بيزنس الـ «لايف كوتشينج»!
أكثر ما يُؤرق المَرْءَ هو الشعورُ بالفشل والخِذلان، والرغبة فى تعزيز الثقة بالنفس، كما أن تحسين مهارات التواصُل مع الآخرين دائمًا ما تكون أهم أهدافه.. بسبب العِبارة السابقة اندفع عدد كبير من الشباب والفتيات فى الفترة الأخيرة يبحثون عن أى شخص يساعدهم فى تحقيق ذاتهم والنجاح فى العمل، ومن هنا ظهرت مهنة «اللايف كوتشينج»، أو كما يطلقون عليه «فن إدارة الحياة».
«لايف كوتشينج» هو ادعاء التدريب على إدارة الحياة، ويتم من خلال التواصُل بين المدرب والشخص الذى يحتاج مساعدة لإدارة حياته بما يحقق له الرضا والسعادة.. ظهرت هذه الفكرة فى أمريكا فى الرياضة؛ لجعل اللاعبين فى مختلف اللعبات يُخرجون أفضل ما لديهم، ويحققون المزيدَ من النتائج الإيجابية.. بدأها المدرب جالوى فى رياضة التنس، وقام بتصميم أسلوب يمكنه من خلاله التعامل بصورة صحيحة مع عقل اللاعب ومشاعره، مثلما يتعامل مع مهارته الفنية.. ومن أهم اقتباساته «المنافس الأقوى بداخلك أنتَ وليس مع مَن حولك».. بعد ذلك انتشر المفهوم وتحوَّل الأمْرُ فى كثير من الأحيان إلى مجرد تجارة؛ خصوصًا فى مصر.
انتشرت فى الفترة الأخيرة إعلانات لمدربين وممارسين لـ«اللايف كوتشينج»، إعلانات خاطفة لفئة معينة من الشباب تبدأ بفيديوهات للحديث عن مرحلة ما بَعد التخرُّج والالتحاق بالجامعة، ومن ثم ينتقل إلى كيفية النجاح وحُب العمل وكيفية التوفيق بين الأسْرَة والعمل والسعادة فى الوقت نفسه؟
ظهر هذا الأسلوب وانتشر من خلال شبكات التواصل الاجتماعى بشكل مُوَسَّع خلال العامَين الماضيين؛ أمّا جلسات «اللايف كوتشينج» فتنقسم إلى جلسات جماعية وأخرى فردية، الجماعية تكون لمجموعة من العاملين أو الطلبة أو تكون جلسات فردية بين المدرب والمتدرب، وجميعهم أتوا لحل مشاكلهم؛ خصوصًا فى ظل التغييرات التى حدثت فى مصر خلال الأعوام الماضية.
رابطة الاتحاد العالمى للكوتشينج
تواصلنا مع رابطة الاتحاد العالمى للكوتشينج عن طريق «الفيس بوك»، وأكدوا أن أسعار الجلسات فى مصر تتراوح بين 70 جنيهًا و450 جنيهًا، كما أكد أنه أصدر دراسة عام 2012م اتضح من خلالها أنه تجاوز عدد العاملين فى هذا المجال 47 ألف مدرب، بينهم ما يزيد على 15 ألف مدرب فى أمريكا الشمالية وحدها.
ندى عمر، كانت إحدى اللائى خضن التجربة فى مصر، قالت «كنت فى حالة من اليأس نتيجة عدم الاستقرار المهنى والشخصى معًا، وكان لى صديق منذ الجامعة يعلن عن طريق صفحته على الـ«فيس بوك» أنه «لايف كوتشينج» ويستطيع أن يحل لى أزمتى، ووجدته يظهر على العديد من القنوات مُعرّفًا نفسه «كوتشينج» فتحمستُ وتواصلتُ معه».
