«أمريكا» تنقلب على «تل أبيب»!

مرفت الحطيم
ليس فى الأمر أى خدعة.. لكن هذا لايعنى أن أمريكا أعلنت حربا «ضروسا» على ربيبتها.. فقط حسابات «اللحظة» هى التى تقول هذا.. هى التى تحدثت ـ بحسب التقرير الذى نشرته الجارديان البريطانية أن يصف « البيت الأبيض» ما تقوم به إسرائيل من أعمال عنف تجاه الفلطسينيين بالإرهاب.
تقول «مارييت شيرود» كاتبة التقرير أن «وضع هجمات المستوطنين على أهداف فلسطينية فى التقرير الأمريكى السنوى للإرهاب» يعكس القلق المتزايد فى «إسرائيل» والمجتمع الدولى من أن العنف الذى ترتكبه «أقلية من المتطرفين اليهود» قد يتسبب فى موجة جديدة من الصراع مما قد يلحق المزيد من الضرر بمحاولة إحياء «جهود السلام» فى المنطقة.
فهجمات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومساجدهم ومزارعهم ارتفعت بنسبة 150٪ بين 2009 و2011 وقتل ثلاثة فلسطينيين وجرح 183 آخرين على أيدى مستوطنين العام الماضى، وتضررت أو دمرت 10 آلاف شجرة وطوى أكثر من 90 فى المائة من الشكاوى المقدمة للشرطة الإسرائيلية من دون توجيه اتهامات إلى أحد.. وهو ما خلق مخاوف من أن تؤدى أعمال العنف المرتكبة ضد الفلسطينيين إلى رد فعل انتقامى من الجانب الفلسطينى.
وقد أدانت «الخارجية الأمريكية بأقصى صورة ممكنة تفجير سيارة أجرة فلسطينية بالقرب من بيت لحم، حيث أصيب ستة فلسطينيين بينهم توأم فى الرابعة من العمر داعية الكيان الصهيونى إلى تسليم الجناة للعدالة ويعزى الهجوم بصورة كبيرة إلى متطرفين يهود.
وكانت قنبلة حارقة قد ألقيت على سيارة تحمل لوحة أرقام فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة مما أدى إلى اشتعال النار فيها وإصابة ستة أشخاص بجروح فى هجوم ألقى مصدر عسكرى ووسائل إعلام إسرائيلية بالمسئولية فيه على مستوطنين يهود. وقال مصدر عسكرى تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته أن الأدلة الرئيسية فى التحقيق ترجح أن مدنيين إسرائيليين هم المسئولون عن الحادث. كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه عثر على آثار إطارات سيارة على الأرض فى موقع الحادث تؤدى إلى مستوطنة قريبة وأن ما يقل عن أربعة من ركاب السيارة الذين أصيبوا هم من عائلة واحدة وبينهم طفلان. وندد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالهجوم. وتعهد فى رسالتين إلى الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، بملاحقة منفذى الهجوم على السيارة الفلسطينية.
وقال مكتب رئيس الوزراء فى بيان أن «نتنياهو تعهد فى رسائله بملاحقة منفذى الاعتداء الذى وقع بالقرب من بات عين «غرب مدينة بيت لحم»، وأضاف: نتنياهو ينظر إلى هذا الاعتداء ببالغ الخطورة وقوات الأمن تبذل جهودا حثيثة من أجل إلقاء القبض على المسئولين ومقاضاتهم. وتقول جماعات فلسطينية وإسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان إن المستوطنين نادرا ما يقدمون للمحاكمة فى قضايا العنف ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية.
ويعيش حوالى 340 ألف مستوطن إسرائيلى و5,2 مليون فلسطينى فى الضفة الغربية؛ وتعتبر الأمم المتحدة جميع المستوطنات بالضفة الغربية غير شرعية.
ووصف موشيع يعالون، وزير الشئون الاستراتيجية الهجوم بأنه «هجوم إرهابى»، وربط الهجوم بالقنبلة الحارقة بحادث منفصل فى القدس فى نهاية الأسبوع الماضى تعرض فيه شاب فلسطينى لضرب مبرح على أيدى عشرات من المراهقين اليهود قال شهود إنهم كانوا يبحثون عن عرب ليضربوهم.
وقال يعالون: جرائم الكراهية التى ارتكبت فى عطلة نهاية الأسبوع ضد عرب فى يهودا والسامرة «التسمية التوراتية للضفة الغربية» والقدس لا يمكن التسامح تجاهها، وهى مثيرة للسخط ويجب التعامل معها بحزم، هذه هجمات إرهابية، إنها مناقضة للأخلاق والقيم اليهودية، وتمثل أولا وقبل كل شىء إخفاقاً تعليمياً وأخلاقياً.
