الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل مجتمعنا متدين أم متــــــدن؟!

هل مجتمعنا متدين أم متــــــدن؟!
هل مجتمعنا متدين أم متــــــدن؟!


كما أخرجت ثورة يناير أحسن ما فينا كمصريين خلال الـ18 يوما فهى أيضا أخرجت أسوأ ما فينا عقب الـ18 يوما.. هذا الكلام من شاب ثورى «لا فلولى ولا إسلامى ولا إخوان».. نناقش معكم قضية مثيرة معظمنا يراها ويتابعها بل ويشارك بها دون قصد.. أزمة حرية التعبير والنقاش فى مصر التى غالبا ما تحتوى على ألفاظ «إباحية» أو «أبيحة» بالبلدى بين اثنين، سواء كانوا فتيات أو أولادا، بل حتى إن الدلالة على القرب فى العلاقة أصبحت مرتبطة بمدى فظاظة وسفالة الشتائم والسباب، بالأم والأب فيما بين الأصدقاء!!

 

 
 
 
 
 
 
 
ومن منطلق الرصد والتحليل سيكون هذا التحقيق الكاشف والصادم أيضا لمن هم فى سن الخمسين، أما من هم دون الـ30 فسيضحكون على ما أكتب وسيتهكمون عليه، فنحن فى أيام تحول فيها «العفاف» خطأ.. والإسفاف مثال يحتذى!.. وأيام يسب فيها مدعو الطهارة من الإسلاميين والإخوان الدين! ولكن سأضع شرطا لطيفا عاما قبل أن تكمل القراءة فى هذا التحقيق يحتوى على ألفاظ تخدش الحياء.. من فضلك اقلب الصفحة أو استمر فى القراءة إن كنت تريد!!ى مجتمعنا ظهر تعبير غريب للاعتراض أصبح مشهورا بين الشباب والشابات، الكبار والصغار، والفضل لمروج التعبير «أحمد مكى» عندما قالها فى فيلم «إتش دبور» وهو «إيه سفن إيه - A7A».. لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل امتد فى عدة أفلام تتحدث عن «التعريض»، وتردد ألفاظا وإيحاءات من نوعية «معرض»؟!.. وطبعا مفهوم المقصود منها، وكان آخر من ردده «أحمد حلمى فى «على جثتى».
بعد أيام من عرض فيلم «مكى» أصبحت «A7A» حاجة عادية بين الشباب والشابات لاتساع مجال المداعبات بينهم به إلى حد يمكن فيه التلفظ وبكل سهولة بكلمة بسيطة من هذه النوعية التى كانت نابية وأصبحت عادية جدا!!
أصبح من لا يقول «A7A» فى نص الكلام مش «Cool» وأصبحت الفتاة التى لا تقول «A7A» متخلفة آمال يعنى هتقول مثلا «أنا حقا أعترض»!! وحتى من كن نماذج للحياء أصبحن يرددنها، بل وتعلن اختصار «أنا حقا أعترض» الذى كان متداولا على لسان الطبقات المسفة فقط!.. بحجة ضغوط الحياة سياسيا وشخصيا!.. بل والإبداع أحيانا!
وكان لروابط الألتراس دورا مهم فى هذه الظاهرة، وأصبحت شعارات الألتراس تدوى أرجاء الميدان، اخترنا منها أكثر الهتافات حياء «مش ناسين التحرير يا ولاد الوسخة».. الثورة كانت بنسبالكم نكسة.. هنروح ونقول لمين.. ناس معرصين.. أخدتوا علقة مخدتوهاش من سنين»!!
ليست الأزمة فى التحول الإباحى لأى نقاش، فقبل  الثورة كانت تجمعات الشباب على المقاهى تدور عن الـ«SEX» والشتائم وسب الدين، وكان أيضا الجنس الذى كان ناعما تدور أحاديثهن الداخلية عن الأمور الداخلية، وما أدراك ما الداخلية، ولكن الأزمة ظهرت عندما تحولت تلك النقاشات على عينك يا تاجر حتى وصل الأمر «للفيس بوك».. فأصبحت 90٪ من status الشخصية لنا لا تخلو من لفظ إباحى، سواء على شكل اعتراض أو حتى نكت!!
ثم جاء باسم يوسف ليزيد شهرة هذا الأسلوب المسف، ليضع قاعدة عامة جديدة، وهى أن الحديث فى الأمور ذات الإيحاءات الجنسية على شاشات التلفاز أمر عادى جدا، وكان هذا جليا فى حلقته مع نيكول سابا وتحديدا فى فقرة «ارفع رأسك فوق.. إنت مخصى».. والتى تناولت ظاهرة التحرش الجنسى فى إطار الاحتفال بيوم المرأة العالمى، وبخلاف عبارات من نوعية ثورات الكلوتات وغيرها من الإيحاءات التى يستغلها الإسلاميون للهجوم عليه وضرب جهده من مقتل!
والآن فى ظل حكم الإخوان كانت المعارضة على الحوائط تحتوى على ألفاظ بذيئة، تملأ جدران ميدان التحرير على حساب الجرافيتى الذى تقلص فقط على حائط شارع محمد محمود، بعد أن حلت محله الألفاظ المعترضة ضد الإخوان، وقال البعض إنها حالة ثورية للمجتمع وخروج استثنائى عن القيود، وكأنها عوارض سلبية لظاهرة فى نهايتها إيجابية، ورفضوا قبول فكرة تقليد الغرب فى اللهجة المسفة فى النقاش كالأمريكان والإنجليز!
أما الشتائم إذا كتبت على status على «الفيس بوك» فهى نوع من الفضفضة بدل ما تمسك واحد فى الشارع تفتح دماغه من كتر الغيظ الداخلى، طبعا مش بقول إن ده صح بس للأسف الأوضاع صعبة والناس مش قادرة تستحمل خلاص حتنفجر!!
سارة الدسوقى مراسلة تليفزيونية تقول: من قبل الثورة كانت هذه هى مصطلحات الشعب ولكن من تحت لتحت وبعد ما حصلت الثورة أصبحت الشتيمة أمرا عاديا وأنا أتذكر أول مرة إحدى صديقاتى قالت لى «A7A» وشى أحمر، أما الآن فأصبحت مثل السلام عليكم وهو أمر طبيعى ليس تقليدا للغرب ولا قلة أدب ولا حتى حرية، وإنما أمر طبيعى ولكن لأنه جديد على مجتمعنا فمازال البعض يندهش من ذلك!

