الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أوباما يغسل عاره بدماء السوريين!

أوباما يغسل عاره بدماء السوريين!
أوباما يغسل عاره بدماء السوريين!


 
فى الفيلم الوثائقى «تاكسى بغداد»، الذى يتحدث عن آخر تطورات الأزمة العراقية، تقول سيدة شيعية: «قبل دخول الأمريكان العراق، لم يكُن العراقيون يسألون عن دين الآخر أو عِرقه، فالسُنى قد يتزوج مِن شيعية، لكن بعد الحرب الأمريكية، يُجبر الأهالى ذويهم الذين تزوجوا مِن نساء شيعة على أن يُطلقوا عليهن الرصاص أمام أطفالهِم!.. ليس فقط الفقر وعدم وجود مورد الرِزق والحال الصعبة هو ما يُعانى مِنهُ العِراق الآن، لكن الأكثر إيلاماً هو أن العِراق تمزق.. تفتت».
 
تقترب «سوريا» مِن هذا الوضع والمُشابه لِوضع العِراق، إن لم تكُن قد اقتربت مِنهُ فعلياً، خاصةً فى ظِل الصراع الدائر هُناك الذى تُرفع فيه الشِعارات الدينية «السُنية - الشيعية»، بِرعاية أمريكية بِالطبع، وهو نفس ما يحدث فى العِراق الآن، خاصةً بعدما كان الشيعة مُضطهدين فى ظِل حُكم «صدامحسين».. إلا أن المُدهش هو التشابُه إلى حد التطابُق عِند المُقارنة بين سيناريو ما قبل الحرب «الأمريكية ـــ العراقية» وبين سيناريو ما قبل الحرب «الأمريكية ـــ السورية»، فى النقاط الآتية:
 
مزاعم أمريكا بامتلاك العِراق لأسلحة الدمار الشامل تُهدد بها المنطقة ــ تحديداً إسرائيل ــ والآن أمريكا تُعلن عن نفس المزاعم تِجاه سوريا، لكن هذه المرة تغيرت المزاعم، لتكون بدلاً من امتلاك أسلحة دمار شامل، أصبحت امتلاك أسلحة كيماوية!
 
فى الوقت الذى أكد فيه بعدها وزير الخارجية البريطانى «وليام هيج» أنه قد يكون الجيش السورى استخدم أسلحة كيماوية لكن الدلائل على هذا قد مُحيت، يخرُج وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» على وجود أدلة دامغة على استخدام أسلحة كيماوية فى سوريا وأنها تُشير أيضاً إلى مسئولية الحُكومة السُورية!.. وهو نفس ما كان يؤكد عليه «جورج بوش الابن» ــ الرئيس الأمريكى وقتها ــ بِخُصوص وجود أسلحة دمار شامل فى العِراق، رغم أن الكثيرين ــ ومِنها تقارير مُخابراتية أمريكية ــ أشارت إلى العكس تماماً!
 
شحن المواطن الأمريكى تِجاه «الحُكومة السورية» مِن خِلال انحياز الوسائل الإعلامية الأمريكية فى تغطيتها لِجِهة المُعارضين.. وهو نفس الدور الذى قامت بِه وسائل الإعلام الأمريكية أيضاً بعد أحداث الحادى عشر مِن سبتمبر، حيثُ كراهية كُل ما هو عربى ومُسلم، مِمَا مَهد لِلحرب الأمريكية على أفغانستان، ثُم العِراق.
 
انهيار شعبية الرئيس الأمريكى «باراك أوباما»، خاصةً فى ظِل كشف الكونجرس الأمريكى عن كمية المُساعدات التى قُدِرتَ بِمَلايين الدولارات للإخوان فى مِصر، وأيضاً الحاجة لإيجاد عدو ما، يلتف ضِده الأمريكيون، وبِالتالى يلتفون حول قائدهُم أو رئيسهُم، باعتباره هو مُحررهُم مِن هذا العدو، وهو ما نجح فيه «أوباما» بعدما قام بِالقضاء على «أُسامة بِنلادن»، فأصبح فى نظر الأمريكيين هو مُخلصهُم مِن الإرهاب، لكن فى ظِل تدهور الأوضاع المعيشية ــ كعدم القضاء على مُعدلات البطالة المُتزايدةِ مثلاً ــ أصبحت الضُغوط أكثر على «أوباما»، كما أنه أظهر الإدارة الأمريكية بِمَوقف الضعيف فى اتخاذ القرارات أو التوقع بِمَا يُمكن أن يحدُث فى الشرق الأوسط.. «جورج بوش الابن» أيضاً وقتما كان رئيساً لأمريكا، عانى مِن الهُجوم عليه لِتدهور أحوال الأمريكيين ــ كمجال الرِعاية الصِحية مثلاً ــ مِمَا دفعُه لاختلاق وحش يُرهب به أعداءُه، وفى الوقت نفسه يظهر بِمَظهر المُخلص لِلوطن، فكان «بِن لادن»، الذى استمر «بوش الابن» فى استثماره، حتى حاز على فترة رئاسية ثانية، لِلقضاء على الإرهاب، على حد قوله!.
 
