الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بوش وأوباما وترامب باعوا للعالم سلاحا أمريكيا بـ640 مليار دولار

ما فرقته السياسة يجمعه «السلاح»!

على مدار التاريخ السياسى الأمريكى، حاول الرؤساء الأمريكيون بمختلف توجهاتهم إرضاء مجتمع صناعة السلاح، الذى يعنى مصطلح «السلام» بالنسبة لهم «خسارة فادحة»، وفى الوقت الذى دعا فيه العديد من هؤلاء الرؤساء إلى السلام بين الشعوب نجد - دائماً - أن «الولايات المتحدة» هى المصدر الأول للسلاح على مستوى العالم، مما أسفر عن عواقب وخيمة تسردها كتب التاريخ.



ورغم أن مؤشر مخاطر مبيعات الأسلحة لا يعتبر علمًا دقيقًا، فإنه قد يساعد فى معرفة المخاطر، وحجمها، وأنواعها، وكيف يحدد صناع القرار أهدافهم السياسية.

دراسة نشرها الباحثان الأمريكيان «تريفور ثرال»، و«جوردان كوهين»، أوضحا فيها أنه بعد عام مزدهر آخر من المبيعات، لا تزال «الولايات المتحدة» المصدر المهيمن على العالم للأسلحة التقليدية الرئيسية، مضيفين أن كلاً من إدارات «جورج دبليو بوش»، و«باراك أوباما»، و«دونالد ترامب» قد باعوا أكثر من 640 مليار دولار من الأسلحة إلى 167 دولة مختلفة، منذ عام 2002 حتى عام 2019، وفقًا لما هو معلن!

الدراسة التى توثق المبيعات وكل ما يخصها بالأرقام تكشف أن الجمهوريين والديمقراطيين قد يختلفان فى الرؤى السياسية والأفكار والقرارات والمواقف، لكنهما بالتأكيد يتفقان على أهمية بيع السلاح بالنسبة للاقتصاد الأمريكى، وهو ما جعل كل رئيس يرفع حجم المبيعات عن سابقه وتناسى الجانبان المتنافسان أى حسابات تخص مخاطر بيع السلاح الذى وصل فى نهاية الأمر إلى يد الإرهابيين والجماعات المسلحة التى تهدد أمن واستقرار الكثير من دول العالم.

الدراسة أكدت أن مبيعات الأسلحة يمكن أن تكون أداة مفيدة فى السياسة الخارجية لأمريكا، ولكنها تنطوى على مخاطر شديدة. وقد أصبحت مبيعات الأسلحة الأمريكية أكثر خطورة - بالفعل - منذ إدارة «بوش» (الابن).

أما السبب وراء وصفها بالمبيعات الخطيرة، فهو أن «الولايات المتحدة» باعت أسلحة إلى أى دولة تسعى إليها تقريبًا، إلى أن انتهى الأمر بوصول تلك الأسلحة الأمريكية لأيدى التنظيمات الجهادية، والجماعات الإرهابية الأخرى، ونزولها فى السوق السوداء، وزجّت بدول للدخول فى صراعات عسكرية دامية، كما شجعت على المغامرات العسكرية، وحفزت سباقات التسلح على مدى العقد الماضى، وذلك وفقًا للدراسة.

>مؤشر «مخاطر مبيعات الأسلحة»

صُنفت مخاطر مبيعات الأسلحة، من خلال تحديد أربعة مسارات سببية مختلفة، تؤدى إلى نتائج سلبية، وهى:

الفساد، الذى يزيد من احتمال سرقة الأسلحة، أو بيعها لعملاء غير مقصودين. وقد اعتمدت الدراسة فيها على مؤشر «إدراك الفساد»، التابع لـ«منظمة الشفافية الدولية»، الذى يصنف 180 دولة وإقليمًا حسب مستويات الفساد، ويتضمن 16 دراسة استقصائية من 12 مؤسسة مختلفة.

كما استندت الدراسة إلى مظاهر «عدم الاستقرار»، والذى يرتبط أيضاً بارتفاع احتمالية سرقة الأسلحة، أو إساءة استخدامها سواء من جانب الحكومات، أو الجماعات الأخرى، وقد تم تقييم «عدم الاستقرار» باستخدام مؤشر «الدول الهشة»، الذى أعده «صندوق السلام»، ويستخدم الصندوق 12 مؤشرًا، وهى: «الجهاز الأمنى»، و«النخب الفئوية»، و«الشكاوى الجماعية»، و«التدهور الاقتصادى والفقر»، و«التنمية غير المتكافئة»، و«الهروب البشري»، و«شرعية الدولة»، و«الخدمات العامة»، و«حقوق الإنسان»، و«الضغوط الديموغرافية»، و«اللاجئين»، و«التدخل الخارجى»، لإنشاء نتيجة مركبة لهشاشة الدولة.

ثم نشرت الدراسة «مؤشر مخاطر مبيعات الأسلحة» منذ عام 2018، التى استمرت فى تحديثه حتى 2020، لقياس هذه المخاطر. ويذكر أن سجل مبيعات الأسلحة فى ظل إدارة «ترامب» كان موضع تساؤل أكثر من سابقيه.

