الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

باريس تكشف: الاستراتيجية الأمريكية لتدمير أسواق التصدير

باريس تكشف: الاستراتيجية الأمريكية لتدمير أسواق التصدير
باريس تكشف: الاستراتيجية الأمريكية لتدمير أسواق التصدير


مفاجأة من العيار الثقيل فجرتها صحفية «لو فيجارو» الفرنسية الخميس قبل الماضى.. إذ كشفت الصحيفة تجسس (الولايات المتحدة) على الشركات الفرنسية من أجل سرقة معلوماتها وبياناتها، بما يصب فى مصلحة الاقتصاد الأمريكى.. وأكدت الصحيفة أن «المديرية العامة للأمن الداخلى» الفرنسية (DGSI)، وضعت يدها على وثيقة سرية تؤكد تلك المعلومات، ومن ثم كتب محللو المديرية الفرنسية مذكرة من ست صفحات إلى السلطة التنفيذية الفرنسية، يعلقون فيها على ما اكتشفوه من معلومات بالوثيقة، كما شددت الجريدة على أن اهتمام مديرية (DGSI) بمثل هذا الموضوع، يؤكد خطورة القضية.
وجاء فى نص المذكرة أن: «الأمريكيين ينشرون استراتيجية لتدمير أسواق التصدير، خاصة تجاه دولة (فرنسا)، من خلال شن سياسة هجومية تصب فى مصالحهم الاقتصادية». مؤكدين أن المجالات المستهدفة، هى الطيران، والصحة، وعالم الأبحاث بشكل عام، نظرًا لتفوق الجانب الفرنسى فيها. وتتولى تنفيذ هذه الاستراتيجية دائرة كبيرة من الهيئات العامة والخاصة، وذلك من خلال الشركات، ومكاتب المحاماة، والاستشاريين.. وغيرهم، من الذين يعملون على إنشاء ترسانة من التدابير القانونية، والخطط الاقتصادية، وذلك من أجل منح الشركات الأمريكية الأفضلية على حساب منافسيها الأجانب.
الهدف الأول: الملاحة الجوية
المديرية العامة للأمن الداخلى واثقة من حقيقة أن الشركات الفرنسية العاملة فى هذه القطاعات، هى هدف أساسى للهجمات الأمريكية، لكن بطريقة ملتوية، عن طريق عمليات التقاضى القانونى، إذ تفتح تلك العملية بابًا لمحاولات التقاط المعلومات، والتدخل الاقتصادى.. وكتب المحللون ما نصه: «فى بيئة تنافسية للغاية. وفى الوقت الذى تفرض فيه (الولايات المتحدة) نفسها كمنافس فى الأسواق الواعدة، من خلال شركة «بوينج» الأمريكية، تعانى مجموعة «إيرباص» الأوروبية من صعوبات اقتصادية فى السنوات الأخيرة، لعدد من برامجها، مثل: (A380، A320 ، A400M). كما أن الشركة الأوروبية المصنعة للطائرات، صارت معرضة للخطر أيضًا على المستوى القضائى، وتسعى إلى تجنب العقوبات المشددة».
ولمزيد من التوضيح، أشارت إلى خضوع شركة «إيرباص» لعمليات «رقابة الامتثال» (أى مراجعة السجلات المالية من حيث مطابقتها للقوانين) فى إطار مكافحة الفساد، وأن شركات المحاماة الأمريكية تتدخل فى التحقيقات مستغلة هذه القضايا.. وكتب المحللون: «لذلك تقلق أجهزة مكافحة التجسس الفرنسية مما يتمتع به هؤلاء الممثلون الأمريكيون من إمكانية الوصول إلى البيانات الاستراتيجية لمجموعة «إيرباص»، منذ عام 2015.. وبالتالى فإن المعلومات من جميع الأنواع، التى تم الاستيلاء عليها من المسئولين التنفيذيين فى «إيرباص» تجعل من الممكن رسم خريطة لجهات الاتصال الخاصة بهم، فضلاً عن خطوط تطورها على المستوى الدولى». مؤكدة أن العديد من المحامين المتورطين على اتصال بالإدارة الأمريكية.
الهدف الثانى: الشركات الصغيرة
لم تكن الشركات الفرنسية الصغيرة بعيدة هى الأخرى عن عمليات التجسس الأمريكية.. إذ كتب محللو (DGSI): «استهدف الأمريكيون بشكل متكرر، سواء فى القطاع العام أو الخاص، الأبحاث والابتكارات الفرنسية، من خلال تقديم التمويل لمنظمات البحث، أو الشركات المُبتكرة لدعم برامج «التنمية الدولية»، أو مشاريعها». مؤكدين أن ما يسوقونه للعامة هو مجرد حجج واهية مثل «إدارة الأعمال»، ولكن من خلف الستار لن يكون هناك أى شىء ودى رغم كون (واشنطن) حليفة قوية لـ(باريس)، تحديدًا فيما يخص قضايا الإرهاب الجهادى، ومكافحة التجسس الصينى، أو  الروسى، ولكن - فى الوقت نفسه - فإن الفرنسيين يخشون من أن 60 ٪ من النشاط الأمريكى لا يزال يركز على البحث عن الاستخبارات الاستراتيجية، لأنه من أولوياتها ضمان الوسائل المطلوبة للحفاظ على اقتصادها الوطنى!
وأعطى المحللون مثالاً بأن إحدى الشركات الفرنسية كانت قد بيعت بـ12 مليون دولار، وفى وقت لاحق تم نقل مقر الشركة، وأنشطتها فى البحث والتطوير إلى (الولايات المتحدة)، وحققت هناك نجاحًا باهرًا، ووصلت قيمة الشركة –الآن- لأكثر من مليار دولار.
كما حدد محللو مديرية (DGSI)، أنه وفقاً لما جاء فى الوثيقة، تبين مدى اهتمام الاقتصاديين الأمريكيين القوىّ بالشركات المتخصصة فى إدارة البيانات الطبية، وقد نجحوا فى هدفهم، واستحوذوا بالفعل على العديد من الشركات الفرنسية المتخصصة فى هذا النوع من المعلومات.. وأوضحوا أنه فى عام 2015، حصلت شركة «IMS Health» الأمريكية، وهى شركة تقدم معلومات وخدمات وتكنولوجيا الرعاية الصحية، على فرع البيانات وإدارة العملاء لنظيرتها الفرنسية، شركة «Cegedim».. وأن هذه العملية ساعدت الشركة الأمريكية أن تكون الوحيدة فى العالم، التى لديها قاعدة بيانات شاملة».
وانتهت المذكرة إلى القول: «وفقا لما استنتجناه، فالوضع سيئ، إذ إن مناطق الامتياز الفرنسية، ستكون مكشوفة بشكل خاص.. وأن الشركات الفرنسية الصغيرة والمتوسطة لم تكن مؤَمنة بشكل كافٍ.. كما أن الشركات الكبرى تبدو ضعيفة، ولذلك تفضل استراتيجيات الانسحاب، والتجنب. رؤيتنا متشائمة جداً، بينما تستمر العولمة فى سباقها المحموم».