الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

93 سنة حلوة

93 سنة حلوة
93 سنة حلوة


الفضل ليوسف وهبى فى إصدار مجلة روزاليوسف.. وفى شهر مايو من عام 1925 أعلن انتهاء الموسم المسرحى وإعطاء أعضاء فرقته.. فرقة رمسيس إجازة بدون مرتب لمدة ثلاثة شهور.. وإجازة من هذا النوع تعنى الكسل والزهق الذى لا تطيقه السيدة فاطمة اليوسف نجمة مسرحيات يوسف وهبي.

وذات يوم كانوا مجموعة من الأصدقاء يجلسون على القهوة.. عندما قرأت روزاليوسف فى صحيفة البلاغ أن السيدة منيرة ثابت تقدمت لوزارة الداخلية تطلب ترخيصا لإصدار مجلة أسبوعية.. فقالت فاطمة اليوسف لأصدقائها أنها تنوى إصدار مجلة أسبوعية تسميها روزاليوسف.. وابتسم الأصدقاء.. تصوروا أنها مجرد أمنية أو نزوة عابرة.. لكنهم فوجئوا بأن فاطمة اليوسف تقدمت بالفعل لطلب ترخيص المجلة.. فكتب الأديب المازنى فى العدد الأول الذى صدر فى 26 أكتوبر 1925.. أنها نزوة طارئة.. وسوف تعود فاطمة اليوسف إلى مجالها الحقيقى الذى خلقت له.. مجال المسرح والتمثيل!!.
روزاليوسف التى بدأت قوية وصاحبة تأثير ونفوذ سياسى كانت بالكاد تغطى نفقاتها.. ويورد الصديق رشاد كامل فى كتابه المهم روزاليوسف سيدة حرة مستقلة.. يورد نفقات روزا فى بداية المشوار.. والمرتب الأكبر كان 15 جنيها من نصيب صاروخان الرسام، فى حين تقاضى الأستاذ محمد حسنين هيكل بعدها بسنوات مبلغ خمسة جنيهات فقط لا غير.
أما الأديب عباس محمود العقاد.. فقد استدعته السيدة فاطمة اليوسف بعد ذلك بعشر سنوات تحديدا فى عام 1935 طلبت منه الكتابة معها.. فقال جملته الشهيرة أنا ما اشتغلش عند واحدة ست.. كان العقاد يومها يعمل فى صحيفة الجهاد براتب 70 جنيها فى الشهر.. وعندما عرضت عليه فاطمة 80 جنيها حمل أوراقه وأقلامه وانضم إلى الصحيفة الجديدة!!.
لم يبق اسم لامع فى الصحافة أو الرسم الكاريكاتورى إلا وانضم إلى روزاليوسف أو شقيقتها صباح الخير.. أحمد بهاء الدين وفتحى غانم وكامل زهيرى وإحسان عبدالقدوس وصلاح جاهين وعبدالرحمن الشرقاوى وعباس محمود العقاد ومحمد حسنين هيكل ومحمد التابعى ومصطفى أمين ثم شقيقه التوأم على أمين وأعجب زميلهما جلال الحمامصى بزهو المجلة فانضم إليها أيضا.
ذات يوم كتبت فاطمة اليوسف.. منذ 28 عامًا لم يكن من حق المرأة أن تدخل ميدان الحياة العامة.. لم يكن المجتمع يعترف بها إلا جارية.. وكان اقتحام ميدان الصحافة بالذات أمرا صعبا جديدا على الرجال. فما بالك بالنساء وفى هذا الجو كان علىَّ أن أمضى.. أن أتحمل مسئولية عمل يحمل اسمى.. أن أشن الحملات.. وأتعرض للهجمات المضادة.. وأن أرأس مجلة جميع العاملين فيها رجال.. أن أذهب لمقابلة رجال هم أمام الناس كبراء ووزراء.. لكنهم فى حقيقتهم ليسوا سوى رجال لا يعرفون عن النساء إلا أنهن لهو ومتاع!!.
غريبة هذه المرأة روزا أو فاطمة اليوسف التى لم تكن فقط أول فتاة تخرج من اليتم فى لبنان إلى الهرب فى الإسكندرية، إلى أضواء المسرح فى القاهرة، فاطمة لن تصبح أول صحفية فى مصر.. وربما فى تاريخ العالم العربي.. بل إن فاطمة المولودة يتيمة منسية فى طرابلس سوف تصبح أحد الوجوه الوطنية والقومية فى مصر.
والغريب يا أخى أن اسم روزاليوسف كان يثير عند القارئ مشاعر سلبية فكيف يقرأون مجلة تحمل اسم واحدة ست.. ويعترف مكرم عبيد أنه كان حريصا على قراءة مجلة روزاليوسف.. لكنه كان يستحى قراءتها أمام الناس فكان يضعها داخل جريدة يومية ويقرأها.
الأديب إبراهيم المازني.. الذى كتب فى العدد الأول من روزا أنها مجرد نزوة عابرة.. كتب بعد ذلك يقول: لقد انتهت النزوة لتكون مجلة صاحبة نفوذ.. تعتبر القياس الأول لاتجاهات الرأى العام المصري.. مجلة يخشاها ويحترمها الزعماء والحكومات تهتز من حولها الدول.! 