتطلب الوصول إلى حلول للخلافات فى المفاهيم اللاهوتية التى تخص الإيمان فى كنيستينا.

استعادة العلاقات

 وخلال الثمانينيات تم استعادة العلاقات الطيبة بين الكنيستين حيث تشكلت اللجان المشتركة، حيث ذهب الأنبا بيشوى أسقف دمياط والسكرتير العام للمجمع المقدس للكنيسة القبطية فى ذلك الوقت إلى روما مع وفد رفيع المستوى موفدين من قبل البابا شنودة وكانت هناك محادثات لتعزيز الوحدة المسيحية، وتم الاتفاق على طرق عودة اللجنة الدولية المشتركة إلى عملها فى القريب.

كما ذهب الأب دوبريه إلى القاهرة فى أغسطس 1987 لإجراء محادثات مع البابا شنودة الثالث ومع أعضاء الرئاسة الكاثوليكية لنفس الغرض.

وفى فبراير 1988 ذهب إلى القاهرة وفد من الفاتيكان ليرتب عودة أعمال اللجنة الدولية المشتركة بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية وذلك بعد انقطاع دام لعشر سنوات.

وعادت لجنة الحوار المشترك مرة أخرى وانعقدت فى وادى النطرون فى أكتوبر 1988 ثم فى العام 1990 و1991و1992 إلا أن الحوار توقف مرة أخرى لسنوات كثيرة.

الألفية الجديدة

ومع مطلع الألفية الجديدة قام المجلس البابوى لتعزيز الوحدة المسيحية بدعوة ممثل واحد لكل كنيسة من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية إلى لقاء تحضيرى فى الفاتيكان موجهًا الدعوة إلى رؤساء هذه الكنائس طالبًا الرد والموافقة.  واجتمعت اللجنة التحضيرية فى يناير فى روما ووضعت جدولًا للأعمال ومنهجًا للحوار، وخطة للقاء الأول الحاضر للجنة المشتركة.

وفى عام 2007 حدثت قطيعة أخرى بسبب تصريحات للبابا بنديكتوس أثارت استياء البابا شنودة وانتقدها انتقادًا شديدًا، وظلت العلاقات مع الفاتيكان فى توتر شديد إلى أن جاء البابا فرنسيس ليحى مع البابا تواضروس روح المحبة مرة أخرى «فى لقاء المحبة» فى محاولات من الطرفين لتقريب المسافات من خلال دراسات ونقاشات مشتركة بدأها أسلافهما إلا أن البابا تواضروس أكد أن طريق الوحدة طويل ولا يزال يحتاج إلى الكثير من العمل.. فهل ستنجح الكنيستان فى اجتيازه أم سيستمر الحوار فى تذبذب بين القبول والرفض كما كان دائما.

 

 

شكر‎‎

كرم البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الزميلة وفاء وصفى وذلك فى اللقاء الذى عقدته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع صحفى الملف القبطى بالمقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية والذى جاء بعنوان «لنعمل سويًا».

وقد أشاد البابا تواضروس بحلقات «كاتب وكتاب» التى تم نشرها على صفحات المجلة خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن الاهتمام بالثقافة والقراءة شىء مهم ومطلوب، مشيرًا إلى أن روايات التاريخ خير معلم فى كل وقت.