الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مناقض لاتفاقية جنيف الرابعة: سرقة فلسطين من جديد بقانون حق أملاك الغائب

مناقض لاتفاقية جنيف الرابعة: سرقة فلسطين من جديد بقانون حق أملاك الغائب
مناقض لاتفاقية جنيف الرابعة: سرقة فلسطين من جديد بقانون حق أملاك الغائب


إحدى حيل الحكومة الإسرائيلية لسلب أراضى فلسطين.. التى ابتدعتها حكومة الكيان لسن قانون أملاك الغائب، حيث أنشأت دائرة يرأسها شخص يقوم بدور القيم، ويسمى القيم على أملاك الغائبين، أى اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم، بطرق مختلفة فماذا فعل هذا القيم أو الأمين أو الوكيل بتلك الأراضى والممتلكات؟
 
موقع كاونتر بانش نشر تحقيقا كتبه د. بول لارودى المدافع عن حقوق الإنسان وأحد مؤسسى حركة كسر الحصار على غزة، يقول فيه: إن مكتب رونين باروخ القيم الحالى على أملاك الغائبين فى دولة إسرائيل يقع فى منزل عربى قديم، فى 8 شارع سالومون، بمدينة القدس وهذا النوع من البيوت، ليس غير مألوف فى هذا الجزء من القدس، كما أن هذا البيت لا يحمل الكثير من العلامات التى تدل على الوظيفة التى يقوم بها صاحبها، وحتى رسائله البريدية تسلم فى المبنى الرئيسى لوزارة المالية فى جزء آخر من المدينة.
 
ويتساءل الكاتب: عندما ابتدعت إسرائيل مكتب القيم على أملاك الغائبين، فى يوليو 1948 ليتولى مسئولية ممتلكات اللاجئين، الذين رحلوا أو طردوا، هل كان فى نيتها أن يكون القيم، وكيلا وأمينا على ممتلكات أولئك اللاجئين أثناء غيابهم؟ من المؤكد أن عنوان المكتب، يعترف ضمنا بأن الممتلكات تخص الغائبين، لا القيم، وذلك ما تؤكده وثائق التسجيل.
 
ويقول الكاتب، إن الأرض والمبانى المقامة عليها التى يعود بعضها إلى ألف عام أو أكثر لم تكن الملكية الوحيدة التى آلت إلى وصاية القيم فقد اتخذت ملايين الدولارات من الذهب، والمجوهرات، والعاديات والسيارات وغيرها من المواد، طريقها إلى مستودعات مكتب القيم ولكن العقارات كانت الأهم والأعلى قيمة، وكان الملاك الغائبون كلهم تقريبا، لاجئين ومنفيين من العرب الفلسطينيين، أغنياء وفقراء، وكانت قلة ضئيلة منهم يهودا، سرعان ما أعيدت ممتلكاتهم إليهم ولم يكن الأمر على هذا النحو بالنسبة إلى البقية، باستثناء جزء ضئيل تمكن أفراده من إثبات أنهم لم يغادروا البلاد أبدا.
 
ويتحدث الكاتب عن كمية الأراضى ضمن خط وقف إطلاق النار عام 1949 التى تركها الغائبون وراءهم، يقول الكاتب: قبل إعلان قيام دولة إسرائيل يوم 14 مايو 1948 كان نحو 6٪ من فلسطين الانتداب ملكية يهودية «كما يقول سامى هداوى، فى كتاب إحصاءات القرى 1945». ومع الأخذ فى الاعتبار، أن القوات الصهيونية استولت على 78٪ من فلسطين، فإن النسبة ضمن تلك المناطق ستكون أقرب إلى 8٪ باستثناء غزة، والضفة الغربية والقدس الشرقية.
 
يضاف إلى ذلك، أن بقية السكان العرب الفلسطينيين الذين لم يطردوا، احتفظوا ببعض أراضيهم ومنازلهم، التى تقدر حاليا بأقل من 3٪ من المناطق ذاتها، وكان ما يقرب من نصف المناطق التى تم الاستيلاء عليها، أراضى أميرية تابعة لحكومة فلسطين ومعظمها فى صحراء النقب..
 
