الدور الخفى للحزب المصرى الديمقراطى فى نشر الفوضى!
محمد عادل
الحزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى»، الذى يضم عددًا من رموز اليسار والليبرالية مثل «د. محمد غنيم»، «د. محمد أبو الغار»، ورئيس الوزراء «د. حازم الببلاوى».. لا نعرف كيف يقبل على نفسه أن يقع فى مستنقع الحوار مع الإخوان الإرهابيين بل والتفاوض معهم استعدادًا للانتخابات، رغم أنه حتى شباب المحظورة ثبت رفضهم الانخراط فى المجتمع المصرى ورفضهم دعاوى الحوار بتورطهم فى فوضى الجامعات التى تقف حكومة الحزب فى وجه أى محاولة للتصدى لها!
«المصرى الديمقراطى الاجتماعى» الذى نفتح ملفه المحير فى هذه المساحة، يعتبره البعض مثالاً واضحًا كحزب لم يتعد عمره العامين - فى التناقض فى المواقف، وهو ما يؤكد عليه المنتمون للحزب أنفسهم فقد كتب القيادى بالحزب «فريد زهران».. فى 5 سبتمبر الماضى مقالا تحت عنوان «هل تنجح الدولة الأمنية فى ضرب الأحزاب الديمقراطية؟»، وذكر فيه الآتى: «التقيت - وعلى مدى ساعتين - صحفيًا أمريكيًا من صحيفة الوول ستريت جورنال، الأمريكية وتحاور معى حول الوضع السياسى بصفة عامة؛ حيث شرحت له وجهة نظرنا فى 30 يونيو وغيرها من الأمور، ولكن كان اللافت لى بحق فى هذا اللقاء أن الصحفى سألنى عن الخلافات فى الحزب بخصوص مبادرة د. زياد بهاء الدين التى تبناها مجلس الوزراء، واستند فى معلوماته على مصادر متنوعة، منها انتقادات وجهها بعض قيادات الحزب للمبادرة منذ اللحظات الأولى، على الرغم من اعتراض بعض الوزراء فى البداية، وفى الحقيقة كان للحوار مع الصحفى الأمريكى أثر بالغ فى كتابتى لهذا المقال؛ لأننى أدركت إن مفيش حاجة بتستخبى، وإنه مفيش أحسن من الصراحة، حيث شرحت له أننا حزب ديمقراطى، نختلف فيما بيننا كثيرًا، لكننا ننجح فى تجاوز هذه الخلافات؛ لأننا نحرص على وحدة الحزب من خلال الأخذ بأساليب الإقناع والاقتناع، وامتثال الأقلية لرأى الأغلبية، ولا نتعمد تسفيه آراء بعضنا، إلى آخر هذه الممارسات الناضجة والديمقراطية التى مكنت الحزب من المضى قدمًا، رغم أجواء التوتر والاستقطاب والاحتقان بأقل الخسائر الممكنة»!
كلام «زهران» لا يعكس الواقع الحقيقى للحزب حيث تعصف به الآراء المتضاربة مما يعرضه - بالتالى - للـ «قيل والقال»، فالحزب يرفض إجراء الانتخابات بالنظام الفردى بدعوى عودة الدولة البوليسية، وهذا هاجسهم الأكبر، فيقول «أحمد فوزى» الأمين العام للحزب: «نرفض نظام الفردى لأنه يعيد دور الأجهزة الأمنية فى الحياة السياسية من جديد، هذا إلى جانب أنه يعطى فرصة أكبر للإخوان والسلفيين»!.، فى الوقت الذى يدعم فيه الحزب مبدأ «عدم الإقصاء» ومبادرة «د. زياد بهاء الدين» فى «المصالحة الوطنية»! رغم أن الحزب أيضًا يدعم تفويض الفريق أول «السيسى» للقضاء على الإرهاب الذى يسببه الإخوان فيدينون الإرهاب! ثم يدعون لمبدأ المصالحة لكن ليس مع القتلة!.. نجد أيضًا رأى «د. محمد أبو الغاز» فى دعم «السيسى» للترشح للرئاسة - وسط هذا كله! - فى الوقت الذى رفض فيه الكثيرون من أعضاء الحزب هذا الرأى، لُينهى الجدل بقول «أبو الغار»: «رأيى فى ترشيح السيسى شخصى ولا يعبر عن رأى الحزب»!!
