الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حقيقة تورط هيكل فى اغتيال المشير عامر

حقيقة تورط هيكل فى اغتيال المشير عامر
حقيقة تورط هيكل فى اغتيال المشير عامر




 


في سبتمبر 1967 كان العمل الفعلي لمحمد حسنين هيكل بجوار جمال عبدالناصر. هو مستشاره الخاص وصاحب المشورة الأخيرة في أذن الرئيس وهو نمط من الوظائف استوحاه هيكل من الإدارة الأمريكية، واقتنع به عبدالناصر، وفضل أن يستمر هيكل في عمله معه وفي علاقته به دون إعلان رسمي عن طبيعة الوظيفة ولا مهامها.
 

استراحة المخابرات بالمريوطية

 
 
وكانت إحدي مهام هيكل  إخراج قرارات ووقائع الأحداث كما يريدها جمال عبدالناصر، كما كان هيكل أحد رجال المهام الخاصة الذين يعتمد عليهم جمال عبدالناصر.
 
كان هيكل يعلم دقائق العلاقة بين رئيس الدولة ومشيرها وقائد عام قواتها المسلحة. وعندما حدث الخلاف الشديد بين جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر والذى تصاعد بشدة بعد رغبة عبدالحكيم عامر فى الابتعاد نهائيا عن الحكم بعد يوم 9 يونيو 1967 وبعد رغبة عبدالناصر أن يظل عبدالحكيم جزءا من النظام يحدد هو مهامه وحدود عمله، وأن يبتعد عن الحديث عن الديمقراطية الواجبة لحماية الإنسان والنظام فى مصر.
 
كان هذا تكرارا لخلافات حدثت بين عبدالحكيم عامر وجمال عبدالناصر كان انحياز عبدالحكيم فيها إلى نظام رئاسى جمهورى أو رئاسى برلمانى وكان انحياز عبدالناصر دائما نحو نظام يسود فيه حكم الفرد.
 
وحدثت أولى المواجهات بعد نهاية العدوان الثلاثى. ثم حدثت  مواجهات عنيفة بعد انهيار دولة الوحدة المصرية السورية يوم 28 سبتمبر 1961 بسبب سوء إدارة جمال عبدالناصر لشئون   الحكم فى سوريا، وجرائم عبدالحميد السراج رجل عبدالناصر فى سوريا، ونجاح المخابرات الأردنية والسعودية فى استمالة مقوضى الوحدة بسبب سوء إدارة عبدالناصر لشئون إقليم الجمهورية العربية المتحدة الشمالى - سوريا -  وخصوصا بعد إصرار عبدالناصر على تطبيق القوانين الاشتراكية وإجراءات التأميم هناك. بعد قتل عبدالحكيم عامر، كان على هيكل أن يصور الأمر أولا أنه انتحار ثم بعد ذلك يتم صياغة قصة حياة أخرى لعبدالحكيم عامر. غير التى عاشها وحقق فيها كثيرا من الإنجازات، كما شارك أيضا فى العديد من الإخفاقات التى تعرضت لها مصر، كان على هيكل أن يحمل عبدالحكيم عامر كل الهزائم التى أخفق فيها جمال عبدالناصر، منذ حرب العدوان الثلاثى وحتى هزيمة يونيو 1967، وأن يكون  عبدالحكيم عامر، هو صانع الهزائم التى  ختمها بقتل نفسه بنفسه.
 
كان على هيكل أن يعد البيان الذى أذيع بالفعل بعد ساعات قليلة من دفن عبدالحكيم عامر، فقد دفن عبدالحكيم عامر فى مقابر أسرته بقريته أسطال فى ظهر يوم الجمعة 15 سبتمبر 1967، بعد أن أحضر الجثمان وركن فى «ديوان» منزل أسرة عبدالحكيم، لحين تحديد القبر الذى سيوضع فيه الجثمان وقد استطاع شقيقه الأكبر «سنوسي» وابن شقيق له أن يلقيا نظرة خاطفة على وجه الجثمان، ولم يسمح بتغسيل الجثة  أو كشفها، فلم يطالع أحد غير الوجه، ولقد شكك بعد ذلك فى أن ما دفن فى القبر كان هو جثمان المشير عبدالحكيم عامر. فقد كان من السهل صنع قناع شبيه بوجه عبدالحكيم عامر.
 