يبقى الموقف العَربى فى حالة الحرب على سوريا أكثر تماسكاً مِمَا كان فى فترة الحرب على العِراق، فمثلاً فى الوقت الذى رفض فيه وزير الدِفاع الفريق أول «عبدالفتاح السيسى» مُرور سُفن حربية أمريكية لِضَرب سوريا، عملاً بِاتفاقية الدِفاع المُشترك بين مِصر وسوريا، على عكس «مُبارك» الذى اكتفى بِمُحاولة لعب دور المُصلح السياسى، وتقريب وِجهات النظر بين العِراق والعرب وأمريكا، لكن أمريكا وقتها ضربت بِكُل هذا عرض الحائط وضربت العِراق.
 
البترودولار وروسيا:
 
المُقارنة بين سيناريو ما قبل الحرب «الأمريكية ــ العِراقية» وسيناريو ما قبل الحرب «الأمريكية ــ السورية»، يضعنا أمام العديد مِن الأسئلة المهمة، مِنها: لماذا هاجمت أمريكا العِراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان؟.. لماذا يُصر النُشطاء الأمريكيون على زعزعة استقرار سوريا؟.. لماذا عزمت أمريكا على تدمير إيران؟.. وماذا بعد؟.. وإلى أين تتجه البوصلة الأمريكية الحربية؟.
 
فى فيلم وثائقى أمريكى عن «البترودولار» ويُمكن مُطالعته على موقع الـ«يوتيوب» تحت عُنوان Explained The Petro-Dollarيقول صُناعه: «بِالنظر لِهذه الأسئلة، تجد أنها غير منطقية وبِلا مَعنى، خاصةً فى ظِل الأجندة التى تعتمدها الإدارة الأمريكية، والتى تظهر فى صورة أخبار تُسرب إلى الإعلام الأمريكى، لكن يُصبح ما يحدُث منطقيًا جِداً، إذا نظرنا لِدوافع القُوى الاقتصادية».
وبِالنظر إلى التاريخ، فقد اعتمد البريطانيون فى عام 1995 على الدولار كعُملة للاحتياطات العالمية، مِمَا يعنى أن المُعاملات التُجارية أصبحت مُسعرة بِالدولار، وهو ما أعطى لأمريكا مُميزات مالية واضحة، تمت بِشَرط أن يتم تعويض الدولار بِالذهب بِسعرٍ ثابت وهو 35 دولارًا للأونصة أو 28 جرامًا، ووعدت الولايات المُتحدة ألا تطبع الكثير مِن المَال، لكنُه مُجرد وعد زائف، لأن الاحتياطى الفيدرالى رفض السماح أو المُراجعة أو الإشراف على مطابع صِناعة النُقود، وخِلال الحرب الأمريكية على فيتنام عام 1970 أكدت العديد مِنالدول أن الولايات المُتحدة لم تلتزم بِتعويض قيمة الدولار بِالذهب، وطالبت هذه الدول باستعادة الذهب مرةً ثانية، وهذا بِالطبع أدى إلى الانخفاض السريع لِقيمة الدولار، والأزمة تفاقمت عام 1971 حينما حاولت فرنسا استعادة الذهب الذى اشترت بِه الدولار، والطلب قُوبِلَ بِالرفض مِن الرئيس الأمريكى «نيكسون» وقتها، وألقى بعدها «نيكسون» خِطاباً، قال فيه: إنه أعطى لأمين الخزينة التوجيهات اللازمة لِلدفاع عن الدولار ضِد المُضاربين وتعليق قابلية تعويض قيمة الدولار بِالذهب أو بِالأصول الاحتياطية الأُخرى بِصِفةٍ مؤقتة، فيما عدا المبالغ والحالات التى تقتضيها مصالح الولايات المُتحدة فى الاستقرار المالى.. إلا أن هذا التعليق المؤقت مُستمر حتى اليوم! واعتبرت الدول التى عهدت لِلولايات المُتحدة بِالذهب أن هذا سِرقة واضحة.. وفى عام 1973 طلب الرئيس «نيكسون» مِن الملك السعودى «فيصل» وقتهابِاعتماد الدولار الأمريكى فقط مع النِفط، وأن يستثمر كُل الأرباح فى الخزينة الأمريكية بِنقود وسنداتٍ أمريكية أيضاً، وفى المُقابل اقترح «نيكسون» على «فيصل» حِماية عسكرية لِحُقول النِفط السُعودية، وهو العرض نفسُه الذى تم اقتراحُه على كُل الدِول المُصدرة لِلنِفط.. وفى عام 1975 وقعت كُل الدول الأعضاء فى «الأوبيك» على اعتماد الدولار فقط فى بيع النِفط.. وهذه الاتفاقية خلصت البنك الفيدرالى وربطت ما لديه وقيمتُه بِالنفط الأجنبى، وأجبرت على الفور كُل البِلدان المُستوردة لِلنِفط فى العالم التعامل بِالدولار، ومِن هُنا وُلِدَ «البترودولار»، لِتُصبح بعدها الولايات المُتحدة غنية جداً.
 