 
أما آية رفعت فقالت: المشكلة تكمن فى فكر المجتمع، فكل مجتمع يفكر ويفسر معنى الحرية على مزاجه الشخصى فلدى البعض تعنى الخروج عن المألوف والمسموح، فكما تربينا أن الشتيمة عيب، إذن تصبح من الحرية أنى أستخدم الشتيمة فى كل جملة وحتى الحرية فى الكلام أو الآراء السياسية تفهم خطأ والكلام فى الجنس ده تفسير معين لنوع الحرية لدى الشباب، خاصة أننا تعلمنا من الأجيال الأكبر سنا أن الكلام الجنسى غلط، أما نحن كشباب وبنات وولاد نتحدث فى الجنس لأننا لا نستطيع الوصول إلى الزواج نفسه لصعوبته وبالتالى أصبح الحديث فى الجنس بديلا!
أما الثورة فهى بريئة من هذا الاتهام فليس للبجاحة فى الحديث دخل فى الحرية السياسية لأننا فى ظل النظام السابق لم يكن موجوداً نوع من الرقابة أو التوجيه، ولكن الفارق الآن هو شعور الجيل بالانفراط والحرية المغلوطة فأصبح الشباب يتحرشون بالفتيات من منطلق الحرية وأصبح المواطن يستخدم السلاح أيضا من منطلق الحرية المغلوطة.
إسلام تومى قال: الموضوع ده فعلا انتشر بعد الثورة خصوصا بين البنات وبعضهن وأغلبية الكلام والشتائم إللى بيتقال تحت بند الحرية الشخصية بالنسبة للألفاظ مثل «A7A» وهتافات الأولتراس أصبحت موضة ليس لأنها تقال ولكن لأن البنات يرددنها بشكل مبالغ فيه، أما عن رأيه أنه لن يتزوج من فتاة تستخدم ألفاظا أبيحة فقال «لا طبعا إحنا هنقول ألفاظ أبيحة وإحنا فى السرير مع بعض!!
البعض اعتبر هذا ليس غريبا فى مجتمع يدعى أنه متدين، ونطاق العلاقات الخاصة والإلحاد يزيد فيه، والعلاقات الإنسانية السوية تنهار! وكأننا فى زمن فتنة حقيقى فى واحدة من علامات يوم القيامة!!
رشاد عبداللطيف أستاذ علم الاجتماع قال لنا: إنه لا يرجع هذا التغير فى السلوك إلى الثورة ولكن هذا الاختلاف ناتج عن غياب دور الأسرة فى التربية كما أن البيئة المحيطة تشكل عاملا أساسيا فى هذا التحول، ولا ننسى أيضا أن الإعلام شارك فى صنع هذا التحول الخطير، فقديما كنا نستحى أن نقول «السح ادح امبو.. ادى الواد لابوه» دلوقتى أصبحنا نقول يابن.. داخل شاشات التلفاز ويابن المرة أصبحت كلمة عادية جدا.

