السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الصوفية على مفترق الطرق

الصوفية على مفترق الطرق
الصوفية على مفترق الطرق



 
 
 
 
 
إذا كانت مساندة الأزهر والدفاع عنه والتضحية لآخر نقطة دم من أجله هو الشاغل الرئيسى الآن لجميع أبناء الصوفية بلا استثناء رغم اختلاف طرقها ومريديها - من أجل الحفاظ على وسطية الدين الإسلامى داخل مصر والتصدى لأية محاولات تشدد أو تطرف دينى قد يجلب الفتن الكبرى التى ستدمر البلاد.فالتساؤلات التى يطرحها البعض فى هذا الإطار، هى: ما مدى فاعلية السلوك الصوفى  فى التأثير على المشهد السياسى المصرى؟ وهل تمتلك الصوفية برنامجاً سياسياً تتحمل بموجبه عبء الاضطلاع بهذه المهمة خاصة وقد يصف البعض دورها بأنه عادة ما يأتى كرد فعل لسلوك التيارات الإسلامية الأخرى!!
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
أجاب عن هذه التساؤلات بشكل مباشر عصام محيى الدين الأمين العام لحزب التحرير المصرى قائلا: نحن أكثر الأحزاب نشاطا الآن على الساحة السياسية، ويسعى الحزب الآن  لوضع برتوكول جاد مع عدد من الحركات السياسية، للتعاون من أجل تكوين جبهة سياسية جديدة لا تحكمها أى اختلافات أو مصالح وهدفها جمع شمل البيت المصرى  قد تكون بديلاً لجبهة الإنقاذ على الساحة السياسية فى الفترة المقبلة.

وأَضاف: إن الحزب الذى يضم رموز الطرق الصوفية كالطريقة العزمية وأتباعاً من الطرق البرهامية والرفاعية أصبح له نشاط قوى مما دفع العديد من الحركات السياسية وغيرها للانضمام إليه فى الفترة الأخيرة كحركة أقباط من أجل مصر وحزب العسكريين المتقاعدين تحت التأسيس، وأن هناك خطوات مدروسة بعيدة عن وسائل الإعلام يتم التحرك فيها لإنشاء جبهة قوية تخلق روحا جديدة من التغيير ونبذ حالة اليأس والتراخى السياسى الذى ساهم فيه الأداء المتذبذب وغير الموحد لجبهة الإنقاذ الوطنى.
 مشيرا إلى أن المؤتمر الأخير للحزب فى البحيرة بمجمع دمنهور للاحتفاليات (مجمع مبارك سابقا) كان بداية مؤثرة للغاية وحضره رموز من العمال المصريين، تم تكريمهم وكان له خطابه السياسى الواضح الذى عبر عن الرؤية السياسية للصوفية على الساحة .وأن المؤتمر القادم للحزب سيبدأ بالغربية وسيكون بداية للتحرك الجماعى وسيتبعه العديد من المؤتمرات الشعبية أيضا فى كفر الشيخ ثم قنا، لإعادة الثقة من جديد للشارع المصرى وعدم الاستسلام لحالة التراخى وقبول الأمر الواقع ومحاولة لتوحيد التيارات لإنقاذ البلاد .
وشدد عصام محيى الدين على أن الطرق الصوفية التى لها مواقف واضحة سياسيا: كالطريقة العزمية والشبراوية والشرنوبية ترى أن أداء جبهة الإنقاذ أداء فاشل وأنه حتى الآن لم يؤد إلى شىء على الساحة السياسية أو يخدم البلاد، وأن الجبهة مؤشرها السياسى غير مستقر ولا يوجد لها أداء موحد وإنما تعانى الآن حالة من الانكماش والبعد.وأن الفترة الماضية لم تكن انقساما للصوفية بين عمرو موسى وأحمد شفيق وإنما حالة مؤقتة بسبب الانتخابات، كانت معتمدة على رؤية سياسية معينة من قبل مشايخ الطرق إنقاذا للبلاد .
مشيرا إلى أن المجتمع الصوفى فى الفترة التى تلت الثورة مباشرة كان له رؤية ولكن كانت تنقصه الخبرة السياسية القوية وأن ميزة الصوفية أنهم لا يصدرون الناحية الدعوية أو يغلفون بها عملهم السياسى، وأن مرحلة انتخابات الرئاسة كانت حالة خاصة جدا وكانت محاولة من الصوفية لتجنب اختيار مرشح  للتيار الإسلامى، فكان الاختلاف هل سيكون الاختيار لشخصية لها خبرة سياسية سابقة كعمرو موسى أو شفيق لأن الصوفية تعشق التناغم والاستقرار السياسى وتخشى حالات الموجات الثورية التى ليس لها خبرة التعامل معها.
ولذلك كان الاختياران - موسى أو شفيق - للخبرة السياسية ولكن عقب وصول الإخوان للحكم أصبحت هناك حالة من حالات التشويش لدى الصوفية، وهل سيعتبرون الإخوان أنفسهم فصيلا سياسيا طبيعيا كباقى الفصائل يتم التعامل معه أم أنهم خطر حقيقى قد يؤثر على مصر وعلى المجتمع الصوفى فى حد ذاته.
مشيرا إلى أن وجهة نظر الصوفية موحدة تجاه نظام الحكم الحالى باستثناء قلة داخل المجتمع الصوفى، منهم من يتولى مناصب رئيسية داخل الصوفية كالشيخ عبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية الذى يتعامل بحكم وظيفته ولا يلجأ لأى نوع من المواجهات وإنما فى إطار أن هناك مصالح إدارية دون إعلان عن وجهة نظر سياسية معينة وهناك من لا يريد التصادم بأى شكل كالشيخ طارق الرفاعى شيخ الطريقة الرفاعية أما باقى البيت الصوفى فيرون فى الإخوان امتدادا للحركة الوهابية وخطرا على مصر والأمة الإسلامية وأنهم مجتمع عقائدى فاشٍ لا يستطيع احتواء الآخر، بل يقصيه لأنه لا يرى على الساحة إلا نفسه.

