الاتفاق مع صندوق النقد يعزز قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية رفع سعر الفائدة قرار شجاع أنهى ارتباك الأسواق
لم تَعُدْ المُسَكنات مُجدية فى حل المشاكل الاقتصادية وتداعيات الأزمة العالمية، الأمرُ الذى تطلب قرارًا شجاعًا وجريئًا من أجل خَلق حالة من الاستقرار وزيادة الاحتياطيات من العُملات الأجنبية، وسد الفجوات التمويلية لسنوات مقبلة؛ لهذا صدرت قرارات البنك المركزى المصرى، الخميس الماضى.
حيث قررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها الاستثنائى رفع سِعرَىْ عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13,25 % و14,25 % و13.75 %، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13.75 %، وجاءت هذه القرارات بالتزامن مع موافقة صندوق النقد على تقديم قرض بقيمة 9 مليارات دولار، 3 مليارات منها من صندوق النقد، ومليار دولار من صندوق الاستدامة، و5 مليارات من الدول الشريكة للتنمية.
وشدّد مصرفيون وخبراء، على أن قرار البنك المركزى لا يعنى تعويمًا كاملاً للجنيه؛ لكنه سيكون سعر صرف مرنًا تجنبًا للصدمات التضخمية، ويستهدف استقرار الأسعار.
وأكد حسن عبدالله محافظ البنك المركزى المصرى، أن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولى جاء نتيجة مناقشات مثمرة بين السُّلطات المصرية وخبراء صندوق النقد؛ حيث اتفق الطرفان على حزمة متكاملة من السياسات والتدابير والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية المتسقة مع برنامج الإصلاح الوطنى.
وأضاف، خلال مؤتمر بمجلس الوزراء، الخميس الماضى: إن الاتفاق يعزز الاقتصاد الكلى وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية، والتى زادت حدتها على المستوى العالمى مؤخرًا.
وعلى جانب السياسة النقدية، أوضح المحافظ، أن البنك المركزى المصرى يركز على تحسين وتعزيز كفاءة عمل السياسة النقدية ورفع كفاءة عمل سوق الصرف بما يسهم فى تعزيز الاستدامة والصلابة للاقتصاد المصرى، كما أكد استهداف «المركزى» إعادة بناء الاحتياطيات الدولية على نحو تدريجى ومستدام، وجاء الاتفاق مع الصندوق بعد التأكد من سد الفجوة التمويلية للسنوات الأربع المقبلة التى يستهدف المركزى خلالها زيادة قيمة الاحتياطى الأجنبى.
وأشار المحافظ إلى أن الإعلان عن تحديد قيمة الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية الأخرى فى إطار سعر صرف مرن يعكس قوى العرض والطلب، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساسى للبنك المركزى والمتمثل فى تحقيق استقرار الأسعار ومواجهة التضخم.
ونوَّه، إلى أن البنك المركزى المصرى سيwلغى تدريجيًا التعليمات الصادرة بتاريخ 13 فبراير 2022 والخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية فى عمليات تمويل الاستيراد حتى إتمام الإلغاء الكامل لها فى ديسمبر 2022.
وأكد محافظ البنك المركزى، أن سعى البنك لبناء وتطوير سوق المشتقات المالية بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبى ورفع مستويات السيولة بالعملة الأجنبية؛ حيث تم الإعلان عن السماح للبنوك القيام بعمليات الصرف الآجلة للعملاء من الشركات بشرط أن يكون الغرض منها تغطية مراكز العملاء الناتجة عن أى من العمليات التجارية التى تتم عن طريق البنك ذاته سواء اعتمادات مستندية أو مستندات تحصيل أو تسهيلات دورية أو تحويلات أرباح مساهمين أجانب للخارج محددة التاريخ، وكذلك تحصيل التصدير السِّلعى والخدمى التى ترد لعملاء البنك بشرط حصول البنك على ما يثبت أن العملية تجارية.
ولفت المحافظ إلى صدور تعليمات بزيادة قيمة شحنات البضائع المستثناة من قرار الاعتمادات المستندية لتصل إلى 500 ألف دولار أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية، وذلك بدلاً من 5 آلاف دولار فى التعليمات السابقة.
من جانبها أعلنت الدكتورة إيفانا فلادكوفا هولار، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى فى مصر، عن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء لتمويل الموازنة العامة لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، وتصل مدة البرنامج إلى 4 سنوات بالإضافة إلى إتاحة مليار دولار من صندوق الاستدامة و5 مليارات دولار من شركاء التنمية.
وأشارت إلى أن هذا الاتفاق سيعزز من استقرار الاقتصاد الكلى لمصر وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية، والتى زادت حدتها على المستوى العالمى مؤخرًا.
فى السياق ذاته؛ قال عمر مهنا رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، إن القرارات التى اتخذها البنك المركزى تُعَد بمثابة الركيزة الأساسية لتحفيز حركة رؤوس الأموال الجديدة داخل السوق، فى ظل تضمنها لتحرير سعر الصرف وحل إشكالية الاعتمادات المستندية التى أثرت سلبًا على توافر السلع طيلة الشهور الماضية.
وأوضح أن حركة الاستثمارات الأجنبية كانت تترقب بشكل كبير وصول سعر العملة إلى قيمتها الحقيقية، ونجحت الحكومة خلال الفترة الماضية فى قطع شوط كبير فى مسار تحسين مُناخ الأعمال بما يعزز من فرص جذب السوق للمزيد من الاستثمارات الجديدة فى ضوء المتغيرات العالمية الأخيرة والتى تمثل فرصة واعدة للسوق المصرية.
وأكد مجد المنزلاوى، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية سوف يشجع المصريين فى الخارج على زيادة تحويلاتهم إلى مصر، وسوف تبدأ السوق الاستقرار بعد ارتباك استمر فترة طويلة، وقرار البنك المركزى بالتحول لسعر الصرف المرن شجاع جاء فى التوقيت المناسب بالتوازى مع حزمة إجراءات الحماية الاجتماعية التى اتخذتها الحكومة.
وقال المهندس محمد سامى سعد، رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء: إن قرار البنك المركزى، بشأن رفع سعر الفائدة، كان ضروريًا للغاية لمواجهة ارتفاع مستويات التضخم فى الدولة، واستجابة لتوصيات المؤتمر الاقتصادى ورؤى مجتمع الأعمال والمستثمرين، فى ظل معاناة واضحة من توافر الدولار، ومن شأن رفع سعر الفائدة تدعيم عمليات الإسراع فى تحويل الأموال من الخارج التى كانت تنتظر خفض العملة المحلية، كما أن جميع القطاعات الاقتصادية كانت فى انتظار صدور هذا القرار.