الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قاسم سليمانى شبح الرعب «الإيرانى»فى «البيت الأبيض»

قاسم سليمانى شبح الرعب «الإيرانى»فى «البيت الأبيض»
قاسم سليمانى شبح الرعب «الإيرانى»فى «البيت الأبيض»


 
ما أن استقرت طائرة ضابط المخابرات العراقى الكبير على أرض العاصمة الإيرانية «طهران» فى صيف 2007 إلا واختفت صورة الرئيس أحمدى نجاد تماما من أمام عينيه.. فالرجل، لم يكن صاحب الكلمة فى سياسات بلاده تجاه العراق!
 
كانت الخيوط - جميعها - فى يد ضابط غير معروف اسمه «قاسم سليمانى» إذ كان - وقتئذ - قائدا للواء القدس، شبه العسكري.
 
فسليمانى - بحسب رواية أحد المسئولين العراقيين للقيادات الأمريكية، وهى الروايةالتى نقلها الكاتب الأمريكى «مايكل جوردون» فى كتابه «نهاية اللعبة».. كان هو السلطة الإيرانية الوحيدة المخولة بالعمل فى العراق.
 

 
حتى أنه -بحسب الفصل الذى أفرده «جوردون» للحديث عن الرجل «تحت عنوان» أستاذ إيران فى فوضى العراق -ما يزال يزعج أمريكا» -سعى لإجراء محادثات سرية مع الولايات المتحدة بعد احتلالهم العراق.. إلا أن هذا الأمر قوبل بالرفض من قبل قائد القوات الأمريكية فى حينه!
 
 
لكن لم تنقطع الأحبال تماما!
 
الجنرال سليماني، هادئ الحديث، رمادى الشعر، يسير بثقة تأتى من كونه مدعوما من جانب آية الله على خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، وهو الصورة المناقضة لرئيس الجمهورية النارى الطباع.
 
الآن هو برتبة فريق -وهى الرتبة الأعلى فى قوات الحرس الثورى الإيرانى -بعد الترقية التى حصل عليها العام الماضي، إذ كان العقل المدبر لمبادرتين فى قضيتين مركزيتين تتعلقان بالسياسة الخارجية الإيرانية، وتتمثلان فى ممارسة وتوسيع النفوذ فى السياسات الداخلية العراقية، وتقديم الدعم العسكرى لحكم الرئيس بشار الأسد فى سوريا.
 
وقد جعله هذا الدور، فى صراع مباشر مع صناع السياسة الأمريكية الذين كانوا يأملون تكريس مستقبل العراق كحليف للولايات المتحدة، وتسهيل إسقاط نظام الأسد، والحد من محاولة إيران اكتساب نفوذ فى المنطقة و وضعت وزارة الخزانة الأمريكية العام الماضى الجنرال سليمانى على قائمة عقوباتها، لأن المسئولين الأمريكيين قالوا إنه متورط فى محاولة اغتيال السفير السعودى بواشنطن!
 
لم يكن دور سليمانى مفاجئا جدا بالنسبة للمسئولين الأمريكيين الذين كلفوا بالتعامل مع الحرب الخفية التى تشنها إيران خلال السنوات التسع التى تواجدت فيها القوات الأمريكية فى العراق.
 

 
إن اتصالاتهم مع الجنرال سليمانى ومناقشاتهم الداخلية، التى تم تفصيلها فى وثائق سرية توفر صورة حية لمنفذ الأهداف الدولية الإيرانية.
 
لقد وصف الجنرال ديفيد بترايوس -الذى توصل لمعرفة نفوذ قائد فيلق القدس عندما حزم فى العراق -الجنرال سليمانى ذات مرة بأنه «شخصية شريرة» بالفعل وذلك فى رسالة موجهة لوزير الدفاع الأمريكى فى ذلك الوقت روبرت جيتس.
 
وفى رسالة أخري، اعترف بالنفوذ الذى حققه سليمانى فى العراق، وكتب بترايوس لجيتس فى الرسالة المؤرخة فى شهر أبريل 2008 «أكبر مفاجأة أدركتها هذا الأسبوع كانت مدى النفوذ الإيرانى المباشر فى مؤامرات السياسة العراقية».
 