وعلى الجانب الآخر وصف د.عبدالهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية الأوضاع الاقتصادية والأمنية بأنها حرجة للغاية وأن المواطن المصرى يتطلع لغد أفضل يستشعر فيه التحسن، لكنه شدد على أن مشيخة الطرق الصوفية هى هيئة دينية عليا تتعامل مع جميع أبناء مصر بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية فهى مظلة تراعى جميع الاختلافات ولا يجوز لها أن تتحزب سياسيا لأن أهل التصوف ينظرون إلى العمل العام والعمل السياسى على أساس أنه يحقق مصالح البلاد ويأملون أن تحدث فى البلاد حالة من التوازن، كما أن إنشاء أحزاب سياسية ليس مؤشرا على المساهمة السياسية من وجهة نظره.وأن الصوفية كالأزهر والكنيسة كيان وطنى يهتم بصالح الوطن والمواطن ولا يشارك فى العمل السياسى بالمفهوم المحدود كحزب لكن كمظلة دينية لها مبادئ وقيم فى التعاملات لا يختلف عليها الجميع.
وفيما يتعلق بالطرق الصوفية والمؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر الشريف)، فقد أشار الشيخ محمد عبدالمجيد الشرنوبى شيخ الطريقة الشرنوبية الإبراهيمية إلى أن علاقة الطرق الصوفية بالأزهر أكثر قوة من علاقة التيارات الأخرى به فكل من شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية من زعماء الطرق الصوفية، منتقدا بشدة الفتوى غير المسئولة للدكتور عبدالرحمن البر، مفتى جماعة الإخوان المسلمين، وعضو مكتب إرشاد الجماعة قائلا: التيارات الإسلامية الحالية لن تأتى لمصر إلا بالبلاء، ولا يليق بأن يطلق أحد على نفسه «مفتى» لأن المفتى هو مفتى الديار المصرية والآخرين نكرة وسيظل الأزهر هو الأزهر ودار الإفتاء هى دار الإفتاء وستظل المؤسسات الدينية كما عهدناها ولن يتغير شىء وليس هناك أى فتاوى شرعية غير الصادرة عنها.
مشيرا إلى أن الحديث عن المد الشيعى يمثل كلاما لا محل له من الإعراب، لأن السنة والشيعة يجتمعان على محبة آل البيت. وقال: نحن كطرق صوفية نحيى ذكرى آل البيت كما أن الشيعة ليسوا سبة، ومن المفترض أن يترك هذا الأمر للكيانات الدينية التى لها علاقة كالأزهر ودار الإفتاء وليس لأشخاص متشددين يصدر عنهم كلام جاهل غير مسئول لا يستحق الرد عليه.
واستطرد: أبناء الصوفية أشخاص يحبون الله لا يشاركون بالسياسة بعمق لأنهم لا يطمعون فى رئاسة أو برلمان أو وزارة ولكن فقط يشاركون كمواطنين مصريين ولهذا يراهم البعض غير مؤثرين.وأضاف: نحن لدينا بخلاف التحرير المصرى 3 أحزاب أخرى هى حزب التحرير الصوفى وحزب النصر وحزب نهضة مصر بالإسكندرية وأعضاؤها من الصوفيين والإشراف - أحزاب غير طامعة فى السلطة ولذلك غير مؤثرة فى الساحة مثل باقى الأحزاب السياسية .

