البيع بأجساد الحسناوات

رحمة سامي
فى إعلانات الوظائف «النسائية» توصيفات ثابتة.. الأناقة، الرشاقة، حسن المظهر، اللباقة فى التعامل مع الجمهور.. المواصفات نفسها تتكرر مع مهنة جديدة بدأت تنتشر أخيرًا فى مصر.. المهنة تسمى الـ«Usher» أو الأشرينج (بحسب المصطلح الدارج).. إلا أن التجربة على أرض الواقع تختلف كثيرًا.
«روزاليوسف» خاضت تجربة البحث عن وظيفة «أشر»، مع أولئك الشباب الذين أجبرتهم الضائقات المالية للبحث عن مخرج فلم يجدوا أمامهم إلا العمل لدى إحدى الشركات التى حولتهم لمجرد عارضين لسلع ومنتجات شركات أخرى داخل المولات ومراكز التسوق الشهيرة، مرة يرتدون ماركات لملابس معينة، ومرة أخرى يستعرضون قوامهم بجوار سيارة حديثة، وثالثة يرتدون ساعة أو تيشرت، كل على حسب الشركة التى تقوم بالدعاية لها.
المشهد الأول:
بداية مغامرتنا كانت من خلال إعلان عن وظيفة لم نفهم طبيعتها فى البداية، ولم تكن توحى بشىء من سوء الأخلاق: «مطلوب فتيات للعمل كأشر فى مول.. للتواصل إنبوكس» تواصلت مع المعلن طالبة تفاصيل أكثر عن العمل، قال إن اليوم من 200 لـ 300 جنيه وهناك اجتماع تفصيلى يوم الأحد فى مقر الشركة، ذهبت مع غيرى ممن كان يضرب الرقم فى 10 أيام فيعلو الأدرينالين فى جسده من شدة السعادة للخروج من ضائقته المالية».
المشهد الثانى:
غرفة اجتماعات بها 20 فتاة أعمار وأشكال مختلفة فيهن من تحضر لأول مرة وفيهن العاملة فى المجال منذ سنوات، بدأ ترتيب الحضور واحدة تلو الأخرى لأخذ البيانات»صورة البطاقة، رقم التليفون، السن،» ومن ثم تصويرهن بالموبايل طولًا وعرضًا مع كل جوانب الوجهة وكأننا داخل قسم شرطة، وكانت الفتاة المصورة ترسل الصور عبر الواتس لأحد الأشخاص، فى الأغلب كان المعلن.
المشهد الثالث:
بعد الانتهاء من طوابير التصوير بدأ كل يأخذ موضعه، لتأتى سيدة تدعى أنها مسئولة الدعاية لماركة مياه ومنتجات ألبان معروفة جيدًا، تحدثنا عن المطلوب عمله تحديدًا، وكيف نرتدى جميعًا زيًا بلون واحد، وكيف نرتدى حذاءً أسود اللون يلمع جيدًا، ممنوع طلاء الأظافر ويمكن وضع شفاف اللون فقط، الميك آب يفضل أن يكون هادئًا جدًا بالطبع جميع الفتيات غير محجبات، فكان هناك شرط أن يكون الشعر مصففًا جيدًا، -إلا أن هناك محجبات يعملن «كأشر» لمنتجات أخرى-، وألا ترتدى اكسسوارات كبيرة وتكون صغيرة وجاذبة مبتسمة دائمًا، العمل 8 ساعات لمدة 10 أيام، إحدى الحاضرات كانت ترتدى حول عنقها سلسلة أشارت لها المحاضرة ألا ترتديها حتى لا تشبه الكلاب أثناء العمل.
المشهد الرابع:
خرجت من الاجتماع أفكر كيف يمكن الاعتماد على ملابس الفتاة ونسبة جمالها وأنوثتها فى الترويج لبيع المنتجات فى المولات العامة والمنتجات السياحية، والتى يختلف الأمر فيها، الفتاة تقوم بعرض المنتج وهى مرتدية البكينى أو الهوت شورت فى أغلب الشركات تحت اسم فتيات الأشر، أو شباب الأشر حيث يشمل الأمر الرجال أيضًا أحيانًا.
الفتاة التى تلعب دور الوسيط، لقيادة الزبائن للتعرف على منتج بعينه تبذل مجهودًا فى توزيع الابتسامات والنكات على الأشخاص، وفى المنتجعات السياحية يمكنهن الرقص والغناء واللعب فى المياه وهذا مقابل أجر مغرٍ لهن، بالطبع الحديث ليس عن الفتيات اللواتى يعملن بشكل احترافى فى المجال لجذب الجمهور.
طبيعة العمل:
تقوم الفتيات بتوزيع عينات مجانية أو كتالوجات مصغرة للمنتج المروج له، مثل العطور ومساحيق التجميل، الموبايلات وغيرها من السلع، وفى المنتجعات يقمن لعب كرة الشاطئ أو الرقص على الأغانى،لجذب الجمهور فقط، والتعريف بالمنتج.
حكايات الاشرينج
خلود 26 عامًا واحدة من الفتيات العاملات فى المجال لسنوات بدأ الأمر بالعمل فى معرض القاهرة الدولى للكتاب بعد أن طلب أحدهم عددًا من الفتيات للتواجد بصالات المعرض وتوزيع «فلايرز» لكورسات لغات على زوار المعرض: «لأنى أجيد اللغة الإنجليزية كانت فرصة جيدة بالنسبة لى أن أقدم الكورس مقابل150 جنيهًا فى اليوم لمدة أيام المعرض كاملة، كنت لسة طالبة وأبحث عن عمل وكان ذلك بمثابة أكثر الفرص مناسبة بالنسبة لى لأن أحصل على المبلغ يوميا.. وكانت هناك شروط فى المظهر وارتداء الملابس الفورمال وأن تكون الفتاة غير محجبة ولم أجد أزمة فى الأمر حتى الحجاب كنت لا أرتديه».
