بيزنس المدارس الإخــوانـــية!
هاجر عثمان
نشيد الجهاد وثلاث تكبيرات وخطبة عن محاسن الإخوان وتخوين المصريين من غير الإخوان هى فقرات طابور الصباح فى المدارس الإخوانية، التى يتهرب منها قيادات الجماعة مدعين أنها ليست مدارس إخوانية، وتساءل المهندس على القزاز مستشار وزير التعليم الإخوانى لماذا تتركون المدارس المسيحية وتتحدثون عن الإخوانية فقط، رافضا أن تكون مدرسته إخوانية، وكان مفاجئا أن أولياء الأمور والطلبة ردوا على مخططات أخونة المدارس والمناهج بتشكيل لجان مجتمعية لرصد هذه التجاوزات، وقال د. محمد رجب رئيس مركز تطوير المناهج بالوزارة إنه لا يجرؤ فصيل على تسريب أيديولوجيته للمناهج، بينما وصف خبراء التعليم هذا النظام بالفاشى الذى يقسم مصر لدويلات!
وتشمل قائمة المدارس الإخوانية الجماعة مدارس «جنى دان» الدولية المملوكة للقيادى الإخوانى خيرت الشاطر ومدرسة «أمجاد» المملوكة لكاميليا العربى شقيقة الإخوانى وجدى العربى الذى قال عن مرسى إنه خطف من عهد الفاروق عمر بن الخطاب.
ومدرسة «المقطم» الدولية المملوكة للمهندس عدلى القزاز مستشار الوزير لتطوير التعليم، ومدرسة طيبة للغات التى أحالت مؤخرا خمسة تلاميذ صغار لديها للتحقيق بسبب انتقادهم للإخوان، ومدرسة الدعوة الإسلامية ببنى سويف، ومدارس فضل الحديثة بالجيزة والمملوكة لزوجة عصام العريان ومدرسة «تاجان» بمنطقة التجمع بمدينة نصر، ومدرسة «المدينة المنورة» بالإسكندرية ومدارس «الجيل المسلم» بطنطا والمملوكة للإخوانى محمد السروجى المستشار الإعلامى لوزير التعليم، ومدرسة «الفتح» الخاصة ببنها، ومدرسة «الدعاة» بالسويس.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم تغيير النشيد الوطنى فى مدرسة «جنى دان الإسلامية الدولية» - المملوكة لخديجة خيرت الشاطر - إلى نشيد جهادي، حيث جاء النشيد بلادى بلادى أسلمى وأنعمي.. سأرويك حين الظما من دمي.. ورب العقيدة لن تهزمي.. ومن أكمل الدين للمسلمين.. سنحمى الجبال وتلك التلال.. ويحيا الجهاد به يكتب النصر للمسلمين.. بلادى إذا ما دهتك الخطوب.. فإنا بأرواحنا والقلوب.. سنحمى ثراك ونحمى الدروب.. هتافاتنا النصر للمسلمين.. سنلقى الحمام أسودا كرام.. نذيق اللئام جحيما يسعر من مسلم.. سأمضى إلى الله فى كل حين.. وإنى لمجدك صرح مبين.. ولن أخشى ظلما ولا ظالمين.. فإنى لربى نذرت دمي.. تلونا اليمين لرب ودين.. بألا نلين وأن نصنع النصر للمسلمين.
لذا كان يجب أن تفتح روزاليوسف الملف كاملا حول أخونة الأدمغة المصرية من الصغر بدءا من تحريف بعض المناهج وإضافة عبارات مثل «الإخوان بناة الإنسانية.. الإخوان السبيل للتقدم» عبارة تمت إضافتها إلى كتاب «اللغة العربية» المقرر على الصف الأول الابتدائي، أو حذف صور الرؤساء ودور المرأة فى منهج الدراسات الاجتماعية للصف الثالث الإعدادي، وصولا إلى مستقبل التعليم وهويته المدنية فى ظل وجود هذه المدارس الإخوانية وما تشكله من خطورة، خاصة بعد اعتراف المستشار الإعلامى لوزير التربية والتعليم محمد السروجى بتصريح على إحدى القنوات الفضائية بأنه يوجد أكثر من 60 مدرسة مملوكة لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرا أن هذا العدد فى رأيه محدود مقارنة بعدد مدارس المسيحيين أسئلة كثيرة حاولت أن تصل روزاليوسف لإجاباتها بمواجهة المسئولين والمتخصصين.