وكان الجنرال سليمانى قد أثار انتباه العراقيين للمرة الأولى خلال الحرب العراقية الإيرانية التى استمرت ثمانى سنوات فى ثمانينيات القرن الماضى كقائد للفرقة 41 من قوات الحرس الثورى إذ اكتسب سمعة مهمة بسبب المهمات الاستطلاعية القيادية التى كان يقوم بها خلف الخطوط العراقية.. وكانت من الكثرة إلى درجة أن الجيش العراقى اختاره وحده فى النشرات الإذاعية، وفقا لعلى الفونة، وهو زميل بارز فى معهد المشروع الأمريكي، كرس وظيفته لدراسة شخصية سليماني.
 
لقد شكلت الحرب توجهات سليمانى نحو العراق، إذ يقول رايان كروكر، السفير الأمريكى السابق فى بغداد بالنسبة إلى قاسم سليمانى فالحرب العراقية - الإيرانية لم تنته بشكل فعلى، وليس هناك شخص مر بحرب شبيهة بالحرب العالمية الأولى دون أن يتأثر بها طيلة حياته إن هدفه الاستراتيجى هو النصر النهائى على العراق، وإذا لم يكن هذا ممكنا، فالهدف هو إيجاد عراق ضعيف والسيطرة عليه.
 
فى أواخر تسعينيات القرن الماضى اختير سليمانى لقيادة فيلق القدس، وهو وحدة من قوات العمليات الخاصة، وتشكل الحرس الثورى لدعم الحركات الثورية فى الخارج، بما فى ذلك تلك الموجودة فى أفغانستان والعراق ولبنان.
 
وبعد الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 تولى الجنرال سليمانى مهمة توسيع النفوذ الإيرانى هناك، وشل حركة الجيش الأمريكي، وبالتالى دفعه لمغادرة العراق :وهى أهداف كبرى بالنسبة إلى حكومة إيرانية صممت أن تكون قوة عظمى فى المنطقة، وشعرت بالتهديد من وجود الجيش الأمريكى على حدودها الغربية والشرقية.
 
وقال محسن سازيجارا، وهو عضو مؤسس للحرس الثورى يعيش الآن فى المنفى فى الولايات المتحدة: كان تقييم الحرس الثورى هكذا: لدينا فرصة ذهبية الآن نستطيع إشغال الأمريكيين فى العراق، وفى الوقت نفسه ننشر الفوضى هناك.
 
وعندما انهمرت الصواريخ على المنطقة الخضراء فى بغداد عام 2008 سأل عادل عبدالمهدي، نائب الرئيس العراقى، الجنرال سليمانى خلال اجتماع معه فى طهران عما إذا كانت إيران وراء هجمات الميليشيات، وتندر سليمانى متسائلا عما إذا كان التسديد دقيقا، لأن القذائف منه.. وهو ما ذكره عبدالمهدى للسفير كروكر وسجلته برقيات السفارة الأمريكية.
 
وحتى لو أن لواء القدس بقيادة الجنرال سليمانى هو الذى درب وسلح الميليشيات الشيعية فى العراق، فقد استضاف عددا من كبار المسئولين العراقيين.. ومن خلال إشعال العنف تم التوسط لحل الصراع ..ووفقا للمسئولين الأمريكيين، استطاع أن يجعل من نفسه شخصية لا يمكن الاستغناء عنها إذ أحدث خللا فى التوازن لدى العراقيين.
 
وكتب كروكر فى برقية أخرى خلال يونيو 2008 بعد أن لعب الجنرال سليمانى دوراً فى التوسط لوقف إطلاق نار ساعد فى انسحاب الميليشيات الشيعية فى حى الصدر ببغداد المزيد من المعارك الدموية الطاحنة بين الشيعة لا يمكن تجنبها، وعندما يحدث عنف كهذا، يبدو من المحتمل أن الأطراف ستهرول من جديد نحو طهران، وتطلب من الجنرال سليمانى أن ينهى الفوضى التى كان هو عاملاً فعالاً فى إيجادها وتكريسها.
 
