السبت 6 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«بورشهيد».. تيجى تقمعها تقمعك!

«بورشهيد».. تيجى تقمعها تقمعك!
«بورشهيد».. تيجى تقمعها تقمعك!


حتى نعرف تفاصيل الحقيقة من بداية التصعيد وحتى الآن، ولا تضيع بين الدم وغازات المواجهات وأصوات الرصاص والصراخ والعويل، من الضرورى أن نحكى القصة الكاملة للمأساة البورسعيدية، حيث اعتبر الأهالى إحالة 12 متهمًا للمفتى فى إطار التسييس لإرضاء الفيصل الأهلاوى على حساب بورسعيد وشعبها، وانطلقت الأعيرة النارية من عدد من الأسلحة الآلية كانت بحوزة مجموعة من المتواجدين وسط الحشود التى حاصرت سجن بورسعيد العمومى، وأسفرت عن استشهاد النقيب أحمد الفلكى.. بينما أصيب العشرات من المواطنين، وسط حالة من الهلع الشديد التى انتابت جميع الأبرياء بالمحافظة الذين تواجدوا لسماع النطق بالحكم مع أبناء محافظتهم لمؤازرتهم، إلا أن المشهد سرعان ما تحول إلى برك من الدماء التى سالت على أرض المدينة الباسلة، بينهم عدد من الرياضيين والعائدين من عملهم والمتوجهين إلى منازلهم ليبدأ العداد فى تزايد من مصرع موطن إلى مصرع 62 مواطنًا ليس من بينهم واحد ممن أطلقوا النار على السجن.. ويتساقط المصابون تباعًا بالعشرات فكل من يحاول إنقاذ مصاب سرعان ما يسقط فوقه إما مصابًا أو قتيلاً.
وفى ذات التوقيت كان هناك مجموعة مسلحة تحاول اقتحام أقسام الشرطة ببورسعيد، وإحراق قسمى شرطة الشرق والعرب والكهرباء بإلقاء عدد من زجاجات المولوتوف على السيارات المتواجدة فى محيط السجن وإطلاق نار من أسلحة آلية عليه.. يقابلها استبسال من ضباط شرطة القسم من خلال أسلحتهم الشخصية، ويتوجه عدد آخر من الملثمين لمحاولة إضرام النيران بمجمع محاكم بورسعيد بإلقاء أعداد كبيرة من زجاجات المولوتوف عليه، إلا أن سيارات الحماية المدنية سيطرت على الموقف، وأغلقت قوات الشرطة مداخل ومخارج بورسعيد من حدودها الإدارية مع محافظات الجوار ونشرت القوات المسلحة قواتها بطول المجرى الملاحى لقناة السويس وبمنطقة شرق التفريعة، وقطع أهالى قرى بحر البقر الطريق الجنوبى الفاصل بين بورسعيد والإسماعيلية، وهتف المواطنون أمام مجنزرات القوات المسلحة بشارع محمد على فور وصول القوات المسلحة بعد دخولها المحافظة «عاوزينها دولة» و«الشعب يريد دولة بورسعيد»!
وفى اليوم الثانى احتشد الآلاف من أهالى بورسعيد أمام مسجد مريم لتشييع أكبر جنازة فى تاريخ المدينة الباسلة الحديث منذ عدوان 56 على المدينة الباسلة، وحمل أهالى المدينة جثامين 26 شهيدًا وسط الحشود ليتوجهوا بها إلى مقابر بورسعيد وسط هتافات مستمرة «لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله»، «لا إله إلا الله.. محمد مرسى عدو الله»، «يسقط يسقط حكم المرشد.. الإخوان أعداء الله».