وتقول الجارديان إنه تم إدخال جمال جولانى، 17 عاما من القدس الشرقية إلى المستشفى فى حالة خطرة ووضع على جهاز تنفس فى وحدة العناية المركزة، واعتقل رجل يهودى عمره 19 عاما، وكان من المتوقع اعتقال المزيد، ووصف ناطق باسم الشرطة الحادث بأنه شجار وقال إنه لا صلة لذلك بالمستوطنين.
وذكر تقرير حوادث الإرهاب فى دول العالم والصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عدة حوادث عنف ارتكبها المستوطنون فى ,2011 بما فى ذلك هجمات على أفراد الجيش الإسرائيلى وقاعدة للجيش، وخلال العام الحالى تمت مهاجمة 10 مساجد فى الضفة الغربية ومسجد فى بلدة عربية فى إسرائيل.
وتقول جماعات حقوق الإنسان التى ترصد عنف المتسوطنين أنه يتضمن بصورة روتينية هجمات ضد أفراد ومجموعات من الفلسطينيين، ومضايقات، واقتلاع للأشجار، وحرق للحقول، وهجمات على المواشى وإلحاق أضرار بالسيارات والمنازل ويتصاعد العنف عادة فى موسم قطف الزيتون.
كما جاء فى نص التقرير: «ورد ذكر عنف المستوطنين اليهود للمرة الأولى فى قائمة «حوادث الإرهاب فى بلدان العالم» أعدتها وزارة الخارجية الأمريكية، بينما ندد قادة إسرائيليون بسلسلة هجمات فى الفترة الأخيرة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية بما فى ذلك القدس.
ويعكس إدراج الهجمات على أهداف فلسطينية فى التقرير السنوى عن الإرهاب قلقاً متزايداً فى إسرائيل وعلى الصعيد الدولى من العنف من جانب أقلية من المستوطنين يمكن أن يفجر دورة جديدة من الصراع ويزيد من الأضرار بفرص تحقيق اتفاق سلام بين الجانبين.
وجاء فى «تقرير الإرهاب» فى 2011 أن «هجمات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين ضد السكان الفلسطينيين، وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم فى الضفة الغربية استمرت»، وأشارت إلى عمليات «بطاقة الثمن»، التى تعنى أن العنف الذى يمارسه المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين ردا على إجراءات من جانب الحكومة الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلى تعتبر «مناوئة للمستوطنين».
وقال ساريت ميكائيلى، وهو أحد العاملين فى هيئة حقوق الإنسان «بيت•ي•لم»، أن «أحد العوامل الرئيسية لتصاعد أعمال عنف المستوطنين هو عدم فاعلية قوات تطبيق القانون ومنذ فترة من الزمن ظل الإسرائيليون يصنفون أعمال عنف المستوطنين بأنها «من أعمال الإرهاب»، إلا أن ذلك بحد ذاته لا يفى بالتزاماتهم التى تقضى بحماية الفلسطينيين.
ووفقا لمنظمة «بيتسيلم»، فإن قوات الأمن الإسرائيلية لم تتدخل فى غالبية الأحيان لوقف عنف المستوطنين عندما يتم إبلاغهم به أو إذا كانوا فى المكان، ونشرت «بيتسيلم» صورا بالفيديو فى شهر مايو على «يوتيوب» تظهر المستوطنين وهم يطلقون النار على مجموعة من المحتجين الفلسطينيين بينما الجنود وضباط الشرطة يراقبون ولا يتدخلون.
وفى الأسبوع الماضى نشر موقع «فورين بوليسى» تقريراً تحت عنوان «تصاعد إرهاب المستوطنين»، نسب تزايد الهجمات إلى «تنامى قلة صغيرة لا أهمية لها من المتطرفين الشبان، يعرفون باسم «شباب التلال»، لا يهتمون بقليل أو كثير تجاه الحكومة الإسرائيلية أو حتى زعامة المستوطنين.. هؤلاء المستوطنون - الذين لا يتجاوز عددهم الألفين - هم الذين يقومون بهجمات «بطاقة الثمن» ضد المدنيين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين.
وجاء فى تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أنه فى العام 2011 «واجهت إسرائيل تهديدات إرهابية من حماس» ولجان المقاومة الشعبية والجهاد الإسلامى الفلسطينى، وبصفة خاصة من غزة ومن الضفة الغربية أيضاً ومن حزب الله فى لبنان.
ومن بين الأحداث الإرهابية التى سجلت فى عام 2011 كان مقتل خمسة أفراد من عائلة فوجل داخل منزلهم فى مستوطنة فى الضفة الغربية، ومقتل مواطن بريطانى وإصابة 90 آخرين فى تفجير قنبلة فى محطة الحافلات الرئيسية فى القدس ومقتل أحد سكان مدينة عسقلان فى إسرائيل بصاروخ أطلق من غزة.
ويريد الفلسطينيون إقامة دولة بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وتجمدت مفاوضات السلام مع إسرائيل فى نهاية 2010 بسبب خلاف حول المستوطنات التى يقول الفلسطينيون إنها تحول دون قيام دولة مترابطة وقابلة للحياة.