الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حروب «الكيبورد»!

حروب «الكيبورد»!
حروب «الكيبورد»!


فى ضوء التّطور التكنولوجى السريع الذى نعيشه، والذى انعكس بدوره على وسائل وتقنيات الحروب، إذ حوّل الواقع الافتراضى حروب المدافع والدبابات إلى حروب معلومات، يكون فيها الوعى هو الذخيرة الحقيقية لمواجهة الأكاذيب التى تستهدف هدم الدولة وبث الشائعات فى المجتمع فإن النسخة الثامنة من المؤتمر الوطنى للشباب التى بدأت اليوم تستهدف نشر الوعى دفاعًا عن مؤسسات الدولة، من خلال جلستين رئيسيتين قبل جلسة «اسأل الرئيس»، وهما جلسة «تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليًا وإقليميًا» وجلسة «تأثير نشر الأكاذيب على الدولة فى ضوء حروب الجيل الرابع».
وتدور محاور النقاش الرئيسية فى جلسة «تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليًا وإقليميًا» عن استعراض تطور الإرهاب وتنامى الإرهاب فى المنطقة، وعودة مقاتلى داعش، وتوصيف أوضاع الإرهاب وتأثيرها على مصر والعالم، بالإضافة إلى التكتيكات الجديدة التى تواجهها مصر.
أما جلسة «تأثير نشر الأكاذيب على الدولة فى ضوء حروب الجيل الرابع» فتتركز محاور النقاش الأساسية حول دور السوشيال ميديا فى تزييف الوعى بطرق حديثة وكيف تتم صناعة الوعى الزائف لدى المتلقي، واستعراض ما يتم حاليًا بشكل مباشر من قضايا على مواقع التواصل الاجتماعى وكيفية أن ذلك جزء من حروب الجيل الرابع، بالإضافة إلى طرح تساؤل عن كيفية تحول السوشيال ميديا إلى الإعلام البديل.

واقعيًا.. فإن شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى أصبحت أرضًا خصبة لما يسمى بـ «الإرهاب الإلكترونى»، حيث استغلت الجماعات والتنظيمات الإرهابية الإنترنت للوصول إلى أهدافها المتمثلة فى العدوان والتهديد ماديًا ومعنويًا، لزعزعة استقرار الدولة، حيث وفر لهم الفضاء الالكترونى وسيلة آمنة للعبث بثقة الشعب دون مواجهة حقيقية على أرض الواقع، جهاز كمبيوتر متصل بالإنترنت ومجموعة من الشائعات هو كل ما يحتاجه الإرهابى ليبدأ حربه فى تزييف الوقائع.
 «الإرهاب الإلكترونى كإحدى أدوات حروب الجيل الرابع وسبل المواجهة والوقاية» هو عنوان الدراسة التى أعدتها د.سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية؛ لمناقشة ظاهرة الإرهاب الإلكترونى كأداة من أدوات الجيل الرابع، ودور منصات التنظيمات الإرهابية على شبكات التواصل الاجتماعى فى تحقيق أهداف حروب الجيل الرابع لتفتيت المجتمع وهدم مؤسسات الدولة، عن طريق استهداف عقول المدنيين بالعمليات النفسية وبث الدعاية السيئة والمعلومات الكاذبة والمفاهيم المتطرفة لإقناع الشعب بسوء الأوضاع بهدف تنظيم حشد شعبى وتوجيهه لتحقيق أهدافهم فى إسقاط الدولة.
وقالت سوسن فايد، أستاذة علم النفس السياسى بمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الدراسة جاءت ضمن إعداد لمؤتمر ينظمه مركز بحوث الشرطة، حول حروب الجيل الرابع وخطورتها على الأمن القومى.
بدأت علاقة الإرهاب بالإنترنت بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر فى العام 2001، ومع ظهور تنظيم داعش بدأت التنظيمات الإرهابية تأخذ شكلًا جديدًا، إذ أصبح لها مواقع على الإنترنت وصفحات على صفحات السوشيال ميديا تنقل وتبث أخبارًا وفيديوهات مفصلة لعملياتهم الإرهابية، وهو ما أعطى لمواجهة الإرهاب بعدًا جديدًا على المستوى العالمى فى رصد وتحليل ما ينشر على هذه الصفحات والمواقع التابعة للتنظيمات الإرهابية.
وأضافت فايد إن ما حدث فى 25 يناير كان جزءًا من حروب الجيل الرابع التى استخدمتها منظمات المجتمع المدنى للحشد، وساعد على هذا حالة الغضب التى كانت موجودة لدى الشارع المصرى، لافتة إلى أنه بعد ثورة 25 بدأت التنظيمات الإرهابية، فى استخدام آليات حروب الجيل الرابع ضد المجلس العسكرى، بناء على دارية كاملة بسيكولوجية المجتمع والمواطن المصرى، وتحديد الشخصية التى يتم تصديرها كـ«تريند» على مواقع التواصل الاجتماعى والتوقيت الملائم لذلك بناء على دراسات أعدتها تلك التنظيمات واللجان الإلكترونية مسبقًا.
وتابعت: إننا نحتاج إلى نشر الوعى لدى المجتمع فى مواجهة تلك الحروب الإلكترونية، إضافة لدراسة توجهات الشارع المصرى من قبل صانعى القرار حتى لا نصبح فى خطر طوال الوقت من حروب الجيل الرابع عبر المواقع الإلكترونية للتنظيمات الإرهابية.