وتضيف «ندى»: طلب مِنّى صديقى المقابلة فى الخارج، فتوقعتُ أن ذلك بسبب كوننا زملاء جامعة من قَبل، والجلسة كانت مختصرة على الحَكْى عن تجاربه وخبراته وحتى علاقاته بالفتيات، تحدثتُ معه عن أزمتى الزوجية وكيفية حلها، طالبةً منه الاستشارة فكان هجوميّا للغاية وطلب منّى الطلاقَ وبدأ يعزز فى قدراتى وذكائى وأنى لا أستحق أن أعيش مع شخص كهذا، رُغم أنى كنتُ أطلب منه الحَل وليس التشجيع على الانفصال!.
وتشير «ندى» إلى أن سعر جلسة مدتها 40 دقيقة كان 500 جنيه وتتم فى إحدى الغرف المؤجرة فى «co-work-space»، معلق بها عدد من شهادات التقدير والكورسات من أماكن لم أسمع عنها من قبل. لافتة إلى أنها لم تعد تذهب له رُغم أنه أصبح مشهورًا الآن ولايزال يظهر على عدد كبير من القنوات.
2000 جنيه مقابل 8 جلسات
أمّا محمد، فقال «تجربتى كانت جيدة، ومن خلال أسئلة تم توجُّهى، ومن المدرب استطعت أن أضع يدى على مشاكلى، التى أعانى منها لكى أتخطى وأحقق أهدافى».. مضيفًا: إن الكورس ثمنه 2000جنيه، وهو عبارة عن 8 جلسات فى مركز المدرب كما أنه معتمَد من رابطة الكوتشينج العالمية.
وتابع: الجلسات جماعية مكونة من 6 أفراد يعانون من مشاكل متشابهة، يحاولون الاندماج مع بعضهم وتداول الأحاديث بيننا وقصص النجاح الملهمة وغيرها، كما أن «الكوتشينج» كان شابّا مقتربًا لنا فى العمر يَعلم ما نفكر فيه بالضبط.
لدينا أشخاص معتمدون فى هذا المجال فى مصر حاصلون على شهادات من كلية فرانسيسكو فيتوريا بجامعة مدريد، كالمهندسة منى عبدالجواد «اللايف كوتشينج واليوجا» معًا، التى أكدت أن «اللايف كوتشينج»، لا علاقة له بالعلاج النفسى، لكنه حالة تعمل على تقريب المتدرب من أهدافه من خلال تصديقه لقدراته ومعتقداته بالتدريب العقلى بطريقة صحيحة، وبالتالى «اللايف كوتشينج» هو مساعدة العقل على الإدراك والتفكير بطريقة إيجابية، ومعرفة وإدراك المعوقات التى تمنعه من الوصول وتحقيق أهدافه فى الحياة.
المهنة اصطياد المهزومين
لدينا أشخاص معتمدون فى المهنة، لكن لدينا أيضًا أشخاص يمارسون المهنة بعد عدد من الكورسات غير المعتمَدة مجهولة الهوية، وحتى إنه دون الكورسات يعتمدون فقط على الكلام المرتب واصطياد الأشخاص المهزوزين الذين يعانى أغلبهم بالفعل من مشاكل نفسية.
هبة مصطفى، محامية، قالت «لمحت بوست على أحد المواقع يبدأ «أهلا بيكى..هدفى أساعدك تعيشى حياة سعيدة متوازنة بين علاقاتك وشغلك واهتماماتك.. حياة تلاقى نفسك فيها»، ويتمتم: «أنا لايف كوتش فى اكتشاف الذات self discovery coach ومرشد زوجى وأسَرى».. واستكملت: ذهبت على الفور على الرقم المعروض فى الـ«بروفايل» وحدثتها وبدأت أتكلم معها عن مشكلتى الزوجية والضغوط فى حياتى وأننى بحاجة إلى ترتيب أولوياتى ولا أعلم كيف هو التصرف الصحيح، فأبلغتنى بالجلسات الفردية «أون لاين»، وأكدت لى أننى بحاجة إليها كى تكون قادرة على مساعدتى فى فهم نفسى أكثر ويكون لدىّ رؤية، وكل ذلك فى خصوصية تامة، وأن الجلسات سوف تساعدنا فى التخلص من القلق والتوتر وعدم التوازن.
