الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سيناريوهات اليوم التالى

سيناريوهات اليوم التالى
سيناريوهات اليوم التالى


 الفرصة الأخيرة لتثبت مصر أنها لاعب وليست مجرد ملعب.. أزمة القضاة محرك مهم لكنه ليس الأساس.. والبداية فى انسحاب الكتلة المدنية من الشورى والتظاهر ضده وحلهمنذ نعومة أفكارنا.. والمحللون والخبراء المتحذلقون يصدعوننا بأننا لاعب محورى فى الأحداث العالمية وشركاء فى رسم مستقبل الدنيا بحالها لا المنطقة فقط، لكن الواقع ياسادة يثبت مع الوقت أننا مجرد ملعب من ملاعب، دائما تكون نهايات مبارياتها محسومة للطرف الآخر.. الواقع المصرى أبلغ مثال على ذلك، ليس فى زمن الإخوان بل قبله، لكن الأمر بات فادحا وفاضحا فى زمنهم، فعلى سبيل المثال التعديلات الوزارية المفاجئة لم يستسلم الإخوان لها إلا بضغوط أمريكية، بل إن هناك بعض التحليلات تشير إلى أنه حتى الهجمة على القضاء متفق عليها لكنهم لم ينفذوها بطريقة سليمة فانقلبت عليهم.
 
المشهد يحمل العديد من التعقيدات، كلها تحت عنوان كبير لا يبعد عن سيناريوهات اليوم التالى لسقوط الإخوان، والذى يمهد له الأمريكان قبل أى طرف داخلى، وفقا لنظرية أننا ملعب لا لاعب، وبالتالى فالأحاديث الواهية حول استقواء القضاة بأمريكا، نوع من أنواع الإحساس الإخوانى بالبطحة التى على رأسهم.الكل يلعب مع الأمريكان استعدادا لليوم التالى، والذى لا يعنى للأسف أنه قريب، الأهم كيف تكون مصر بعد «ثورة» بهذه المهانة، وهل كان هذا ما يأمله المصريون فى وطنهم، هل تخلصوا من حليف أمريكى اسمه مبارك حتى يظهر لهم ألف مبارك؟.. وطبعا فى ظل هذا التكالب من طالبى الود الأمريكى.. تزيد التنازلات.سيناريوهات الـ«ذا داى أفتر»، أو اليوم التالى بعد سقوط الإخوان، والذى تبحث فيه كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية خلال الأيام الأخيرة تتشكل ملامحها بالفشل الإخوانى المرتقب فى التعديلات الوزارية، خاصة أنها لا ترضى أحداً من بدايتها، لأنها لا تمس قنديل وتزيد الحصة الإخوانية وسيطرتها على الحقائب الخدمية، أو ما تسمى بوزارات الانتخابات، وأزمة التعديلات الوزارية تتزامن مع التصعيد فى ملف القضاء الذى على شفا التدويل، ووصول اتجاهات كثيرة فى الإدارة الأمريكية لقناعة ضرورة تدخل الجيش لإنهاء هذا الارتباك، الذى كان سببه إدارة أوباما التى رمت نفسها فى أحضان الإخوان والإسلاميين.
 
