الأربعاء 7 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«أنصار بيت المقدس».. الإرهاب بالوكالة

«أنصار بيت المقدس».. الإرهاب بالوكالة
«أنصار بيت المقدس».. الإرهاب بالوكالة


تمكنت قوات الشرطة بمديرية أمن شمال سيناء،من ضبط 4 قيادات تكفيرية كبيرة، خلال استقلالهم سيارة هيونداى ألنترا تحمل لوحات رقم «ع ق ج 863» داخل العريش، وهم: محمد عبدالفتاح المنيعى، نجل قائد جماعة التكفير والهجرة بسيناء، وأحمد سليمان حسن المنيعى، زوج شقيقة القيادى الكبير بجماعة أنصار بيت المقدس وشادى المنيعى الهارب، والمطلوب ضبطه، كما تم ضبط إبراهيم سليمان بوشتيوى، قيادى فى جماعة التكفير، وضبط محمد سالمان سليمان، من القيادات الجهادية والتكفيرية، وتبين أنهم كانوا يخططون لتنفيذ عملية إرهابية كبيرة داخل العريش ضد الشرطة والجيش.
 
وقالت مصادر أمنية إن شمال سيناء شهدت حملات أمنية مشتركة - استهدفت بعض العناصر الجهادية، ونجحت القوات المسلحة فى القبض على عدد من تلك العناصر- مرجحة أن «يكون شادى المنيعى، أخطر العناصر الجهادية من بين المتهمين».. مشيرة إلى أنه جار حصرهم وتحديد أسمائهم. فى السياق نفسه، أكدت مصادر بقطاع الأمن العام أن أجهزة الأمن بوزارة الداخلية «تلاحق جميع العناصر الإرهابية والجهادية، التى تورطت فى أعمال عنف وتخريب، ومحاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية».
 
من جانبها، قالت صفحة الجهاز الإعلامى لوزارة الداخلية على «فيس بوك» إنه «تم القبض على شادى المنيعى، المتهم الأول فى واقعة الشهيد محمد مبروك، وأحد أخطر العناصر التكفيرية فى سيناء، والقيادى فى جماعة أنصار بيت المقدس، وأحد رجال المهندس خيرت الشاطر، والذى سبق إلقاء القبض عليه فى أحداث طابا 2005 وأفرج عنه».
 
كان المنيعى المقيم فى قرية المهدية، قد تمكن أيضا من الهرب قبيل وصول قوات الجيش لمداهمة وكره، فى التاسع من سبتمبر الماضى، وهرب هو وحوالى 40 من قادة التنظيم الإرهابى إلى قرى جلبانة والتقدم والأبطال وأبو عروق والسلام بنطاق مركز القنطرة شرق بالإسماعيلية، وهى مناطق غرب سيناء وقريبة من قناة السويس، وكان يمثل خطورة بالغة على المجرى الملاحى، نظرا لوجود أسلحة ثقيلة بحوزتهم.
 
يذكر أن المنيعى قام بمنع المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى من دخول شمال سيناء لإقامة مؤتمر جماهيرى، وبث مقطع فيديو قال فيه إنه لن يسمح بدخول صباحى شمال سيناء، كما أعلن عن مسئوليته عن خطف الجنود السبعة برفح، للإفراج عن المعتقلين فى أحداث طابا.
 
وكشفت مصادر أمنية عن مسئولية «المنيعى» عن اغتيال المقدم محمد مبروك، وهو المسئول عن الاغتيالات بالعريش، كما كان المسئول عن اختطاف الجنود السبعة.
 
وأكدت المصادر اختطاف «حبارة ومتهمين معه» من سيارة دفع رباعى، وبعدها تم نقله وسط حراسة مشددة إلى القاهرة فى طائرة عسكرية، وخضع إلى مواجهة مع فريق من المخابرات العامة والحربية وفريق من النيابة العامة.
 
ويقول مصدر أمنى أن جماعة أنصار بيت المقدس موجودة منذ عهد مبارك، لكنها تجددت ونشطت بعد ثورة 25 يناير، مؤكدا أن محمد الظواهرى اتفق مع خيرت الشاطرعلى توحيد 3 جماعات جهادية تواجدت فى سيناء تحت لواء واحد وتمويل إخوانى.
 
وأكد أن الشاحنة التى تم ضبطها وكانت قادمة من تركيا باسم خيرت الشاطر، حملت كميات كبيرة من الأسلحة، والإخوان أمدوا محمد الظواهرى وتلك الجماعات بالأسلحة التى تدفقت من ليبيا وأنفاق غزة، من أجل تنفيذ عمليات فى سيناء.
 
ويؤكد أن مؤتمر «لاهور» الأخير كانت أهم توصياته إنشاء صندوق مالى من أجل تمويل عمليات ضد الجيش المصرى بتمويل قطرى بلغ 5,1 مليار جنيه، وذلك من أجل التخلص من الجيش المصرى وإنشاء جيش مصرى حر تحت لواء إخوانى.
 
وأكد أن 250 من أنصار بيت المقدس يتلقون الآن العلاج فى مستشفيات إسرائيلية بعد إصابتهم فى عمليات قتالية بسوريا، موضحا أن إسرائيل وتركيا تقومان بتسليح 100 ألف مقاتل من عناصر الجيش الحر بدعم وتمويل قطرى كامل.
 