وعندما اقتربت الجنازة من أمام نادى الجيش فوجئت الجماهير الغاضبة بدفعات غاز مسيل للدموع تطلق عليهم من داخل النادى وأعدادهم بالآلاف ليترك المشيعون الجنازة فى الأرض ويهرعوا هاربين وتسود حالة من الذعر الشديد بين الجميع ويتساقط كبار السن من سيدات ورجال لعدم قدرتهم على الجرى وسط إطلاق الغاز الكثيف، وتتعالى الهتافات «لا إله إلا الله محمد مرسى عدو الله»، وتدفع الصحة عشرات السيارات من الإسعاف الطائر إلى مسرح الأحداث لتنقل عشرات المصابين إلى المستشفيات القريبة من مواقع الإصابات لتبلغ الإصابات 150 حالة من بينهم 4 مصابين بطلق نارى ليرتفع عدد القتلى إلى 38 وعدد المصابين إلى 857 مصابًا بينهم من خرج لتشييع جنازة ذويهم فكان الوضع بشعًا، فأنت تشيع جثمان صديقك اليوم ويشيع جثمانك غدا أصدقائك.
وأكد «الجرين إيجلز» أنه فى ظل التجاهل المستمر من الدولة للأحداث فإنهم لن يسمحوا باستقبال أى شخص سياسى مهما كان يأتى إلى بورسعيد للاستعراض السياسى، بالإضافة إلى أنهم لن يقبلوا أن تكون هناك حياة سياسية فى المدينة وسوف تقاطع جميع الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، وشدد الجرين إيجلز على أنهم لن يسمحوا للمخطط الإخوانى بدخول الاستثمارات القطرية إلى شرق التفريعة ببورسعيد والتحكم فى قناة السويس، وأشار الجرين إيجلز فى بيانهم إلى أنهم لن يقبلوا بإحراق المدينة بأحكام سياسية لتهدئة جانب يخشى منه النظام وأنهم سيبقون خلف كل مظلوم ولا يعنيهم البلطجى فى شىء، وطالب الجرين إيجلز فى بيانهم بفتح التحقيق الفورى مع وزارة الداخلية فى مقتل الشباب البورسعيدى من قناصى الداخلية، مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن المطالب مهما كان وأنهم سيبدأون فى الثورة ضد النظام الذى وصفوه بالظالم ليأتى خطاب الرئيس مرسى فى أول رد فعل من القيادة السياسية تجاه بورسعيد كعقاب وليس لتضميد الجراح.. كما أكد الجميع فرض العقاب ممثل فى الطوارئ وحظر التجوال.
ويخرج الآلاف من أهالى بورسعيد فى التاسعة من مساء أول يوم للحظر فى تظاهرتين حاشدتين رافضة لتطبيق قرار حظر التجول الذى أعلنه الرئيس على مدن القناة الثلاث، وفور التقاء المتظاهرين مع قوات الجيش هتف الجميع «الشعب والجيش إيد واحدة»، واعتلوا الدبابات والمدرعات لالتقاط الصور التذكارية معيدين للأذهان مشهد نزول الجيش يوم 28 يناير بعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، وفى نفس التوقيت الذى كان أهالى بورسعيد يتظاهرون سلميا اعتراضًا على حظر التجول وحاول 6 من الملثمين يستقلون درجات بخارية اقتحام سجن بورسعيد العمومى مجددًا من الجهة الغربية للسجن المواجهة لبؤرة محلات القنال الداخلى مستخدمين الأسلحة الآلية والجرينوف.. غير أن القوات المشتركة للشرطة والجيش تصدت لهم ولم تتمكن من ضبط أى منهم بعد أن تمكنوا من الفرار بدراجاتهم البخارية.
واستمرت عملية إطلاق النار على قسم شرطة العرب طوال يوم الرابع وحتى الفجر فى اشتباكات عنيفة بين مجموعة أخرى مسلحة وقوات تأمين القسم ليسقط 2 من القتلى لقيا حتفهما بطلقات نارية فى الرأس، كما أصيب 25 آخرون نتاج الاشتباكات بينهم عدد من ضباط وقوات الشرطة التى تقوم بتأمين القسم، واستمرت حالة من الذعر تسود سكان المناطق المحيطة بسجن بورسعيد العمومى وقسم شرطة العرب بعد انقطاع التيار الكهربى عنهم، ووصول الطلقات النارية إلى منازلهم وتحطيمها زجاج نوافذهم وعدم تمكنهم من النزول من تلك المنازل للهروب حتى هدوء الأحوال.