كما أن أحد ضباط حراسة استراحة المريوطية التى قتل فيها عبدالحكيم عامر، كان قد أخبر صلاح نصر فى فترة لاحقة أن ما خرج من الاستراحة كان جثتين لا جثة المشير فقط. وأن عبدالحكيم عامر قد تعرض للتعذيب بالتجويع والعطش والضرب أحيانا فى فترة احتجازه التى استمرت 24 ساعة كاملة حتى قتل، وأنه قد حدث اشتباك داخل حجرة المشير التى كان يستجوب فيها داخل الاستراحة بمعرفة العقيد سعد زغلول عبدالكريم والعميد الليثى ناصف والعميد سعيد الماحى وآخرين، كان تواجدهم لبعض الوقت مثل الفريق عبدالمنعم رياض والفريق أول فوزي، وأنه أثناء اضطراب وصوت نقاش حاد  خرجت إحدى الطلقات من سلاح أحد الحراس وقد أودت بحياة الجثة الأخرى التى خرجت من الاستراحة وهو ما يفسر الدم الذى لوث غطاءات السرير. والذى ذكر تقرير الطب الشرعى أنه «قد وجدت تلوثات على الملاءات يميل لونها للحمرة».
 
صلاح نصر فى أوراقه والتى سبق أن نشر بعضها والآخر مازال محجوبا لا يعرف مصيره من النشر، يقول إن دكتور «إبراهيم البطاطا» والذى كان يعمل مساعدا لطبيب المخابرات أحمد ثروت - والذى كان عبدالناصر يتفاءل به - كان دكتور البطاطا قد درب على «أعمال مخابرات» كان منها انتزاع الاعترافات من المستجوبين بدون تعذيب، وذلك باستخدام عقاقير كانت تستوردها أجهزة المخابرات فى مصر  العسكرية والعامة، وكانت المخابرات العامة تستوردها خصيصا  لتستخدمها مع من تقبض عليهم من الجواسيس، إذا لم يقتنعوا بالاعتراف المباشرالمبنى على الوقائع، أو إذا ما تعمد الجواسيس إخفاء معلومات أثناء الاستجواب وقد استخدم هذا الأسلوب مع الصحفى «مصطفى أمين» فى مبنى المخابرات العامة، عندما قبض عليه فى يوليو 1965، وحجز فى مقر المخابرات العامة لمدة ثلاثة أشهر، قبل أن يحال إلى المحكمة، حيث حوكم وأدين.
 
فقد أريد من عبدالحكيم عامر مساء يوم الأربعاء 13 سبتمبر وحتى السادسة من مساء  يوم الخميس 14 سبتمبر، تحت الإكراه، أو بواسطة العقاقير التى حقن بها أن يقول غير الحقيقة، وأن يتحمل وحده أخطاء تجربة عبدالناصر السياسية والعسكرية، وأن يتحمل عن الرئيس وزر أخطائه. وكان فى النهاية ولاشك سوف يقتل، لقد أريد منه أن يدون بخطه ما طلب منه فى أوراق أعطيت إليه، بينما كانت كاميرات التسجيل الموجودة بالاستراحة، تسجل كل شيء يحدث، وهذا ربما ما جعل المشير عبدالحكيم عامر يقاوم بعزيمة جبارة التعذيب والإكراه على الاعتراف، رغم استمرار الضغط العصبى وتوالى ضربات وصفعات الإهانة، حتى يؤس  منه، فأعطى حقنة القتل.
 