لكن شرط الدعم الأمريكى لأى تدخل عسكرى، وهو المساندة الشعبية الجارفة، يراه البعض تعجيزياً خاصة أنهم يرون أن المصريين لن ينزلوا النهر مرتين خلال أقل من 3 سنوات، فلن يخرجوا فى هبة ثورية جديدة غير منظمة لميادين التحرير فى كل مصر.لكن لمن لا يتذكر فإن الأمريكان اشترطوا على الإخوان والثوار قبل ثورة يناير بأيام أن يخرجوا بأعداد كبيرة حتى يساندوهم ضد مبارك، وكان هذا واضحا جدا خلال لقاء للسفيرة الأمريكية السابقة بقيادات إخوانية بالإضافة للمستشار محمود الخضيرى فى مقر السفارة على بعد خطوات من التحرير وقبل أيام وجيزة من الثورة.فلماذا يستصعب الأمريكان أو بالأحرى بعضهم خروج المصريين الآن، خاصة أن الخروج الأول كان شبه مستحيل، ولولا الدفعة التونسية ما كان حصل، ولولا فشل مبارك فى التعامل معه ما كان نجح؟.. معطيات المشهد متشابهة، غضب وغليان فى الشارع، إحباطات ومستقبل ضبابى، وقلق على مصر من التمكين الإخوانى بعد إسقاط التوريث المباركى، ومساندة دولية واضحة للتخلص من الإخوان، خاصة أن بعثة طرق الأبواب السلفية للبيت الأبيض تلقى نجاحاً كبيراً.. الأهم فى تحليلنا أن الخروج الثانى للمصريين للنزول إلى النهر ليس مستحيلا، لكنه بالطبع صعب، إلا أن الأجواء المتصاعدة فى الأيام الأخيرة والتى كان الحزب الحاكم سببا فى اشتعالها لا تجعله صعبا للغاية.
 
وفى هذا الإطار تثار العديد من التساؤلات حول الهدف الغامض الذى اضطر «الحرية والعدالة» لإحراق الأرض تحت قدميه، فى وقت كانت الأمور قد بدأت تدخل أجواء الهدوء وسط جدل معقد حول نهضة القروض وإشكاليات الموازنة ومتاهات الأرقام، التى تربك السياسيين، فهل كان الإخوان يريدون إلهاء الساحة بحدث جلل لتمرير إجراءات فى إطار التمكين، أم أنهم مضطرون للعجلة فى جدولهم الزمنى للأخونة، لأنهم يدركون أن الوقت أصبح ضيقاً، مع اقتراب مؤشرات السقوط، فيحاولون بأى طريقة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. من الممكن كل هذه التصورات لكننى لا أرى أن اعتقاد البعض بأن استدعاء مرسى للشهادة فى قضية الهروب الجماعى من سجن وادى النطرون، هو السبب على خطورته طبعا، خاصة أن بعض قيادات المجلس الأعلى للقضاء همسوا للمقربين منهم بعد لقائهم الأسبوع الماضى بالرئيس فى محاولة لتنويم القضاة، بأنهم تأكدوا أن القرار ليس فى يده.
 
 

 
 
بالتالى فإنه ليس بالقضاة وحدهم تحسم الأشياء.. بل الشباب سيكون لهم الدور الحاسم، وأيضا محدودو الدخل بل والجياع، وطبعا الطبقة المتوسطة بكل مستوياتها من العليا للدنيا، وعناصر الإشعال التدريجى ستبدأ بالخروج الشعبى لدعم القضاة من أمام مجلس الشورى، الذى سيكون المحفز للثورة الجديدة كما كان مجلس الشعب المزور الأشهر وستكون ذروتها بالاستقالة الجماعية من نواب الكتلة المدنية فى الشورى، والتى كان البرادعى من أول الداعين لها، ولا نعرف كيف تأخرت طوال هذا الوقت، ولمن ينسى فإن المحكمة الدستورية تحسم مصير مجلس الـ6٪ فى منتصف مايو، مما يشير إلى استمرار اشتعال الساحة طوال الأيام القادمة خاصة مع دعوات الخروج الثورى طيلة شهر مايو، لكن سيعكر صفو المصريين المعارضين للإخوان ويقسم صفهم بصورة ما احتفال البعض بعيد ميلاد مبارك، والذى سيحاول الإخوان استغلاله لإلهاء الناس من جديد، وفى وقت ينشغل فيه البعض بحق الشورى فى مناقشة التعديلات الإخوانية على قانون السلطة القضائية، سيفاجأون بسقوط الشورى هو الآخر..
 
