الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الجخ» استفاد من أحداث يناير وأحلم بأكاديمية للشعر

«الجخ» استفاد من أحداث يناير وأحلم بأكاديمية للشعر
«الجخ» استفاد من أحداث يناير وأحلم بأكاديمية للشعر


«علاء جانب»، أوّل وآخر مصرى حتى الآن يحصل على لقب «أمير الشعراء» فى المسابقة الإماراتية الشهيرة فى موسمها الخامس، التى سبق أن شهدت سطوع نجم هشام الجخ فى عالم شعر العامية. يكتب جانب شعر الفصحى، ويعمل أستاذًا مساعدًا بكلية اللغة العربية قسم الأدب والنقد بجامعة الأزهر، وصدرت له عدّة دواوين منها «أنا وحدى»،«ولد يكتب بالنجوم»، «لاقط التوت».


سألناه عن موقف الأزهر من الفن والفنانين، وعن رؤية الشباب للثقافة فى عصر الديجيتال، وعلاقة معرض الكتاب بالشعر، بعد نجاح تجربة المخيّمات التى كانت تستضيف الأبنودى يلقى شعرًا فى حضورٍ حيّ أمام روّاد المعرض، أو أشرطة القصائد المُسجّلة التى كانت تُذاع بصوت عالٍ وتضجّ بها أرجاء أرض المعارض؛ هل اختفت تلك المظاهر، وهل انعدم الاهتمام بالشعر كتظاهرة ثقافية ثريّة فى معرض القاهرة للكتاب؟ّ!
 شارك «علاء جانب» فى معارض عربية مهمّة للكتاب، لهذا كان سؤالى الأوّل عن أوجه المقارنة بين معرض القاهرة الدولى للكتاب ومعرض مثل أبو ظبى أو بيروت أو جدّة!.
فأجاب: بصراحة مقارنة صعبة للغاية؛ معارض البلدان العربية التمويل ماديًا فيها أكثر بكثير، كما بها مشاركات لكبار الكتّاب على مستوى العالم، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة والعملية التنظيمية المتقنة، لكن معرض القاهرة الدولى هو معرض «للثقافة والمثقفين» والمشاركات الأدبية المتخصصة من الصعب أن توجد فى أى من المعارض فى الخارج. على سبيل المثال؛ يكفى فى معرض القاهرة وجود مخيّم مثل «عكاظ»، وهو مفتوحٌ لكل الجماهير من روّاد المعرض، ولكل الشعراء، فيصبح من حق أى أحد الدخول إلى المخيّم وتسجيل اسمه ثم يلقى قصيدة. باختصار؛ لا يعتمد معرض القاهرة على التمويل المالى الضخم، قدر اعتماده على «التمويل الثقافى» كمنتج فى حد ذاته.
 الخصام المعهود، والمعارك الضاجة بين شعر الفصحى والعامية، خاصة أننى عرفت أنك تكتب شعر العامية أيضًا!.
- لا أُخاصم العامية كبعض كتّاب الفصحى، لأنى أرى أن جوهر الفنون واحد، وأنا ابن الشارع المصرى ومتشبّع بالوجدان المصرى الذى يسرى فى دمه روح صلاح جاهين وبيرم التونسى وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم وغيرهم من شعراء العامية المصرية الذين تشبّعتُ بإنتاجهم، بل إن فى قصائدهم كثيرًا من المعانى والرسائل ما يفوق شعر الفصحى والأعمال المكتوبة بالفصحى بعامة. فقط تسرى العامية فى دم الشاعر المصرى مسرى الدمّ، لهذا يكثر شعراء العامية فى مصر، نظرًا إلى ضعف مستوى التعليم وتدريس الفصحى بالذات فى المدارس، ولأن العامية هى لغة الشارع، بالتالى لا تحتاج إلى مجهود يُذكر مقارنة بالفصحى التى تحتاج إلى علم ودراية ودراسة وتفسير للكلمات، أمّا بالنسبة إلى سوق شعر الفصحى فى الشاعر المصرى، فهو فى تحدٍ دائم بالفعل، لكن لا يعنى هذا أبدًا أن يختفى شعر الفصحى، أو يظل قابعًا فى المنصّات الكبيرة، لا يزال يوجد جمهور لشعر الفصحى، بينما شعر العامية الأكثر رواجًا بين جماهير تتعطّش للأسهل. شعر الفصحى نادر وأغلى على أية حال، وأنا أمْيلُ له.
 ماذا أضاف لك الفوز بلقب «أمير الشعراء»؟
- جعلتنى المشاركة فى هذه المسابقة ذائعة الصيت قريبًا من الاحتكاك بالمدارس الشعرية المختلفة لشعراء على مستوى الوطن العربى. تعرّفتُ على البيئات الشعبية والثقافية التى جاءوا منها، مما أثرى تجربتى الشعرية ومن الطبيعى، بل الواجب أن يتطوّر شعرى بعدها، هذا بالإضافة إلى الشهرة الإعلامية الواسعة، ولكن بالخارج أكثر من الداخل.
