الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رائعة ماركيز فى زمن Netflix

رائعة ماركيز فى زمن Netflix
رائعة ماركيز فى زمن Netflix


على مر التاريخ، كان للعديد من كتاب الأدب باع على الشاشة الكبيرة والفضية، سواء من خلال الكتابة المباشرة لها، أو تحويل أعمالهم إلى أعمالٍ درامية، «جابرييل جارسيا ماركيز» تعامل مع الوسيط السينمائى  بشكل مباشر، ولكنه ظل طوال حياته يخشى من كيفية تعامل السينما مع نصوصه الأدبية وعوالمه الملحمية وصوره الساحرة.


كان «ماركيز» يعشق السينما على خلاف العديد من أترابه، فرأيناه يتكلم ويكتب عنها أكثر من أى أديب آخر، ورأيناه أيضًا يشرع فى كتابة سيناريوهات عديدة ويتولى ورش كتابة سيناريو ويشرف عليها ويخرج من تحت يديه أجيال السينمائيين الشباب فى أمريكا اللاتينية والعالم.
وقد بدأت علاقته بالسينما منذ عام 1954 عندما كتب القصة وشارك فى إخراج الفيلم القصير «سرطان البحر الأزرق».. واستمر بعدها فى المشاركة فى الأعمال السينمائية سواء بالقصص أو كتابة السيناريو والحوار. وأحيانا اقتباس السيناريو من أصل أدبى ،كما حدث فى فيلم «الديك الذهبى» عام 1964 المأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب المكسيكى «خوان رولفو».. ظل «ماركيز» يكتب سيناريوهات فقط من أجل المكسب المادى وتوفير مورد رزق إلى أن قرر فى منتصف الستينيات أن يتوقف عن ذلك وقام بالتفرغ لكتابة أحد أروع وأقوى أعماله «مائة عام من العزلة» التى ترجمت فيما بعد إلى 37 لغة وباعت أكثر من 50 مليون نسخة.
بعد ابتعاد «ماركيز» عن السينما تم اقتباس بعض نصوصه الأدبية فى أفلام مثل (لا يوجد لصوص فى هذه المدينة) عام 1965، (باتسى حبيبتى) عام 1969، (أرملة مونتيل) و(عزيزتى ماريا) عام 1979.. وفى عام 1987 قام المخرج العظيم «فرانتشيسكو روزى» والشاعر والسيناريست «تونينو جويرا» بتحويل روايته الشهيرة «سرد أحداث موت معلن» المنشورة عام 1981 إلى عمل سينمائى.. وتوالت الاقتباسات فيما بعد لتصل إلى ما يقرب من 50 عملًا سينمائيًا وتليفزيونيًا عن رواياته كان من أهمها: (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه) عام 1999، (فى ساعة شر) 2005، (الحب فى زمن الكوليرا) 2007، (عن الحب وشياطين أخرى) 2009 وآخر الاقتباسات كان (ذاكرة غانياتى الحزينات) عام 2011.
أما الرواية الأشهر (مائة عام من العزلة) كانت دائما معضلة سينمائية، لم يتمكن أى مخرج من تحويل كلماتها إلى صور باستثناء الفيلم اليابانى (وداعًا للسفينة) الذى أخرجه «شوجى تيراياما» عام 1984 الذى نقل فيه الأحداث لقرية يابانية وتناول تيمة محددة وهى الحب المحرم. الفيلم يعتبر من أكثر الأعمال الجيدة والمبتكرة المأخوذة من أدب «ماركيز».