أما الشيخ علاء ماضى أبوالعزايم شيخ الطريقة العزمية، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية السابق فقد أرجع ضعف التأثير السياسى للتيار الصوفى لضعف المجلس الأعلى الصوفى الذى طالب بإقصائه. وقال أبوالعزايم لابد أن يضم شخصيات قوية لأن الصوفية عندما بادرت بالمشاركة عقب الثورة من خلال فعاليات جمعة فى حب مصر رفض المجلس الصوفى الأعلى وقتها بقيادة الشيخ محمود أبوالفيض تحت مبررات إن الصوفية ليس لها أن تتدخل فى السياسة.
مما أعطى انطباعا عن المجلس بأنه مازال هشا يخشى نظام حكم الإخوان كما كان يخشى نظام مبارك قبله.وشدد أبوالعزايم المتصدر الساحة السياسية بتصريحاته والحزب الذى أسسه - حزب التحرير المصرى - على أن دور الطريقة العزمية وحده غير مجد فى ظل وجود المجلس الصوفى الضعيف الذى يخشى باقى التيارات قائلا: سيبقى الوضع الصوفى وتأثيره ضعيفا ولذلك نناشد  الصف الصوفى أن يتحد.
أما فيما يتعلق بالحزب فوصفه بأنه حزب متحمس فهو دائما يعقد مؤتمرات ولكن للأسف الشديد لم ينضم إليه أى شيخ طريقة حتى الآن رغم دعوته لهم، حتى إن بعض الطرق الصوفية تشارك دون علم مشايخها الذين لا يريدون التدخل فى السياسة - على حد قوله.الشيخ طارق الرفاعى شيخ الطريقة الرفاعية أشار إلى أن التصوف متغلغل فى الحياة الدينية المصرية بصورة تجعل من الصعب تجنب مشاركة الصوفية أو التلاحم معها.كما أكد الرفاعى أن الصوفية كيان دينى دعوى وليس جماعة سياسية كجماعة الإخوان المسلمين ولكن الإعلام يسعى لدفع التيار الصوفى وزجه فى العمل السياسى.
ولكن الصوفى الذى هو من أهل السنة يلتقى مع الشيعة فى محبة آل البيت، زاهد لا يطمع فى منصب لأنه فى ملكوت آخر - وأضاف - لذلك لسنا أهل للمشاكل والخصومات والجميع يرى كيف تتم الموالد والفعاليات الصوفية فى روح من التسامح والسلام، وفى الوقت الذى تنقلب فيه البلاد رأسا على عقب تمر أحتفالات الصوفية بلا مشاكل أو أزمات.

وأضاف: التيار الصوفى لا يعمل وفقا لمبدأ السمع والطاعة ولكن عندنا حرية الفرد الصوفى وكل متصوف له الحق فى اختيار ما يراه والدليل على ذلك أن الصوفية منتشرة فى جميع الأحزاب منا الوفدى ومنا الناصرى وغيرهما فلكل صوفى مطلق الحرية فى اختيار ما يناسب أفكاره.وشدد على أن الفصيل الصوفى الآن هو الوحيد الذى لم يخسر الشارع المصرى بل إنه هو من يعبر عنه والفترة القادمة هى فترة آل بيت رسول الله (ص) بدون الحاجة لتجمعات أو أحزاب قائلا: يكفى تعاطف الشعب معنا وبكاء الأطفال والشيوخ ودعاؤهم لنا فى الوقت الذى يرى فيه جميع الأحزاب مفككة وليس هدفها مصلحة البلد لكن الصوفى يلتحم بالناس ويساعدهم بدون مصالح أو أهداف سياسية.
وأجاب الناشط الصوفى مصطفى زايد منسق الائتلاف العام للطرق الصوفية على التساؤلات من خلال رصده للوضع الصوفى الحالى على الساحة قائلا: هناك محاولات لجر أهل التصوف فى الاشتباكات السياسية الدائرة حاليا والمتعلقة بالفتنة بين السنة والشيعة ولكن الصوفية - على حد قوله - تنأى بنفسها عن ذلك. وأضاف: نعلم أن لدينا قوة مستمدة من قدرتنا على النزول إلى الشارع ولذلك عليهم أن يبتعدوا عن المتصوفين، ويتقوا شر الحليم إذا غضب، فالمتصوف لا يخشى أحدا ويؤمن أن كل ما يحدث له من عند الله.
وأشار إلى أن الائتلاف الصوفى يتحرك مع حزب التحرير المصرى لأننا كصوفية ندرك بأننا على حافة بركان ونعلم أنه يتم توريطنا فى أزمة الفتنة، كما ندعم كل الأحزاب المدنية وخصوصا قريبة الفكر من الصوفية ولكننا حتى الأن لم نعلن انتماءنا كائتلاف لأى حزب، ومجموعة قليلة جدا من انضمت لأحزاب .
وانتقد زايد - الذى يتبع الطريقة الرفاعية أحد أكبر الطرق الصوفية - الشيخ طارق الرفاعى شيخ الطريقة وقال إنه ثارت عليه تساؤلات بعد ذهابه مكتب الإرشاد.. وعلى نفس المنوال انتقد القصبى شيخ مشايخ الصوفية مشيرا إلى استقطابه من قبل جماعة الإخوان.وأضاف: موقفنا من الأزهر واضح جدا، ونحن ندعمه قلبا وقالبا ونؤيد شيخ الأزهر ونقف بجانبه لأننا ضد المساس به أو إقالته من منصبه حتى لو اضطررنا للقيام بحرب شوارع، فالأزهر هو الحصن المنيع ضد أى تطرف دينى فى مصر.