السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الخبراء أكدوا: لا بد من غلق المواقع المروجة له حـــوادث «إنهاء الحياة» ليست ظاهرة فى مصر

أجمع عدد من أساتذة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، وأساتذة علم الاجتماع وعلم النفس بالجامعات ومكتب النائب العام ووزارة الداخلية ورجال الدين، على أن الانتحار فى المجتمع المصرى ليس ظاهرة، بل مشكلة يعانى منها المجتمع الآن، رغم أن مصر تعتبر من أقل دول العالم التى يقع فيها حالات انتحار.. جاء ذلك خلال حلقة نقاشية أقامها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عرض فيها دراسة حديثة قام بها المركز حول مشكلة الانتحار فى المجتمع المصرى، أعدتها الدكتورة سهير عبد المنعم المستشار بالمركز والدكتور عماد عبد المقصود أستاذ الإعلام المساعد بالمركز.



 

وكشفت الدراسة عن تركز حالات الانتحار فى الفئة العمرية من 20 إلى 40 عامًا، بينما تتركز حالات الشروع فى الانتحار فى الفئة العمرية من 15 إلى 30 عامًا، فى حين جاء الانتحار شنقاً فى المرتبة الأولى يليها الانتحار بأقراص الغلة.

وأرجعت الدراسة انتشار الانتحار بين الشباب إلى صراع القيم وصراع الأجيال داخل الأسرة وتعمد الوصاية والسيطرة على الأبناء، وهذا يتناقض مع الواقع وثورة الاتصالات، مما يؤدى إلى هروب الشباب بتعاطى المواد المخدرة وإلى واقع افتراضى بديل يعمق الشعور بالعزلة والإحباط والتمارض والهروب من كل هذا بالانتحار.

وأكدت الدكتورة سهير عبد المنعم خلال عرضها للدراسة عدم نجاح المؤسسات الاجتماعية بأوضاعها الحالية فى القيام بدورها الداعم للتنشئة الاجتماعية أو تطوير ثقافة تتعايش فيها القيم التقليدية مع متغيرات العصر، حيث يقتصر عمل هذه المؤسسات على الحج والعمرة وتجهيز العرائس وبعض أوجه الرعاية الصحية، بالإضافة إلى افتقار المؤسسات التعليمية إلى وجود الإخصائى النفسى والاجتماعى.

وتقول الدكتورة سهير عبد المنعم: إن القاهرة والجيزة والقليوبية أكثر المحافظات التى تقع فيها حوادث الانتحار أو الشروع فيه، وأن المشاكل الأسرية هى السبب الأول للإقدام على الانتحار، وأن الكثير من الأسر فى مصر ما زالت لا تعترف بالحالة النفسية لأبنائهم المصابين ببعض الأمراض النفسية والتى قد تؤدى إلى الانتحار، فيرفضون الذهاب بهم للعلاج وينظرون إلى الانتحار أو الإقدام عليه على أنه عار لا يريدون التحدث عنه.

من جهته، يؤكد الدكتور عماد عبدالمقصود، أن التغطية الإعلامية لحوادث الانتحار أحد الأسباب الرئيسية وراء تزايد حالات الانتحار فى مصر، حيث نجد تكرار النشر عن الحالات دون مبرر وتتشابه أحيانًا فى طريقة الانتحار وارتفاع نسبة استخدام مصطلح الانتحار فى العناوين وتركيز عدد منها على ذكر الطريقة المستخدمة فى الانتحار، بل الوصف خطوة بخطوة بطريقة تعليمية فى بعض الأحيان كيفية إنهاء الحياة باستخدام وسيلة معينة وكل هذا يساعد على تزايد حالات الانتحار فى المجتمع.

ويشير إلى أن الإعلام لم يساعد على تقليل الإقدام على الانتحار بالتركيز على أن الانتحار مرتبط بالاضطرابات العقلية وكيفية التعامل مع شخص لديه أفكار انتحارية وأماكن المساعدة وخدمات الدعم النفسى؛ ولهذا تم إعداد دليل مهنى للإعلام يشمل المبادئ والمعايير المهنية الواجب الالتزام بها فى تغطية حالات الانتحار فى مصر.

وأوضح أن وسائل الإعلام لم تكن السبب الوحيد أو الرئيسى المساعدة على تزايد حالات الانتحار، بل هناك عوامل نفسية واجتماعية مساعدة على الانتحار إلا أن الإعلام يساعد بشكل كبير على كيفية التخلص من الحياة بالانتحار.

