الجمعة 9 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أجهزة التجسس فى العالم.. صنع فى إسرائيل

أجهزة التجسس فى العالم.. صنع فى إسرائيل
أجهزة التجسس فى العالم.. صنع فى إسرائيل


أكثر من 27 شركة إسرائيلية تقنية لإنتاج أجهزة وبرامج التجسس، وهو رقم لم تصل إليه أى دولة أخرى فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية بالطبع والتى تقود العالم فى هذا المجال بـ122 شركة.
ومن بين أشهر تلك الشركات الإسرائيلية «ناروس» و«مير» و«إن.إس.أو.» و«فيرنيت».
تعتبر شركة «ناروس» من أهم هذه الشركات، إذ تضم خبراء من وحدة 8200 الإسرائيلية وهى وحدة استخباراتية مختصة بالتجسس الإلكترونى . هؤلاء الخبراء الاستخباراتيون المتخصصون أسس بعضهم شركات لإنتاج أجهزة تجسس، بينما يحتل البعض الآخر مناصب قيادية بهذه الشركات. ساعدت «ناروس» شركة الاتصالات «إيه.تى. آند. تى.» فى اختراق المليارات من رسائل البريد الإلكترونى وإرسالها إلى «وكالة الأمن القومى» الأمريكية NSA. الشركة أسستها إسرائيل، لكن مقرها الرئيسى اليوم فى كاليفورنيا الأمريكية بعد أن اشترتها شركة «بوينج».
وتعتبر الوحدة 8200 من أشهر الوحدات فى الجيش الإسرائيلى، حيث يتم اختيار أذكى المجندين من الشباب داخل الجيش للالتحاق بها، حيث يتعلمون التجسس والاختراق إلى جانب إنتاج أسلحة إلكترونية وتطويرها. خبراء هذه الوحدة الاستخباراتية يحصلون على وظائف فى شركات إنتاج أجهزة التجسس بمنتهى السهولة فهم مطلوبون - أو كما يقول «عاميت مائير» الصحفى الإسرائيلى والخبير السابق بالوحدة-  «مجرد وضع اسم الوحدة فى السيرة الذاتية يحدث تأثيرًا كالسحر»، فهى مثل كلمة السر للوصول إلى أهم المناصب داخل هذه الشركات.
أما أكبر الشركات الإسرائيلية فى هذا المجال فهى شركة «إن. إس. أو» أو NSO التى تأسست عام 2009. تتمتع هذه الشركة بقدر هائل من السرية، حيث إنها لا تمتلك موقعًا إلكترونيًا ولا يتحدث أى من مؤسسيها للإعلام إلا أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية قد كشفت أن المؤسسين هما: «عمرى لافى» و«شاليف خوليو»، وهما خبيران سابقان فى الوحدة 8200 أيضًا.
كما أكدت تقارير صحفية أن الشركة تضم ثلاثة أعضاء سابقين بالوحدة نفسها، الأهم أن الوحدة مولت الشركة بمبلغ 1.6 مليون دولار لإنتاج برنامج التجسس «بيجاسوس»، وهو البرنامج الذى صنفته مجلة «فوربس» كأخطر برنامج تجسسى على أجهزة المحمول فى عام 2016، حيث يمكن خلاله التجسس على المكالمات وتحديد مكان الجهاز وتسجيل الحوارات التى تدور فى محيط المكان الموجود فيه، بل إرسال رسائل نصية وإلكترونية وتحميل تطبيقات عن بعد أى أن المحمول يكون تحت السيطرة تمامًا.
وكانت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية قد نشرت تحقيقًا، شمل 100 مصدر من 15 دولة، كاشفًا أن إسرائيل أصبحت مُصدّرًا رئيسيًا لأدوات التجسس على المدنيين والتى تستخدمها الكثير من الأنظمة حول العالم.
وأشار التحقيق إلى أن كل الوكالات الحكومية حاليًا، سواء كانت تحترم خصوصية مواطنيها أم لا تحترمها،  تمتلك أجهزة تجسس أنتجتها شركة «NSO» التى تتخذ من مدينة «هرتسيليا‎» الإسرائيلية مقرًا لها.
فمثلها كمثل أية شركة برمجيات تقليدية تضع أسعارًا لأدوات المراقبة الخاصة بها من خلال تحديد عدد الأهداف المراد تتبعها تبدأ بقسط ثابت نصف مليون دولار. ومن أجل التجسس على 10 من مستخدمى هواتف الآيفون تدفع الوكالات الحكومية لشركة «NSO» 50 ألف دولار ومثلهما فى حالة إذا كانت 10 الهواتف ذات نظام تشغيل أندرويد. وهنا يمكن تقدير حجم الأرباح الهائلة التى تقدمها الشركة.
