الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بليغ حمدى... ثقافة الحب... ووزراء الثقافة العرب

بليغ حمدى... ثقافة الحب... ووزراء الثقافة العرب
بليغ حمدى... ثقافة الحب... ووزراء الثقافة العرب


عن العلاقة بين بليغ حمدى ومحاولة وزارة الثقافة المصرية إحياء ذكراه، التى وافقت الأيام الماضية، وتأخر ظهور عرض سيرة الحب الذى يقدمه قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية عن حياته بسبب معوقات روتينية يعانيها مخرجو المسرح المصرى أثناء عملية الإنتاج، وبين مؤتمر وزراء الثقافة العرب صلة مباشرة.
إذ إن تعقيب الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد على توصيات المؤتمر يعد فى تقديرى اللحن الأساسى المتكرر المفقود فى صياغات الإنتاج الثقافى، ذلك أن المشكلة الحقيقية تكمن فى آليات الإنتاج وطريقة إدارته التى تبدد معظم الإبداعات الجادة، ويظل تعقيب سكينة فؤاد الذى يحدد مشكلة الإنتاج الثقافى العربى على حد تعبيرها فى انفصاله عن الواقع والإنسان.
هذا هو جوهر الأمر الذى يستحق بكل تأكيد عملًا مؤسسيًا، ولعل اهتمام وزارة الثقافة المصرية بالموسيقيار العبقرى بليغ حمدى يحمل تفسيرًا واضحًا للإبداع المتصل بالواقع والإنسان، إنه بليغ صاحب الجمل الموسيقية السهلة التى تصل للجماهير وترسخ فى وجدانها من المرة الأولى، قيمته الأساسية فى اختياره الإنسانى لدعم الحب كمرادف للوطن... الغرام كمرادف للبيت الدافئ.. الوطن كما يعرّفه الكاتب الكبير منير عامر بأنه رجل وامرأة فى عناق وبينهما أطفال.. بليغ الذى غنى لمصر هو كما أراد لنفسه أن تكون كنيته وبحق ابن النيل، هو فى تقديرى جملة موسيقية فارقة فى إعادة إنتاج الغناء الشعبى المصرى فى قالب معاصر، تحمل ألحانه للمطربين الكبار طابع الغناء الجماعى رغم أنها لصوت مفرد وتحمل الطابع الدرامى المتصل بالواقع والإنسان.
وهى من فرط انتشارها وعبورها للأجيال تظل وبحق سيرة الحب، وتكاد أن تتحول لما يشبه التراث الغنائى الشعبى لأنها أثرت فى الوجدان العاطفى للمصريين.
فالحب وبحق هو أحد أهم أهداف الثقافة العربية، لأن ثقافة الحب هى ثقافة الانسجام الوطنى واستقرار الأسرة.
لأن ثقافة الحب هى الوسيلة الأنجح لمحاربة ثقافة الإرهاب والتطرف والغلو والظلام.
هذا وقد وافق انعقاد الدورة الواحدة والعشرين لمؤتمر الوزراء المسئولين عن الشئون الثقافية فى الوطن العربى مرور ستين عامًا على إنشاء وزارة الثقافة المصرية، التى استمرت كمنجز  مهم أتاحته ثورة يوليو 1952.
وقد كانت وزارة الثقافة أداتها الرئيسية فى تعزيز الهوية المصرية ومنحها دور الريادة فى المنطقة العربية.
وهو الدور الذى يجب أن نستعيده فى مصر الآن رغم تغير الظروف الموضوعية، وهو دور المنارة التى تضىء فى ظل مراكز ثقافية مؤثرة ومتطورة فى الوطن العربى ككل.
وكذلك يأتى المؤتمر ليصادف مرور ثلاثين عامًا على إنشاء دار الأوبرا المصرية الجديدة كأول دار أوبرا بالوطن العربى وإفريقيا.
وفى هذا الصدد لا يمكن نسيان الدور المهم الذى لعبه الفنان محمد نوح رفيق درب بليغ حمدى فى السعى لدى الدولة المصرية والحركة مع الجانب اليابانى أثناء إتمام اتفاق إنشاء هذا المركز الثقافى القومى.
نوح الرائع البسيط الذى أتم دراسته الأكاديمية بالخارج من موسيقى وقد تجاوز الخمسين من عمره.. هذا المحب صاحب الغناء التعبيرى لمصر والناس والقمح والحليب الصافى.. أنه نوح (مدد مدد شدى حيلك يابلد).
نوح يستحق تكريمًا خاصًا بدار الأوبرا المصرية.
إن اشتباك التواريخ وتعدد دلالات المصادفة يذكرنا بهذا الذخم الثقافى، وبأن لدينا مؤسسات تاريخية لعبت دور الريادة، وعليها أن تؤسس لاستعادة الدور المحورى المصرى فى الثقافة العربية باستخدام معطيات جديدة تتناسب مع العالم المتغير.
ذلك أنه وكما جاء فى توصيات بيان المؤتمر يجب أن تسعى لترسيخ الهوية العربية ومواجهة التحديات الثقافية لإنتاج المضامين القادرة على مواجهة هيمنة العولمة الثقافية، وفى ذات الوقت القدرة على التواصل مع العالم وإنتاج نصيبنا فى المعرفة الإنسانية.
ذلك أن الوحدة العربية كتكتل إقليمى فى عالم هو مجموعة من التكتلات الإقليمية المتعددة جوهرها وبحق هو المشترك الثقافى العربى عبر الدين واللغة والفن والقيم المتشابهة والمتسقة التى هى الأثاث لأى تعاون عربى على أى صعيد آخر.
أما بليغ حمدى ورفيق دربه محمد نوح وغيرهما فهما رمزان عندما نتذكرهما يجب أن نتذكر أن مؤسسات الإنتاج الثقافى فى مصر المملوكة للدولة لم يعد بمقدورها إنتاج الأغنية التى ترسخ فى الوجدان، لا فى قطاع الإنتاج وزراة الثقافة ولا فى الإذاعة ولا التليفزيون المصرى.
فماذا كان فاعلًا العبقرى بليغ إذا كان مشواره الإبداعى يبدأ فى هذا السياق؟
حقا إن حديث الآليات والوسائل وطرق الإنتاج الثقافى المتصل بالواقع والإنسان هو سؤال الضرورة الآن وهنا فى الثقافة المصرية والعربية معًا.>