كان عبدالناصر قد أقر قتل عبدالحكيم عامر. بعد محاكمة أقيمت فى منزله ولم يستطع عبدالناصر أن يكمل جلستها فصعد إلى جناح نومه فى الدور العلوي، يتابع منه ماذا فعلت فرق إلقاء القبض على أفراد  عديدين من أسرة عبدالحكيم عامر وكذلك معرفة مصير عملية اقتحام منزل عبدالحكيم عامر فى الجيزة وإتمام تمشيطه، والاستحواذ على ما فيه من أوراق أو أشياء مهمة خاصة بالدولة، كان عبدالناصر قد ترك عبدالحكيم  عامر، مع زكريا محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعي. لقد تحدى عبدالحكيم عامر، عبدالناصر فى بيته ووسط حراسه وأعضاء المحكمة الذين أتى بهم جمال عبدالناصر وقال له عبدالحكيم : «أنت عايز تحدد إقامتى يا جمال.. قطع لسانك».
 
 لقد تحدى  عبدالحكيم عامر  جمال عبدالناصر، بطلبه  إذا كان يريد محاكمته فلتكن محاكمة عسكرية، وهو ما كان يهرب منه عبدالناصر، ولا يسمح أن يتم أبدا، لقد  أصدر حكمه وفق محاكماته الاستثنائية التى لم تسمح لبريء أبدا أن يظهر براءته.
 
 يوم تنفيذ القتل. الذى صمم عليه جمال عبدالناصر يوم الخميس 14 سبتمبر. لم يستجب جمال عبدالناصر لتوسلات «آمال» ابنة المشير وزوجة حسين عبدالناصر،  شقيق الرئيس من الأب، عندما اتصلت به وكان فى استراحته بالمعمورة قبل القتل بساعتين فقط، وتوسلت إليه أن يطلق سراح أبيها، ولكن الرئيس لم يستجب لتوسلاتها وأغلق سماعة التليفون فى وجهها، بعد أن أخبرها أن مصلحة البلد تقتضى ذلك.


قتل المشير محمد عبدالحكيم عامر
 
 وكان على الدولة المصرية كلها فى ذلك الوقت أن تكذب حتى تكون  عملية القتل انتحاراً.. بدءا بمستشار الرئيس للمهام الخاصة محمد حسنين هيكل. وسامى شرف سكرتير الرئيس للمعلومات ومدير جهاز المخابرات الخاص بالرئاسة، والذى حرض على التخلص من عبدالحكيم عامر، بتأويل ما كان يصل إليه من معلومات عن طريق عناصر دسها فى منزل المشير، وهو أحد الذين رسموا سيناريو الانتحار المزعوم مع أمين هويدى الذى أصبح فى هذا الوقت وزيرا للحربية ومشرفا على جهاز المخابرات العامة فى ذات الوقت وشعراوى جمعة وزير الداخلية وزكريا محيى الدين خليفة الرئيس فى تنحيه الوهمى ومحمد حسنين هيكل وأنور السادات.


لقد أعد محمد حسنين هيكل بيان الانتحار الذى أذيع من راديو صوت العرب فى التاسعة مساء يوم 15 سبتمبر ونشر فى صحف اليوم التالى والذى جاء فيه :
 
 «وقع أمس حادث يدعو إلى الأسف والألم، إذ أقدم المشير عبدالحكيم عامر على الانتحار بابتلاع كمية كبيرة من مواد مخدرة وسامة، ورغم كل الإسعافات الطبية العاجلة، فإنه أصيب أمس بانهيار مفاجئ نتج عنه  وفاته.
 
وكان المشير عامر قد دعى بعد ظهر يوم الأربعاء لسماع أقواله فى التحقيقات العسكرية التى جرت أخيرا، ونظرا لرتبته الرفيعة، فقد توجه لدعوته للتحقيق القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول محمد فوزى ورئيس هيئة أركان  حرب القوات المسلحة الفريق عبدالمنعم رياض، ولكن المشير، بدلا من أن يخرج معهما للإدلاء بأقواله فى التحقيق دخل إلى حجرته فى الجيزة وابتلع كمية من مادة سامة، وحينما بدت أعراض التسمم على المشير فإن الفريق أول محمد فوزى والفريق رياض صحباه إلى مستشفى المعادي.
 
