الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ليلة «الانشقاق الإخوانى الكبير».. فى سجن المزرعة!

لم يكن محمد بديع مرشد جماعة الإخوان «الإرهابية» يتخيل أن الأوضاع داخل جماعته قد ساءت للحد الذى يجعله عُرضة للضرب والإهانة من جانب أعضائها ورموزها.



فعلى وقْع «ليلة عاصفة»، شهد عنبر المرشد العام بسجن المزرعة «طرة» واحدة من أخطر ليالى «الانشقاقات الكبرى» داخل تنظيم الإرهاب الأول بمصر والمنطقة العربية..  ووفقًا للتفاصيل الكاملة التى حصلت عليها «روزاليوسف» فإن القصة بدأت قبل أعوام، عندما كلف مرشد الإخوان 20 قياديًا من أبناء جماعته، بتقديم تصور لدراسة تجيب عن التساؤل: «هل أخطأت جماعة الإخوان فى حكم مصر أم تنمرت عليها القوى السياسية وسقطت بالمؤامرة»؟.

 

كان أبرز المكلفين بإعداد الدراسة- بحسب المصادر- المعزول محمد مرسى، وسعد الكتاتنى، وعصام العريان أعضاء مكتب الإرشاد، والقيادى الإخوانى محمد البلتاجى، والداعية صفوت حجازى، ورجل الأعمال حسن مالك.. بينما رفض نائب المرشد الأول خيرت الشاطر المشاركة فى تلك الدراسة.

وحتى يتسنى لهم الحصول على الأوراق والكتب اللازمة لإعداد الدراسة تقدم عدد منهم وأبرزهم القيادى سعد الحسينى بطلب عمل دراسات عليا داخل السجن.

وتؤكد المعلومات أن محمد مرسى الذى تُوفىّ فى 17 يناير من العام الماضى،انحاز إلى تصدير مظلومية الجماعة وأنها لم تخطئ فى حكم مصر بل وقعت ضحية «النوايا الحسنة»!.. الدراسة التى تم توزيعها على قيادات الإخوان بالسجن، وكانت سببًا فى اشتعال نيران لم يتمكن المرشد ولا كبار التنظيم من السيطرة عليها.

فكان أن رفضت قيادات التنظيم الدراسة، واعتبروها تبرئة لمرسى.. بل شكك بعضهم فى أن يكون مرسى قد كتبها بخط يده، وأنها نسبت إليه بعد وفاته، ووصفوا ما حدث بشأن الدراسة بأنه مسرحية هزلية لا يمكن تصديقها.. خصوصًا من قيادات التنظيم الذين شاركوا الفترة بكل تفاصيلها وقراراتها.

 

الاجتماع الأخير

 

بمنتصف يناير المنقضى، دعا مرشد الإخوان عددًا من قيادات التنظيم للاجتماع بأحد عنابر سجن طرة، على غرار العادة المتبعة من الإخوان داخل السجون، وهو أمر مسموح لهم، ويحدث على مدار السنوات الماضية.

لكن اللقاء تلك المرة كان محملًا برسائل تؤكد أن تلك الجماعة، باتت قاب قوسين أو أدنى، من غلق صفحاتها بنهاية أسوأ مما يتوقع الجميع.

فالاجتماع الذى ترأسه بديع وحضره كلٌ من: خيرت الشاطر، وحسن مالك، وسعد الكتاتنى،وسعد الحسينى وصفوت حجازى، وعصام العريان، ومحمد البلتاجى،وسعد خيرت الشاطر وحمزة حسن مالك، بدأ باستعراض الآراء حول أخطاء الجماعة، وأسباب السقوط فى مصر.

 

هجوم على خيرت الشاطر

 

وذكرت المصادر أن القيادى الإخوانى حسن مالك، «أحد أبرز رجال المال داخل التنظيم»، ألقى باللوم على رفيقه خيرت الشاطر، وقال إن الأخير قدم نفسه باعتباره الحاكم الفعلى لمصر، وتدخل فى إدارة شئون الجماعة وألغى دور مرسى، ما أثار الغضب الشعبى، كما أنه انفرد بالقرار داخل التنظيم ولم يسمح بتداول الآراء، وجعل مكتب الإرشاد مجرد أداة لخدمة أفكاره التى كانت مرفوضة من قطاع كبير داخل الجماعة.