وفى فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى وقتها كان سِباق التسلُح أشبه بِلعبة البوكر، وبإحكام السيطرة على «البِترودولار» استطاعت أمريكا أن ترفع الرِهان أكثر فأكثر، لاستنزاف كُل ثروات بِلدان العالم، حتى أن نفقات العسكرية الأمريكية تُعادل نفقات جميع الجيوش فى العالم مُجتمعة، ولهذا لم يكُن للاتحاد السوفيتى أى فُرصة، لينهار فى عام.. وأصبحت الولايات المُتحدة هى المُتحكمة فى العالم، وأمل البعض أن يكون هذا بِداية عهد السِلام والاستقرار، لكن للأسف أصحاب النُفوذ كانت لهُم خِطط أُخرى، فقامت الولايات المُتحدة بِغزو العِراق فى حرب الخليج الأولى، وبعد سحق الجيش العِراقى وتدمير البنية الأساسية لِلعِراق، تم فرض عُقوبات اقتصادية على العِراق، حتى لا يُعيد بِناء البنية التحتية مِن جديد، وكانت هذه فى فترة الرئيس الأمريكى وقتها «بوش الأب»، واستمرت فى عهد الرئيس الأمريكى «كلينتون» أيضاً، وبِسبب هذا مات 500 ألف طِفل عِراقى، وهو أكثر مِن عدد الأطفال الذين ماتوا فى «هيروشيما»، وكانت الولايات المُتحدة على علمٍ تامٍ بِهذا!.. بل إن «مادلين أولبرايت» قالت وقتهاأن كُل هذا يستحق الثمن!
 
«د.محمد مِجاهد الزيات» ــ رئيس المركز القومى لِدِراسات الشرق الأوسط- كان له رأى مُخالف لِهذا كُله، يقول: «مُحاولة عقد مُقارنة بين سيناريو ما قبل الحرب الأمريكية على العِراق بِسيناريو ما قبل الحرب الأمريكية على سوريا الآن بعيدة بعض الشىء، فكان سؤال أمريكا تِجاه العِراق هو: هل توجد أسلحة دمار شامل أم لا؟.. لكن فى سوريا الوضع مُختلف، لأنه بِالفعل توجد أسلحة كيماوية، لكن السؤال هُنا: هل استخدمتُه أم لا؟.. وقد كشفت المُعارضة السورية عن وجود 8 مناطق لِلنِظام السورى، يؤكد على وجود هذه الأسلحة، كما أن التقارير التى قامت بِها إسرائيل أيضاً تُشير إلى تنقل هذه الأسلحة مِن حِزب الله إلى داخل سوريا، لكن لا أحد يستطيع التكهُن ما إذا كان النِظام السورى هو الذى استخدمها أم الثُوار، لكن قرار الضربة العسكرية الأمريكية لِسوريا بِالفِعل قد تم اتخاذُه مُسبقاً، سواء فى حالة استخدام أسلحة كمياوية أم العكس».
 
أكد الزيات: «الهدف الأمريكى والأوروبى مِن توجيه ضربة عسكرية ليس لهُ عِلاقة بِالناحية الاقتصادية فى رأيى، أكثر ما لهُ عِلاقة بِخلق الحل السياسى بِالقوة لا الحل العسكرى، لأن البديل عن نِظام بشار الأسد هو التنظيمات الجِهادية التى تخشى مِنها أمريكا، لكن كُل ما تُريدُه أمريكا هو إحداث خلل فى التوازُن، حتى لا يُصبح النِظام السورى أو المُعارضة مُتفوقة على الأُخرى، مِمَا يجعل الطرفان يجلسان مُرغمين على مائدة الحِوار، لكن إجابات الأسئلة القادمة: هل سيخلط النِظام الأوراق؟.. هل إسرائيل مُستعدة لِلتهديدات السورية بِإطلاق صواريخ عليها فى حالة التدخُل الأمريكى؟.. وغيرها مِن الأسئلة لا يُمكن الإجابة عليها أو التكهُن بِها، سوى بعدما نرى نتيجة ما سيحدُث».