 وفى مستشفى المعادى أشرف مديره اللواء طبيب محمد عبدالحميد مرتجى على عملية الإسعاف الطبية السريعة وكبير الجراحين بمستشفى القوات المسلحة بالمعادى العميد الطبيب محمود عبدالرازق حسنى والطبيب بمستشفى المعادى العميد الطبيب عبدالمنعم السيد القللى ورئيس معامل مستشفى القوات المسلحة بالمعادى المقدم طبيب محمد عبدالمنعم عثمان والرائد الطبيب سليمان محمد المدنى سليمان بمعامل المستشفى العسكرى بالمعادى والرائد الطبيب ثروت عبدالصمد الجرف بمعامل المستشفى العسكرى بالمعادى والرائد الطبيب حسن أحمد فتحى الطبيب بالاستقبال بالمستشفى والرائد الطبيب أحمد عبدالكريم رشيد إخصائى البنج بمستشفى المعادي.
 
 وقد أجريت للمشير عملية غسل معدة، وتحسنت بعد ذلك صحته ورؤى نقله إلى أحد بيوت الضيافة بالجيزة تحت إشراف اثنين من الأطباء المقيمين، هما الرائد طبيب مصطفى بيومى والرائد الطبيب إبراهيم البطاطا.
 
 وكانت نتيجة تحليل المادة التى حاول المشير الانتحار بها أنها مخدر سام خطر. وقام بإجراء هذا التحليل كل من إخصائى السموم  مقدم مكلف كيميائى «صلاح عبدالغنى عيد» من المعامل المركزية بالقوات المسلحة. وطوال يوم أمس الخميس كانت الحالة الصحية للمشير عبدالحكيم عامر تتقدم باطراد. وفى الساعة السادسة والربع مساء - وكان المشير قد دخل إلى الحمام- أقبل المرافق الخاص له يدعو الطبيب المقيم على عجل لأن شيئا مفاجئا قد وقع للمشير وأسرع الرائد طبيب إبراهيم البطاطا إلى حيث كان المشير عبدالحكيم عامر، فوجده فى حالة سيئة مفاجئة. فبدأ على الفور بنقله إلى غرفة نومه وبدأ فى اتخاذ إجراءات إسعاف سريعة كما طلب إخصائيا وعربة إسعاف من مستشفى المعادي، لكنه كان من الواضح هناك أن حالته تتفاقم بسرعة حتى فارقته الحياة تماما فى الساعة السادسة والنصف من مساء أمس.
 
وقد أبلغت السلطات المختصة بما وقع فانتقل وزير العدل السيد عصام حسونة  ليشرف بنفسه على التحقيق الذى كان يقوم به النائب العام السيد محمد عبدالسلام وعدد من مساعديه يتقدمهم رئيس نيابة الجيزة. كما دعى وكيل وزارة العدل لشئون الطب الشرعى الدكتور  عبدالغنى سليم البشرى  ومعه أستاذ الطب الشرعى بجامعة القاهرة الدكتور على عبدالنبى وأستاذ الطب الشرعى بجامعة عين شمس الدكتور يحيى شريف. وقد أظهر الكشف الأولى أن المشير عبدالحكيم عامر كان يخفى أقراصا من مادة سامة فى شريط لاصق بجسمه، الأمر الذى ظهر أنه عاود محاولته الانتحار عندما قصد إلى الحمام فى الساعة السادسة والربع من المساء.
 
ويجرى الأطباء الشرعيون الآن تحليل هذه المادة لكى يقدموا تقريرهم كاملا إلى وزير العدل وكان المستشار عبدالجواد عامر شقيق المشير عبدالحكيم عامر، قد دعى بوصفه أكبر أفراد الأسرة  إلى الحضور، كما توجه رئيس مجلس الأمة السيد أنور السادات، وظل مع الجثمان حتى تمت كل الإجراءات لنقله إلى مدافن الأسرة بمحافظة المنيا، حيث جرى تشييع الجنازة».
 
