الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نساء حول البابا

نساء حول البابا
نساء حول البابا


عبر التاريخ المسيحى ظلت مكانة المرأة فى المجال اللاهوتى - مجتمع المؤمنين – تمثل واحدة من أكثر القضايا التباسًا، وذلك بسبب التفسيرات الشائعة لبعض النصوص الدينية، ففى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس يتحدث بولس الرسول بشكل واضح عن مكان المرأة قائلا «لتصمت نساؤكم فى الكنائس، لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا».

ربما كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من أولى المؤسسات التى أظهرت اهتماما بالمرأة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك اهتمام البابا كيرلس الرابع بتعليم الفتيات، حيث يعد أول من فكر فى تعــــــــــليم البنات، كما اهتم البابا كيرلس السادس البطريرك الـ١١٦ بخدمة المرأة فكون لجنة منهن لتنظيف الهيكل وغسل الستائر والملابس الكهنوتية وستر الهيكل واللفائف، كما قام بإرسال أول ممثلة للكنيسة القبطية فى الخارج حيث أرسل الدكتورة إيريس حبيب المصرى مندوبة عن الكنيسة المصرية للمشاركة فى الاحتفال بيوم الصلاة العالمي.
وإذا كانت الكنيسة المصرية عرفت نظام التكريس للراهبات منذ أيام البابا اثناسيوس الرسولى فإن البابا شنودة الثالث كان أول من أسس خدمة السيدات فى المقر البابوى، حيث كانت المترجمة الخاصة به والتى أصبحت مديرة مركزالبابا شنودة للغات والترجمة هى الدكتورة وداد عباس والتى مازالت فى هذا المنصب حتى وقتنا الحالي.
عندما جاء البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة اتسعت خدمة المرأة داخل المقر البابوى بشكل عام بل أصبحت تشارك فى العديد من المجالات العامة وليس  المجال الروحى فقط، وفى السطور القليلة القادمة نرصد أبرز عشر سيدات يخدمن الكنيسة المصرية فى شتى المجالات، تزامنا مع اليوم العالمى للمرأة. 
رغم عملها فى المجال السياسى من خلال توليها وزارة الهجرة، فإن الوزيرة نبيلة مكرم استطاعت عبر موقعها أن تؤدى دورًا مهمًا جدًا لصالح الكنيسة يؤمن بأهميته البابا الحالى، حيث تسهل عملية التواصل بين أبناء الجيل الأول من هجرة الأقباط وبين الكنيسة الأم، محققة بذلك حلم البابا بربطهم بوطنهم الأم الذي لا يعرفون عنه شيئا يذكر حيث ولدوا ونشأوا وترعرعوا فى المهجر.
تتمثل مهمة الوزيرة فى ربط المصريين فى الخارج بوطنهم، وهى عندما تؤدى هذا الدور فإنها تساعد البابا فى التنسيق بين المقر البابوى وبين كافة الوزارات لتنظيم رحلات لهؤلاء الشباب إلى مصر؛ حيث استقبل البابا تواضروس منهم فوجين حتى الآن؛ الأول كان لشباب النمسا والذين قاموا بزيارة وزارة الدفاع المصرية والتعرف على دورها الحقيقى والالتقاء بأعضاء من جيش وطنهم الأم، وكان الفوج الثانى لشباب شمال فرنسا وباريس الذين شاهدوا أبرز المعالم السياحية وكانت ترافقهم أثناء تواجدهم بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون مع البابا تواضروس.
ولا يقتصر دور الوزيرة على ذلك فقط بل تقوم بالمشاركة فى أغلب الاحتفاليات التى تقيمها الكنيسة مثلما شاركت فى حفل توزيع جوائز مسابقة التصوير الفوتوغرافى التى أقامها المركز الإعلامى للكنيسة المصرية بعنوان «مصر الجميلة» وغيرها من الاحتفاليات المهمة.
ومن أبرز السيدات القبطيات التى انخرطت فى العمل السياسى النائبة سوزى ناشد والتى رشحت من قبل الكنيسة ولها دور مهم فى مناقشة بعض قضايا الأقباط تحت قبة البرلمان، حيث تثير بعض القضايا المسكوت عنها مثل أحداث المنيا.
فى المجال الأكاديمى نجد الدكتورة وداد عباس توفيق أستاذة اللاهوت العقائدى والنظرى ومدير مركز البابا شنودة للغات والترجمة، وتعد من أهم الشخصيات النسائية التى تعاملت مع البابا الراحل شنودة الثالث، حيث كانت المترجمة الشخصية وكانت تحضر أغلب اللقاءات الرسمية التى تحتاج لمترجم، وكانت من ضمن الشخصيات التى حظيت بثقته فقام بتعيينها فى هذا المنصب بالإضافة إلى عملها كمدرس لاهوت بالكلية الإكليريكية لتعد من السيدات القلائل اللاتى تخصصن فى تدريس اللاهوت أكاديميا.