هذه الحالة من الممكن أن تعيد الشمل الإسلامى مرة أخرى ولو لبعض الوقت بعودة النور للحظيرة الإخوانية كما يتصور البعض، لكن هذا لن يكون مؤثراً بشكل كبير لأن الدعوة السلفية ترى فى نفسها الآن البديل لا الند فقط، وسيكون صادما للإخوان الذى اهتموا بتنفيذ الطلبات الأمريكية بتعديلات وزارية لكن على طريقة مكتب الإرشاد، أن يخسروا الشورى أيضا بما يعنى تعطيل مراحل التمكين، وتحميل مسئولية الانتخابات لحكومة وليدة.. وبالمناسبة يذكرنا هذا بالنكتة السخيفة التى رددها الإخوان باتهام الزند والقضاة المعارضين لهم بالاستقواء بأمريكا، هذا على أساس أنهم لا يستقوون بالأمريكان منذ 3991 حيث بدأت العلاقات الأمريكية الإخوانية الحقيقية بشكل سرى وعلنى.. لكنهم يصورون للسذج أن زيارة روسيا الفاشلة هى «تنويع محاور»، إلا أنها فى الحقيقة نوع من أنواع «كيد» دبلوماسى غير محترف مع أمريكا خاصة أنهم أضافوا للخلطة هذه المرة الحديث عن استخراج اليورانيوم، وصور الأمريكان لهم أنهم التقطوا الطعم، مدعين أنهم يبحثون حقيقة التعاون النووى المصرى الروسى.
 
كل هذا الارتباك من شأنه أن يمهد إلى ظهور كبير للجيش فى الصورة، وهذا ما كان يحاول الإخوان استباقه بهجوم مضاد بإطلاق بالونة اختبار بالتخلص من السيسى فى التعديلات الوزارية، لكنها «فرقعت» فيهم!إجمالا.. كل تصورات الـ«ذا داى أفتر» فى غاية القسوة والدموية خاصة أن الظهير الاقتصادى للدولة فى حالة انهيار، وسيحتاج الجيش لمساندة عربية فى هذا الوقت، ولا أتصوره بعيدا عن التحقق، بل وأيضا من الممكن أن نصل إلى الدعم الأمريكى والأوروبى، حتى لو على الأقل تصل لمصر المليار دولار التى عطلها الأمريكان بسبب خطايا الإخوان التى أربكتهم، بالإضافة إلى الخمسة مليارات التى علقها الاتحاد الأوروبى بسبب فاشية الإخوان أيضا.
 
هذا الوضع الصعب جدا الذى وضعنا فيه الإخوان ومن قبلهم مبارك، لا تستحقه مصر بأى صورة إن كان ، لكن للأسف نحن فى حاجة إليه حتى نغير قواعد اللعبة، ونحول مصر من مجرد ملعب إلى لاعب حقيقى.. وليسقط تجار الدين الذين خصصوا مادة فى دستورهم للتخلص من سيدة قوية مثل «تهانى الجبالى»، والآن يريدون وضع قانون يخلصهم من 0053 زند.. وفى الآخر يقولون لك إن هذا هو المشروع الإسلامى.. وديننا برىء منه.. اللهم احم إسلامنا، وخيب ظنون تيارات الردة عنه بسبب جرائم المتأسلمين.ومن هذا المنطلق لا يمكن أن نستسلم للمخطط الأمريكى الجديد بتحضير السلفيين كبديل للإخوان، ولو مؤقت لحين تجهيز بديل تفصيل، مصر كبيرة على الجميع، ويجب أن يتحمل مسئوليتها كل أطراف المشهد خاصة خلال هذه الفترة الانتقالية، فبالتأكيد مصر لا تستطيع فى المنظور القريب مناطحة أمريكا، لكن أيضا لا يمكن أن ترسم لنا أمريكا مستقبل دولتنا، وبالتالى الانتخابات الرئاسية المبكرة المتزامنة مع الانتخابات البرلمانية.. هى الحل.. لكن برقابة دولية نزيهة وبلا زيت وسكر وتزوير وتهديدات بحرق وضغوط دولية تغير فى النهاية النتيجة.. لك الله يامصر.