كان هذا هو البيان الذى أعده محمد حسنين هيكل  قرارا من السلطة أن يكون الحادث انتحارا وبعد ساعات من وقوع الجريمة ولم تجر أية تحقيقات، ولا معاينة وتحريز لماديات الحادث. بل إن اثنين من أطباء الطب الشرعى الثلاثة لم يدخلا استراحة القتل أصلا. وكانت معاينتهما للجثة بعد أن نقلت إلى المشرحة، بعد أكثر من 12 ساعة من وقوع الجريمة.
 
بل إن النائب العام محمد عبدالسلام لم يكن موجودا بالقاهرة عندما وقع الحادث وعندما ذهب وزير العدل والمحامى العام إلى مكان الجريمة، ولقد ادعى أنه كان موجودا منذ بدء التحقيقات، وهو الأمر الذى كذبه وزير العدل نفسه.
 
وكان أخطر ما فى هذا البيان أن وقائعه عما حدث فى مستشفى المعادى كاذبة جملة وتفصيلا وقد جاء تكذيب هذا البيان خلال تحقيقات النيابة ذاتها. ومن خلال أقوال الأطباء أنفسهم. ولقد وقع الأطباء على بيان تم تجاهله فى تحقيقات النيابة يفند كل هذه الأكاذيب التى وردت فى بيان «حسنين هيكل»
 
 ولقد حدث أن قدم الأستاذ هيكل وبنفسه أسانيد اعتمد عليها المستشار عماد فصيح  محامى أسرة المشير ومقدم البلاغ الذى يتهم فيه حسنين هيكل بالاشتراك  مع آخرين فى قتل وإخفاء معالم جريمة  قتل المشير محمد عبدالحكيم عامر والتى حدثت وقائعها فى سبتمبر 1967 ولم تسقط بالتقادم لاحتوائها على جرائم التعذيب التى لا تسقط بالتقادم. بالإضافة إلى جريمة القتل.
 
ويقول المستشار عماد فصيح إن أقوال هيكل الكاشفة عن تورطه فى الجريمة قد جاءت فى سلسلة حلقات أذيعت على قناة الجزيرة الفضائية. وتحديدا فى حلقة بعنوان «طلاسم 67 وطبائع بشر» وتاريخ الحلقة 13/8/2009ونص حوار الحلقة مفرغا على موقع القناة حيث كان من بين ما أورده هيكل الآتى :
 
«بالضبط يوم الأربعاء 14 يونيو أنا فى مكتبى الساعة 12.15،12،12.10 جمال عبدالناصر بيكلمنى فى التليفون بيحكى على حاجة وبعدين أنا فوجئت أنه فى ورقة دخلت لى حطيتها على مكتبي. مديرة مكتبى تلقت تليفون من «عبدالحكيم عامر» المختبئ وإللى كل الناس بتدور عليه ومش لاقياه. على الأقل جمال عبدالناصر يعنى وغيره فبتقول الورقة «المشير على الخط» فأنا قلت للرئيس عبدالناصر أن عبدالحكيم على الخط فقال لى إقفل معى وكلمه وحاول بكل وسيلة تجيبه لى إذا كان ممكن لأن البلد مش ناقصه وجع قلب يعني، فعلا حطيت السماعة كلمت عبدالحكيم عامر أنت فين. رحت له، كلمت جمال عبدالناصر قلت له إنى رايح له دى الوقت قال لى أعمل جهدك بكل وسيلة هاته لأنه لازم نتكلم وهو هربان.. ده كان أول لقاء للاثنين منذ 8 يونيو.. ويستطرد هيكل : أن الطرفين تمسكا بوجوده حاضرا للقاء وأن عبدالناصر تكلم عن اتهامات للمشير، ورد المشير بأنه ما حصل من تنحى عبدالناصر وعودته ومجيء آخرين لقيادة الجيش «محمد فوزي» و«عبدالمنعم رياض» كأنه يلقى المسئولية على عبدالحكيم عامر وحده»
 
