الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصر «القوية» داخل «المحافل الدولية»

نجحت السياسة الخارجية المصرية منذ تولى الرئيس السيسى، فى تحقيق انطلاقة جديدة على مختلف المحاور؛ من أهمها الحصول على مقعدٍ غير دائم فى مجلس الأمن، ورئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن ورئاسة القمة العربية، إضافة للجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغيُّر المناخ واختيار مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى.



 

 

وحرصت الدولة على إقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم، من خلال تعزيز العلاقات مع مختلف البلدان؛ سواء مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة، أو مع القوى الكبرى، ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية التى قام بها الرئيس السيسى، وحرصه على المشاركة فى القمم والمحافل الإقليمية والدولية بخلاف زياراته الثنائية لدول العالم لتصب فى مصلحة مصر سياسيًا واقتصاديًا.

 

 

العلاقات المصرية مع دول آسيا

 

كانت الدائرة الآسيوية محط اهتمام الرئيس السيسى؛ حيث تمّ فتح علاقات جديدة بدول لم يزرها أى رئيس مصرى، وكذلك عودة الزيارات التى انقطعت لدول آسيوية عظمى، وتجسّد ذلك فى جولات الرئيس الآسيوية وزياراته الرسمية إلى كل من سنغافورة والصين وإندونيسيا ودول كازاخستان واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، والتى استهدفت الاستفادة جميعها من خبرات وتجارب هذه الدول فى المجالات التنموية والتعليم والصناعة وتنمية الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات، وأثمرت توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم فى هذه المجالات.

 

وحظيت الصين باهتمام خاص من الرئيس السيسى، إذ قام بزيارتها 6 مرات منذ توليه الرئاسة، لتدعيم العلاقات مع بكين، وتحولت العلاقات المصرية- الصينية إلى مستوى الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية فى المجالات العسكرية والاقتصادية وفى مجال الطاقة. 

 

مصر وأوروبا

 

فى السياق نفسه، اتسمت العلاقات المصرية -الأوروبية بنشاط ملحوظ خلال السنوات الماضية، من خلال زيارات الرئيس لكل من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والمجر والبرتغال، والاتفاق على آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص التى هدُفت لتطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة.

 

شهد التعاون المصرى- الروسى نموًا ملحوظًا فى المجالات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، منذ زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لروسيا عام 2015، ثم زيارة الرئيس بوتين للقاهرة فى ديسمبر 2017، وتوقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجى والشراكة الشاملة العام الماضى، والتى غطت جميع مجالات التعاون الثنائى بين البلدين ومن بينها البنية التحتية، خاصة فى مجالات الطاقة النووية ذات الاستخدام السلمى، مصادر الطاقة البديلة، الأشغال العامة، الإسكان، النقل، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، السياحة، الزراعة، الأمن الغذائى، حماية البيئة، التعدين، استخدام الموارد الطبيعية، وتحديث الصناعة، بالإضافة إلى القرار الذى اتخذه البلدان باعتبار 2020 عام الثقافة المصرى الروسى.

 

زيارات الولايات المتحدة الأمريكية

 

 

حققت زيارات الرئيس السيسى للولايات المتحدة الكثير من النتائج الإيجابية، على مستوى العلاقات الدولية أو المكاسب الاقتصادية؛ إذ أشاد الرئيس الأمريكى «ترامب» بالجهود المصرية فى أكثر من ملف، كان آخرها الموقف المصرى لتعزيز المصالحة السياسية فى ليبيا، وكان ذلك بعد أن تحدث الرئيسان هاتفيًا، لمناقشة الأوضاع الليبية وبحث سبل وقف التصعيد ورحيل كل القوات الأجنبية من ليبيا.

 

كما أثنى الرئيس الأمريكى فى وقت سابق على الجهود المصرية فى مكافحة الإرهاب ووصفه بـ«الدور العظيم».

 

وشهدت العلاقات المصرية-الأمريكية طفرة كبيرة؛ حيث يمثل التنسيق المصرى- الأمريكى جزءًا مهمًا فى استراتيجية التعاون مع القضايا والملفات، خاصةً فيما يتعلق بالملف الأهم والأكبر فى المنطقة، وهو الإرهاب الدولى، والتنظيمات الإرهابية، والأفكار المتطرفة التى تطورت بدورها فى الصراعات.

 

مصر وإفريقيا

 

نجح الرئيس السيسى فى استعادة العلاقات الإفريقية كعمق استراتيجى للدولة المصرية، وأكد أن «مصر تعتز بانتمائها للقارة السمراء» أمام المنتدى الإفريقى الأوروبى الذى عُقد فى فينيسيا فى العام 2018، وهو ما يعبر بشكل واضح عن السياسة المصرية تجاه دول القارة.

 

وبعد تجميد عضوية مصر للاتحاد الإفريقى عقب ثورة 30 يونيو، جاءت عودة مصر للاتحاد بشكل مشرف يؤكد على دورها المحورى فى القارة من خلال رئاسة الاتحاد خلال العام 2019، ذلك بالإضافة للزيارات المصرية لعدد من الدول الإفريقية التى تؤكد نجاح الدبلوماسية المصرية فى إفريقيا.

