رمضانك مصرى "3".. *احتفالات شارع السد بالفوانيس لا تنتهى طوال ليالى رمضان السيدة زينب قبلة عشاق السياحة الدينية فى مصر

هويدا يحيى
أضواء خضراء تزين المكان تنبعث من قبة ومئذنة أشهر وأكبر مساجد القاهرة فى أجمل أحياء مصر الشعبية، حى السيدة زينب قبلة عشاق السياحة الدينية الذى يضم العديد من الأماكن الأثرية العريقة.
بمجرد وصولك إلى ميدان السيدة زينب يستقبلك الأهالى هناك بحفاوة كبيرة تراها فى أعينهم وبابتسامة لا تفارقهم، فالبعض يساعدك لدخول مسجد السيدة زينب الذى يعتاد المصريون من جميع محافظات الجمهورية على زيارته خلال شهر رمضان المبارك، والبعض الآخر يدلك على أشهر الأماكن فى الحى ذى الطابع المميز للاستمتاع بالأجواء الرمضانية التى ليس لها مثيل فى باقى مناطق القاهرة.
مسجد السيدة زينب
السيدة زينب هى ابنة الإمام على بن أبى طالب وأمها السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وسمى الحى بهذا الاسم نسبة إلى وجود مسجد وضريح السيدة زينب رضى الله عنها.
ميدان السيدة زينب كان يعرف قديمًا فى العصر المملوكى باسم خط السباع نسبة إلى قنطرة شيدها الظاهر بيبرس عام 658 هجريا على الخليج المصرى الذى يمر من أمام المسجد، وكان على هذه القنطرة شعار السباع وهو شعار السلطان بيبرس وتم ردمه عام 1898 م ومع الردم تم اختفاء قنطرة السباع وظهرت واجهة مسجد السيدة زينب ثم بدأ يطلق على الحى بأكمله ذات الاسم.
عند تأدية صلاة التراويح فى مسجد السيدة، تبهرك وجهته الرئيسية حيث الجمال والعراقة، بها ثلاثة مداخل مختلفة أنشئت على الطراز المملوكى والحافلة بالزخارف العربية، أحدها مخصص للسيدات حيث يؤدى إلى الضريح، فيما يحيط بالركن الغربى البحرى للمسجد سور من الحديد، ويقع به قبتان صغيرتان ملتصقتان محمولتان على ستة أعمدة رخامية.
ومن الداخل، فالمسجد المسقوف به زخارف عربية مميزة مرتكزة على أعمدة من الرخام الأبيض، والمزين بالشبابيك من الزجاج الملون.
شارع السد
الاحتفالات فى السيدة لا تنتهى طوال ليالى رمضان، فالفوانيس بأشكالها وألوانها المختلفة تبهر الزائرين من كل مكان، وقتها تعلم أنك تسير فى شارع السد.. شارع البهجة والسعادة وهو أطول شوارع الحى الشعبى، المزين بسلاسل من اللمبات المضيئة بألوان وحركات ضوئية مختلفة مع أفرع من النور والزينات الورقية الممتدة للشوارع المجاورة.
وعلى أنغام وحوى ياوحوى، يكتظ الشارع المعروف بسوق الفوانيس فى مصر بالأطفال والكبار لشراء زينة رمضان من كل صنف ولون بمختلف الأسعار التى تناسب الجميع.
عربة الفول
سحور رمضان فى حى السيدة زينب له طابع مميز ومختلف عن باقى الأحياء فى مصر فمن الطقوس الرمضانية الجميلة والمنتشرة فى الحى الشعبى العريق هى عربة الفول المدمس المزينة بقماش الخيامية ذى الألوان المبهجة.. وهى الأكلة الشعبية الرئيسية فى وجبة السحور خلال الشهر الفضيل، حيث يتفنن العديد من البائعين فى إعداد أطباق الفول الشهى بمختلف الأطعمة مع الفلافل والبطاطس وغيرها من الأصناف المبتكرة التى تميز كل بائع عن الآخر.
تلتف الأسر المصرية القادمة من مختلف الأماكن والأحياء لا سيما النجوم والمشاهير أيضًا حول الموائد الخشبية الصغيرة والمرصوصة فى الشارع أمام عربات الفول لتناول أشهى الأطعمة بنكهات خاصة فى رحاب السيدة زينب.
على صوت ندائه للإعلان عن مشروبه الرمضانى المثلج بمذاقه الحلو، يلتف المارة حول بائع العرقسوس المتجول فى شوارع السيدة بإبريقه الزجاجى أو النحاسى الذى صنع خصيصًا ليحافظ على برودته، يمسك بيده صاجين من النحاس يصدران صوتًا مميزًا لتكتمل بذلك صورة قد تراها يوميًا طوال الشهر المبارك دون أن تمل من جمال رؤيتها تاركة فى القلوب ذكريات لا تنسى.
الكنافة والسوبيا
يستوقفك وأنت تسير فى الميدان المضىء طوابير من الناس لتكتشف أنك أمام أقدم محال الكنافة فى مصر، عرفة الكنفانى، الذى أنشئ عام 1870 وتوارثته الأجيال حتى أصبح علمًا من أعلام السيدة زينب.
حلويات السيدة من الكنافة والقطايف لا تنافسها أى حلوى أخرى فهى زينة الموائد المرتبطة بالشهر المبارك والتى يشتهر بها مختلف المحال والبائعين فى الحى الشعبى فلديهم أسرار الصنعة حتى أصبحوا ملوكًا لها.
أما محلات المخلل بمذاقه الخاص وأنواعه المختلفة، فتجدها منتشرة بكثافة هناك حيث لا تخلو مائدة إفطار منه، فهى من المقبلات التى يشتهر بها حى السيدة ويطلق عليها «الطرشى البلدى»، مع محلات العصير الطازج التى يتواجد بها جميع أنواع المشروبات، من برتقال وتمر وعصير القصب اللذيذ ويتهافت عليها الصائمون للارتواء بعد عطش اليوم.
ولا تنسَ وأنت تستمتع بأجواء السيدة زينب أن تتذوق السوبيا أو المشروب الرسمى للأهالى هناك الذى يكتسب شهرة واسعة بينهم لأنه يمد الجسم بالطاقة ويعوض نقص المياه طوال ساعات الصيام.. ويتفنن أشهر المحال فى عمل مختلف الأكواب منه المغطاة بجوز الهند والزبيب والمكسرات.
عادة جميلة تجدها فى ميدان السيدة زينب طوال شهر الخير، حيث يحرص بائعو الياميش والعطارة على استقبال الكثير من الزبائن، مستخدمين مكبرات الصوت على أنغام رمضان جانا، مع تراقص بعض الصبية تعبيرا عن فرحتهم برمضان، لجذب أنظارالمارة.
أهلاً رمضان
على رقصة التنورة مع الأراجوز وعرائس كروكى للماريونت، يمكنك قضاء ليلة رمضانية رائعة بالحديقة الثقافية للأطفال فى السيدة زينب وسط أجواء احتفالية مبهجة للإعلان عن موسم «أهلاً رمضان» السنوى والمستمر طوال الشهر الكريم.
يجتمع الأطفال مع الكبار لمشاهدة مسرحية على بابا والأربعين حرامى مع العديد من العروض المسرحية الاستعراضية والفنية، والتجول فى معرض الحرف التراثية المتميزة بمشاركة مختلف المراكز الثقافية العربية من اليمن وفلسطين والسودان والمغرب.