«محمد سالم» أحد الشباب والناشط السياسى ومسئول الملف السياسى لطلاب الحزب، سألناه عن سر هذا التناقض داخل «المصرى الديمقراطى»، وهذه السياسة المشبوهة التى يتبعها، فرد: «ما تقوله يتعارض تمامًا مع الواقع، فمثلا مؤخرًا رفض أعضاء الحزب قانون التظاهر بشدة، وأصدرنا بيانات فى هذا الشأن، وهذا يؤكد أنه لا يوجد اتفاق أو توجيه.. ولو كنا حزبا حاكما أو مسيطرا، كنا استطعنا حماية أعضائنا من الاغتيال فى الصعيد، وتم إبلاغ الشرطة بمن يريدون قتل أعضائنا، ومع ذلك فشلوا فى حمايتهم.. والشىء الأهم أنه لا يوجد لدينا وزراء فى الحكومة سوى د. زياد بهاء الدين، ود. حازم الببلاوى، والسلطة فى مصر الآن هى جزر منعزلة، ولا تعبر عن القرار أو التوجه الواحد، فتجد مثلا قانون التظاهر رأى د. زياد بهاء الدين ليس كرأى وزير الداخلية ليس كرأى د. حسام عيسى، فالحزب ليس كما يتصوره الناس أو كما يريد البعض تصويره.
سالم يضيف أنه للأسف هناك توجه يحاول البعض إبرازه عن الحزب للرأى العام، ليس فقط ضد الحزب المصرى الديمقراطى تحديدًا، بل ضد كل السياسيين والأحزاب بشكل عام، لأنهم يريدون نسخا بالكربون لشىء انتهى منذ 50 عامًا، غير مدركين أن هذه الأحزاب مازالت فى بدايتها، وهذا فى عمر السياسة لا شىء، ولابد للأحزاب أن تأخذ فرصة، ومع الوقت سيتعلم الناس فكرة المؤسسية والبرنامج والأيديولوجية وفريق العمل، إنما أسهل شىء على العقلية الكسولة والأمنية هو غلق كل الأحزاب، ما دام القائد والزعيم الذى يقدر على أخذ القرار موجودا، لأنه هو المستبد، العادل، وهى النظرية المرسخة فى أذهان الكثيرين، بتوجيه معين فى التعليم وفى الإعلام وأيضًا لتصورات عند كبار السن».
سالم يشرح لنا أن «المصرى الديمقراطى الاجتماعى» مثل حزب الدستور به ليبراليون ويساريون.. توجهات واختلافات، هذا مؤكد، لكن هناك ثوابت، والدولة الأمنية تحاول أن تُنهى على الأحزاب التى لا تنضم لجناح السلطة، ولا تعارض أو تنادى بديمقراطية، فموضوع المصالحة والتفويض يحتاج بعض التفاصيل الهامة، فالمصلحة لن تكون مع المجرمين أو الإرهابيين، فهناك شروط أهمها عدم خلط الدعوة بالسياسة، وترك العنف، وهذا موجود فى مبادرة د. زياد بهاء الدين، بمعنى أن فكرة الإقصاء المتعمد للجميع مرفوضة، فمثلا إقصاء حزب مثل حزب مصر القوية مرفوض، لأنه حزب لا يخلط الدعوة بالسياسة، رغم أنه إسلامى»!