على مدار الأسبوع الماضى،لم يكن لوسائل الإعلام الأجنبية حديث سوى عن تحويل «مائة عام من العزلة» للمرة الأولى فى التاريخ إلى عملٍ درامي-هذا بالطبع إذا استثنينا محاولة الفيلم اليابانى- العمل سوف تنتجه شركة «نتفليكس» الأمريكية.. ذلك أن «ماركيز» نفسه كان يرفض تحويل هذه الأعجوبة الملحمية إلى عمل درامى مرئى لأنه كان يرى استحالة تحويلها إلى فيلم أو مسلسل، حيث قال فى حوار أجرته معه مجلة «ذا باريس ريفيو» عام 1981: «لا أريدها أن تصبح فيلمًا، وما دمتُ أستطيع أن أحول دون ذلك، فلن تتحول الرواية إلى فيلم».
بجانب شراء «نتفليكس» لحقوق الرواية، عرفنا أن «رودريجو» و«جونزالو»، ابنَى «ماركيز»، سيكونان منتجين منفذين للمسلسل ضاربين بوصية أبيهما عرض الحائط، فنراهما يصرحان لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بأنهما قررا إنتاج المسلسل خشية سوء ترجمتها على الشاشة، وأن اختيار «نتفليكس» جاء بعد نجاح أعمالٍ حملت اسمها مثل مسلسل «ناركوس» الذى يحكى قصة إمبراطور المخدرات الكولومبى «بابلو إسكوبار»، وفيلم «روما» الحائز على 3 جوائز للأوسكار العام الجارى، عن فئة أفضل فيلم أجنبى وأفضل مخرج- «ألفونسو كوارون»-وأفضل تصوير سينمائى.
هذا الأمر يثير عدة تساؤلات ربما أهمها  هو مقدرة «نتفليكس» على إنتاج مثل هذا العمل الضخم، بيد أن سمعة الشركة الأمريكية أصبحت فى الوقت الراهن سيئة للغاية، نظرًا لعلاقاتها المتوترة للغاية مع صناع السينما العالمية خاصة الأمريكية، وأزمتها الشهيرة مع المخرج الكبير «ستيفن سبيلبرج»، وهو نفس الموقف الذى اتخذه مهرجان «كان» السينمائى،الذى منع عرض أفلام من إنتاج «نتفليكس» و«أمازون» فى دورته الأخيرة، ورفض رئيس لجنة التحكيم فى إحدى الدورات السابقة، الإسبانى «بيدرو ألمودوفار»، منح السعفة الذهبية لفيلم من توزيع الشبكة.
أيضًا تحظى الشبكة الأمريكية بباعٍ طويل فى إلغاء مسلسلات حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا مثل مسلسلات «ديرديفل»و«آيرونفيست» و«ذابانشور» و«لوك كيدج»، ورغم أن البعض ربط إلغاء تلك المسلسلات بإطلاق شركة «ديزنى» العملاقة لمنصة تليفزيونية تدعى «ديزنى بلس»، على غرار «نتفليكس» ستنتج عبرها مسلسلات جديدة من عالم «مارفل» السينمائى،وهو العالم الذى تنتمى إليه المسلسلات الأربع، إلا أن قرار الإلغاء يبقى فى يد «نتفليكس» وحدها، هذا ناهيك عن معركة «نتفليكس» الشهيرة مع الجمهور بعد طرد «كيفن سباسى» من مسلسل «هاوس أوف كاردز» على خلفية اتهامات التحرش الجنسى التى يواجهها، واستكمال الموسم الأخير بدونه بعد أن أعلن صناع العمل وفاته دراميًا.
وبعيدًا عن ذلك، يرى البعض أن قرار إدارة «كان» بمنع أفلام «نتفليكس» و«أمازون» من المنافسة، هو الحرب المستمرة بين شركات الإنتاج الكبرى والمنصات الجديدة التى تعكف على إنتاج أفلام تهدد صناعة السينما، لذلك نرى أن استديوهات هوليوود تنفق مبالغ خيالية لإنتاج أفلام ضخمة مثل سلسلة «المنتقمون» التى حصدت إيرادات فاقت المليار دولار، هذا فضلاً عن أن تلك المنصات الجديدة، والتى تشمل كذلك «جوجل» و«ديزنى»  «وأبل»، تبذل أقصى جهودها للإطاحة بعملاقة الإنتاج التليفزيونى شركة «إتش بى آو» صاحبة أنجح مسلسل درامى فى التاريخ «صراع العروش»>