 
أيضا الشلل والأصدقاء على المقاهى يتحدثون فى كلام متجاوز للغاية ثم يعودون لبيتهم محملين بهذا الكم من الألفاظ والمصطلحات الجديدة، أما عن الحياء فهو اختفى بنسبة 60٪ والحياء شعبة من شعب الإيمان ولكن مازال 40٪ من المصريين يتمتعون بالحياء فى القرى والريف.
وعن دور الألتراس فى تنمية تلك الظاهرة، فقال: إن العقل الجمعى هو الذى يحرك هذه الألسنة فمثلا يردد المتظاهر تلك الألفاظ فى المظاهرات والمسيرات ولكن إذا كان منفردا فلن يتفوه بتلك الألفاظ النابية، وبالتالى  العقل الجمعى هو من يحركهم وإحنا تراثنا إللى بقاله 7000 عام سيعود من جديد وستعود القيم والأخلاق لأننى متفائل بأن تلك الموجة التى أصابت مصر ستزول تدريجيا.
أما قدرى حنفى - أستاذ علم النفس - فاختلف مع د. رشاد تماما، حيث قال لنا: طول عمر جيلى بيشتم، وأتذكر كيف كان يهان عبدالناصر من خلال النكت السياسية، وهناك إهانات واضحة لكل زعماء العالم لكن حجم انتشارها كان محدودا نتيجة عدم وجود إنترنت أو وسائل للاتصال متعددة كما هو الحال الآن، وبالتالى كان من الممكن السيطرة على الشتائم من خلال منعها فى الإذاعة على سبيل المثال، ولكن الآن لا أحد يستطيع منع أى شخص من التعبير عن رأيه حتى وإن كان حادا أو جارحا على «الفيس بوك» مثلا.
كما أن الشتائم والألفاظ النابية تأخذ معانى مختلفة بالسياق الاجتماعى، فمثلا الأصدقاء يشتمون فيما بينهم ليس بقصد الإهانة وإنما بقصد رفع الكلفة بينهم.
أما تحليل تلك الظاهرة من منظور علم النفس السياسى فلا يوجد قاموس شعب خالياً من الشتائم والسباب أيا كانت لغته وأحيانا تكون الشتيمة الجارحة فى مجتمع معين لفظا عاديا فى مجتمع آخر مثل كلمة «عاهرة» مثلا ففى مصر هى إهانة شديدة أما فى أمريكا فهى أمر طبيعى، ويجب علينا أن نأخذ الأمور ببساطة وألا نعطى الأمور حجما أكبر من حجمها وأنها ظاهرة عادية ولكن ليست جديدة أو اتسع انتشارها!!