الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قانون ندب القضاة يثير أزمة مع البرلمان

قانون ندب القضاة يثير أزمة مع البرلمان
قانون ندب القضاة يثير أزمة مع البرلمان


قبل نهاية العام ومع بداية العام الجديد يواجه كل من مجلس النواب والقضاة مأزقا دستوريا وقانونيا يخص مرفق القضاء، فعليهما الانتهاء من قانون ندب القضاة وإصداره قبل 18 يناير الشهر القادم 2019، وذلك طبقا لما نص عليه دستور عام 2014 فى المادة 239 منه والتى نصت على «يصدر مجلس النواب قانونا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور».
وخلال السنوات الخمس لم يقدم أحد مشروع قانون لندب القضاة، وفى منتصف هذا العام 2018 تقدمت النائبة نادية هنرى عضو مجلس النواب و63 نائبا آخرون بمشروع قانون لمجلس النواب.
وفى 8 نوفمبر هذا العام أرسل رئيس هيئة مستشارى مجلس الوزراء خطابا لرئيس مجلس الدولة المستشار أحمد أبوالعزم يطالب فيه قسم التشريع بالمجلس بمراجعة مشروع قانون تنظيم ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية.
وعقد قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار حسن شلال عدة جلسات لمراجعة مشروع القانون المكون من 11 مادة، وفى منتصف الأسبوع الماضى أعاد مجلس الدولة المشروع لمجلس الوزراء ومعه عدة ملاحظات، أولها: لابد من أخذ رأى الجهات والهيئات القضائية المعنية بمشروع القانون وهى القضاة وأعضاء النيابة العامة ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وإلا أصبح القانون مخالفا للدستور وبالتحديد المادة 185، وهذا يعنى ضرورة عرض القانون على هذه الهيئات القضائية وأخذ رأيها خلال بضعة أيام أو أسابيع وهو ما قد يضع هذا القانون فى مأزق.
ومن أهم ملاحظات قسم التشريع على القانون أنه حدد الجهات التى لا يجوز ندب القضاة إليها وهى أى وزارة أو محافظة أو هيئة أو مصلحة حكومية أو أى جهة إدارية أيًا كان مسماها القانونى أو أى من شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو أية شركة من الشركات المملوكة للدولة أو التى تساهم الدولة بها أو إحدى هيئاتها أو شركاتها فى رأسمالها.
وهو ما يفسر جواز الندب للجهات التى لم ينص عليها القانون مثل المجالس النيابية والجهات الدولية والمؤسسات الجامعية وغيرها من الجهات التى لم يرد ذكرها، وهذا مخالف للدستور.
ملاحظات قسم التشريع على القانون، نصت المادة 4 على إجازة الندب لوزارة العدل، وهذا لا يتفق مع الدستور لأن الوزارة ليست جهة قضائية، كما أنها أحد فروع السلطة التنفيذية، وهذا مخالف لنص الفصل بين السلطات الذى أقره الدستور.
نصت المادة السادسة من مشروع القانون على جعل زيادة مدة الندب الكلى على أربع سنوات متصلة مشروطا بقرار يصدر عن رئيس مجلس الوزراء وفق تقديره، وهذا مخالف أيضا لأن رئيس الوزراء يندرج مع من هم فى السلطة التنفيذية.
وعلى جانب آخر هناك مشكلة ستواجه العديد من الجهات الحكومية والهيئات، فالعديد من قوانين هذه الجهات والهيئات توجب ضم بعض اللجان الإدارية والمالية ومجالس إداراتها فى عضويتها أعضاء من الهيئات القضائية.
وهذا يعنى ضرورة تعديل قوانينها أو إعطاء مهلة لهذه الجهات لتعديل قوانينها قبل إلغاء ندب المستشارين المنتدبين إليها.
وكان المستشار فرغلى زناتى نائب رئيس محكمة النقض السابق سبق أن قال: ندب القضاة للجهات الحكومية من الأمور التى طالب كثير من القضاة بإلغائها لأنه أمر يتسبب فى بعض الحساسية وتحيط به الشبهات أحيانا خاصة على مستوى القضاء العادى، حيث إنه من الأفضل على القاضى العادى أن يمارس عمله على المنصة فقط.