وأثناء اتصالنا بالمهندس عدلى القزاز مستشار الوزير لتطوير التعليم وصاحب مدارس المقطم الدولية للغات لنتعرف على رأيه فى هذه القائمة التى رصدت المدارس الإخوانية ومن بينها مدرسته، فقال لنا «أرفض تكفير بعضنا لبعض والخوض فى تقييم عقيدة كل شخص أو جماعة وتوصيفها بالخاطئة أو السليمة، ومن كشف هذه القائمة واتهم من فيها بانحراف العقيدة فهو يدين نفسه، ولن أعلق على هذا الموضوع وسأتركه إلى رب العالمين».
وأضاف القزاز: يوجد عشرات المدارس التابعة لجمعيات إسلامية ومسيحية، ولم يُقل عنها ما يقال على المدارس الإخوانية، ولم تذكر بهذا السوء الذى يصف به البعض مدارس تتبع ملكيتها للإخوان المسلمين، كما استخدم القزاز مصطلح جمعية على جماعة الإخوان المسلمين ونفى القزاز أن مدرسة المقطم التى يمتلكها تتبع لجماعة الإخوان ولا أى جمعية أخري، مؤكدا أن الإخوان جمعية ليست مخالفة للقانون ولا يشوبها أى شائبة، وأن الوزارة تشجع المدارس التابعة لها، وإذا كانت مخالفة فعلى وزارة التربية والتعليم اتخاذ الإجراءات اللازمة معها.
بينا حذر عبدالناصر إسماعيل ممثل اتحاد المعلمين المصريين من خطورة مثل هذه المدارس الإخوانية لأنها تهدد وحدة الوطن وتماسكه وتدفعه للتقسيم، مؤكدا أنه يرفض استغلال أى فصيل سياسى سواء كان يساريا أو يمينيا لأغلبيته فى الحكم ويقوم ببناء مدارس لتوجيه النشء إلى أفكار وأيديولوجيات خاصة به فقط، لأن انتهاج جماعة الإخوان لمثل هذا الأسلوب من المدارس لا يحدث فقط إلا فى الأنظمة الفاشية، وأى تعامل مع التعليم من وجهة نظر أيديولوجية وسياسية سيؤدى إلى إفساد التعليم نفسه، الذى يجب أن يعبر عن إرادة وطن بأكمله وليس منحازا لفصيل سياسى بعينه.
وأضاف عبدالناصر أن هذا المشهد من تلك المدارس الإخوانية يذكرنا بالسبعينيات عندما كانت الجماعات الإسلامية ترفض ذهاب أبنائها لمدارس الدولة لاعتبارها مدارس كافرة وغير إسلامية وأن ما يحدث الآن فى هذه المدارس استكمال لنفس المشهد، وإن كان بأسلوب جديد تحت شعارات مدارس دولية إسلامية مثلا، إلا أن الأمر برمته يمثل تعليما فاشيا رافضا للآخر فى حالة تكفير وتحريض ضده، مشيرا إلى الواقعة الأخيرة التى تعرض لها طالب فى الصف السادس الابتدائى عمر عاطف على بمدرسة الطلائع التجريبية بـ6 أكتوبر، عندما تعرض للضرب والتعنيف من مدرسه الذى اعترض على ارتداء الطالب قناع فانديتا واتهمه بكراهيته للإسلام، وعندما رد عليه الطالب بأنه يكره الإخوان والسلفيين، قام بمزيد من تعنيفه واتهمه أمام زملائه فى طابور الصباح بأنه يكره الإسلام.