 برأيك لِمَ ذاع صيت هشام الجخ أكثر بعد المشاركة بالمسابقة رغم عدم حصوله على اللقب؟
- الظروف مختلفة، تزامن صعود الجخ مع أحداث 2011؛ كان البطل هو الشعب، وأحسن الجخ استثمار الحدث من خلال النزول إلى الميدان، ولهذا أطلق عليه البعض لقب «شاعر الثورة»، وقت حصولى على اللقب فى عام 2013، كانت الجموع الشعبية مشغولة بتصاعد الأحداث مع حكم مرسى وتغوّل جماعة الإخوان المسلمين فى الحكم.
 تنتمى إلى مؤسسة دينية وهى الأزهر الشريف، وهو ما سبب حالة من التناقض تجاهك: بين دهشة أن يخرج أمير الشعراء من الأزهر، كيف تأثّرت أزهريّتك بإنتاجك الشعرى؟
- دراستى الأزهرية جعلتنى أرتبط بالفصحى ارتباطًا وثيقاً. أثَرُ الأزهر علىَّ كأثر الجينات فى الجسم لا يمكن لأحد أن ينكرها، فأنا أزهرى ومن وسط كله تربّى على التعليم الأزهرى ولا يمكن أن أنكر فضل الأزهر عليّ بداية بصقل لغتى العربية. ومن خلال الأزهر؛ تفتّحت عينى على اللغة والشعر، فقد تعلمت الشعر من شواهد النحو فى كتاب شرح الندى وكتاب شرح «ابن عقيل»، وكل هذا انعكس على شعرى، بالأزهر مواهب عديدة ما بين منشدى قرآن ومقرئين، بل أصوات غنائية رائعة لعلماء لغة وفقهاء، ولكن تحتاج تلك المواهب إلى دعم كبير من مؤسسة الأزهر، فالأزهر يبنى الموهبة من خلال الدراسة، وينشغل عنها فور التخرّج، السهام كثيرة مصوّبة تجاه الأزهر، وأنا أتطلّع إلى دور أكثر قوّة لهذه المؤسسة العريقة فى مواجهة التطرّف والإرهاب.
 هل للشعر دورٌ فى مواجهة التطرّف فى الأفكار؟
- نحن كشعراء لنا دورٌ كبير فى مواجهة تلك الأفكار المتطرفة المغلوطة عن الإسلام، لقد قدمت فى ديوان «لاقت التوت» قصائد لمواجهة هذا الفكر المتطرف بعنوان «المتهوّر»، وقصيدة أخرى بعنوان «المؤامرة» تهدف تلك القصائد إلى ضرورة أن يتوحّد الشعب المصرى حتى ينجح فى القضاء نهائيًا على بؤر الإرهاب ووأد الأجندات الخارجية.
 أنت أستاذ جامعى، برأيك كيف تؤدّى الأكاديمية إلى تطوير ملكات الشعر؟
- عندى مقترح للجامعات المصرية بإنشاء «أكاديمية الشعر»، تكون مهمّتها تدريس الشعر القديم والحديث، العربى والأجنبى، وتُخرّج شعراء ونقّاد متخصّصين، فى الصعيد اليوم، مؤسسة «بيت شعر بالأقصر» بتمويل من دولة الإمارات، وتحت إشراف وزارة الثقافة، وتعمل بوصفها منارة لجذب المواهب بالصعيد، من خلالها يتم تصدير شباب الشعراء من الصعيد إلى المسابقات المصرية والعربية، وهناك شعراء بالفعل حصلوا على جوائز رفيعة من مسابقات بمصر وبلدان الوطن العربى.
 كناقد ما تقييمك للشعراء الموجودين على الساحة اليوم؟
- مصر مليئة بالمواهب، لكن البضاعة الممتازة نادرة جدًا. الشعراء الحقيقيون المؤثرون قليلون.
 هل تجد تناقضًا بين وجهى الناقد والشاعر فى إنتاجك؟
- فى البداية؛ عندما أبدأ فى كتابة قصيدة أجنّب دور أستاذ الجامعة فى النقد الأدبى، حتى أستطيع كتابة قصيدة من القلب وليس بالعقل. وبعد الانتهاء منها أستحضر وجه الناقد الأدبى، وأبدأ بمراجعة القصيدة بيتًا بيتًا. أنصح شباب الشعراء، بألا يستجيبوا إلى خواطر الشعر الأولى، عليهم مراجعتها أكثر وأكثر، حتى يتأكّدوا منها تمامًا، ثم تصبح جاهزة لإذاعتها على الجمهور.
 نحن على أبواب معرض القاهرة للكتاب، هل تجده فرصة لتجديد أرض الشعر وربطه بالجمهور؟
- أتذكّر أول زيارة للمعرض الكتاب كانت بعام 1998، وكنت وقتها معيدًا فى الجامعة، وأتذكر أيضًا أنى ألقيت أول قصيدة شعر لى بالمعرض فى مخيّم «عكاظ»، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحرص على حضور معرض الكتاب، يتميّز مخيم عكاظ بأن جمهوره انتخابى، وتستطيع معرفة ردّ الفعل على موهبتك فى حينها. فمعرض الكتاب، من هذه الزاوية، فرصة ذهبية لإنعاش ساحة الشعر بكل تأكيد.