السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

130 شابًا فى مهمة إنسانية

130 شابًا فى مهمة إنسانية
130 شابًا فى مهمة إنسانية


رجل مسن تجاوز عمره الـ65 عامًا، حالته الصحية المتدهورة تشير إلى قسوة الليالى ومرارة الأيام التى عاناها، يتحدث بصعوبة، كل أمله فى الحياة أن يعيش فى مكان نظيف يوفر له لقمة العيش والعلاج، إنه عم جميل واحد من بين مئات الحالات التى أنقذتها فرق التدخل السريع من الشارع..عم جميل كان يعيش فى إحدى دور المسنين بالجيزة، كان دائم الخروج من الدار، إلى أن وصل به الأمر إلى تركها نهائيًا، بعد أن وقع على ورقة تخلى مسئولية الدار عنه، يقول: «مفيش عندى مكان،  بقعد فى القهوة إلى 5 فجرًا، ثم أذهب للنوم فى داخل حوش أحد المنازل، ومرة بالشارع.. أنا نفسى أعيش فى مكان كويس وفيه ناس طيبين، كنت عايش فى دار رعاية مفيش فيه رعاية نهائيًا،  حتى لما أطلب مسكن للصداع كانوا يرفضون».

أثناء حديثه معنا، اخرج ورقة من الشنطة التى يحملها مدونًا عليها رقم هاتف، وطلب من أحد شباب فريق التدخل السريع الاتصال بابنته لتحضر له بطاقته الشخصية، بالفعل تم الاتصال بها، وإبلاغها رسالة والدها، وطلب منها أن تحضر وتأخذ والدها إلى المنزل، فما كان منها إلا بالرد: «قول لبابا هو عارف البيت خليه يركب التوك توك هيوصله لحد البيت»، بعد إبلاغ عم جميل رسالة ابنته، رفض الذهاب لمنزل ابنته، وطلب توفير مكان له بدار رعاية.
عم جميل واحد من بين 1725 حالة مشردة تعاملت معها فرق التدخل السريع الـ 17 المنتشرة فى 10 محافظات، بها نحو 130 شابا وفتاة، يجوبون الشوارع ليلا ونهارا فى إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى،«إحنا معاك» لإنقاذ المشردين والأطفال بلا مأوى،والذين قدر عددهم آخر مسح لمركز البحوث الجنائية والاجتماعية نحو 16 ألفًا.
أطفال بلا مأوى
وزارة التضامن تعمل بالتعاون مع صندوق تحيا مصر، على برنامج «أطفال بلا مأوى»  بتمويل يقدر بـ 164 مليون جنيه، يستهدف 12 ألفا و700 طفل فى عشر محافظات هى الأعلى كثافة من حيث تجمع الأطفال بلا مأوى، لتقديم خدمات الإعاشة والتأهيل للأطفال، ودمج 60 % منهم فى أسر  أو  فى دور الرعاية بعيدًا عن الشارع، وتطوير البنية التحتية وزيادة القدرة الاستيعابية لـ6 مؤسسات للرعاية الاجتماعية.
الدكتور أيمن عبدالعزيز،  مسئول برنامج التدخل السريع وأطفال بلا مأوى كشف عن أن  إجمالى الحالات التى تم التعامل معها منذ  بدء العمل فى 2014 حتى إطلاق حملة «إحنا معاك» للتعامل مع المشردين بلغ نحو  1725 حالة، حيث تم التعامل مع 1240 حالة، منهم 537 مشردًا تم إنقاذهم، فضلًا عن نحو 1600 حالة أخرى تم التعامل معها خلال الأسبوعين الماضيين من خلال فرق التدخل السريع الـ17 المنتشرة بالمحافظات بها 130 شابًا وشابة بالتعاون مع الفرق المنتشرة فى باقى المحافظات. 
