الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ناصر وحليم والسعدنى.. رحيل «الريحانى» حرم «السعدنى» من التمثيل فى المسرح! "الحلقة 6"..

ناصر وحليم والسعدنى.. رحيل «الريحانى» حرم «السعدنى» من التمثيل فى المسرح! "الحلقة 6"..

كان «السعدنى» يعتقد أن كلام الريحانى بأنه صاحب حضور رائع ودمه خفيف وأنه حيعمل منه نجم مضبوط ولا غبار عليه، وأنه لو أتيحت له الفرصة للوقوف على خشبة المسرح أمام الريحانى صاحب المدرسة الأعظم فى تاريخ المسرح العربى.. أقول كان السعدنى يعتقد أنه سيحقق نجاحًا منقطع النظير، وأن الناس سوف يشيرون إليه كما قال بالبنان وبالحذاء أيضًا.. ولكن الريحانى أصابه المرض وذهب إلى رحاب ربه وهو لايزال فى العقد الخامس من العمر، وما هى إلا سنوات قليلة وانطلق السعدنى بسرعة الصاروخ فى عالم الصحافة ينتقل بين دور الصحف والمجلات ويكتب للإذاعة وللمسرح والتليفزيون.



 

وكان عمله الأول «فيضان النبع» بطولة الفنان عبدالحفيظ التطاوى، ولكن هذا العمل لم يكتب له النجاح وجاء العمل الثانى للمسرح «عزبة بنايوتى» أفضل حالاً وقام ببطولته الفنان الكبير وصديق السعدنى الأروع عبدالرحمن الخميسي وكان من المتعارف عليه في تلك الأيام أن يطوف كل عمل مسرحى أنحاء الجمهورية.. وذات رحلة إلى طنطا، غاب أحد الممثلين وقرر الخميسى أن ينتظر حضوره حتى قبل العرض بـنصف ساعة، وهنا بدأ الخميسى يبحث عن حل، فلجأ إلى كل العاملين فى الكواليس فلم يفلح أحد منهم، لا أحد يحفظ الدور وحتى الملقن الذى يحفظ العمل عن ظهر قلب أخرجه الخميسى من «الكمبوشة» وعندما وقف الرجل على خشبة المسرح، نظر حوله وتلعثمت الكلمات على شفتيه واصفر لونه وكاد يدخل فى غيبوبة، هنا ربت الخميسى على كتفه وطلب له واحد ليمون وأمره بالاستعداد للنزول للكمبوشة، وضرب الخميسى أخماسًا فى أسداس!

وعند فتح الستارة وجد الخميسى «السعدنى» أمامه، فقال له: أنت حافظ الدور يا سعدنى، اطلع أنت اعمل الدور، ووافق السعدنى على الدور إنقاذًا للموقف.. وبدأ العرض بشكل رائع وتسلطن الخميسى كعهده دومًا وحان موعد دخول السعدنى لكى يلعب دور الممثل الغائب، و«انفشخ» فم السعدنى عن ابتسامة عريضة عندما دخل على الخشبة ونظر إلى الجمهور، انطلقت عاصفة من التصفيق تجاهلها السعدنى واتجه ناحية الجمهور ورفع يده ليحيى أصدقاءه الجالسين فى الصفوف الأولى.. وإزيك يا عم وجيه عامل إيه علىّ الطلاق واحشنى.. وكان عم وجيه هو الرجل الذى رعى الفن وقدم لدولة الفنون كل ما أمكنه من دعم.. وظل السعدنى يوزع المراحب الحارة على الجلوس وسط همهمات الجلوس، وهنا أدرك الخميسى أن العرض المسرحى «باظ» بوجود السعدنى على الخشبة.. فتقدم إليه وهو يقول: أيوه يا ابنى أهلا بيك.. أنت كنت عاوز تقول حاجة؟ فرد السعدنى: أنت اللى المفروض تقول، وهنا انطلقت الضحكات من الصالة فى الوقت نفسه الذى انطلقت رصاصات الغضب من عينى الخميسى وهو يجر السعدنى خارج خشبة المسرح بعد أن دمر الحاجز الرابع وهو الحاجز الوهمى بين الممثل والمتلقى، وكأنه طبق فى ظهوره الأول نظرية المسرح الألمانى العبقرى «بريخت»، ومنذ ذلك اليوم والخميسي يقوم بعملية تشنيع على السعدنى، وبالطبع السعدنى يرد العملية بأفضل منها.

.. ومن غرائب هذا العمل «عزبة بنايوتى» أثناء عرضها فى دكرنس أن الفنان أبوالفتوح عمارة كان يقوم بدور أساسى فى الرواية وقد غاب ذات يوم.. ونظر الخميسى فى الكواليس بين الحضور وقال: مين هنا حافظ دور أبوالفتوح.. فخرج العم صلاح السعدنى من بين الحضور وكان فى الصف الأول الثانوى، وقال:.. أنا يا أستاذ عبدالرحمن فنظر إليه «الخميسى» وسأله:.. حافظ يا ابنى؟ فأجاب صلاح:.. حافظ الرواية كلها من الجلدة للجلدة فعاد الخميسى وقال: وتعمل لى كارثة زى أخوك وتكسفنى؟!.. وضحك صلاح وقال:.. جربنى يا أستاذ خميسى.. وبالفعل دخل صلاح إلى خشبة المسرح وأدى الدور وكأن الدور قد كتب له وليس لمخلوق سواه.. ظل الخميسى منبهرًا بأداء صلاح لدرجة أنه اقترب من صلاح وقال: يخرب عقلك.. أنا قولت حتعمل زى أخوك الكبير وتنزل تسلم على الناس.. واكتملت الرواية وحدث أن شاهد السعدنى الكبير صلاح يمثل إلى جانب الخميسى فصعد إلى الكواليس وانتظر الخميسى حتى خرج.. وقال له:.. أنت اتجننت.. رد الخميس وقال: ليه.. عملت إيه يا سعدنى؟! فأضاف: الواد لسه صغير بيدرس فى المدرسة دى أمه تموت فيها.. فقال له الخميسى:.. لا تخف من شىء.. صلاح بإذن الله حيبقى ممثل كويس أوى ومش ح يسيب الدراسة ولا حاجة.. ونظر صلاح إلى شقيقه الأكبر نظرات كلها استعطاف من أجل أن يتركه يكمل دوره فى الرواية على الأقل هذا اليوم فقط وهو يوم غياب أبوالفتوح عمارة الذى اعتبره العم صلاح اختبارًا حقيقيًا وهدية من السماء لموهبته التى ظهرت مبكرًا.. والتى لفتت أنظار العندليب الأسمر  عندما لعب صلاح دوره الأول فى مسلسل «لا تطفئ الشمس» ثم أعقبه بدوره الخالد أبوالمكارم فى ثلاثية «الساقية والضحية والرحيل» لعبدالمنعم الصاوى.. ومن أغرب ما جرى فى هذا العمل.. أنهم عندما حددوا أجور الفنانين تم تحديد أجر صلاح على أنه كومبارس، وعندما اعترض قال له أحد المسئولين: مكتوب فى التقرير إنك ممثل صامت.. وإنك لم تتكلم حتى كلمة واحدة طوال المسلسل فضحك صلاح وقال:..أنا عملت دور أخرس يا مولانا.

فرد عليه الموظف:.. ابقى راجعنا الأسبوع الجاى يمكن الحال يتغير.. وبالفعل تم تعديل الأجر.. وعلم حليم بأمر الأجر.. فظل كلما قابل صلاح يذكره بهذه الواقعة وهو يكاد يستلقى على قفاه من شدة الضحك.