وأكد مجدى كمال مدير جمعية المستثمرين أن الخسائر بجميع المصانع بالمنطقة التى توقفت عن العمل منذ اندلاع الاشتباكات بلغت 17 مليون دولار يوميا.. وهو أمر بالغ الخطورة على الاستثمارات ببورسعيد، ومنح اللواء أحمد عبدالله محافظ بورسعيد جميع العاملين بالقطاع العام والحكومى إجازة لليوم لحين هدوء الأوضاع بالمحافظة عدا الصحة والتموين، وتبدأ أعمال المداهمات لأوكار الخارجين على القانون والمشتبه فى تورطهم فى الأحداث ليتم ضبط 21 منهم وبحوزتهم أسلحة مختلفة الأنواع بينها أسلحة آلية وخرطوش وسلاح أبيض.
بينما خرجت القوات الشعبية ببيان حمل عنوان «لن تركع بورسعيد إلا لله»، طالبوا خلاله بالقصاص من قتلة الأبرياء وإقالة وزير الداخلية وجميع القيادات الأمنية المتورطة فى إطلاق النار على الأبرياء ومعاملة شهداء بورسعيد كشهداء ثورة 25 يناير المجيدة وأن يحتكم فضيلة مفتى الديار المصرية إلى ضميره قبل إصدار حكم على الأبرياء فى قضية الاستاد مع الاعتذار الرسمى المعلن إلى بورسعيد وشعبها عن جميع ما وجه إليها من إساءة بالغة، وطالبت القوى الشعبية والأولتراس والقوى السياسية المنضمة إليهم بإعلان حالة العصيان المدنى بالمحافظة لحين الاستجابة لمطالبهم التى تعتبر مشروعة بكل معانى حقوق الإنسان، وهددت القوى المختلفة بالمحافظة باللجوء إلى المنظمات الحقوقية الدولية والمجتمعات الدولية فى حالة عدم الاستجابة.
وأكد د.شريف صالح عضو القوى الشعبية أنه يعتبر أن الحكم الصادر على 21 بالإعدام هو شبيه بمحاكمة دنشواى التى وقعت فى عهد الاحتلال، وعندما عجز المواطن المصرى أن يأخذ حقه فى وطنه.. لجأ الوطنيون إلى المجتمع الدولى ليعيد حق المظلومين، قال الكابتن إبراهيم المصرى منسق عام القوة الشعبية بالمحافظة إن جميع القوى والتيارات الشعبية بالمحافظة رفضت الاعتراف باجتماع المحافظ مع الأحزاب السياسية، مؤكدًا أن أى اجتماعات فى غياب القوى الشعبية والأولتراس لا تمثلهم، وأضاف المصرى أن المدينة الحرة أعلنت عدم اعترافها بأى قوة سياسية بالمحافظة ومقاطعتها لجميع الأحداث وأن من يريد التحدث باسم بورسعيد عليه الابتعاد عن الحياة السياسية، وحذر المصرى من محاولة إظهار الأوضاع على أنها هادئة داخل المحافظة بعكس ما هى عليه الآن.
وفى نفس السياق استمر عدم انتظام الموظفين فى عملهم الحكومى والقطاع العام.. بينما عاد عمال منطقة الاستثمار إلى مصانعهم وسط تعزيزات أمنية مكثفة من قبل عناصر القوات المسلحة، ووصلت أولى القوافل إلى بورسعيد من محافظات مصر بقافلة علاجية من اتحاد كتاب مصر وأخرى من تيار الاستقلال برئاسة المستشار أحمد الفضالى وزاروا عددًا من المرضى بالمستشفيات وقدموا لهم الهدايا أعقبتها قوافل قدامى المحاربين والفنانين ومن مدن القناة لمؤازرة شعب المدينة الباسلة.