 

مواقف مصر الثابتة

 

 تضمن الموقف المصرى العالمى عددًا من المواقف الثابتة التى تتبناها مصر، خاصةً حيال القضايا الإقليمية فى الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية وليبيا واليمن والعراق، كما نظمت مصر بالتعاون مع الحكومة النرويجية «مؤتمر القاهرة حول فلسطين» فى أكتوبر 2014، لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى وإزالة آثار العدوان، تمكّن المؤتمر من حصد نحو 5.4 مليار دولار كمساعدات دولية لفلسطين.

 

يشكل الانتماء المصرى للقارة الأفريقية فى صدارة دوائر السياسة الخارجية أحد الملامح الرئيسية فى سياسة مصر الخارجية، فمنذ تولى الرئيس السيسى المسئولية سعت مصر إلى لعب دور فاعل فى مختلف آليات العمل الأفريقى المشترك، من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة فى المجالات كافة، وهو الأمر الذى انعكس فى القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسئولين الأفارقة فى مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر والدول الأفريقية بهدف دعم التعاون الاقتصادى.

 

الأزمة الليبيّة

 

وتأتى الأزمة الليبية فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، وهو ما أكدته مصر من خلال مبادرتها التى سبق أن أطلقتها وعبّرت فيها عن موقفها الثابت من تطورات الأوضاع فى ليبيا، والتى ارتكزت على ثلاثة مبادئ تكمن فى «احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لليبيا، والحفاظ على استقلالها السياسي»، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف.

 

كما استضافت مصر وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية، خاصةً البرلمانيين الليبيين، والقوى الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة فى ليبيا، فضلًا عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا.

 

وتواصل مصر دعمها للشعب الليبى الشقيق وتعمل على استعادة الاستقرار والحفاظ على وحدة الأراضى الليبية فى مواجهة التدخلات والأطماع، وهو ما عكسته مبادرة «إعلان القاهرة» والتى أطلقها الرئيس السيسى فى بداية الشهر الجارى من مصر برعايته لوقف إطلاق النار فى ليبيا ولاقت ترحيبًا دوليًا كبيرًا.

 

مصر وسوريا

 

فرضت تطورات الأزمة السورية عددًا من التحديات على الدولة المصرية لاتصالها الوثيق بالأمن القومى المصرى والعربى لتدفع بالقضية السورية لصدارة أولويات تحركات السياسة الخارجية المصرية، وبذلت مصر جهودًا حثيثة لوقف نزيف الدم السورى، إذ تم عقد «مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية» فى يناير 2015، ومؤتمر موسّع بالقاهرة فى يونيو 2015 صدرت عنه وثيقتا «خارطة الطريق» و«الميثاق الوطنى السوري».

 

وشاركت مصر فى اجتماعات اللجنة المصغرة الدولية المعنية بسوريا على المستويين الوزارى وكبار المسئولين، مع تواصل مساعيها الرامية إلى حثِّ القوى الدولية والأطراف السورية على دفع المسار السياسى. وتواصل مصر جهودها فى استضافة اللاجئين السوريين الذين تُقدّر أعدادهم بحوالى نصف مليون شخص. 

 

وانطلاقًا من الدور الإقليمى لمصر فى قلب الوطن العربى والقارة الإفريقية، دعت مصر لاجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية لبحث العدوان التركى على الأراضى السورية فى أكتوبر 2019م، حيث أدان الاجتماع الاعتداء التركى على سوريا.

 

 

الدعم للشرعية فى اليمن

 

 

كما أكدت مصر دومًا مساندتها للشرعية اليمنية، وارتكز الموقف المصرى دائمًا على دعم وحدة الأراضى اليمنية والترحيب بقرارات الأمم المتحدة كافةً ومجلس الأمن الصادرة بشأن الوضع فى اليمن، فضلًا عن تأييد التسوية السلمية وإجراء حوار وطنى من أجل التوصل لحل توافقى.

 

وعلى مستوى العلاقات المصرية مع الدول العربية ودول الجوارفقد شهد عام 2019م تدشين آلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن عبر عقد القمة الأولى لزعماء الدول الثلاث بمشاركة الرئيس السيسى بالقاهرة فى مارس 2019، والتى تم الاتفاق خلالها على دفع التعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الثلاث فى مختلف المجالات، فيما عُقدت القمة الثلاثية الثانية بمشاركة الرئيس السيسى على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك فى 22 سبتمبر 2019م.

 

وفى جميع ملفات السياسة الدولية، امتلكت الدولة المصرية رؤية شاملة فى التعامل مع هذه الظواهر التى تتعلق بالإرهاب التى تقوم على التعامل من منصوص شامل ومواجهة عسكرية وأمنية وثقافية وتنموية، وتجفيف منابع الإرهاب، واتخاذ مواقف رادعة تجاه الدول التى تحتضن وتمول الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، والتعاون بين الدول الكبرى فى منع تسلل العناصر الإرهابية ومنع تدفق الأموال عبر الإنترنت، كما تعاملت الدولة بكل حزم مع كل ما يهدد أمنها القومى دبلوماسيًا وعسكريًا.