لم تكن الدكتورة وداد هى الأولى فى هذا المجال ولكن هناك أيضًا الدكتورة نجوى الغزالى أستاذ العهد القديم بالكلية الإكليريكية والتى تفوقت على أكثر من ١٣٦ طالبا كانوا يدرسون معها حيث كانت الوحيدة التى حصلت على درجة الامتياز عام ١٩٧٠ وكتبت عنها مجلة الكرازة فى ذلك الوقت  وبعدها بخمس سنوات كانت تدرس مادة العهد القديم وظلت تدرسه حتى الآن لأكثر من ٤٣ عاما، وشاركت مؤخرا فى الاحتفال بمرور ١٢٥ على تأسيس الإكليريكية بحضور البابا تواضروس.
وفى المجال الإعلامى، يبرز أمامنا ثلاثة أسماء لهن دور بارز داخل المقر البابوى الآن؛ حيث استطاع البابا تواضروس أن يفسح المجال للخدمة النسائية بشكل أكبر، فنجد لدينا بربارة سليمان مدير المشروعات بالمقر البابوى وهى شخصية قوية جدا داخل المقر تتولى القيام بالأدوار التنظيمية داخل أروقة المقر وتتابع أداء الأشخاص المنوط بهم تجهيز احتياجات المقر البابوى بداية من تجهيز الطعام ونهاية بحضورها فى أغلب اللقاءات الخاصة بالمشروعات المتبادلة بين الكنيسة والجهات المختلفة.
ثانى شخصية فى هذا المجال هى الدكتورة رانيا نعيم المدير التنفيذى للمركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وقد قامت نعيم بعمل ثلاث حوارات تسجيلية مع البابا تواضروس حول شخصه وطبيعته وحياته ونشأته تم إذاعتها فى عيد تجليسه منذ عدة سنوات، كما سجلت مع من عاصروه عن طبيعة حياته الصعبة فى محاولة لتسجيل أهم محطات فى حياة البابا الـ١١٨.
لا تختلف الدكتورة عايدة نصيف أستاذ الفلسفة بالكلية الإكليريكية كثيرا عن الدكتورة رانيا نعيم، فالأولى قامت مؤخرا بعمل كتاب بعنوان  «قراءة فى فكر البابا تواضروس الثاني»، ويعد محاولة موضوعية ودقيقة لعرض أفكار  البابا تواضروس الثانى ونسقه الفكرى فى مجال العلوم الكتابية واللاهوتية والعقائدية وفى مجال آرائه نحو القضايا الوطنية وقضايا التنوير والتجديد. 
الدكتورة عايدة كانت أيضًا من ضمن الوفد الذى اختاره البابا تواضروس ليلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسى إبان أزمة سيدة الكرم.
وفى النهاية كانت هناك ومازالت شخصيات تعطى دروسا حية فى خدمة المجتمع وتساعد فى تخريج أجيال تؤمن فى داخلها بقيم مساعدة المحتاج، وكانت من أهم تلك الشخصيات الأم إنجيل أو تاسونى إنجيل كما هى معروفة الآن، وإنجيل هي  زوجة القمص بيشوى كامل كاهن كنيسة مار جرجس بأسبورتنج وقد تزوجها فقط ليصبح كاهنا حيث إنه كان يريد أن يعيش متبتلا بلا زواج وكذلك هي؛ وقد اتفقا على أن يتزوجا ولكن يعيشان حياة التبتل وبالفعل قد كان، وتوفى القمص بيشوى عقب إصابته بمرض السرطان وفى جنازته ارتدت إنجيل ملابس بيضاء إيمانا منها بأنه ذهب لمكان أفضل. منذ تلك اللحظة وهى لا تغير اللون الأبيض وأصبحت قبلة لكل فتيات الجمهورية يأتين إليها من كل صوب لتعلمهن الخدمة فى شتى المجالات وتتحدث عن زوجها وكيف كان يخدم طوال الوقت ولذلك أصبح منزل تاسونى إنجيل لا يخلو أبدا من الفتيات اللاتى يسعين  للخدمة معها.
أما الشخصية الأخرى هى الأم ماجى تلك السيدة التى تعيش فى إحدى شقق جاردن سيتى ولكنها قررت أن تقوم بخدمة الفتيات فى المناطق العشوائية والأكثر فقرا.بدات الأم ماجى بحى الولايات وفتحت أماكن لتعليم الفتيات وإكسابهن حرفة يدوية مثل صناعة السجاد كما علمتهن إعادة تدوير المخلفات وغيرها من الحرف الأخرى، كذلك قامت بزراعة حديقة وضعت بها كل بذور الزرع الفرعونى والمصرى النادر ولكن لا أحد يعرف مصير تلك الحديقة الآن.
أطلق عليها الأم تريزا المصرية نظرا لما تبذله لخدمة المناطق المحتاجة ولذلك تم تكريمها من أكثر من دولة أوروبية وعربية، ولذلك ستجد دائما السيدة المصرية القبطية تتألق فى أى مكان وتحتل الصدارة عن جدارة.>