وقد استطرد هيكل: أنا فوجئت أن عبدالناصر بيقول لعبد الحكيم عامر أن لك موقع فى السياسة. أنت لم تعد عسكريا وقد كنت أتصور أنك وزير سياسى ولكن بالظروف والممارسة وبأشياء كثيرة إللى حصل أنك تدخلت فى مسارات الحرب وأنه كان فى مجموعة حواليك وكان طبيعيا أن يدافع المشير عن نفسه بالقول أنه لو قبل هذا الوضع كأنى بتحمل المسئولية وحدى وانتهى اللقاء دون إقرار  من المشير بمسئوليته وحده عن الهزيمة ودون أن يتمكن عبدالناصر من إرغام المشير على أن يحمل الفأس فى رقبته.
 
ويقول المستشار عماد فصيح أن هيكل استمر  واصفاً عبدالحكيم عامر بأنه «رهين الظروف والأوهام»: عبدالحكيم بشكل أو آخر بقى فيه مجموعة لا تزيد على عشرين ضابط موجودة فى بيته بدون حراسة وبدأت الأوهام تكبر.. إللى بيعملوه ده حالة عصيان.
 
 وفى حلقة 6/8/2009 تقول عريضة الدعوى : «إن هيكل تنفلت منه عبارات قليلة، ولكنها كاشفة عمن أطلق فكرة انتحار المشير حيث يقول هيكل «الذى هو أحد أعضاء فريق اغتيال المشير»: «كان رأيى دائما فى طريقة مشرفة عند العسكريين الألمان وغير الألمان أنه لما قائد بيفشل هذا الفشل الذريع فى حرب حتى لو لم تكن له مسئولية فيها، شفناها فى اليابان وشفناها حتى فى إنجلترا.. إن كان رأيى يعنى من كتر ما كنت مستفزا بأقوال حتى لجمال عبدالناصر بأقول طيب إدوا له مسدس، لكن المسائل كانت أعقد من كده».
 
لقد انتهت أقوال هيكل كما أوردها محامى أسرة الشهيد عبدالحكيم عامر والتى زجت به فى قائمة الاتهام بالإضافة إلى قرائن أخري.
 
ولكن الحقيقة أيضا من واقع الأحداث وشهودها تكذب روايات الأستاذ محمد حسنين هيكل.
 
 لقد ذكر هيكل على سبيل القطع أنه تلقى اتصال  المشير عامر يوم الأربعاء 14  يونيو بل حدد الساعة والدقيقة. والحقيقة وعلى اليقين أن عبدالحكيم عامر كان فى هذا الوقت فى قريته أسطال وبرفقته وزير الحربية الأسبق شمس بدران، ومعهما المهندس حسن عامر شقيق المشير وشقيقه  الآخر مصطفى  عامر وعضو مجلس الأمة عبدالصمد محمد عبدالصمد. وكان المشير وشمس بدران قد ذهبا إلى جمال عبدالناصر فى منزله يوم الأحد 11 يونيو وبعد أن أعلن خبر تعيين محمد فوزى قائدا عاما للجيش فى نشرة  الثانية والنصف ظهرا وقد ذهبا إليه ليودعاه وجلسا معه طويلا وأخبره المشير عن نيته فى الإقامة فى أسطال ليتيح لعبدالناصر ترتيب النظام والجيش وفق ما يراه.
 
وبعد أن تحركت عربة المشير وشمس بدران وكان معهما عباس رضوان وزير الداخلية الأسبق تلحقهما عربته بسائقها، اتصل عبدالناصر بالمشير عامر عن طريق تليفون العربة اللاسلكى يرجوه ويستعطفه  أن يعود وفعلا رجعت العربة  من طريق الصعيد بعد أن تجاوزت الجيزة بزمن، ولكن بمجرد وصول المشير إلى القاهرة علم بإجراءات عبدالناصر من إحالة قادة الجيش والعديد من العسكريين إلى التقاعد  فرجع مرة أخرى إلى قريته حتى لا يحسب عليه الاشتراك فى ذبح قادة الجيش ومجموعة الضباط الذين لديهم القدرة على الاشتراك فى حرب لابد أن تستأنف  ضد إسرائيل.
 
