الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خديعة النهضة النووية والعلمية !

خديعة النهضة النووية والعلمية !
خديعة النهضة النووية والعلمية !


عندما تضيع أحلام المصريين فى إرساء نهضة علمية ترتقى بالوطن فذلك يعنى ردة إلى عصر التخلف.. حلمنا بالتكنولوجيا النووية ومحطات كهرباء عملاقة.. حلمنا بأبحاث علمية تنقذنا من الأزمات بعد الثورة فامتدت الأيدى لتدفن هذه الأبحاث فى مقابر أرشيفات مراكز البحوث والجامعات.. حلمنا باستخراج الثروات المعدنية «ثروات مصر الحقيقية» وملجأها الوحيد لتحقيق التنمية والنهضة فوضعت العثرات عن عمد أو عن إهمال أو عن جهل ليظل تحقيق هذه الثروات مجرد أحلام لا تتعدى الخيال ؟!
 
 بدأ حلم المشروع النووى فى الستينيات بإنشاء هيئة الطاقة الذرية ومفاعل أنشاص،  وتم تحديد إقامة أول محطة فى سيدى كرير بطاقة 150 ميجاوات ذات استخدام مزدوج لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر بمعدل 20 ألف متر مكعب فى اليوم وتوقف المشروع نتيجة نكسة 1967 مع استمرار جهود وأبحاث هيئة الطاقة الذرية.. وأعيد التفكير فيه مرة أخرى بعد انتصار أكتوبر، فتقرر إقامة 8 محطات نووية وإنشاء هيئة المحطات النووية وتخصيص مساحة 50 كيلو مترا فى منطقة الضبعة بطول 15 كم  وعمق 3 ك.. وتعاظم الحلم النووى  بدراسات  إمكانات مساهمة التصنيع المحلى فى بناء المحطات النووية وثبت أن هذا التصنيع يمكن أن يسهم بنسبة عالية فى تصنيع المحطات.. كما نشطت هيئة المواد النووية فى عملية مسح جيولوجى واسع لصحراوات مصر عن إمكانات وجود اليورانيوم  انتهت إلى إمكانية استخلاص اليورانيوم الذى يتوافر بكميات هائلة فى  الطريق بين قنا وسفاجا وأسوان، بما يمكن الحصول على 45 طن سنويا من خام اليورانيوم.
ووجه المشروع  النووى بمعارك دامية من القوى الخارجية لتعطيل البرنامج..  حتى وقعت حادثة تشرنوبل ليتوقف الحلم مرة ثالثة.. ومع استشراق نضوب  الوقود الأحفورى فى بداية التسعينيات لنستعيد البرنامج مرة، ولكن للأسف هجر عشرات العلماء المرموقين فى الطاقة الذرية إلى الخارج وأصبحوا من عمالقة الطاقة الذرية فى العالم.. وتم إعادة تقييم منطقة الضبعة وثبوت أفضليتها لإقامة 8 محطات نووية وسرعان ما انقلب الحال بصراع دام بين رجال الأعمال وأصهار مبارك لتحقيق حلم زيادة ثرواتهم بإبادة المحطات النووية وإقامة قرى سياحية، حتى أتت ثورة 25 يناير لتحيى  الآمال فى سرعة إقامة المحطات النووية.
 د.إبراهيم العسيرى - خبير الشئون النووية وكبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية - أكد أنه لا توجد إرادة سياسية قوية لتنفيذ المشروع النووى.. وبذلك يتم الخضوع إما للمصالح الخارجية أو رجال الأعمال أو الخضوع للأهالى.. أو الخوف من الاضطرابات أو عدم الاهتمام بالتنمية قدر التمكين.. كل هذا مجتمعا أو منفردا كفيل بالقضاء على الحلم النووى الذى نتباكى عليه اليوم بعد أزمة الطاقة الآن.. فالمحطات النووية الثمانى كانت ستولد 13 ألف ميجاوات، أى ما يقارب نصف قدرات الشبكة الكهربائية.. ولو علمنا أن استيراد وقود محطة ألف ميجاوات يكلفنا ألف مليون دولار سنويا فى نفس الإطار نجد أن المحطة النووية الواحدة التى تنتج ألف ميجاوات تتكلف 40 مليون دولار..