إلا أن الحديث السابق يجعلنا نتساءل عن فكرة «الحزب الوليد» بين الأحزاب القائمة على فكر دينى - خاصة وأنها أصبحت حاليًا ممنوعة باسم الدستور الجديد - كما أنها ستظل تخلط الدين بالسياسة مهما قال وفعل أعضاؤه، وحزب «مصر القوية» - كمثال - عليه تحفظات كثيرة، غير الدور الخفى والجدل على أبو الفتوح - مؤسس الحزب نفسه - ومسألة «لا إقصاء» حتى من لم يقم بأعمال عنف، فقد نجد مثل هذا الشخص - الذى لم يقم بأعمال عنف - من الممكن أنه دعى لهذه النوعية من الأعمال أو على الأقل دعمها، والكل يعلم توجه هؤلاء.. كان رد «محمد سالم»: «ليس معنى ذلك أنى مؤمن بحق شخص - كأبو الفتوح - فى ممارسة السياسة أنى مؤيد له فى تفكيره!، نحن فى الحزب لا نريد الإخوان، بل نريد مسارًا ديمقراطيًا وسياسيًا، فمن يؤمن بالعمل السياسى ويفصله عن الدعوة الدينية أهلا به».
وعن رأيه فيمن يرى أن «المصرى الديمقراطى الاجتماعى» «موالس للإخوان»، خاصة أن أوروبا وأمريكا تدعمان تواجدهما فى مصر بأى شكل، فكان رد «محمد سالم»: «أزمة التخوين واحتكار الوطنية مصيبة كبرى، فلا يمكن أن توجد مجموعة معينة تعطى تصاريح الوطنية والانتماء لمن تشاء، نحن نهدف لدولة ديمقراطية، اجتماعية، لا نريد عقابًا جماعيًا، ولا نتسامح مع مجرمين، بل نريد سيادة قانون على الجميع، وليس معنى أنى معك، فلابد أن أقول أن كل ما تقوم به صحيح، فهذه هى العقلية الأمنية، لا تحاول أن تتفاهم، بل هناك من يريد إيجاد مبررات - كالإخوان تمامًا - يفسرون به أى شىء يقومون به، فنحن نريد حماية مكتسبات الثورة، حرية التعبير، تأسيس حياة ديمقراطية، وتداول السلطة.. يكفينا العيش بمنطق الزعامة، وأن الوطن حكر لشخص واحد، ليبقى الرئيس هو الزعيم والقائد والرمز!
وأؤكد أن حزبنا كان فى جبهة الإنقاذ، ومعارضتنا للإخوان كانت واضحة لا تقبل الشك، وكنا من الأحزاب التى دعمت تمرد وثورة 30 يونيو، ولسنا فى حاجة لتقديم مبررات أو نلتمس من أحد الوطنية، ومبادرة د. زياد وافق عليها السيسى نفسه، الذى يراه الكثيرون رمزًا للوطنية ومن يعارضه يصبح عميلا! لماذا إذا اختلفنا نلجأ للتخوين؟!..، هل أحد رآنا مثلا نتحالف انتخابيا مع الإخوان؟! لم نتحالف مع الإخوان نهائيًا فى أى شىء، عكس أحزاب وشخصيات أخرى، يحاولون أن يوهمونا أنهم هم فقط ضد الإخوان، ومؤمنون بالوطن، وتحالفوا معهم فى الانتخابات من قبل، فبنفس المنطق لماذا يعتبروننا إخوانا أو مُوالسين معهم؟!.. ولماذا أى أحد مخالف فى الرأى أصبح من الإخوان؟! فلنكتفى بهذا النهج الأمنى فى التفكير»!
حاولنا الوصول إلى «د. محمد أبو الغار» - أستاذ طب النساء والتوليد بجامعة القاهرة والناشط السياسى ومؤسس ورئيس حزب «المصرى الديمقراطى الاجتماعى» وعضو لجنة الخمسين - وكذلك الأمين العام للحزب «أحمد فوزى» للرد على استفساراتنا حول الدور الخفى للحزب خلال الفترة الأخيرة فى الساحة المصرية، وتوجيه الحزب بوصلته لدعم الإخوان بشكل خفى، إلا أنهما يتعاملان كنجوم سوبر ستار الآن ومن الصعب الوصول لهما بسهولة!