ومن مكتب المستشار حمادة الصاوى النائب العام حضر عدد من المستشارين من إدارة البيانات الحلقة النقاشية. وقال المستشار أحمد الصاوى: إن إدارة البيانات أنشئت فى عهده من أجل سد الفراغات وحل المشكلات ومناقشة الموضوعات التى تظهر ومعالجة الظواهر الاجتماعية الغريبة والرائجة والقضاء عليها ووأد الفتن المجتمعية والحفاظ على الأمن القومى الاجتماعى.

وأكد المستشارون الحضور على دور نشر التوعية وتقديم التوجيه، حيث تخصص النيابة حاليًا دفاتر فى كل نيابة خاصة بوقائع الانتحار والشروع فيه وأسبابه بسؤال الشهود والأصدقاء حتى يكون لدينا حصر دقيق للانتحار وأسبابه.

وكشف مكتب النائب العام عن أعداد حالات الانتحار والشروع فيه منذ يناير العام الماضى 2021 وحتى الآن والتى وصلت إلى 2584 حالة، وأن محافظات الدلتا والقاهرة والإسكندرية أكثر المحافظات التى وقعت فيها هذه الحالات وأن أبرز أسباب الانتحار طبقا لتحقيقات النيابة، هى المرض النفسى والخلافات العائلية.

وأوضح مكتب النائب العام، أن حبوب الغلة كان لها دور كبير فى الانتحار خاصة فى الأرياف، ولهذا علينا تجريم بيع هذه الحبوب للأطفال وتغليظ عقوبة من يقوم بدفع شخص آخر إلى الانتحار وانتهاك حرمة الحياة الخاصة والتى تؤدى للانتحار كما هو الحال فى حالة بسنت.

واتفق المستشارون على أن التغطية الإعلامية لها دور كبير فى زيادة حالات الانتحار وأن لدينا مشكلة ولا يوجد نص قانونى يغلق القنوات والصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى التى تروج للأفكار الانتحارية وطرق الانتحار وطالبوا بوضع سياسات لحظر تداول قضايا الانتحار إلا من خلال البيانات الرسمية الصادرة من جهات مسئولة، كما أنه على وسائل الإعلام الآن تناول أسباب الانتحار ومعالجتها دون الخوض فى ملابسات وقوعها وتجنب الإثارة.

من جانبه, قال القس شنودة منير، عضو اللجنة المجتمعية للصحة النفسية ومعالجة الإدمان بالكنيسة الأرثوذكسية: إن البابا تواضروس أنشأ فى 2013 لجنة للصحة النفسية بالكنيسة من أجل مجتمع كنسى خال من المشاكل النفسية مهمته إجراء الدراسات والبحوث ونشر الوعى بالمشاكل النفسية وعمل دورات تدريبية وتثقيفية للآباء للكشف عن أى حالة مصابة بأمراض نفسية وتقديم الدعم لها وتحويلها إلى متخصص للحد من حالات الانتحار.

أما المستشار عمرو أبوالعز نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، فطالب بتدخل تشريعى لوضع حد لمحاولات الانتحار وعقاب أى شخص يحاول مساعدة أى شخص غير سوى على الانتحار ولا بد من إصدار نص تشريعى بإلزام من يحاول الانتحار من دخول مصحة نفسية إجبارية، على أن تكون هذه المصحة تحت إشراف أى جهة حكومية أو جامعية أو النيابة العامة.

وفى نهاية حلقة النقاش قدمت الدكتورة سهير عبد المنعم اقتراحاً بمشروع قانون لمواجهة الانتحار والشروع فيه.

تنص المادة الأولى منه على «كل من تعمد تحريض الغير على الانتحار أو ساعد على ذلك بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن إذا ترتب على الفعل الوفاة، وإذا كان المجنى عليه طفلاً أو من عديمى الأهلية أو فى حالة تخدير ناتج عن مواد مخدرة أو مسكرة أعطيت له قسراً يعاقب بالعقوبة المقررة للقتل العمد، وإذا لم يترتب على الفعل الوفاة تكون العقوبة الحبس».

بينما نصت المادة الثانية على «إذا ترتب على فعل التحريض أو المساعدة المنصوص عليها فى المادة السابقة الإيذاء أو العجز التام تكون العقوبة السجن فى كل الحالات».

وجاء فى المادة الثالثة «يعاقب بالحبس كل من أعلم أو قام بعمل دعاية لارتكاب فعل الانتحار أو الترويج لأدوات أو أشياء تستخدم فى ذلك».

وشددت المادة الرابعة، على أن «يلزم كل من يحاول الشروع فى الانتحار على الخضوع لبرنامج تأهيل نفسى لمدة لا تقل عن ستة أشهر».