 

 
 ويمكن ببناء 8 محطات نووية توفير 80 مليون دولار، أى قيمة محطتين.. أى مع كل سنة تأخير نخسر ثمن محطتين - كما أن كل شهر تأخير فى المحطة النووية يكلف مصر نحو مليون دولار بسبب فرق تكلفة الوقود النووى عن تكلفة السولار أو الغاز الطبيعى.. ويضيف العسيرى: إن هذا التأخير قد أضاع علينا خبرات وكوادر هاجرت للخارج أو شاركت فى بناء المحطات النووية المزمع إقامتها فى الإمارات المتحدة والسعودية.
 أما عن تدهور وانهيار البحث العلمى فيقول د. «هانى الناظر» رئيس المركز القومى للبحوث السابق ومؤسس نقابة علماء مصر: إن غياب النهضة العلمية فى مصر نتيجة غياب استراتيجية للبحث العلمى هذه الاستراتيجية كانت لابد أن تضع برنامجا زمنيا مدته عشر سنوات تشمل تحديد ميزانية مميزة للبحث العلمى لو علمنا أن ميزانية مصر 02,0٪ فى البحث العلمى من ناتج الدخل القومى.. فى حين ميزانية إسرائيل 5٪ من ناتج الدخل القومى.. ولو علمنا أن وزارة الدولة للبحث العلمى أنها أساسا وزارة دولة وليست وزارة قوية  ويعتبرونها وزارة مجاملات.. ولو علمنا كم الإهمال للعلم والعلماء وإغفال هيكلة البحث العلمى وميزانيته ورغم هذا الإهمال المتعمد للبحث العلمى فى مصر. فالمراكز البحثية والجامعات تضم أبحاثا يمكن أن تقضى على أزمات خطيرة نعيشها الآن.
 الناظر  أضاف : ألا يعلم صناع القرار فى مصر  الآن أن أزمات الطاقة والمياه ورغيف الخبز لها حلول فورية لو تم تطبيق الأبحاث التطبيقية التى  أجريت.. ففى مجال رغيف الخبز قام المركز القومى للبحوث بتجربة صناعة رغيف خبز يتكون من 75٪ دقيق قمح و25٪ دقيق شعير، وتوصلنا لرغيف عالى القيمة  يمنع الإصابة بالعديد من الأمراض.. وبالبحث الحقلى تأكد  إمكانية زراعة الشعير غرب الفيوم بجوار البحيرة العذبة هناك فى أراض صحراوية رملية بتجربة زراعة 25 فدان شعير ينتج الفدان 12 أردبا وثبت أنه يمكن زراعة 35 ألف فدان شعير.. هذه الأبحاث موجودة وللأسف لم يؤخذ بها.أما بالنسبة للطاقة فنحن لدينا فى المركز قسم بحوث الطاقة الشمسية وكلها بحوث متميزة يمكن تطبيقها عن طريق وزارة الإنتاج الحربى أو الهيئة العربية للتصنيع لإقامة محطات توليد من الطاقة الشمسية يمكن تعويضنا عن نقص الوقود  وتصدير الطاقة الشمسية للخارج !
