صراع البقاءبين الرئاسة والدستورية!

وفاء شعيرة
صراع بقاء اشتعل بين الرئاسة والمحكمة الدستورية العليا بعد حكم حل الشورى مع البقاء المشكوك فى شرعيته بسبب ظهيره الدستورى الضعيف.. ونحن فى انتظار من سيضرب الضربة القاضية فى النهاية، الحلبة التهبت فى وقت توقع فيه البعض إنهاء المواجهات بعد حكم «الدستورية»، والمستمرة منذ رفض رئيس الجمهورية بعد إعلان فوزه أن يحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية وحصار المحكمة من قبل التيارات الإسلامية ووضع نص بالدستور الجديد بتقليص عدد أعضاء المحكمة بعد إخراج المستشارة تهانى الجبالى من تشكيل المحكمة بدون أن نعرف السبب القانونى وراء هذا التقليص.
تطورت المناوشات بإعلان بعض من أعضاء مجلس الشورى وفور حكم الدستورية بحل المجلس بأن هناك تعديلاً لقانون المحكمة الدستورية للحد من دورها وأحقيتها إصدار أحكام ترتقى إلى الإلزام بالتنفيذ، والبعض نادى بحل المحكمة الدستورية عن طريق استفتاء شعبى، والآخر أكد أن هناك سعيًا لإنشاء مجلس دستورى يتكون من قضاة ومستشارين ومحامين مهمته البت فى المسألة الدستورية بعيدًا عن المحكمة الدستورية.
التيارات الإسلامية وبعض رجال القضاء والمحامون وقفوا إلى جوار مجلس الشورى مؤكدين أن حكم الدستورية العليا أعطى حصانة قوة البقاء للمجلس بالإضافة إلى حصانتها من الدستور مما يحق لها معه الاستمرار فى إصدار التشريعات وزاد من قوة مجلس الشورى بيان رئاسة الجمهورية فور الحكم.
فى المقابل هناك الكثير المؤيد للمحكمة الدستورية وأحكامها مؤكدين على ضرورة حل مجلس الشورى، لأن الحكم أكد على حل المجلس إلا أن المادة 23 من الدستور الجديد، وهى التى أصدرت وقت حصار الإسلاميين للمحكمة الدستورية حتى لا يستطيع قضاتها حل الشورى! لحين الانتهاء من الانتخابات النيابية وإذا كانت المحكمة أعطت للشورى قبلة الحياة والبقاء، إلا أن هناك قاعدة دستورية وقانونية وعرفية تؤكد أن ما بنى على باطل فهو باطل، ولجأ كل من مبروك حسن وشحاتة محمد شحاتة المحاميين اللذين حصلا على حكم الدستورية بحل مجلس الشورى إلى إقامة دعوى منازعة أمام المحكمة الدستورية الأربعاء الماضى مطالبين المحكمة بإصدار حكم دستورى بإلزام رئيس الجمهورية بحل الشورى لأن حكم الدستورية إذا كان أرجأ التنفيذ إلى ما بعد الانتخابات النيابية فإن هذا الإرجاء مخالف للمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية الذى أعطى للمحكمة حق إرجاء تنفيذ الأحكام بتاريخ محدد، وهذا ما لم ينص عليه الحكم، فالحكم لم يحدد تاريخًا بعينه ومحددًا لتنفيذ الحكم.
المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة استئناف بالإسكندرية قال لنا: أى محاولات لإلغاء المحكمة الدستورية عن طريق الدستور الحالى أمر يصطدم مع عوائق دستورية أهمها أنه يلزم تعديل الدستور ووجود مجلس نواب إلى جوار مجلس الشورى للموافقة على إجراء التعديلات ثم طرحها للاستفتاء الشعبى، وبالتالى فإن ما يشاع عن تعديل الدستور لإلغاء المحكمة الدستورية مجرد آراء سياسية ليس لها سند من الواقع الدستورى.
أما ما يثار فى الشارع السياسى من إجراء استفتاء وليس تعديل على الدستور لحل المحكمة الدستورية وذلك عملاً بسلطة رئيس الجمهورية المقررة بنص المادة 150 من الدستور الحالى والتى منحته الحق فى إجراء الاستفتاء على الأمور التى تتعلق بالمصالح العليا للبلاد هو أمر غير مقبول دستوريًا، لأن إنشاء المحكمة الدستورية كانت بموجب الدستور الصادر فى عام ,2012 والذى أكد على وجودها واستقلالها وأن ذلك الاستفتاء يعد فى جوهره بمثابة تعديل للدستور ويلزم بشأنه اتباع القواعد اللازمة لتعديله وأهمها وجود مجلس نواب وهذا غير قائم حاليًا، فضلاً عن أن مسألة إلغاء المحكمة الدستورية لا تعتبر من الأمور المتعلقة بالمصالح العليا للبلاد فى وقت تسعى فيه نحو ترسيخ مفاهيم إعلان سيادة القانون والتى يلزم معها وجود رقابة دستورية على ما يصدره البرلمان من تشريعات أسوة بسائر الديمقراطيات الحديثة.
د.شوقى السيد الفقيه الدستورى قال لنا: صراع الدستورية والشورى هو صدام بين السلطات وصراع بين السلطة التنفيذية بقيادة رئيس الجمهورية الذى يريد الانقضاض على السلطة القضائية والمحكمة الدستورية العليا وهو ما يعنى أننا فى دولة ديكتاتورية، فالرئيس يرفض أن تكون هناك دولة سيادة قانون وهذا مؤشر خطير، فالصراع ليس هو الأول والأخير، وإنما هو مسلسل من الصدامات بدأت منذ تولى الرئيس محمد مرسى رئاسة الجمهورية سواء فى حصار المحاكم أو التعدى على هيبة القضاء وبث سموم الإساءة لسمعة القضاء ولا يمكن أن ينتظر مهما كانت قوته.