ويرجح أن كل ما تبقى الذى يعادل نحو 39٪ قد أعلن أملاك غائبين، ووضع تحت سيطرة القيم، ويتفق هذا الرقم مع جرد قامت به لجنة المصالحة التابعة للأمم المتحدة فى فلسطين، لـ7069091 دونما، فإذا كان القيم قد تولى المسئولية أيضا عن الأراضى الأميرية فسوف يكون المجموع 89٪ ولم يجر الإعلان عن هذه الأرقام ولكن تصريحا أدلى به القيم على أملاك الغائبين جاكوب مانور عام 1980 للصحفى روبرت فيسك فى كتاب ويلات «وطن - ص 45» يشير إلى أن الرقم الأكبر رربما يكون أقرب إلى الصحيح.
 
وبطبيعة الحال، لم تكن إسرائيل تضمر أى نية لاحترام السجلات القانونية لملكية الأرض، كما يقول الكاتب، فقد أوضح قانون أملاك الغائب عام 1950 أن وظيفة القيم هى تحرير الملكية التى فى حوزته لمؤسسات أخرى، ستقوم باستخدام الأرض دون أن تقيم أى اعتبار للمالكين المسجلين.
 
وهكذا أصبح القيم على أملاك الغائبين أكبر متعامل بالأموال والممتلكات المسروقة فى إسرائيل وبموجب السلطات التى منحته إياها قانون أملاك الغائبين، كان القيم يملك الأرض التى فى عهدته لحكومة إسرائيل وسلطة التطوير، والصندوق القومى اليهودى، مع الأراضى مجتمعة 93٪ من دولة إسرائيل الواقعة تحت إدارة دائرة الأراضى الإسرائيلية، وهكذا أصبحت دائرة الأراضى الإسرائيلية أكبر جهة تستقبل الممتلكات المسروقة فى إسرائيل، تفوق فى نشاطها اللصوص العالميين، ومهربى الماس الذين وجدوا لهم ملاذا آمنا هناك.
 
ولكن الغريب فى الأمر أن دائرة الأراضى ظلت حتى وقت قريب، تمنع من عرض الأرض للبيع، بل تؤجرها لمستخدمين، على الرغم من أن خططا قد وضعت عام 2009 للبدء بمنح سندات ملكية.
فهل كان ذلك طريقة لحماية المواطنين الإسرائيليين من الاتهام بتلقى سلع مسروقة فإذا كان الأمر كذلك، فإنه يشكل اعترافا آخر بأنالملكية تعود قانونيا إلى الفلسطينيين المطرودين، لا إلى الحكومة الإسرائيلية ولا إلى مواطنيها.
 

 
وقانون أملاك الغائب مناقض فى واقع الأمر لاتفاقية جنيف الرابعة، وللإعلان العالمى لحقوق الإنسان اللذين كانا قد صدرا قبل عامين، واللذين وقعت عليهما إسرائيل فيما بعد وقد برز هذا التناقض إلى العلن، فى قضية مسكن القنصل البلجيكى العام فى القدس، الموجود منذ عام 1948 ضمن عقار لعائلة فلسطينية غائبة، يدعى فيلا سلامة ولكى تكون بلجيكا مراعية للقانون الدولى اختارت أن تدفع قيمة الإيجار إلى مالكى المبنى للفلسطينيين المنفيين، لا إلى أى سلطة إسرائيلية، أو إلى رجل الأعمال الإسرائيلى، ديفيد سوفير، الذى يدعى أنه اشترى أو استأجر الملكية من الحكومة الإسرائيلية منذ عام .2000
 
ومما يثير الدهشة أن إسرائيل من أقوى المؤيدين لإعادة أملاك الغائبين إلى أصحابها أو مستأجيرها الشرعيين، حين لا يكونونفلسطينيين طبعا، وأحد أفضل الأمثلة على ذلك، مشروع مهمة استعادة ممتلكات فترة الهولوكوست الذى تأسس عام 2011 بتمويل من الحكومة الإسرائيلية يزيد على 5,2 مليون دولار سنويا، وبالتعاون مع الوكالة اليهودية فى إسرائيل والهدف منه هو السعى إلى استعادة الممتلكات اليهودية التى استولت عليها الحكومة النازية فى ألمانيا، ويبدو أن الضحايا الآخرين للهولوكوست، مثل السلاف، والبولنديين، والغجر والأشخاص المعاقين، وغير الأوروبيين، والسجناء السياسيين، وشهود يهوه، وغيرهم، غير مؤهلين لهذه الخدمة، حالهم حال ضحايا مشروع التطهير العرقى الإسرائيلى عام 1948 المعروف عند الفلسطينيين باسم النكبة.
 