وفقًا للمقترح التجارى المقدم من مجموعة شركات «NSO» أنه فى حالة إضافة 100 هدف لتتبعه أو مراقبته يتم دفع 800 ألف دولار، أما إذا كان العدد 50 هدفًا فيجب دفع نصف مليون دولار، بينما إذا كان العدد الإضافى 20 هدفًا فقط حينها يجب سداد ربع مليون دولار، هذا إلى جانب أنه يوجد رسوم صيانة سنوية لتلك البرامج والأدوات، تبلغ نسبتها 17% من السعر الإجمالى كل عام.
تعمل برامج المراقبة والاستخبارات على الاستيلاء واستغلال جميع أنشطة الهواتف الذكية مثل موقع المستخدم والمواقع التى زارها إلى جانب جهات الاتصال الشخصية، علاوة على ذلك يمكن أن يتم استخدام البرامج التكنولوجية لتحويل الهواتف إلى أجهزة تسجيل.
أما شركة «بلاك كيوب» فقد تأسست عام 2010 وتسوّق نفسها بأنها شركة تقدم خبرات الجواسيس الإسرائيليين السابقين لعملائها. وبالفعل فإن أكثر من 100 موظف بالشركة هم ضباط سابقون بوحدات الاستخبارات العسكرية مثل الموساد حتى إن «مائير داجان» رئيس الموساد السابق كان الرئيس الشرفى للشركة حتى وفاته وتؤكد تقارير صحفية أن الرجل شارك بشكل كبير فى دعم الشركة فى بداياتها.
وقد تردد اسم الشركة فى أواخر عام 2017 عندما نشرت صحيفة «نيويوركر» الأمريكية أن المنتج الأمريكى الشهير «هارفى وينستن» صاحب فضائح التحرش بنجمات هوليوود، استأجر الشركة للتجسس على النساء اللاتى استهدفهن واللاتى اتهمن وينستن فيما بعد بالتحرش الجنسى بهن.
وفى بدايات العام الحالى، ارتبط اسم الشركة بفضيحة جديدة، عندما كشف محلل البيانات السابق ومسرب المعلومات «كريستوفر وايلى» الذى اشتهر بفضح الفساد، أن الشركة تم استئجارها من أجل التجسس على الرئيس النيجيرى «محمد بخارى» عام 2015 فى محاولة للأضرار بحملته الرئاسية.
ولا يزال اسم الشركة يتردد فى فضائح جديدة آخرها الكشف عن قيامها بالتجسس على موظفى إدارة الرئيس الأمريكى السابق «باراك أوباما» واحد القضاة الكنديين، إلى جانب عدد من أعضاء منظمات غير حكومية فى «المجر» وهى منظمات تربطها علاقات مع رجل الأعمال الأمريكى - المجرى المثير للجدل «جورج سوروس».
وقد انضم مؤخرًا إلى الشركة المدير السابق للموساد «إفرايم هاليفى» والذى أصبح عضوًا بالمجلس الاستشارى للشركة الإسرائيلية.
ويبدو أن الشركات الإسرائيلية المنتجة لأجهزة وبرامج التجسس لها نصيب كبير من الفضائح لا يقل عن رصيدها من الأرباح الطائلة .فبالانتقال إلى شركة «مجموعة بى. إس. واى» PSY-GROUP، نجد أنها أيضًا تردد اسمها فى الإعلام هذا العام بعد أن ازدادت الشكوك حول علاقتها بالحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى الأمريكى «دونالد ترامب» خاصةً أن عددًا من موظفيها تم استجوابهم من قبل المحقق «روبرت مولر» المسئول عن ملف التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
تأسست الشركة عام 2014 وتتخذ من تل أبيب مقرًا لها. الشركة مملوكة لعدد من الشركات فى قبرص وبريطانيا ومسجلة باسم «إنفوب ليميتد» ويديرها رجل الإعلام الأسترالى «دجويل زامل» وترتبط بعلاقات مع الاستخبارات الإسرائيلية من خلال مديريها وموظفيها. يذكر أن الكولونيل السابق «روعى بورشتاين» المدير التنفيذى السابق للشركة كان ضابطًا بالجيش لإسرائيلى وترأس وحدة استخباراتية قبل إنشاء الشركة.
الشركة تعرف نفسها بـ«شركة خدمات استخباراتية» وقد شاركت فى عمليات قامت خلالها بتغيير الخطاب العام أو التأثير على الرأى العام حول قضايا سياسية وغيرها، وذلك وفقًا لتصريحات «بورشتاين» فى مقابلة تليفزيونية فى أكتوبر الماضى. واستنادًا إلى أوراق ووثائق تنظر أمام المحاكم الكندية والإسرائيلية، فإن شركة PSY أنشأت حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعى لتستطيع من خلالها الوصول إلى الجمهور المستهدف والتأثير عليه إلى جانب نشر أخبار تفيد عملاءها مرارًا، لكن الغريب أن الشركة أعلنت إفلاسها فى فبراير الماضى بعد فشل اثنين من أهم مشاريعها.