ولقد ظل المشير بقريته ولم تفلح لا زيارة صلاح نصر التى تمت يوم الخميس 15 يونيو ولا زيارة عباس رضوان أن ترجع به إلى القاهرة بناء على رغبة وإلحاح عبدالناصر، ولكن عبدالحكيم عامر رجع إلى القاهرة بعد انتهاء التشكيل الوزارى لوزارة عبدالناصر خلفا لوزارة صدقى سليمان.
 
 والحقيقة أنه لا يمكن الاعتماد على ذاكرة الأستاذ هيكل، لأنها تخونه كثيرا، فعذرا مستحقا لذاكرة رجل كان يقترب من التسعين خريفا.
 
لقد كانت رحلة هيكل إلى عبدالحكيم عامر حيث هو فى أسطال. وعلى هذا فإن هذه الذكريات التى يرويها الأستاذ هيكل إما أنها أحاديث متخيلة تماما. وقد فعلت الذاكرة به كل أفعالها الخبيثة، أو أن الذاكرة فعلت به بعض الأفعال الخبيثة، أو أن الغرض والتآمر والتحريض على القتل هو ما جعل الأستاذ هيكل يحرف فى الوقائع على نحو ما أورد.
 
فلم يرجع عبدالحكيم عامر من أسطال إلا مع محمد حسنين هيكل نفسه وكان ذلك بعد انتهاء زيارة «بودجورني» إلى مصر. وكان بودجورنى هو رئيس اتحاد الجمهوريات  السوفيتية الذى حصل من عبدالناصر على التسهيلات العسكرية فى الموانى والأراضى المصرية، بعد إبعاد عبدالحكيم عامر عن قيادة الجيش.
 
إن الشاهد الحى على كل هذه الوقائع هو شمس بدران وزير الحربية الأسبق. وقد دون كل ذلك فى مذكراته. وهو ما يفسر إصرار هيكل وغلمان الشمولية على عدم خروج مذكرات الشاهد الحى على كل هذه الافتراءات إلى النور.. ولكن للحقيقة طرقا أخرى للتعبير عن وجودها.
 
 ولكن أخيرا هل استطاع الأستاذ محمد حسنين هيكل خداع عبدالحكيم عامر فى حياته؟!
 
 أم أن الأمر هو نوع من الاستقواء لا يتم إلا على الأموات !!
 
لقد كان عبدالحكيم عامر يقول عن هيكل: إن مشكلته فى أصله المتواضع، ولكن المشكلة الأكبر عند جمال عبدالناصر. الذى خلق البيئة المناسبة لمثل هذه الشخصيات والكائنات كى تعيش، وهى تستشعر أماكن السلطة وتزحف نحوها.
 
 وكان يقول أيضا عن هيكل: إنه مفيد أحيانا مثل البكتريا فى الأمعاء ومثل الخميرة فى العجين، بل هو لازم لكى يتخمر العجين. وهو لازم لسياسة عبدالناصر ونظام عبدالناصر.
 
إن عبدالناصر كان سوف يكون كحاكم مختلفا تماما شكلا وموضوعا عما أصبح عليه، لو لم يلتصق به هيكل.
 
إن قصة الأوراق الخاصة بالمشير عبدالحكيم عامر، وأوراق مراسلاته مع جمال عبدالناصر ومذكرات المشير الصوتية التى أجراها مع الضابط عبدالسلام فهمي، والتى حصل عليها محمد حسنين هيكل وأساء استخدامها ضد سيرة حياة المشير عبدالحكيم عامر، فهذه إدانة وقرينة أخرى ضد هيكل، كما أثبت بلاغ أسرة المشير عامر.