الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بالكلاب ..الشباب الإيرانى يتحدى المرشد الأعلى

بالكلاب ..الشباب الإيرانى  يتحدى المرشد الأعلى
بالكلاب ..الشباب الإيرانى يتحدى المرشد الأعلى


إيران هى النموذج الأكبر للحكم الدينى فى العالم وهى فى الوقت نفسه نموذج للقمع السياسى والاجتماعى ونموذج لثورة عظيمة سرقها الشيوخ وأدخلوها كهوف المحرمات وظلمات الإمامة التى تعتبر لب التمكين للدولة الدينية. فالإمام يتحكم فى شئون الجيش والقضاء والإعلام والمساجد ويمكنه الاعتراض على قرارات الرئيس بل عزله.

 
 
 
 
اختيار الإيرانين لرئيس من التيار الإصلاحى المعتدل فى الانتخابات التى ستقام هذا الأسبوع لن ينقذهم من تحكمات الإمام الذى سيختلق المشكلات لعزل الرئيس الذى يخالفه الرأى.
وعلى الرغم من أن المعارضة ممنوعة من المشاركة فى الانتخابات إما من خلال السجن أو تحديد الإقامة أو حتى إصدار قرار بالمنع من المشاركة فى الانتخابات فإن غضب الشارع الإيرانى واحتقانه شكل دعما للمعارضة للتحرك مجددا فى أكثر من اتجاه. وأعلنت مؤخرا جميع قوى المعارضة مقاطعة الانتخابات بعد قرار مجلس صيانة الدستور الإيرانى استبعاد 78 مرشحا من أصل 86 مرشحا تقدموا بأوراق الترشح ليبقى فى النهاية 8 مرشحين فقط وليس من بينهم أى من تيار الإصلاحيين المعارض.
استبعاد أية الله رافسنجانى أصاب العديد من الإيرانيين بالإحباط وجعلهم أميل إلى الإحجام عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية. فرافسنجانى الذى تولى رئاسة إيران سابقا كان يحظى يتأييد الإصلاحيين والمعتدلين فى الوقت نفسه مما منحه شعبية لدى  الشارع الإيرانى. يأتى ذلك فى الوقت الذى لا يزال المرشحان الرئاسيان السابقان حسين موسوى ومهدى كاروبى قيد الإقامة الجبرية فى منزليهما منذ عام 2011، بينما يتعرض أبناؤهما للمضايقات وعمليات مداهمة لمنازلهم وإلقاء القبض عليهم ثم إطلاق سراحهم. أما النشطاء الساسيون الحقوقيون الذين يتحدثون عن تزوير انتخابات 2009 لصالح أحمدى نجاد فقد تم التخلص منهم فى السجون.
أما الحركة الخضراء التى دعت إلى تظاهرات 2009 واتخذت من اللون الأخضر الذى كان رمز حسين موسوى الانتخابى شعارا لها فقد تقلص دورها بعد هدوء الشارع الإيرانى وتحديد إقامة موسوى الذى وقف فى وجه المرشد الأعلى مطالبا بإعادة النظر فى مسألة ولاية الفقيه . النتيجة كانت تحديد إقامته دون محاكمة ودون توجيه أى اتهامات. لكن الحركة تواجه عدة مشكلات أهمها عدم وجود قيادة للحركة بعد تحديد إقامة موسوى وكاروبى.
المعارضة مجتمعة، سواء الحركة الخضراء أو المؤيدون لعودة الملكية والقوميون  اتفقوا على تشكيل مجلس وطنى فى باريس يكون رضا بهلوى نجل آخر شاه محمد رضا بهلوى هو المتحدث الرسمى باسمه. أما الأغرب فهو معارضة حسين الخومينى حفيد الإمام الخومينى لمبدأ ولاية الفقيه والدولة الدينية فى إيران واتحاده مع بهلوى فى لقاءات جمعتهما مؤخرا لتنظيم صفوف المعارضة وتوحيدها من أجل تحقيق مصلحة الوطن.
حسين الخومينى كان معارضا لجده فى الماضى ووقف إلى جانب أبوالحسن بنى صدر أول رئيس إيرانى بعد الثورة مهاجما جده واتهمه بعزل الرئيس من أجل فرض سيطرة الدولة الدينية مما أفسد علاقته بجده الإمام الأعلى السابق، والذى كان يعتبر حسين أول أحفاده وأقربهم لقلبه. عاد حسين الخومينى إلى إيران رغم التحذيرات من احتمال تعرضه للاغتيال نظرا لما يتمتع به من شعبية بين الشباب الذى طالما أعجب بقصص تمرده على عائلته فضلا عن انتقاداته المستمرة لنظام ولاية الفقيه فى إيران الذى وصفه مؤخرا بأنه أسوأ الديكتاتوريات فى العالم. وفى عام 2010 قرر الخومينى ترك إيران وتوجه إلى النجف بالعراق دون إبداء أسباب فى وقت كان الجميع يحذر من احتمال اغتياله لدعمه مير حسين موسوى فى الانتخابات الرئاسية عام 2009 و زيارته لأسر المعتقلين الإصلاحيين المفرج عنهم.