حياة كريمة
وأضاف: بعد إطلاق مبادرة الرئيس «حياة كريمة»، تم العمل على توفير بطاطين ووجبات دافئة للمشردين بالشوارع،  من خلال التنسيق بين فرق التدخل السريع وأطفال بلا مأوى،ولم يتوقف ذلك على المحافظات الـ10 فقط الموجود بها البرنامج بل تم توسيع النشاط ليغطى جميع المحافظات، موضحًا أنه تم نقل المشردين لدور الرعاية، فهناك 9 دور بينها 7 تابعة لوزارة التضامن.  
وأوضح أن فرق التدخل تتعامل مع نحو 30 حالة مشردة و 10  أطفال  بلا مأوى يوميًا، وتأتى  القاهرة، فى مقدمة المحافظات من حيث عدد الحالات، تليها  الجيزة،  والإسكندرية والقليوبية وتتنوع أنواع التدخلات ما بين الإيداع بإحدى دور الرعاية، وتوزيع وجبات ساخنة وبطاطين للحالات التى ترفض الاستجابة، مشيرًا إلى أن الفرق التى تعمل بالشوارع ستستمر بالعمل حتى بعد إنهاء موجة البرد.
ليلة مع المشردين
«روز اليوسف» قضت ليلة مع إحدى فرق التدخل السريع فى شوارع القاهرة، حيث تبدأ عملية البحث من الساعة 5 مساءً إلى 12 صباحًا، وهو توقيت يبدأ فيه أطفال الشوارع والمشردون الانتشار فى الشوارع والميادين للبحث عن مكان للنوم.. وقبل عملية البحث التى تستمر 7 ساعات متتالية،  يحصل الفريق على وجبات الطعام الدافئة،  من بنك الطعام،  بالإضافة للبطاطين من مديريات التضامن.  
أثناء تواجدنا معهم، تلقت فرق التدخل بلاغًا من أحد أهالى الألف مسكن عن سيدة تسكن فى الشارع منذ سنوات، وتحرك فريق شمال القاهرة وتم التعامل مع الحالة وهى «أ. ع» سيدة عمرها 67 عامًا من أهالى المنطقة رفضت كل محاولات الأهالى بتوفير غرفة لها فى أحد المنازل: « أنا فى الشارع منذ 5 أعوام وأبنائى طردونى من البيت»، رفضت كل محاولات إيداعها دار للرعاية قائلة «أنا عاوزة أموت فى الشارع، فما كان من الفرق إلا منحها بطانية ومتابعة حالتها يوميًا بتوفير وجبات لها، على أمل موافقتها على الذهاب لدار رعاية.
ونفس الأمر تكرر مع رجل يبلغ من العمر 55 عامًا يسكن أمام محطة مترو حلمية الزيتون، ويعيش فى الشارع منذ 11 عامًا وينتقل من مكان لآخر: «أنا من أسيوط وجئت  للقاهرة بعد أن رفعت عليا زوجتى دعوى طلاق وخدت كل اللى حيلتى وطردتنى من شقتى»، وفى ميدان ابن الحكم بالزيتون، تعاملت الفرق مع رجل فى الخمسين من عمره يعانى من اضطرابات نفسية، وتم  إبلاغ الإدارة المركزية حتى تقوم بإبلاغ وزارة الصحة، وقدم له الفريق بطانية ووجبة.
سيد حامد،  منسق التدخل السريع بشمال القاهرة  يقول إن الوحدة المتنقلة تتكون من 4 أشخاص «منسق  وإخصائى نفسى واجتماعى ومدرب أنشطة ومسعف وسائق الوحدة»، ويعمل الفريق من خلال مسح شامل، بالإضافة للبلاغات على الخط الساخن 16439، حيث يتم وضع خطة للعمل بمنطقة ما أولا من خلال مسح المنطقة  بالتجول فى الشوارع والميادين التى يتواجد فيها المشردون وأطفال بلا مأوى للتعامل معهم.
الفريق يقدم الإسعافات الأولية للأطفال والمشردين عند الحاجة مع تقديم الوجبات إليهم وفتح حوار معهم لمعرفة أسباب تواجدهم فى الشارع، والعرض عليهم الانتقال إلى دور الرعاية أو الاتصال بالأهل وعمل اللازم تجاه ذلك، وعند رفض الانتقال مع الفريق يتم إعطاؤه بطانية لمواجهة موجة البرد، فضلًا عن التعامل مع البلاغات التى تصل للفريق والتى تصل لنحو 4 بلاغات يوميًا.