اعتمدت «فايد» فى دراستها على رصد كل ما نُشر على تلك الصفحات فى الفترة السابقة بمساعدة مركز بحوث الشرطة، وهو ما كشف تحولًا كبيرًا فى محتوى تلك المواقع والصفحات إلى تديرها الجماعات الإرهابية فى استغلال الأحداث اليومية للتحريض ضد النظام عن طريق بث الشائعات.
توضح الدراسة أهم التطورات التى شهدتها أجيال الحروب المتتابعة، من حروب الجيل الأول التى اعتمدت على البندقية والأسلحة البدائية إلى حروب الجيل الثانى وبدايتها مع الحرب العالمية الأولى التى اتسمت بتطور الذخيرة والأسلحة ووجود دبابات وطيران، تبعها بعد ذلك حروب الجيل الثالث التى تميزت بالقدرة على المناورة خلف الجبهات الوقائية، واشتركت تلك الأجيال الثلاثة من الحروب بوجود جيش منظم فى مواجهة الآخر.
 حروب الجيل الرابع كانت بمثابة تغيير جذرى فى مفهوم الحرب بشكلها التقليدى والنظامى، إذ اعتمدت على الخداع النفسى والإرهاب الإلكترونى باعتبارها أهم أدوت تلك الحرب التى تهدُف إلى ضرب القطاع المدنى بعيدًا عن استخدام الجيش المنظم، كما يتم استغلال شبكات التواصل الاجتماعى لوضع الدولة المستهدفة تحت ضغط مستمر والتركيز على أخطائها بشكل مبالغ فيه باستمرار لشحن الشعب ضدها.

 استراتيجية «القدم الخفية» إحدى وسائل حروب الجيل الرابع والتى تستخدمها التنظيمات الإرهابية لزعزعة الاستقرار وخلق أزمة ثقة بين الجيش والشرطة والشعب والتشكيك فى القيادات السياسية، بهدف ضرب الاقتصاد والسياحة وخلق حالة ممنهجة من الإحباط واليأس، دون مواجهة حقيقية أو ظهور لهذه التنظيمات على أرض الواقع.
موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» كان أكثر الوسائل التى استخدمتها تلك التنظيمات فى تجنيد الشباب، من خلال تدريب لجان إلكترونية تعتمد على استخدام وسائل الإقناع والمداخل النفسية للتأثير على أفكار ومعتقدات متابعيها، وكذلك طبيعة وأشكال التفاعل الذى يتم من متابعي هذه المواقع والصفحات، إضافة إلى نشر التفسيرات الدينية والآراء الفقهية المنحرفة والمضللة التى تخدم أهدافهم الإرهابية.
ولعبت شبكة الإنترنت فى الفترة الأخيرة دورًا خطيرًا فى نشر الأفكار المتطرفة، واستقطاب عناصر جديدة مؤهلة للانحراف، والترتيب لعملياتها فى زعزعة الاستقرار وتفتيت المجتمعات من الداخل لإسقاط الدول، من خلال التحريض على العنف، وتنفيذ عمليات الإرهابية. 
طورت التنظيمات الإرهابية آليتها لتصبح عابرة للحدود، مما يزيد هذه الظاهرة تعقيدا وتشابكًا نتيجة لصعوبة تعقُّب الأجهزة الأمنية وملاحقة القائمين بعمليات الإرهاب الإلكترونى والتعرف على هويتهم، كما يوفر الفضاء الإلكترونى للإرهابيين فرصة لاختراق مواقع وحسابات دول كبرى والبحث عن الثغرات فى هذه الأنظمة الإلكترونية لمهاجمتها، لجذب مزيد من الاهتمام الإعلامى والحكومى بشكل يساعدها على تحقيق أهدافها بصورة أكثر فاعلية.
وكشفت الدراسة عن زيادة عدد التنظيمات الإرهابية واختلاطها مع منظمات المجتمع المدنى، لتصبح ستارًا تخفى توجهاتها مستغلة طموحات الكثير من الشباب لتجنيده من أجل تحقيق أهداف فى أغلبها تتعلق بمصالح دول كبرى تسعى لزيادة التوتر.
انتهت الدراسة إلى عدد من التوصيات لمواجهة الإرهاب الإلكترونى، تتضمن وجود استراتيجية لدى الدولة لقراءة أهداف العدو الخفى  والذى يماثل فى قوته أجهزة استخبارات لدول كبرى، إضافة لضرورة رهان صانعى القرار على الوعى وبناء الإنسان السليم بوعى شامل موجه لجميع الفئات الاجتماعية من خلال جميع المؤسسات، لخلق حالة من التصدى والرفض المجتمعى لتلك التنظيمات، إضافة لضرورة تحجيم التبعية الثقافية، بخلق ثقافة مضادة للثقافة الواردة حتى لا يسهل على التنظيمات الإرهابية تزييف الوعى ببث الشائعات.
وتشير الدراسة لضرورة اتباع الدول المستهدفة سياسة حرب المواقع، والرد أولا بأول على الأكاذيب والشائعات والمفاهيم والمعلومات المغلوطة بالحقائق والأرقام والمعلومات والبيانات، إضافة لضرورة إنشاء مواقع وصفحات مضادة لفكر الإرهاب، واحداث ثورة وطنية لرفع الوعى وتقوية الشعور بالهوية، واهتمام الدولة بالشباب وحل مشاكل البطالة والتهميش والفراغ الفكرى وتحقيق العدالة الاجتماعية، لأن التقصير يشكل خطورة لإمكانية استقطابهم من قبل التنظيمات الإرهابية.