  أما عن حلم الثروة المعدنية فيشير د. «على بركات» الخبير الجيولوجى إلى أنها أكثر ما تملكه مصر من ثروات ويمكن أن تحقق نقلة اقتصادية إذا أحسن استثمارها، فهناك مئات من مراكز التعدين فى الصحارى  المصرية يمكن بها إنشاء مصانع لتصنيع  مستلزمات المجتمع والمنطقة العربية، ويمكن إقامة مجتمعات عمرانية حول المراكز الصناعية التى تقام لتصنيع المواد الخام، يمكن أن تستوعب نسبة كبيرة من الأيادى العاملة.. وكان يمكن ربط خطط الدولة بالثروات المعدنية المصرية، بحيث توجه الدولة عنايتها لهذه المشروعات.. فهناك مئات من الدراسات الجيولوجية لم يتم تطبيقها.. رغم أنه قد أنفق كثيرا على البنية التحتية فى الصحارى وتتمثل فى الطرق الممهدة وهى كافية فى الوقت الراهن ولا تحتاج إلى ممرات.. كما أن هناك خطوط سكك حديدية غير مفعلة ولا تعمل بكامل طاقاتها كخط الواحات البحرية. الوادى الجديد - الصعيد والبحر الأحمر، وهذه الخطوط أقيمت خصيصا لنقل الخامات المعدنية لمراكز التصنيع أو موانئ التصدير.
 «بركات» أوضح : إن الصحارى المصرية تضم خامات متنوعة يصعب حصرها فهناك ملايين الأطنان من الحجر الجيرى والطفلات والبازلت والرمال البيضاء وكلها قابلة للاستخراج  وصالحة لقيام صناعة مواد البناء والمخصبات الزراعية ومنتجات حفر الآبار وصناعة السراميك وصناعة الزجاج.. وهناك ملايين الأطنان  من الفوسفات والحديد والجبس وخامات التيتانيوم والألومنيوم والمنجنيز والفحم والكوارتز.. وآلاف الأطنان من الكبريت والنحاس..بخلاف أطنان الذهب فى أكثر من 100 منطقة بالصحراء الشرقية. كل هذه الخامات وغيرها صالحة لقيام منظومة متكاملة من وحدات  التصنيع.
 أما فى سيناء التى لم تنل قضية التنمية ضرورة حتمية فيمكن من خلالها قيام نهضة شاملة.. لأن تلك البقعة تمتلك الفحم والكبريت فقد أضاع سوء الاختيار إقامة مدن صناعية حضارية فى المناطق التى يسكنها الآن ما يسمون أنفسهم «الجهاديين».. ففى شمال سيناء توجد مقومات التنمية كاملة غير منقوصة منها فحم المغارة التى أثبتت دراسات وجود رواسب اقتصادية باحتياطى جيولوجى  يبلغ 50 مليون طن من الخام.. وكان من المقرر بعد استعادة سيناء استخراج 21 مليون طن من الفحم، ومع ذلك لم يستمر العمل بالمشروع لأسباب غير  معلومة.. كما تعد رواسب الكبريت فى شمال سيناء من أهم مناطق الكبريت فى مصر تم  اكتشافها فى منطقة وكلا شرق مدينة العريش عام ,1978 وتم تقدير  إجمالى احتياطى الخام بنحو مليون طن نصفها قابل للاستخراج، لكن وقفت إمدادات الطاقة عائقا أمام استغلال خام الكبريت.
وهكذا تآمر على تنمية شمال سيناء الاحتلال الإٍسرائيلى بتدمير منجم فحم المغارة وإيقاف عجلة التنمية فى الستينيات والسبعينيات ثم تآمر عليها الفاسدون عندما أعادوا تشغيل  المنجم ليحققوا بدلا من التنمية خسائر فادحة  ثم إغلاق المنجم على أثرها.. وكنت آمل بعد الثورة أن يعاد تشغيل المنجم لسد العجز فى إمدادات الطاقة لتشغيل مصانع الطوب الطفلى بدلا من السولار والغاز وتشغيل محطات توليد الكهرباء القابلة لاستخدام الفحم والبدء الفورى فى استغلال الكبريت وإقامة منطقة صناعية فى المنطقة الحدودية.لكن يبدو أن فى مصر أموراً أهم من هذا وذاك.