محمود بسيونى
حقك.. عفو رئاسى وحوار سياسى منفتح على المساحات المشتركة الجمهورية الجديدة وطن يتسع للجميع
أعطى حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إفطار الأسرة المصرية عن اهتمام الدولة بتنمية مسار التعاون والشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدنى والمجلس القومى لحقوق الإنسان إشارة بالغة الدلالة على وجود إرادة سياسية لتحسين أوضاع العمل الأهلى وحقوق الإنسان، كما عَبر تكليف الرئيس للحكومة بإنشاء منصة حوار لمؤسسات المجتمع المدنى لمناقشة التعديلات التشريعية المطلوبة لتهيئة المجال لممارسة أفضل للعمل الأهلى وتحسين بيئة التطوع عن اطلاع القيادة السياسية على المشاكل الموجودة فى ذلك القطاع المهم والحيوى وأن هناك حاجة لمراجعة تلك التشريعات وتعديلها بما يتلاءم مع التطور فى التعاون والشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى.
ثم كان حديث الرئيس عن أهمية وجود حالة حوار بين كل التيارات السياسية والانفتاح على التيارات السياسية المختلفة ليؤكد أن التجربة المصرية فى التنمية السياسية وصلت إلى محطة متقدمة أخرى تنصهر فيها كل الطاقات الوطنية للمساهمة فى تأسيس الجمهورية الجديدة بشكل ديمقراطى يليق بدولة ثورة 30 يونيو.
والدليل على ذلك حالة الترحيب الكبيرة من جانب مؤسسات المجتمع المدنى والنقابات والاتحادات بقرارات الرئيس وتأييدهم لدعوة الحوار المجتمعى وإشراك كل مكونات المجتمع المصرى فى عملية بناء مجتمع جديد يقوم على الممارسة الديمقراطية السليمة، فضلاً عن الترحيب الكبير بالإفراج عن دفعات من أبناء مصر خلال الأيام الماضية، ورسالة الرئيس لهم بأن «الوطن يتسع للجميع، وأن الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية».
ما جاء فى إفطار الأسرة المصرية يرسم ملامح أكثر قربًا من الجمهورية الجديدة فى مصر والمؤمنة بالحرية والتعددية واحترام الرأى والرأى الآخر والتنمية السياسية بالتوازى مع الإنجاز الاقتصادى وهما ضمان للاستقرار والتنمية، وهو التوجه الذى عبّر عنه الرئيس السيسى حينما تحدث عن رؤيته لمستقبل مصر كدولة مدنية ديمقراطية حديثة تتسع لكل أبنائها.
ما قاله الرئيس فى الإفطار وما يشهده ملف العفو الرئاسى والتعامل باهتمام مع ملف الاحتجاز والحبس الاحتياطى يؤكد أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فى موضع التنفيذ من جانب كل المؤسسات، أن التعامل المحور الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يتم من خلال رؤية شاملة تشكل بيئة مواتية للحوار السياسى ويعطى ضمانات حقيقية للنجاح.
الإشارة الأهم كانت حول الجهة المنوط بها إدارة ذلك الحوار، وكان الاختيار للمؤتمر الوطنى للشباب من أجل أن يدير ذلك الحوار وهو تأكيد جديد على اهتمام القيادة السياسية على أن يقوم الشباب بتشكيل مستقبلهم بحرية ودون حواجز قد تضعها ممارسات سياسية سابقة.
يعود المؤتمر الوطنى للشباب أكثر قوة ليدير حوارًا سياسيًا متسعًا وممتدًا يحدد من خلاله أولويات العمل الوطنى يضم كل القوى السياسية دون استثناء أو تمييز، ورفع نتائج هذا الحوار إلى الرئيس شخصيًا، مع وعده بحضور المراحل النهائية منها، وهو ما يضفى قدرًا كبيرًا من الأهمية على المبادرة الرئاسية وتعطى أفضلية للشباب فى تشكيل مستقبلهم.
فيما رحبت القوى السياسية بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى، وتوسيع نطاق عملها وإعادة تشكيلها بما يضمن وجود ممثلين لتيارات مختلفة، وهو ما يؤكد وجود إرادة سياسية للتعامل الجاد مع ذلك الملف.
يتقاطع المجتمع المدنى بمكونه الحقوقى والتنموى مع هذه الملفات، ومع تأسيس التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى تتجه مصر أكثر نحو التشبيك بين المؤسسات الحقوقية لتظهر كيانات كبيرة قادرة على التعامل مع التحديات المختلفة، واستكمال خطة الحماية الاجتماعية، وفقًا لتوجيهات الرئيس السيسى.