فكانت أعلى عشر دول فى جدول درجات «مؤشر مخاطر مبيعات الأسلحة» لعام 2020، هى: «سوريا» بنسبة (95 درجة من 100)، تليها «جنوب السودان» (93 درجة)، ثم «اليمن» (92)، و«أفغانستان» (92)، «الصومال» (91)، «جمهورية الكونغو الديمقراطية» (90)، «السودان» (90)، «ليبيا» (88)، «العراق» (85)، «ميانمار» (80)، فيما كانت أقل دولتين بهما مخاطر، هما: «النرويج»، و«نيوزلاندا» بنقطتين فقط!

وبشكل عام، بلغ متوسط الخطر فى دول العالم - من حيث المسارات الأربعة المذكورة سابقاً- فى عام 2019 (39.1)، أى أكثر مما كان عليه فى عام 2018 بدرجة (38.7). ولكنه، لا يزال أقل خطورة من عام 2017 الذى كان (41.7).

مؤشر (مخاطر دول الجوار العالمى)

إحدى النتائج السلبية لمبيعات الأسلحة للدول المحفوفة بالمخاطر، هى تأثيرها على الدول المجاورة. فعلى سبيل المثال: من الممكن أن يتم تحويل الأسلحة من مخزون الدولة الهشة إلى الجماعات الإرهابية، أو الأسواق السوداء، أو غير ذلك من مخاطر.

وقد أوضحت الدراسة، أنه يمكن حساب متوسط درجة مخاطر الجوار العالمى بـ(249) درجة، وأن البلدان التى لديها أعلى درجات للمخاطر، هى «الصين»، لأنها المحاطة بالعديد من الجيران الخطرين، بدرجة (899 درجة)، ثم «تركيا» (886)، «السعودية» (816)، «إيران» (769)، «السودان» (734)، «روسيا» (670)، «تنزانيا» (651)، «الهند» (630)، تليها «مصر» (618)، و«جمهورية الكونغو الديمقراطية» (594).

>مبيعات الأسلحة الأمريكية

أكدت الدراسة أن «الولايات المتحدة» أبرمت صفقات أسلحة بقيمة 85.1 مليار دولار فى عام 2019 وحده، وهو أعلى إجمالى سنوى لإدارة «ترامب» حتى الآن، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، باعت «واشنطن» أكثر من 183.8 مليار دولار من الأسلحة، ومنذ عام 2002، اشترى أكبر عملاء «أمريكا» بمبالغ وصل متوسطها 14 مليار دولار من الأسلحة التقليدية الرئيسية.

وقد شكّلت الطائرات العسكرية، والأجزاء المرتبطة بها، غالبية الصادرات الأمريكية على مدار العامين الماضيين، حيث جاءت القنابل، والصواريخ فى المرتبة الثانية، والمركبات الأرضية فى المرتبة الثالثة.

>سياسة مبيعات الأسلحة الأمريكية

تبيع «واشنطن» حاليًا أسلحة سنويًا، أكثر مما كانت تبيعه من قبل، وهو اتجاه بدأ فى ظل إدارة الرئيس الديمقراطى «أوباما»، واستمرت فى عهد الجمهورى «ترامب».

وبشكل عام، كان متوسط ​​درجة المخاطرة للعملاء الأمريكيين (37) درجة فى ظل إدارة «بوش»، وارتفعت هذه الدرجة إلى (39) فى ظل إدارة «أوباما»، ثم ارتفعت مرة أخرى إلى (41) فى ظل إدارة «ترامب»، إذ اتبعت إدارة الأخير نفس النهج لمبيعات الأسلحة مثل سابقيه، مع استثناءات قليلة، وعلى رأسها أن «الولايات المتحدة» مستعدة لبيع الأسلحة إلى أى دولة لديها المال لشرائها، وفقاً لما أكدته الدراسة. 

باختصار، لا تبيع الإدارة الأمريكية أسلحة أكثر من ذى قبل فحسب، بل إنها تبيع لعملاء فى غاية الخطورة.

>مخاطر بيع الأسلحة

أوضحت الدراسة أن العواقب الوخيمة تحدث عندما ينتهى الأمر بالأسلحة المباعة لحكومة أجنبية فى أيدى الجماعات الإجرامية أو الخصوم، كما تكون هذه المخاطر أعلى عندما تنقل الأسلحة إلى الدول الهشة غير المستعدة، أو غير الراغبة، أو الفاشلة للغاية، بحيث لا تستطيع حماية مخزونها من السلاح بشكل مناسب، ويمكن لمبيعات الأسلحة الأمريكية أيضًا، أن تطيل وتزيد من حدة النزاعات بين الدول، وقد تؤدى إلى تقويض الأمن القومى للولايات المتحدة - باسم محاربة الإرهاب والتمرد - عندما يتم تحويلها إلى أنظمة فاشلة. وفى البلدان التى يتفشى فيها الفساد الخطير، يمكن أن ينتهى الأمر بالأسلحة فى الأيدى الخطأ. على سبيل المثال: نتيجة لفساد الجيش والشرطة المكسيكيين، فإن الأسلحة الصغيرة، والأسلحة الخفيفة، التى ترسلها «الولايات المتحدة» إلى «المكسيك»، والعديد من دول «أمريكا الجنوية» الأخرى لدعم الحرب على المخدرات، غالبًا ما تسهل الجرائم ذاتها التى كان من المفترض أن توقفها.