ويرى عبدالناصر أن هذه الواقعة شديدة الخطورة، خاصة أنها تمت بمدرسة حكومية تابعة لوزارة التربية والتعليم ماليًا وإداريًا، ومن ثم «ما خفى كان أعظم» حدوثا بالمدارس التابعة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى ضرورة مراجعة الوزارة لهذه المناهج الخفية التى تلقن فى عقول التلاميذ بالمدارس الإخوانية، لأن الخطورة ليست فى المناهج المكتوبة، مؤكدًا مظاهرها التى بدأت بتغيير النشيد الوطنى على سبيل المثال لأنها تكرس فى عقول النشء أفكارا تحريضية تكفيرية تهدد الدولة المصرية وتحولها على المدى البعيد إلى دويلات صغيرة مفككة كنتيجة طبيعية للنظام التعليمى الفاشي.
«عبدالحفيظ طايل» مدير المركز المصرى للحق فى التعليم يؤكد أنه بالفعل يتم الآن أخونة بيئة التعليم بشكل عام وليس أخونة المناهج، بأن تتحول المدرسة إلى مكان لتدريب الطلبة ليصبحوا إخوان من خلال عدة مظاهر أهمها، زرع قيادات الإخوان فى مفاصل وزارة التربية والتعليم فى مراكز وظيفية مهمة كمديرى الإدارات التعليمية ومديرى المديريات ومسئولى المتابعة ومسئولى الأمن، ولا يهم كما صرح المتحدث الرسمى للوزارة أن يكون عددهم 22 أو أكثر، بل الخطورة تكمن فى طبيعة هذه المواقع الخاصة بالسيطرة على إصدار القرارات.
وأيضًا من هذه المظاهر إتاحة الفرصة أمام المعلمين الذين كانوا ينتهجون ممارسات تمييزية ضد الطلبة غير المسلمين، ولم يعد هناك عقاب فى المقابل، رصدنا أيضا استخدام العبارات الإسلامية فى الأناشيد الصباحية كالتكبير ثلاث مرات بدلاً من «تحيا مصر»، بالإضافة إلى استخدام أناشيد خاصة بالجهاد، فضلاً عن الكلمات التى يلقيها الأساتذة فى طوابير الصباح وتحتوى على مضمون تحريضى تكفيرى لغير المنتمى لجماعة الإخوان.
أما عن محتوى الكتاب المدرسى أى مناهج التعليم، فعملية الأخونة لها سهلة جدا ولم يبذل فيها الإخوان المسلمين جهدًا كبيرًا، فالمزايدات على الحفاظ على الثقافة الإسلامية والدين الإسلامى موجودة من أيام أمانة السياسات بالحزب الوطني، فنجد إغفالا كاملا لحقبة تاريخية أكثر من 700 عام من الحضارة القبطية ونجد مناهج التاريخ تبدأ بالحضارة الفرعونية وقفزة هائلة بعدها للفتح الإسلامي.
وأكد طايل أننا بصدد توظيف سياسى للتعليم فى الدعاية لصالح مشروع الحزب الحاكم، وهى أخطر من فكرة الأخونة التى يمكن التخلص منها بأغلبية برلمانية جديدة، وأشار أنه عندما تحدث مع اللواء حسام أبو المجد الذى كان مسئول القطاع المركزى للأمن بالوزارة عن مثل هذه التجاوزات التى يرتكبها حزب الحرية والعدالة رد عليه قائلاً إن زرع القيادات بالوزارة موجود منذ الضباط الأحرار، ومن الطبيعى أن تتحكم الأغلبية الحاكمة التى تمثلها الآن فى الوزارة.
أما عن الحلول لمواجهة هذه الأخونة ذكر طايل أنه يتم الآن التنسيق بين أولياء الأمور والطلبة والمعلمين فيما يسمى بـ«اللجان المجتمعية للحق فى التعليم» طوال العام الدراسى لمراقبة الحالة المدنية داخل المدارس، وممارسة الطالب لجميع حقوقه من حرية الرأى والتعبير، فهى تمثل محورا أساسيا لمواجهة أخونة بيئة التعلم أكثر خطورة من أخونة الكتاب المدرسي، لأن الطالب فى الحقيقة لم يعد يلتفت للكتاب المدرسى بل يهتم بالمذكرات والملخصات التى توفرها له الدروس الخصوصية.