وقد أصدر بيانًا شرح فيه خطة الحماية الاجتماعية حتى نهاية العام الجارى، حيث يشارك جميع أطراف التحالف الوطنى المتمثلة فى 23 جمعية ومؤسسة أهلية، بالإضافة إلى الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية والذى يضم فى عضويته 30 اتحادًا نوعيًا و27 اتحادًا إقليميًا، والتى تعمل فى مختلف مجالات التنمية على تنوعها من خدمية وصحية وتوعوية وتعليمية وعمرانية وغيرها.
وتابع: ترتكز خطة الحماية الاجتماعية للتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى على تقديم العديد من المساعدات والتى تتنوع بين دعم نقدى ودعم غذائى، فضلًا عن توفير الرعاية الصحية والمساعدات الطبية، إلى جانب المساعدات الاجتماعية والتى تضم (تيسير زواج- مشروعات صغيرة) وغيرها.
وقرر التحالف استكمال تنفيذ خطته لشهر ديسمبر المقبل، والتى كان المقرر لها أن تنتهى بنهاية شهر رمضان المبارك.
ويذكر أن التحالف الوطنى استطاع تقديم مساعدات خلال شهر رمضان المبارك تُقدر بقيمة 2 مليار جنيه لخدمة 80 مليون مواطن، حيث ارتكزت جهود التحالف على تقديم دعم مادى وغذائى للمواطنين.
وقد بدأ التحالف الوطنى أولى خطواته التنفيذية فى 28 فبراير 2022 وتم عقد مجموعة من اللقاءات تضم ممثلى كبرى منظمات المجتمع المدنى والعمل الأهلى لتبادل الرؤى والأفكار، ومن ثم وضع مسودة لميثاق شرف التحالف بشكل تشاركى توافقت عليه جميع الجهات المشاركة وبتاريخ 13 مارس 2022 تم التوقيع على هذة الوثيقة من قبل 23 جمعية ومؤسسة أهلية، بالإضافة إلى الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية والذى يضم فى عضويته 30 اتحادًا نوعيًا و27 اتحادًا إقليميًا تمثل الجمعيات المنتشرة فى كل ربوع مصر.
تمثل منظمات المجتمع المدنى إحدى أهم دعائم التقدم فى الدول، ويأتى ذلك انطلاقاً من دورها المهم فى دعم جهود التنمية والاستقرار بكونها إحدى أهم أدوات تعبئة المواطنين للعمل جنباً إلى جنب مع أجهزة الدولة المختلفة للوصول إلى أكبر معدلات الإنجاز المرتقب فى الملفات المختلفة وتحقيق حالة من الاستقرار والرفاه لجميع المواطنين على حد سواء.
ظهور التحالفات التنموية دليل على وعى المؤسسات الأهلية بالتحدى الذى تواجهه الدولة وأنه يحتاج إلى مجهود كبير وعمل مشترك بين المؤسسات حتى يمكن تقديم خدمات لقطاعات أوسع من المواطنين مع توظيف قدراتها من أجل توفير ما يحتاجه المواطنون فى ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم المصاحبة لتأثيرات الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد العالمى وتأثر الاقتصاد المصرى بالأزمة مع باقى الاقتصاديات الكبرى فى العالم.
لقد وضع إفطار الأسرة المصرية علامة على الطريق تشير إلى أن الجمهورية الجديدة تتسع للجميع وأن الحوار هو طريق الاستقرار وسبيل الخروج من الأزمات وأن مصر منفتحة على التعاون مع الجميع على أرضية الوطن وأن ذلك ممكن فى ظل حالة الانفتاح على التيارات السياسية المتعددة وأن الجمهورية الجديدة ترى كل مكوناتها الاجتماعية وتمد يدها لتتعاون مع الجميع.
فضلاً عن الاختيار الناجح للمؤتمر الوطنى للشباب من أجل إدارة الحوار خاصة مع تجاربه الناجحة فى إدارة حوار مع الشباب من كل التيارات، ونجاح المؤتمر فى الوصول إلى نقاط مشتركة رغم الخلاف السياسى، وقدرة الشباب على التفاوض والحوار الناجح والفعال لتحديد أولويات العمل السياسى الوطنى ونجاحهم فى وضع العفو عن الشباب المحتجز على أجندة عمل الرئاسة وباقى مؤسسات الدولة، وكانت محصلته الإفراج عن عدد كبير من الشباب ممن لم يشاركوا فى عمليات إرهابية، وهى تجربة رائدة فى حل الخلاف السياسى عبر آليات الحوار والتفاوض الوطنى، وهى بالفعل تجربة مصرية ناجحة بامتياز.