حتى هنا كان الأمْرُ طبيعيّا إلى أن بدأتْ تطلب منّى مقابل كل جلسة 50 دولارًا وتتم الجلسات يومَى الخميس والجمعة لمدة ساعة واحدة فى الصباح، بدأتُ أشعر بنوع من الاستغلال ولكنى كنت بحاجة لفهم ذلك ولبصيص أمل فواصلت معها، أول جلسة حديثها كله كان عبارة عن نصائح لعلاقتى مع زوجى وحتى فى الأمور الشخصية وكل ذلك عبر الإنترنت فويس نوت شعرتُ بعدم الارتياح واستعوضتُ ربنا فى المبلغ وحذفتُ كل المعلومات الخاصة بها.
هدفنا تحقيق أهداف العميل
هبة مينا، كوتش معتمدة من مدرسة الكوتشينج الدولية MCF، قالت: الكوتشينج عمومًا منقسم لأكثر من شىء، ولكنه بدأ بشكل أساسى لاحتياجات الموظفين لكى يصلوا إلى المستهدفات المطلوبة منهم، ولأن الأشخاص دائمًا يرغبون فى الوصول إلى مكانة بعينها، ولكن هناك صعوبة فى الوصول لها، وبالتالى ليس بالضرورة أن الشخص الذى يلجأ للايف كوتش هو مريض نفسى، فالكوتشينج أساسه مساعدة الأشخاص على التغير فى حياتهم بسهولة، فيمكن القول إنه تعاوُن مشترك بين الكوتش والعميل لتحقيق أهداف العميل عن طريق حوار من نوع خاص جدّا.
وتضيف هبة «هى مهنة قائمة بذاتها وحديثة على مستوى العالم، يعمل فيها الكوتش على تحقيق رغبات الأشخاص، وبناءً عليه يتم عمل خطة ينفذها الشخص، ويستخدم الكوتشينج فى تخصصات مختلفة، هناك بعض المعالجين النفسيين يدرسونه لمساعدة المرضى، والبعض يدرسه كأداة تطوير ذاتية، وهناك مؤسسات كثيرة حول العالم تعتمد الكوتشينج، ويكون هناك صعوبة فى اعتماد المدرب.
وحول آلية الحصول على شهادة الاعتماد تقول هبة: الدراسة تكلف الشخص فى البداية 4 آلاف دولار، وكى يتم اعتماده فقط يجب دراسة كورسات التحضير واجتياز المستويات الأولية، ومن ثم دراسة شهادة مستوى «الماستر»، ومن ثم الدراسة الكاملة ويحتاج بعدها ممارسة حتى يتقن مهارة الكوتشينج، وهناك الكثير من المهارات التى تحتاج إلى تركيز من المتدرب، أمّا مَن يقرأ الكتب ثم يطلق على نفسه «كوتشينج» فهذا لا يمكن اعتماده.
وعن أشهر جهة اعتماد فى العالم ذكرت «I.C.F» قائلة: هى جهة اعتماد وليست تدريس، قواعد الاعتماد أهمها أن يجتاز 100 ساعة كوتشينج، ويكلف ما يقرب من 600 دولار. مشيرة إلى أن هناك بعض الأشخاص يطلقون على أنفسهم «كوتشينج» من دون دراسة، ولا يعلمون أننا ندرس كل تعبيرات الجسم وكل الأسئلة المطروحة من المدربين، وجميعها دون التدخل فى حياة الآخرين. مؤكدة أن «الكوتشينج» لا يمكن أن يكون بديلًا عن الطب النفسى نهائيّا.