لم تواجه خلود مضايقات أثناء العمل: «فقط أوقف بعض المارة خاصة من الشباب الجامعى وأقدم له العرض الخاص بالكورسات وأطلب منه التسجيل معى» ليغتنم فرصة التخفيض التى تنتهى بنهاية المعرض.. البعض يستجيب ويدفع ثمن الحجز والبعض الآخر لا، هناك عدد ضئيل كان يقوم بمضايقتى على سبيل الهزار والضحك من الشباب والاستخفاف من بعض الفتيات إلا أننى لم أقف أمام الأمر كثيرًا».
تضيف: «بعد ذلك أصبح رقمى مع الشخص ذاته المعلن وهو أشبه بوكيل يعود إليه الراغب فى فتيات أو شباب للعمل بالأشرينج وعليه أن يأتى له بالعدد المحدد فأصبح يحدثنى فى أغلب المرات، والأسعار كانت تختلف باختلاف المنتج والأماكن والمتطلبات أيضًا كانت تختلف حتى ذهبت فى عرض أشرينج خاص بأحد الفنادق فى شرم الشيخ، وهنا الوضع اختلف تمامًا فى كل شىء كان تعاملنا مع العميل الأجنبى علينا التواجد طوال اليوم على -حمام السباحة-البعض يرتدى المايوه “البكينى” والبعض الآخر يرتدى “هوت شورت”، فقط نقوم بالرقص والغناء مع الجيست ولعب الكرة الطائرة، مقابل 500 جنيه فى اليوم غير الإقامة ووجبة الإفطار والغداء.
تستكمل خلود: كانت أفضل الأيام التى عملت بها وحصلت من خلالها على مبلغ كبير، تعرضت لمضايقات من نوع مختلف تحرش من الرجال وتجاوب من النساء أثناء الرقص واللعب، لكن كان علينا دائمًا أن نلتزم الصمت، لكن كان يهمنى ألا يزيد الأمر لما هو أسوأ من ذلك، لكن الرقص والتلامس كان يسوق لنا على أنه نوع من المجاملات».
بينما رانيا 29 عامًا تقول إنها عملت فى المنتجات المختلفة أغلبها كان فى المولات الشهيرة التى تمتلئ بالزبائن ورجال الأمن أيضًا، وكان لا يمكن لأحد أن يضايق الفتيات :» نقدم عرضًا عن مناديل مرة ومرة أخرى عن مشروب طاقة وهو الذى كان يمكن أن يحدث فيه بعض من التحرشات اللفظية من قبل الرجال مثل “هيخلينى حديد يعنى”، وبعض التلميحات الجنسية، إلا أننى لم أقف عند الأمر كثيرًا طالما لم يأت ويلمسنى أحد عليه أن أنهى أيامى وأحصل على أموالى وأرحل ،خاصة أن هذا المجال الجميع يعرفون بعضهم وإذا افتعلت مشكلة لن يشغلنى أحد معه بعد اليوم.
وتضيف: «كنا نرى التحرش أكثر من قبل مديرين فى العمل فهم ينظرون لنا على أننا فتيات فى حاجة إلى المال ونرتضى أى شىء، فيتم الأمر بالعرض والطلب والكثير من المضايقات لكن ليس هناك إجبار فى شىء».
وتؤكد سلمى، أن المضايقات موجودة فى أى عمل وليس فقط فى مجال الأشرينج، ولكن هذا المجال أزمته أن العملاء يرون بوضوح فتيات متاحات لهم، رغم أننا نقدم له منتجًا بشكل لطيف، ونحن نقوم بتوقيف هؤلاء بشياكة كما يقال، وهذا لا يمنع أن الاختيار الأول فى المجال يعتمد على مظهرك وجمالك وتناسق جسدك وقليلًا ما يتطلب مهارات عمل أو شهادة خاصة».
أما إسراء. ع، فترى أن مجال الأشر شغل دعارة مخفى وليس عملًا جادًا، فمؤهل الفتاة فى هذا العمل جسدها ومستوى جمالها ومدى التناسق بين مقاسات جسدها: «أجساد الفتيات تستغل فى العمل، كأنها فترينة لعرض سلعة تزيد من المبيعات».
وتقول: عملت فى عدة انتخابات من بينها انتخابات النادى الأهلى وأخرى تبع انتخابات نقابة المرشدين السياحيين، طلب منى صاحب العمل 4 صور لى» طولى وعرضى» موضحة لجسدى،ليست عارية ولكن كاشفة، وبعد ذلك اكتشفت صعوبة العمل لا يحتاجون لأحد متكلم أو بائعة جيدة إذا كان منتجًا ولكن فقط شكل وجسد جيدين».
وتضيف: «يعمل فى هذا المجال 90 % فتيات والباقى رجال حيث يرى القائمون على المجال أن الفتيات أكثر جذبًا للبيع وترويج المنتج، وبعد العمل ظل صاحبه يحاول التحرش بى ويرسل لى مقاطع رقص ويطلب منى الخروج معه، حينها قررت ألا أعمل فى المجال ثانية رغم أن مكاسبه المالية جيدة، حصلت على 250 جنيهًا فى 8 ساعات لليوم وهناك شغل يصل لـ600 جنيه فى الليلة.