الإعلان الدستورى «المدمر» مخالف لشرع الله!

محمد الجزار
غاب عن المشهد السياسى بعد الانتخابات الرئاسية التي خاضها عن حزب التجمع، وحضرت روحه بصفته مستشارا أو قاضيا مع تصاعد أزمة القضاة مع مؤسسة الرئاسة، ولأنه أيضا كان عضوا فاعلا فى تيار استقلال القضاء الذى حمله البعض الآن مسئولية هذه الأزمة!
المستشار هشام البسطويسى على عهدته يرى ضرورة أن يسحب الرئيس إعلانه الدستورى والذى وصفه بأنه أمر مشوه ولا يليق وأنه تفوق على مبارك فى العناد، مما يجعل الدولة المصرية فى خطر!
∎ الجميع راهن على القاضى هشام البسطويسى بأنه الحصان الأسود فى انتخابات الرئاسة الماضية، لكن اختفاءك صدم الجميع ما ردك؟
- أشكر كل من ساندنى فى انتخابات الرئاسة، لكن الأمر لدى مختلف فأنا لدىّ عملى وهو مصدر دخلى ولم أختف، بل عدت إلى عملى ولا أستطيع الجلوس دون عمل!
∎ كيف ترى المشهد السياسى المصرى بعد الإعلان الدستورى الذي أصدره الرئيس مرسى؟
- مصر فى محنة، وكان الأمل فى أن يكون لدى الإخوان وعى سياسى وأن يعملوا مع الآخرين، وأنهم لن يستحوذوا على السلطة أو يسيطروا كحزب واحد فقط على حكم البلاد، وهم أخطأوا فى الحساب وفضلوا امتلاك السلطة ولم تكن لديهم رؤية اقتصادية أو اجتماعية واضحة لحل مشاكل الوطن، وبالتالى بدأت المشاكل تتوالى وتتعقد الأمور حتى أصبح الأمر خطيرا ولا خيار آخر عن العمل التوافقى وأن الشعب لن يقبل منهم السيطرة على كل شىء والدليل هو الخروج عليهم بالتظاهر فى كل المحافظات من عدد كبير من القوى والحركات السياسية بجانب الشعب.
∎ هل عُرض عليك العمل كمستشار للرئيس؟
- لم يعرض علىّ العمل كمستشار له، وإننى فى حالة العرض سوف أعتذر لأننى مرتبط بعملى!
∎ وما تقييمك لعمل المستشارين بالرئاسة؟
- هى أدوار شرفية، ولو أن هناك توافقا على رؤية وعمل وطنى يحقق طموح الشعب والثورة لشاركت فيه دون الحصول على راتب، لكن الواضح أن كل المستشارين بلا عمل محدد وواضح، ولا يؤدون أى دور استشارى، ولا أقبل مجرد منصب بجوار الرئيس لأن التاريخ لن يرحم هؤلاء على دورهم سواء قاموا بتقديم الاستشارة السليمة أو صمتوا على ما يحدث من أخطاء جسيمة!
∎ البعض يحمل تيار الاستقلال مسئولية ما يحدث فى السلطة القضائية هل تتفق معهم؟
- تيار الاستقلال مثل نفسه وأدى عمله قدر ما سمح له سواء المستشار محمود مكى نائب الرئيس أو المستشار أحمد مكى وزير العدل، وكذلك المستشار زغلول البلشى، والجميع يؤدى المطلوب منه وغير صحيح ما يردده البعض بأن التيار مسئول عن المشاكل التى تواجه السلطة القضائية والقرار يتخذه الرئيس وهم ليسوا أصحاب القرار كما توجد حكومة لها قرارات والمستشارون أعضاء تيار استقلال القضاء يؤدون عملهم فى حدود الاختصاصات المحددة لهم!
∎ وهل «قضاة من أجل مصر» حركة جديدة لتحقيق مكاسب سياسية مثل تيار الاستقلال؟
- أنا لا أبحث عن النوايا داخل القضاة، ولا أعرف فيم يفكرون، أو هل هذا داخلهم وتيار الاستقلال لم يحقق مكاسب، بل يؤدى عمله!
∎ ما المخرج من أزمة الإعلان الدستورى؟
- لا مخرج إلا بسحبه لأنه إعلان مخالف لكل شىء حتى شرع الله وأيضا القانون والشعب كله يقف ضده ولا بديل إلا سحبه لأنه يضع مصر أمام اختيارين مؤلمين ومخـالفين للدستور، وهما إما أن نقـبل بعودة مجلس الشــعب المنـحل أو نقبل بسلطات الرئيس المطلقة ومنها احتفاظه بالسلطة التشريعية ولا أعرف هل هذا الإعلان رد على حكم حل مجلس الشعب، كما أن تحصين قرارات الرئيس أخطر من قانون الطوارئ.