من جانبه، قال لنا المستشار عبدالستار إمام رئيس محكمة جنايات القاهرة وعضو مجلس إدارة نادى قضاة مصر: الهدف من نص المادة 239 من الدستور التى نصت على أن يصدر مجلس النواب قانونا لتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الهيئات القضائية تكريس استقلال القضاء وتفرغ القاضى لرسالته ألا وهى العدالة.
فلا يجوز أن يندب القاضى لمحافظة أو وزارة أو بنك، ونحن نعانى من عجز فى القضاة وتكديس القضايا.
سألنا المستشار عبدالستار: هل نادى القضاة أعد قانونا للندب أو عرض عليه مشروع القانون الحالى وهل يجوز أن يشمل مشروع القانون مادة تجيز لوزير العدل أن يحدد القضاة والجهات التى يندب إليها أو زيادة مدة الندب وهل القضاة فى حاجة إلى زيادة رواتبهم؟
قال لنا المستشار عبدالستار: إن النادى لم يعد مثل هذا القانون، ولكن طبقا للدستور لابد أن يعرض القانون الذى أعد من جانب مجلس الوزراء على جميع الهيئات والجهات القضائية، وإذا لم يعرض سيصبح القانون مصابا بعوار دستورى.
وبالنسبة لمرتبات القضاة، القاضى يعتبر نفسه صاحب رسالة والمفروض الدولة تكفل له ما يعينه على رسالته، لأنه لا يجوز للقاضى أن يعمل عملا آخر أو فى مهنة أخرى، المفروض أنه متفرغ لعمله.
عصام الإسلامبولى الفقيه الدستورى قال لنا: إن ندب القضاة فى مصر للجهات الإدارية والحكومية جاء طبقا للنظام القضائى الفرنسى، وبدأ التخلص منه الآن لأن الندب يخرج عن اختصاص القاضى ويشغل جزءا كبيرا من وقته ويثير شكوك الكثير من الناس لأنه قد تنشأ علاقات اجتماعية وصداقة مع بعض الأشخاص فى الجهة المنتدب إليها القاضى قد تؤثر بطريقة غير مباشرة على عمله كقاض، هذا بالإضافة إلى أن ندب بعض القضاة لأكثر من جهة قد يؤثر على عمله الأساسى كقاضٍ، حيث سيبقى وقت قليل لعمله الأساسى.
وقال الإسلامبولى: إذا كان بعض القضاة يبحثون عن جهات للندب إليها من أجل الحصول على مكافآت، فأنا مع إطلاق رواتب القضاة لأقصى درجة حتى لا يبحث عن إعارة بالخارج بعد إلغاء الندب.
ولهذا بعد قانون إلغاء الندب نحن فى حاجة لتعديل شامل للقضاء بمراجعة القوانين التى تحكم عملية التقاضى وهى قوانين المحكمة الدستورية والنقض والمرافعات وقانون السلطة القضائية ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وقضايا الدولة، ولابد من تحديد مدة زمنية لتداول أى قضية أمام المحاكم.
والشىء نفسه فى قضايا الطعون أمام محكمة النقض القانون يعطى 15 يوما لرد الخصوم على الطعن، ثم يحال الطعن للنيابة لإبداء الرأى والقانون لم يحدد سقفا زمنيا للنيابة لإبداء الرأى وقانون مجلس الدولة لا يعطى أيضا سقفا زمنيا للانتهاء من كتابة تقرير فى الدعاوى المحالة لهيئة المفوضين ولا للحكم فى القضايا المقامة أمام محاكم مجلس الدولة.
وفى ظل المطالبة بالإصلاح القضائى أن نلغى منظومة فض المنازعات التى تؤخر النظر فى القضايا أمام المحاكم  لأن القانون يلزم أصحاب القضايا باللجوء إليها أولا قبل الذهاب بها للمحاكم حتى لا يصدر حكم برفض الدعاوى لعدم تداولها أمام لجان فض المنازعات.