الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه ..عن الثأر البايت  بين الأمريكان

عكس الاتجاه ..عن الثأر البايت بين الأمريكان

وتظنُّ واهمًا أن أمريكا أكبر مُصَدّر للقلاقل والاضطرابات فى العالم تعيشُ وتحيا فى سلام وأمان، هذا ليس صحيحًا، فالباطن الأمريكى المنفتح على العالم أحياناً والمُغلَق على أسراره وفضائحه أحيانا، يمتلئ بجرائم وحشية ضد نفسه تشبه تلك التى يرتكبها فى حق بلاد بالعالم، ويغلى بثورات تشبه تلك التى يُصدّرها وتحدث فى دول بعيدة باحثةً عن العدل والحرية.



أمريكا التى أخفى إعلامها- على قدر ما يستطيع- حوادث داخلية إجرامية مروعة حدثت فى ليلة الرابع من يوليو، يوم الاحتفال السنوى بعيد استقلالهم The Independent Day ، الذكرى التى مرّت منذ أسبوعين، ذكرى الفرح الوطنى السنوى الذى انقلب هذا العام مأتماً شعبيًا واسع الاستقبال والنواح، حيث اعتدى المواطنون بعضهم على بعض بالمسدسات والبنادق ولعلع الرصاص وطرطشت الدماء فى كل مكان بأراضى الخمسين ولاية، وامتلأت القبور بالجثث وانقلبت الاحتفالية إلى قتل ودم وضرب نار حقيقى من مواطنين ضد مواطنين كانوا يسيرون فى الشوارع بالصدفة، وكان القتل بالصدفة، أو مَزاج عالٍ ومِزاح ثقيل الوطأة والدم.

شيكاغو الولاية فازت بنصيب الأسد من نسبة عدد القتلى والجرحى وبرك الدماء، مرتين امتلأت الولاية بالرعب فى عيد الاستقلال ثم عاود المواطنون قتل بعضهم بعد العيد بأسبوعين، فى الويكيند الأخير السبت الماضى فى جريمة غرائبية وحشية جماعية حاولوا إخفاءها و(لمّها) داخل حدود الولاية، وانفلت الأمر من بين أياديهم حين نشرت خبر الحادثة صحيفة «شيكاغو تريبيون» المحلية، وبرز من ضمن الأربعين شخصاً الذين تم إطلاق نار كثيف عليهم فى لحظة واحدة مغنى راب محلى معروف بولاية شيكاغو له اسم فنىKTS Dre وله اسم حقيقى Londre Sylvester ، تقول الشرطة والتقرير الجنائى أنه مات فى جريمة قتل تبدو متعمدة إذ تم إطلاق 64 رصاصة على رأسه وباقى جسده، مات فى مشفى «جبل سيناء» بالولاية متأثرًا بجراحه وكان قد أُطلِق سراحه توًّا من السجن فى عقوبة جنائية.

موت المغنى كان فاتحة الأخبار، يوم السبت الماضى، وفتح معه بوابة جهنم الأمريكية فى وجه القوانين والدستور وفتح معها أيضاً الدفاتر القديمة والجراح القديمة المغلقة على صديدها ودمها، وفتح الحقائق التى تقول أنهم ولايات غير متجانسة ولا متآلفة ولا متعايشة كما نص دستورهم وكما يشير تمثال حريتهم المزعومة، وكما يخبرهم تشكيل علم البلاد وكما يردد إعلامهم صبيحة كل عام من ليلة الرابع من يوليو فى الاحتفال بعيد الاستقلال، العيد الملطخ بدم المواطنين الصفر والحمر والسود ولا يزال.. فما الذى حدث فى ليلة عُرس الدم الأمريكى المسماة بليلة عيد الاستقلال يوم 4 يوليو من هذا الشهر؟

قُتِلَ المئات فى مناطق شمال واشنطن وفى غرب بالم بيتش فلوريدا وفيلاديلفيا ومناطق عديدة بمدينة نيويورك وجنوب لوس أنجلوس، أما شيكاجو، وهى ثالث ولاية فى معدل الجريمة، فقد حظيت بأكبر عدد قتلى من المواطنين ومن أفراد الشرطة، ويحدث هذا فى كل عام وفى كل الأعياد بما فيها عيد الأم وعيد الأب، لكن فى مثل هذا اليوم فى الرابع من يوليو ترتفع نسبة المصابين والقتلى بشكل كبير جدًا، وقُدِر عدد القتلى منذ 2001 -منذ غزو أفغانستان- بـ 5000 قتيل فى هذهِ الولاية وحدها وهو العدد الذى يفوق قتلى الجنود الأمريكان فى أفغانستان.

المثير أن الصحف هناك استعادت من الذاكرة قصة قتل بشعة لم يعد يتذكرها أحد حدثت عام 1971 وتحكى عن رب أسرة فى ولاية نيوجيرسى فقد وظيفته بأحد البنوك ولم يستطع إخبار أسرته فقتل أمه وزوجته وطفلين من أولاده وكان ثالثهما فى المدرسة وانتظره حتى عاد وأطلق رصاصة فى صدره ثم صنع لنفسه فطيرة للعشاء، ثم جلس وأكل وخرج من البيت واختفى للأبد وظهر بعد 18 عامًا وحكى.

تساءلت امرأة من شيكاغو نجت من القتل فى مذابح الشارع يوم 4 يوليو، وقالت لتليفزيون الولاية: نحنُ ندفع الضرائب ونعمل ولا نخالف القانون فلماذا يقتلوننا ولماذا لا تحمينا الولاية، نحنُ لسنا فى أمان.