وقال مالك: «حذرنا مكتب الإرشاد من حالة الغليان فى الشارع، لكن خيرت الشاطر رد علينا بأن كل الأمور تحت السيطرة، وأن الجماعة تعرف أهدافها وتسيطر على الجهات التنفيذية داخل الدولة».

وأثناء الحديث قاطعه عصام العريان، الذى أضاف لومًا جديدًا على «الشاطر» وقال إن الجماعة «وقعت فى الفخ الأمريكي»، عندما أعلنت عن مرشح للانتخابات الرئاسية بمصر عام 2012 عقب رسالة من إدارة أوباما لخيرت الشاطر، موضحًا أن قطاعًا كبيرًا داخل التنظيم كان يعلم أنها مجرد «فخ»، ورفضوا الدفع بمرشح، وأعلن العريان عن ذلك وقتها بأن جماعته لن تخوض الانتخابات الرئاسية.

وتابع: «لكن «الشاطر» انفرد بالقرار كعادته وأعلن الترشح للانتخابات بعد مفاوضات مع مكتب الإرشاد تعثرت لمدة اجتماعين وتمت الموافقة على قراره بنسبة بسيطة جدًا بعد محاولات مستميتة منه لإقناعهم».

 

اعتزال العمل السياسي

 

أما صفوت حجازى فكان له رأى آخر، يتفق مع التوجه العام داخل التنظيم الدولى، وهو أن تعلن جماعة الإخوان اعتزال العمل السياسى نهائيًا، وتعتذر للشعب المصرى عن أخطاء المرحلة الماضية.. وتكتفى بالجانب الدعوى فقط، ويمكن أن تعود للعمل بعد سنوات، وبعد أن يهدأ الشارع الذى يرفضها فى الوقت الحالى بشكل قاطع.

وقال «حجازى» إن محمد بديع مرشد الإخوان يتحمل المسئولية كاملة عما آلت إليه الجماعة، لأنه كان رجلًا «ضعيفًا» ولم يقدم مصلحة الجماعة على المصالح الشخصية، وكان أمامه نموذج كان من المفترض أن يقتدى به وهو «راشد الغنوشي» «زعيم حركة النهضة» الذى تفهم الخطر على جماعته، بعد الاحتجاجات الغاضبة ضدهم فى تونس.

واتفق معه القيادى محمد البلتاجى،الذى أكد أن «بديع» لم يحسن التصرف فى الوقت الذى كانت الجماعة فيه على حافة الهاوية، ودخل فى مناورات مع الشعب وتجاهل الغضب الشعبى، قائلًا: «نحن نلقى باللوم على مرسى وكأنه كان صاحب قراره، أو أنه كان رئيسًا حقيقيًا، نحن نعلم أن القرارات كانت حكرًا على خيرت الشاطر».

وفى مقابل الهجوم عليه رد خيرت الشاطر قائلًا: «والله لم أر أغبى منكم فى جماعة الإخوان على مدار التاريخ، كنا نحاول السيطرة وتحقيق التمكين».

 

اشتباك بالأيادي

لم يسمح سعد خيرت الشاطر باكتمال الاجتماع حيث بادر بالهجوم على حسن مالك، قائلًا: «لا أعرف لماذا يتحدث حسن مالك فى الدين أو السياسة.. هو رجل مال ولا يفهم فى السياسة أى شيء».

التدخل الذى أغضب نجل مالك ودفعه إلى سب نجل الشاطر، لتبدأ مشادات وصلت إلى حد التراشق والاشتباك بالأيادى.

وهنا تدخل مرشد الإخوان الذى ظل صامتًا طوال الجلسة ومعه سعد الكتاتنى،محاولين فض الاشتباك، لكن الأمور خرجت عن السيطرة وقتها، واستمرت المعركة لمدة دقائق قبل أن يتم فضها وعزلهم عن بعضهم، وتعرض المرشد للضرب والركل.

وعلمت «روزاليوسف» من مصدر مطلع أن مرشد الإخوان تقدم بطلب لإدارة سجن طرة لفصل قيادات التنظيم فى عنابر بعيدة عن بعض.

يذكر أن قيادات الإرهاب تقيم فى عنابر متفرقة داخل سجن طرة، الذى ينقسم إلى الاستقبال، التحقيق، المزرعة، ملحق طرة، وشديد الحراسة.