∎ الرئيس سبق أن تراجع فى قرار إقالة النائب العام أول مرة.. هل تراجعه مرة أخرى يضعف هيبته وهيبة الدولة؟
- من يتحدث عن هيبة الرئيس عليه أن يعود لموقف عمر بن الخطاب عندما اعترف بأن امرأة أصابت وأنه أخطأ، وهو موقف مسجل فى التاريخ لأكثر من 1400 سنة، والأفضل أن يتراجع الرئيس لأنه كسب رجل الشارع والقانون عندما تراجع فى واقعة النائب العام، لكنه الآن عاد للمربع الأول وخسر الرأى العام وعليه أن يتراجع لعودة جمع الصف المصرى وحقنا لدماء المصريين وجروحهم لأن الخسارة للوطن وليس لفصيل أو رئيس، وهيبة الرئيس والدولة تصان بالقرارات التى تتفق مع القانون والدستور.
∎ بعض أنصار الرئيس يشبهون قراراته بقرارات عبدالناصر وعقب ثورة 1952 هل تتفق معهم؟
- عقب ثورة 1952 لم تتشابه الظروف مثل الآن، لأن الثورة كان لها مجلس قيادة يحميها ويأخذ شرعيته منها أى شرعية ثورية، إنما الآن لدينا شرعية دستورية و«ثورة لها شعب يحميها»، ولا يجب أن نكرر أخطاء الماضى، بل نستفيد منها ونصوبها، والمثير أن الإخوان أكثر من انتقدوا عبدالناصر وهاجموه ولا أعرف كيف لهم أن يتحدثوا الآن عن قراراته! وهو ما جعل الشارع ينقسم عليهم ويخرج بالتظاهرات والثورة لهذه الازدواجية فى تحقيق الأهداف والمصالح.
∎ هل هذا الإعلان هو الخطأ أم جميع الإعلانات التى صدرت منذ تنحى الرئيس السابق؟
- كل الإعلانات الدستورية التى صدرت بها أخطاء وغير مبررة.. لأن كل الذين استعانوا بهم أناس من اتجاه واحد ومحدد وأصحاب هوى لا يقدرون ولا يفكرون فى صالح الثورة وأفكارها، بل يفكرون فقط فى صالحهم وصالح من يضعون لهم الإعلانات الدستورية، وبالتالى هذه الإعلانات خرجت بمواد غير قانونية، بل غير منطقية سواء للمجلس العسكرى ثم للإخوان، ومنها إجراء الانتخابات قبل الدستور، تعديل دستور 71 بعدها إعلان دستورى من أجل المصالح الشخصية حينا ولأن الذين يستشارون أصحاب هوى وغير مؤهلين فى حين آخر، ونحن الآن نجنى ثمار هذا التخبط والفوضى التى عشناها عقب النظام السابق وخلال الفترة الانتقالية، بل حتى الآن.
∎ هل تعلم الرئيس مرسى العناد من سابقه مبارك بعدم العودة عن قراره؟
- عندما تراجع الرئيس مرسى عن قرار النائب العام وعن عودة مجلس الشعب أسعد ذلك الجميع خاصة الشعب وزادت مكانته وقلنا أول مرة يأتى رئيس يراعى ويتفق مع إرادة الشعب، لكنه الآن صار أكثر عنادا من مبارك بإقالة النائب العام دون خطأ وحصن قراراته تمهيدا لعودة مجلس الشعب، وهذا غير موجود فى أى مكان فى العالم ولابد أن يعود الرئيس عن الإعلان الدستورى لأن الشعب قال لا والثورة لم تتوقف لتبدأ ثورة جديدة لأن أهدافها لم تتحقق حتى الآن، وبالتالى عادت الجماهير إلى ميدان التحرير.
∎ هل النائب العام الجديد أخطأ فى قبول المنصب؟
- المستشار طلعت عبدالله النائب العام الجديد يستطيع أن يعتذر وهو رجل قانون على قدر من الخلق والسلوك القويم وهو أحسن الناس لشغل المنصب، لكن الوقت ليس مناسبا لمخالفة القرار للقانون بعدم عزل النائب العام.
∎ تغريدة المستشار محمود مكى على تويتر بأن الرئيس قال له إنه سوف يصوم ثلاثة أيام ردا على مخالفة الإعلان الدستورى للقانون أثارت الجدل بين الجميع هل هذا الحديث صحيح؟
- لا أعرف شيئا عن هذه التغريدة، ويسأل عنها صاحبها نائب الرئيس المستشار محمود مكى والرئيس محمد مرسى.
∎ فى ظل هذه الأوضاع فى حالة عودة الانتخابات الرئاسية هل ترشح نفسك ثانية؟
- لن أرشح نفسى مرة أخرى، ويجب على كل من تعدى الستين أن يتوقف عن العمل السياسى ونعطى الفرصة للشباب ونقوم بدورنا لتقديم النصح والخبرة لهم من أجل ضخ دماء جديدة.
∎ هل يمكن الاستفادة من تجربة دستور إندونيسيا؟
- بل نستطيع أن نصنع دستورا أفضل مرات من الدستور الإندونيسى لأن لدينا فقهاء ورجال قانون دستورى يعلمون العالم، المهم أن نصحح الأخطاء ونمثل الجميع ويستمد الدستور إرادته ومواده من الشعب لأن الشعب هو الأصل فى كل بلدان العالم.