وجماعة «أنصار بيت المقدس» تضم عناصر فلسطينية مسلحة بسيناء؛ تمكنت فى الفترة الأخيرة من تطوير تكتيكاتها بشكل ملحوظ، حتى وصل إلى إتقان العمليات التفجيرية بالسيارات المفخخة والأساليب الانتحارية، ولأول مرة منذ ظهورها تتبنى إحدى العمليات الإرهابية خارج حدود سيناء، فى تطور نوعى خطير يهدد الأمن القومى المصرى.
 
تشكيل الجماعة ليس كبيراً، حيث لا يزيد على 750 فرداً فقط، منهم حوالى 150 عنصرا فلسطينيا تلقوا تدريبات عسكرية متطورة من خلال حركة حماس؛ بجانب 600 عنصر آخرين تابعين لما يسمى بجماعة «التوحيد والجهاد بسيناء».
 
ولكن كانت المفاجأة عندما استضاف باسم يوسف فى برنامجه الشهير الملغى حامد مشعل وقدمه للجمهور على أنه ناشط سياسى وهو المتهم الرئيسى فى اغتيال الشهيد محمد مبروك ضابط أمن الدولة؛ وقال فى حلقته هذه أنه ناشط سياسى وأنه مظلوم من اتهامه بالإرهاب فى عهد مبارك، ونشر ذلك على الصفحة الرسمية لإدارة الشئون المعنوية بالصورة والتى يظهر فى أحد جوانبها محمد الظواهرى؛ فهل كان يعلم باسم يوسف حقيقة ضيفه أم خدع فيه؟
 
ونعود إلى العلاقة التى تربط مابين الإخوان والجماعات المسلحة فى شمال سيناء؛ فى الشمال الغربى من شبه جزيرة سيناء تقع مدينة بئر العبد ومحيطها الممتد على شاطىء بحيرة البردويل شرق قناة السويس، وهو المعقل الانتخابى الأبرز لجماعة الإخوان المسلمين فى شمال سيناء. بين الشمال الشرقى، حيث رفح والشيخ زويد الخاليتان من تنظيم الإخوان، وبين بئر العبد فى الشمال الشرقى بقواها القبلية والدينية المقتسمة بين الإخوان والسلفيين، تقع مدينة العريش عاصمة شمال سيناء بما فيها من خصوصية عشائرية وثقافية وتنوع سكانى كبير. ففى العريش امتداد لكل التيارات الفكرية والأيديولوجية والحركات الشبابية الفاعلة فى القاهرة والإسكندرية. فيها الليبراليون التاريخيون، كحزب الوفد، واليساريون القوميون الذين انشقوا عن حزب التجمع فى يناير 2011 مؤسسين «الحركة الثورية الاشتراكية»، كما حركة «شباب 6 أبريل»، وحركة «أحرار» ذات الطابع الإسلامى الثورى التى تم تدشينها منذ بضعة شهور، فضلا عن الأحزاب الإسلامية الأساسية، والحزب العربى للعدل والمساواة المعبر جزئيا عن تجمع القبائل العربية من أنحاء مصر، وحزب «مصر القوية».
 
والطفرة النوعية التى شهدتها سوق السلاح فى سيناء عقب الثورتين المصرية والليبية ضاعفت كميات السلاح فى شبه الجزيرة وقفزت بأنواعه إلى السلاح الثقيل المضاد للطائرات والمركبات والمجنزرات والصواريخ بعيدة المدى، فضلا عن قذائف «آر بى جى» المضادة للدبابات.
 
والحقيقة أن ارتباط السلاح بالأيديولوجيا فى سيناء أوسع من دائرة الصراع السياسى بين الإخوان والعسكر داخل مصر، ويمتد ليشمل ما هو خارج الحدود المصرية. وهناك فارق بين أيديولوجيا تؤمن بالسلاح، وبين الواقع الفعلى لمعتنقيها. فالثوريون الاشتراكيون فى سيناء، على سبيل المثال، يعتقدون فى وجوب النضال المسلح ضد الاحتلال الصهيونى، ويتضامنون مع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ضد ما يسميه الناشط السيناوى، مصطفى سنجر، احتكار «حماس» لزناد المقاومة، وممارساتها القمعية لغيرها من حركات المقاومة الأخرى. لكن ذلك لا يعنى أن «الثوريين الاشتراكيين» فى سيناء مسلحون.
 
يتقاطع مع المجموعات التكفيرية المجهولة العدد، غير المعلنة الأسماء، مجموعات من المرتزقة المتدثرين بعباءة التكفير لما وجدوه من سلطة روحية يتمتع بها شيوخ التيار التكفيرى على أتباعهم. بعض هؤلاء معروف جيداً بنشاطه فى الاتجار فى البشر بتهريب الأفارقة عبر الحدود مع إسرائيل، وبعضهم لا يخفى عمله كتاجر أنفاق ومهرّب، وهو الآن شيخ تكفيرى. الشاهد هنا ليس كون التهريب نقيصة، فهو لا يعترف بقوانين «الدولة الكافرة» من ضرائب وجمارك، لكن المهم أنه لا يعمل فى الأنفاق إلا متصلاً بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية لتسيير أموره. ومع تعقد شبكات المصالح وحركة الأموال، يفقد التصنيف الأيديولوجى قيمته مقابل تحديد الأطراف المحركة للأحداث بأموالها وعلاقاتها بالفاعلين المحليين.