 كانت واحدة من الرسائل الأولى التى تلقاها المسئولون الأمريكيون من الجنرال سليمانى فى يناير .2007 وكانت القوات الخاصة الأمريكية قد اعتقلت خمسة من الضباط ذوى الرتب المتوسطة فى لواء القدس فى أربيل، وهى مدينة فى إقليم كردستان العراق، وفى الأسبوع التالي، اجتمع سليمانى مع الرئيس العراقى جلال طالبانى فى سوريا، وسلمه رسالة للسفير الأمريكى فى بغداد فى ذلك الحين، زلماى خليل زاد: إيران مستعدة لفتح حوار مع الولايات المتحدة، شريطة أن يكون الجنرال سليمانى هو قناة التوصيل.
 
وقال طالبانى إن قائد فيلق القدس أقر بأن لديه مئات العملاء فى العراق، بعضهم تآمر لمهاجمة جنود بريطانيين، لكنه أصر على أنهم لم يتورطوا فى تشجيع هجمات على الأمريكيين، وهو ادعاء رأى مسئولون أمريكيون أنه زائف بصورة سافرة.
 
وصادق الرئيس جورج بوش على الاجتماع مع الممثلين الإيرانيين بشأن العراق ولكن ليس مع الجنرال سليماني، وعندما عقدت الولايات المتحدة محادثات ثلاثية مع دبلوماسيين إيرانيين وعراقيين فى صيف 2007 فى بغداد، قال كروكر والجنرال بترايوس فى تقريرهما إن الممثلين الإيرانيين لم تكن لهم سلطة حقيقية.
 
وبعد وقت قصير على الاجتماعات عرض الجنرال سليمانى اقتراحا على القائد الأمريكى، ففى اجتماع فى فندق فى طهران مع شيروان الوائلى، رئيس أحد أجهزة الاستخبارات العراقية المتنافسة، طلب الجنرال سليمانى من المسئول العراقى أن يقول للجنرال بترايوس إن الهجمات من جانب الميليشيات الشيعية فى العراق ستخفض إذا أطلق الأمريكيون سراح قيس الخز على الذى اعتقله كوماندوز بريطانيون فى مارس، ووفقا لما ذكره شيروان لوائلى فإن سليمانى قال: «سترون النتائج فى غضون شهرين».
 
وبالنسبة إلى الجنرال بترايوس، كان العرض غير وارد، إذا ربط اسم الخز علي، وهو قائد ميليشيا شيعية، بهجوم أدى إلى موت خمسة جنود أمريكيين فى كربلاء وطلب الجنرال بترايوس أن يكف فيلق القدس عن تدريب وتسليح الميليشيات الشيعية فى البلاد.
 
 وكتب الجنرال بترايوس إلى جيتس قائلا: «لإعطاء صدمة إضافية، أقول إننى أدرس إبلاغ الرئيس بأننى أعتقد أن إيران تقوم فى الواقع بشن حرب على الولايات المتحدة فى العراق»، وذلك فى وصفه للجواب الذى طلب من الوائلى أن ينقله إلى الجنرال سليماني، وأضاف: «أعتقد أن إيران قد تجاوزت مجرد السعى إلى ممارسة نفوذ فى العراق ويمكن أنها تقوم بخلق وكلاء ليقاتلونا بنشاط، معتقدين أن بإمكانهم أن يبقون منشغلين بينما هم يحاولون بناء أسلحة دمر شامل وتهيئة جيش المهدى الميليشيات الشيعية الأكبر ليعمل كما يعمل حزب الله فى لبنان».
 
ومع ذلك فإن الحرب الخفية استمرت، وبعد ذلك بدأت إيران فى تزويد شركائها فى الميليشيات بقذائف هاون صاروخية، وأرسل الجنرال بتراويس رسالة من عنده، إذا اجتمع الميجور جنرال مايكل دى باربيرو، ضابط عمليات الجنرال بترايوس، مع هادى العامرى وهو سياسى شيعى كان فى السابق قائد تنظيم بدر، وهى ميليشيا شيعية شكلت لمقاتلة الرئيس العراقى صدام حسين بدعم من فيلق القدس.