يطمح الناخب الإيرانى الذى عانى من الحكم الدينى إلى مرشح يسعى لتحقيق حرية التعبير و فصل الدين عن الدولة فضلا عن ضمان حقوق العمال المهدرة فى إيران. أما المرأة فهى على درجة عالية من التعليم والثقافة وتطالب أيضا بالحرية لكنها تخص نفسها ببعض المطالب منها على سبيل المثال جعل الحجاب اختياريا و الحق فى حضانة أبنائها .
أكثر من ثلاثين عاما قضاها الشعب الإيرانى تحت حكم الدولة الدينية التى غيرت أول ما غيرت الثقافة الدينية لدى الإيرانيين الذين يعانون اليوم من انتشار الإلحاد بين الجيل الجديد بعد أن فقد إيمانه بأهمية الدين فى حياته وبعد أن رأى فساد أصحاب العمائم وقمعهم للشعب باسم الدين. وفقا لإحصائيات إيرانية فإن أكثر من نصف الشباب الإيرانى لا يذهب لأداء صلاة الجمعة اليوم.أما الفتيات فلم ينجح الحكم الدينى على مدى الثلاثين عاما الماضية فى إجبارهن على ارتداء الحجاب الذى يرضاه الإمام، بل إن الجيل الجديد يستخدمن مستحضرات التجميل ويلبسن أحدث صيحات الموضةو الاحتفاظ بالحجاب  فى منتصف الرأس بحيث يظهر جزء كبير من شعرهن.
المثير أن الحكم الدينى فى إيران لم يقض على الفساد كما هو متوقع من حكام متدينين، بل إن إيران غارقة فى الفساد والجريمة. الفساد فى إيران يبدأ من فكرة الأهل والعشيرة ويصل إلى الفساد المالى. ويعتبر مجتبى خامنئى نجل الإمام خامنئى رجل الظل القوى الطامح فى خلافة والده ليكون مرشدا أعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وكان المتظاهرون فى موجة مظاهرات 2009 قد  هتفوا ضد مجتبى مؤكدين أنه سيموت دون أن يتولى منصبا فى بلادهم.
نوع آخر من التمرد جاء من خلال إبداع الروائى الإيرانى أمير سلطانى المقيم فى الولايات المتحدة شخصية افتراضية فى رواية كتبها بعد تظاهرات عام 2009 التى أعقبت الانتخابات الرئاسية التى شارك بها 80٪ ممن لهم حق التصويت أملا فى التغيير لكن النتيجة جاءت محبطة بفوز نجاد فخرجت المظاهرات التى انتهت بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من النشطاء والمعارضين والصحفيين. وكانت زهرة هى الملهمة للشعب الإيرانى بأن يكافح من أجل التغيير. فقدت زهرة ابنها خلال مظاهرات 2009 وتظل طوال الرواية تبحث عنه.
وتطل شخصية زهرة مجددا إلى المشهد السياسى الإيرانى ولكن اليوم كمرشحة افتراضية للرئاسة الإيرانية. الطريف أن النساء لايستطعن الترشح فى الانتخابات الإيرانية لكن الإيرانيين الراغبين فى التصويت لزهرة يمكنهم الدخول على أحد المواقع التى أنشئت خصيصا لكى يصوت الناخب الإيرانى افتراضيا بدلا من التصويت فعليا فى انتخابات لن تأتى بجديد. وكانت 30 امراة إيرانية قد تقدمت بطلبات للترشح إلا أن الطلبات رفضت جميعا بدعوى أن الدستور لا يسمح للنساء بالترشح.
تمرد الشباب الإيرانى وصل إلى تحدى المرشد الأعلى الذى منع اقتناء الكلاب فازداد إقبال الشباب على شراء الكلاب، بل إنهم يحرصون على التقاط الصور مع الكلاب ونشرها على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى غير عابئين بما قد يترتب على ذلك من  القبض عليهم لمخالفتهم أوامره.
أما الصحفيون فملاحقة النظام الإيرانى لهم تصل إلى حد تشويههم حتى بعد هروبهم إلى الخارج بعيدا عن القمع وطمعا فى حرية لا يجدونها فى بلدهم. ويبدو أن مصر أصبحت ملهمة فقد قرر النظام الإيرانى مؤخرا فبركة حسابات على شبكات التواصل الاجتماعى للصحفيين والسياسيين لبث شائعات وتشويه صورتهم وضرب مصداقيتهم. لكن كل هذا لا يمنع الصحفيين من التعبير عن آرائهم والمطالبة بالتغيير.
والسؤال هو هل ينجح الجيل الجديد فى إيران من انتزاع حريته التى فشل آباؤه فى انتزاعها؟ وهل ستعيد أى ثورة جديدة فى إيران نظام الشاه من جديد؟ هل سيوافق الإيرانيون على عودة عائلة الشاه التى ثاروا ضدها إلى الحكم؟.