وعلى الرغم من أن مدى سرقة الممتلكات التى مارستها إسرائيل فى السابق، معروف جيدا لطالبى مثل هذه المسائل، فإن المعرفة العامة بذلك، غير شائعة. والناشطون الحاليون، يحصرون المشكلة الرئيسية على الأغلب فى عمليات السرقة القريبة العهد، لممتلكات البدو فى النقب وفى مصادرة الممتلكات الفلسطينية فى القدس والضفة الغربية، وهدم المنازل ومحو القرى من الوجود، ولا يحتسبون الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل فى مرحلة مبكرة وعلى نطاق أوسع بكثير. وقد يصدمهم أن يعلموا، على سبيل المثال، أن الأرضى المسروقة من أصحابها الفلسطينيين قبل وقف إطلاق النار عام 1949 تساوى فى الحجم أكثر من مجموع المساحة الكلية للضفة الغربية وغزة مجتمعتين.
 
وتبرز هذه القضية فى بعض الأحيان، عند محاولة تعريف الأرض العربية فى سياق الحديث الفلسطينى. فإذا جرى تعريف الأرض العربية على سبيل المثال، بأنها فقط، الأرض التى تم الاستيلاء عليها فى يونيو 1967 فإن ذلك يتجاهل كمية الممتلكات الهائلة، التى تمت مصادرتها بدون تعويض، من اللاجئين الفلسطينيين الغائبين والمنفيين فى 1947-1949 وفى المرحلة التى تلت ذلك مباشرة.
 

 
ومن ناحية أخرى، على الرغم من التحسن الكبير الذى طرأ فى العقود الأخيرة، على نبرة حديث الرؤساء الأمريكيين عن حقوق الشعب الفلسطينى، فإن استمرار الولايات المتحدة فى الدعم المطلق للكيان الإسرائيلى يفرغ ذلك الحديث من مضمونه، كما كتب جوش روبنر فى موقع الترنت، وجوش روبنر هو مدير منظمة الحملة الأمريكية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، وهى تحالف وطنى يضم أكثر من 400 مجموعة ويعمل على إنهاء الدعم الأمريكى لاحتلال الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. ويؤيد اتباع سياسة أمريكية ترعى الحرية والعدالة والمساواة.
 
فقد تعرض الرئيس الأمريكى الأسبق، جيمى كارتر، لنقد شديد فى أوائل عهد إدارته، عندما ذكر أن الشرط الضرورى النهائى للسلام العربى - الإسرائيلى، هو حل المشكلة الفلسطينية من خلال وطن يتم توفيره للاجئين الفلسطينيين الذين يعانون منذ سنوات طويلة.
 
 ولكن كارتر، الذى اعتبر يومئذ أشد المتعاطفين معمحنة الشعب الفلسطينى حتى ذلك الوقت أظهر مدى محدودية دعمه للحقوق الفلسطينية، عندما أوضح بعد ذلك بعدة أشهر قائلا: « لم يخطر ببالى أبدا ولا يخطر ببالى الآن أننا نستحسن، أن تكون هنالك دولة فلسطينية مستقلة قائمة بين إسرائيل والأردن».
 
 ويقول الكاتب، فى ختام مقالاته : على الرغم من أن رؤساء الولايات المتحدة، يستطيعون الآن التعبير بدرجة أكبر مما كانت عليه فى عهد كارتر، عن دعم حقوق الفلسطينيين الإنسانية والوطنية فإن الولايات المتحدة مادامت مستمرة فى تمويل شحنات متزايدة من الأسلحة لإسرائيل - سوف تظل شديدة التواطؤ مع سياسات إسرائيل، القائمة على التمييز العنصرى تجاه الفلسطينيين، وسوف يظل خطاب أوباما عن حق تقرير المصير، وعن تحقيق العدالة للفلسطينيين، فارغا من أى محتوى.