وكان عدد من موظفى PSY السابقين قد أسسوا شركة «كيابرا ستراتيجى» عام 2017 والتى تهدف إلى مساعدة السياسيين والماركات الشهيرة على الدفاع عن أنفسهم ضد الأخبار الكاذبة وحملات التشهير التى تستهدفهم.
و وفقًا للتحقيق الذى نشرته «هاآرتز» الإسرائيلية، يأتى نظام الرئيس النيكاراجوى«دانيال أورتيجا» ضمن البلدان التى قامت بشراء برامج جمع معلومات استخباراتية من شركات إسرائيلية إلى جانب إندونيسيا، أنجولا، موزمبيق، جمهورية الدومنيكان، بتسوانا، بتغلاديش، بنما أذربيجان، هذا بالإضافة إلى أن هذا التحقيق أكد ما كانت التقارير السابقة تؤكده حول حجم مبيعات تلك الشركات الإسرائيلية إلى ماليزيا، المكسيك، فيتنام، أوزبكستان، كازاخستان، إثيوبيا، إلى جانب أوغندا ونيجيريا، وترينيداد وتوباغو، على مر السنين.
ورغم إدراج اسم نيكاراجوا فى تلك التحقيقات التى تؤكد قيامها بالتجسس عل مواطينها، فإن أحد خبراء الأمن الرقمى فى نيكاراجوا قد صرح بأنهم فى هذا البلد مازالوا يشعرون بالشك والريبة، حيث إنه حتى الآن لم يعرف بشكل يقينى ومؤكد نوع برنامج التجسس الذى يستخدمه نظام الرئيس النيكاراجوى«دانيال أورتيجا».
 كما أكد هذا الخبير أن المواطنين الذين اعتقلتهم الشرطة فى نيكاراجوا، خلال الاحتجاجات المدنية، وتم الإفراج عنهم وحصلوا على هواتفهم المحمولة يجب عليهم البحث عن خبير لفحص هذه الهواتف والتأكد من خلوها من أى برامج مراقبة.
والمثير أن الشركات الإسرائيلية الكبرى المنتجة لهذه البرامج والأجهزة التجسسية تؤكد أنها تكون مسئولة عن الأجهزة والبرامج بعد بيعها ولا يمكن التحكم فى كيفية استخدامها أو الهدف الحقيقى من شرائها. ويشبهون ذلك بالسيارة الفارهة التى تبيعها الشركة المنتجة وتحذر المشترى من تجاوز السرعات المقررة، لكنها لا تستطيع مراقبة التزامه بتعليمات الأمان تلك.
ومن جانبه اكد صحفى فى «هاآرتس» الإسرائيلية أنه لم يذكر أيًا من المصادر التى تحدث إليها برنامج بيجاسوس أو «NSO» فى حالة نيكاراجوا تحديدًا، لكن خبراء الأمن الإلكترونى لا يستبعدون استخدام النظام فى «نيكاراجوا» لهذا البرنامج رغم أنه من الصعب تأكيد ذلك لأنه برنامج خبيث يعمل فى سرية تامة.
ويلقى تحقيق «هاآرتس» الضوء على التقرير الذى نشرته مؤسسة «الخصوصية الدولية» البريطانية منذ سنتين، والذى كشف بدوره عن النمو الهائل للتجارة الدولية لتكنولوجيا المراقبة والتجسس، ففى حين كان يوجد 246 شركة فى عام 2012 فى جميع أنحاء العالم ارتفع عدد تلك الشركات أكثر من الضعف فى عام 2016 ليصل العدد إلى  528 شركة من بينها 27شركة إسرائيلية، مما يجعل من إسرائيل الدولة التى بها أعلى نسبة شركات تكنولوجيا المراقبة.
ولم تكن هذه المرة الأولى التى تأتى فيها نيكاراجوا ضمن الدول التى تستخدم برامج المراقبة ضد السكان المدنيين، بل يعتبر هذا التحقيق الذى نشرته «هاآرتس» هو الثالث دوليًا منذ عام 2017، فقد سبق وجاء ذكرها فى أحد التحقيقات بعدما تم التأكد من الاستخدام غير المشروع من قبل حكومات فى أمريكا اللاتينية لبرمجيات المراقبة التى أنتجها اثنان من الأكاديميين فى الإكوادور والأرجنتين.
هذا كما أورد «سيتيزن لاب»، وهو معهد أبحاث فى جامعة تورنتو الكندية متخصص بحقوق الإنسان وأمن الإنترنت، نيكاراغوا من بين بلدان أمريكا اللاتينية التى تقوم بالتجسس على مواطنيها، هذا إلى جانب أن الباحثين فى هذا المعهد فى العام الماضى كشفوا الاستخدام الحكومى لبرنامج بيجاسوس للتجسس على السياسيين والمحامين والصحفيين والنشطاء والباحثين فى المكسيك.■