بينما قال د.محمد زهران نقيب المعلمين المستقلة، إن إضافة مثل هذه العبارات وتحريف المناهج ليس جديدا على الإخوان، وخططها فى السيطرة على الوزارة وقد نبهت بخطورة ما يحدث منذ تم تعيين المهندس عدلى القزاز مستشار الوزير لتطوير مناهج التعليم، الأمر الذى جعلنى أقدم بلاغا للنائب العام ضد الوزير إبراهيم غنيم، مشيرًا أن التعيين فى وزارة التربية والتعليم يتم بناء على أهل الثقة وليس أهل الخبرة، فهذا «القزاز» هو أحد أبرز قيادات الجماعة وغير متخصص فى التعليم، فمن يحاسبه عندما يخطئ بمستقبل أولادنا.
وأشار زهران إلى خطورة البروتوكول الذى عقدته وزارة التربية والتعليم مع حزب الحرية والعدالة فى أكتوبر الماضى بحجة مشاركة المجتمع المدنى فى تطوير أساسيات التعليم من المدارس والمعلم والطالب والمناهج، واختراق حقيقى من جماعة الإخوان للمدارس والسعى السريع لأخونتها، والدليل على صحة هذه الخطة عدم عقد الوزارة لأى بروتوكولات أخرى مع الأحزاب المدنية الموجودة على الساحة السياسية.
أما فيما يتعلق بموقف المجلس القومى للمرأة بحذف صورة د.«درية شفيق» من كتب التربية الوطنية للصفين الثانى والثالث الثانوي، ذكر المتحدث الإعلامى محمد عبدالسلام: نحن كمجلس لا نمتلك سلطة تنفيذية بمحاسبة أى جهة، ولكن ما نقوم به بمتابعة كل ما يتعلق بشئون المرأة المصرية وحقوقها وأى تجاوزات ترتكب ضدها ونصدر توصيات بتعديله، وهو ما حدث بالفعل فى واقعة إصدار وزارة الأوقاف بقيادة د.طلعت عفيفى تقريرًا يوصى باستبدال صورة د.درية شفيق- إحدى رائدات حركة تحرير المرأة المصرية- من كتاب التربية الوطنية للصفين الثانى والثالث الثانوى لعامى 2013/ 2014 بصورة أخرى لأنها ترتدى الحجاب، وبالفعل قام المجلس بإرسال خطاب لوزير الأوقاف أبدى فيه رفضه القاطع لمثل هذه الممارسات التمييزية ضد المرأة عن طريق مناهج التعليم.
«عبدالسلام» قال إن المجلس أرسل خطابًا لوزير التربية والتعليم «إبراهيم غنيم» بعد حذف دور الرؤساء السابقين وصورهم من منهج الدراسات الاجتماعية للصف الثالث الإعدادي، وحذف دور المرأة والأحزاب، واعتبر المجلس إجراء مثل هذه التدخلات خطورة على وعى الطالبات والطلاب فى مرحلة مهمة تتشكل فيها اتجاهاتهم الفكرية والذهنية مما يمثل انتهاكًا لحقب تاريخية مهمة من ذاكرة هذا الوطن.
د.محمد رجب رئيس مركز تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم رفض هذا الاتهام ونفى وجود عبارة «الإخوان بناة الإنسانية.. الإخوان السبيل للتقدم» فى كتاب اللغة العربية للصف الأول الابتدائى فى الفصل الدراسى الثاني، مشيرًا أن هذا الكتاب تم إعداده وتأليفه وتحكيمه وإقرار ترخيص له قبل مجيء الإخوان للحكم فى 2012/4، والوزارة لم تقم بتأليف الكتاب بل تم تأليفه بواسطة إحدى دور النشر «دار نهضة مصر» عبر مسابقة أطلقتها الوزارة، فازت بها هذه الدار وقدمت نسخة على cd لمركز تطوير المناهج، ليأتى دور الوزارة بتقييم الكتاب وفقا للمعايير المحددة التى تضعها هيئة ضمان الجودة بأن يحتوى الكتاب كل ما يتوفر للطالب ليكتسب معارف ومهارات وليس موضوعات.