وأوضح أن الاستجابة ترجع إلى مدى قوة العلاقة الذى تجمع الفريق بالمشرد، وذلك من خلال التردد عليه وكسب ثقته ،فى أحيان كتيرة يرفض الأطفال والمشردون التعامل معنا فى المرة الأولى، نعمل على إقناعه وكسب ثقته، وهناك متشردون تم توجيههم لدار الرعاية من أول مرة، وآخرون بعد شهرين ومنهم من يرفض.
أما يحيى هلال إخصائى اجتماعى بوحدة شمال القاهرة، فأكد أنهم يعدون سجلات لكل حالة من حالات الأطفال بلا مأوى والمشردين، من خلال تدوين بياناته وتخصيص ملف لكل حالة يتعامل معها الفريق وتطور علاقته بالفريق وتدوين كل التفاصيل الدقيقة حول الحالة، وخطة التأهيل، وهذا يتم مع الأسر أو الأطفال بلا مأوى،أما فى حالة المشردين خاصة المختلين عقليًا وهى النسبة الأكبر من المشردين، يتم تبليغ الإدارة المركزية،  التى تقوم بإبلاغ وزارة الصحة لنقلها للمستشفى، والملف الخاص بكل حالة يتم تسليمه لدار الرعاية التى ينقل إليها الطفل أو المشرد، لمتابعة حالته، سواء كانت الصحية أو النفسية أو المشاكل التى يواجهها.
وكشف عن صعوبات نقل الفتيات المشردات لدار رعاية، بسبب السيطرة عليهن من أشخاص خارجين، يستخدمونهن للتسول بالشوارع،  لذلك نلجأ للتعامل مع القادة وكسب ثقتهم من خلال تقديم خدمات لهم سواء كانت صحية أو مساعدته فى التعامل مع المصالح الحكومية، أو توفير فرصة عمل.
الوحدة المتنقلة
داخل الوحدة المتنقلة توجد ترتيبات معينة خاصة لاستقبال الحالات، كشنطة للإسعافات الأولية، حيث أوضح المسعف محمد جمال، أن حقيبة الإسعافات الأولية من الأمور الضروريّة فى الوحدة متنقلة،  فالكثير من الأطفال نجدهم معرضين لإصابات ما يتطلب التدخل السريع، فضلاً عن العديد من الأنشطة لجذب الأطفال،  كالرسومات والألوان و القص واللصق، كراسات التلوين.
من جانبها كرمت الدكتورة غادة والى وزير التضامن الاجتماعى فرق التدخل السريع وفرق أطفال بلا مأوى،لجهودهم فى إنقاذ حوالى 1600 مشرد من المسنين والأطفال خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى نحو 1300 حالة أخرى منذ بدء البرنامج فى 2014، مؤكدة أن مساعدة المشردين من أجمل الأعمال التى تبدأ بها الوزارة عام 2019، موضحة أن الوزارة تسعى إلى تطوير آلية الاستضافة أو الضم للأسرة وتطوير وسائل التواصل بينها وبين الجمهور للقضاء على الظاهرة.
وشهد الأسبوعان الماضيان تشكيل فرق عمل مشترك من أطفال بلا مأوى وفرق التدخل السريع مع اهتمام الرئيس بحالة الحاجة صفية، حيث أطلقت وزارة التضامن  حملة «إحنا معاك»، للتعامل مع المشردين، ففريق أطفال بلا مأوى بوحداته الـ17 المنتشرة فى 10 محافظات، شكل نموذجًا للأداء الاحترافى واستغلال كل المهارات فى جذب الأطفال لدور الرعاية، ونجحت فرق التدخل السريع وأطفال بلا مأوى فى إنقاذ الحالات الإنسانية لرجال وسيدات كانوا يفترشون الأرشفة، وإيداعهم فى دور رعاية اجتماعية تحت إشراف ومتابعة من قبل الفرق للارتقاء بمستوى الرعاية المقدمة لهم.