ويقول السيد: أنا أتوقع أن القوى التنفيذية ومجلس الشورى إذا لم تتمكن من السيطرة على السلطة القضائية ستحدث صدامات كثيرة فى المرحلة القادمة ولكن لابد أن نعلم أن هناك قوى شعبية الآن أدركت ما يحدث وهبت لحماية الدولة وسيادة القانون والحفاظ على الهوية، فمصر الآن كلها حرائق فى كل مكان وآخرها الأوبرا والفن الراقى والذى ارتضى للأوبرا أن تترك السياسة وتتفرغ للفن لم يترك لحاله وإنما بث فيه الحريق لإخراسه ولكن فى النهاية لابد أن نعلم أن الحق سينتصر وستنتصر المحكمة الدستورية العليا لأن الحق لا بد أن ينتصر على القوى.
د.محمد الشحات عضو اللجنة المركزية القانونية بحزب الحرية والعدالة قال لنا: لا أعتقد أنه مطروح فى الشورى ولم يطرح فى حزب الحرية والعدالة، فنحن فى لجنة الشئون القانونية بالحزب لم يطلب منا استطلاع مشروع قانون وإعداد مذكرة عن إلغاء المحكمة الدستورية أو ما يثار الآن لعرضه على هيئة مكتب الحزب ليقوم الحزب بتقديمه لمجلس الشورى من خلال أعضائه بالمجلس.
وأكد الشحات أن كل ما يقال عن المحكمة الدستورية غير صحيح، لأن المحكمة الدستورية كيان دستورى منصوص عليه فى الدستور ولا يمكن أن نفكر فى حله، أما كون قانون المحكمة الدستورية محتاجاً لتعديل فهذه سلطة مجلس الشورى نفسه، وعلى العموم، فإن قانون المحكمة الدستورية يجب أن يعدل طبقًا للدستور الجديد الذى حدد عدد أعضاء هذه المحكمة وطريقة انتداب القضاة لها.
وكذلك قانون السلطة القضائية يحتاج إلى تعديل بالنسبة لسن القضاة وطريقة تعيين النائب العام، وإلغاء انتداب القضاة لجهات ووزارات وهيئات الدولة المختلفة بطريق التعيين فى النيابات والهيئات القضائية فيجب التعديل فى قانون السلطة القضائية بحيث يكون التعيين فى النيابة وأى هيئة قضائية للأجدر والأكثر كفاءة والأعلى درجات وتقديرًا فى ليسانس الحقوق بغض النظر عن أن والده يعمل مستشارًا أو وزيرًا أو خفيرًا أو عاملاً أو فلاحًا بشرط ألا يكون متهما فى جريمة مخلة بالشرف.
وأكد الشحات أنه ليس هناك صراع بين مجلس الشورى والمحكمة الدستورية العليا الآن، وإنما هو اختلاف وجهات النظر، فالدستور أعطى لرئيس الجمهورية والحكومة وأحد أعضاء مجلس الشورى الحق فى التقدم لمجلس الشورى لتعديل أى قانون مثل قانون السلطة القضائية وإلزم الدستور استطلاع رأى الجهة أو الهيئة التى سيتم تعديل قانونها فى القانون وبالتالى فإن مجلس الشورى سيرسل مشروع تعديل قانون السلطة القضائية للمجلس الأعلى للقضاء لأخذ رأيه.
ولكن فى النهاية سيكون صاحب القرار فى إصدار القانون هو مجلس الشورى باعتباره السلطة التشريعية المختصة بإصدار القوانين، وأكد الشحات أنه لا يجوز أن تجبر السلطة القضائية مجلس الشورى على تعديل قانونها كما تريد تماما مثلما لا يجوز لمجلس الشورى أن يتدخل فى أى حكم تصدره أى محكمة وذلك طبقًا لاحترام مبدأ الفصل بين السلطات، فلا يجوز أن تتدخل السلطة القضائية فى عمل السلطة التشريعية.
المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقًا قالت لنا: ليس هناك صراع بين السلطة التنفيذية وبين المحكمة الدستورية، فالمحكمة تؤدى دورها الدستورى الذى كفله لها الدستور، وإنما يمكن أن نقول أن هناك صراعا بين المجتمع وبين الجماعة تحاول اختراق وابتلاع كل مؤسسات الدولة لإدخالها فى بيت الطاعة الإخوانى.
وقالت «الجبالى»: كلمة الصراع تقال على الفرقاء السياسيين وهنا لا يجوز أن نقول أن هناك صراعًا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وبين المحكمة الدستورية والقضاء المصرى، وإنما نقول إن المحكمة الدستورية والقضاء هما جزء من المعارك التى تخوضها الجماعة للسيطرة على كل جزء من مصر والمحكمة والقضاء جزء من هذا الوطن.
وأضافت المستشارة: إذا كانت المحكمة الدستورية العليا صامتة تجاه ما يحدث على عكس باقى الهيئات القضائية لأن المحكمة يمكن أن تعرض عليها قضية مما يحدث الآن وعليها أن تحكم فيها وبالتالى لا يجوز لها أن تدخل فى هذا الصراع وتقول رأيها، وفسرت الجبالى السر وراء الهجوم الشرس الدائم على المحكمة الدستورية لأن المحكمة هى المرجعية القانونية وهى التى تنتصر دائمًا لدولة القانون، وهناك مخطط ممنهج للقضاء على دولة القانون ولكن فى النهاية بالتأكيد سوف تنتصر دولة القانون لأن الدولة المصرية ومن ورائها الشعب المصرى كله دائمًا ينتصر للقانون.