الشرطة لن تحمى رئيس الجمهورية

مصطفى ماهر
مازالت محاولات إحياء الجسد الميت مستمرة.. رغم أنها تبدو محاولات بائسة لكن كما عودتنا ثورة يناير أنه مهما كان الظلام قاتما فلابد أن يخرج منه نور يوما ما.. عن الشرطة نتحدث، ويبدو أن الحديث عنها لن يتوقف خاصة فى الأيام المقبلة، حيث إننا نعيش عصرا جديدا، بدستور جديد قادم فى الطريق، وأيضاً برئيس جديد وحكومة بانتماءات مختلفة ظهرت بفضل الثورة.
الأجواء كلها مختلفة ولم يعد للشرطة ديكتاتور تحميه أو نظام تتحامى فيه، وحتى الناس غيّرت نظرتها للضابط ولم تعد تتقبل الإهانة مثل قبل 25 يناير.. وكل ذلك سيجبر الشرطة على التطور وأن تكون كما تمنى الثوار وكما أصبحت فى دول العالم المتقدم.
مؤخرا ظهر مشروع جديد يقدم مجموعة أطروحات لكيفية إعادة هيكلة وزارة الداخلية بكل قطاعاتها، والجديد فى هذا المشروع أنه يتبنى منطق المشاركة حتى لا يصبح هناك طرف واحد يسيطر على الشرطة ولا حتى رئيس الجمهورية ووزير الداخلية.. المشروع يحمل اسم «المؤسسة الأمنية.. عقد أمنى جديد» عكف على إتمامه الخبير الأمنى د.إيهاب يوسف أمين عام جمعية الشرطة والشعب لمصر.
مسابقات عامة
أبرز ما يقدمه المشروع هو كيفية إنشاء مجلس أعلى للشرطة دون سيطرة طرف واحد عليه، وذلك من خلال عمل مسابقات عامة للعاملين فى الوزارة وإتاحة الفرصة لانضمام الرتب المتوسطة ويكون لصاحب أقدم رتبة فى الوزارة حق رئاسة المجلس.
على أن يكون للمجلس سلطة متابعة تنفيذ استراتيجيات الوزير.. ويكون للعضو سلطة غير مباشرة على مديرى قطاعات الوزارة، وتستمر العضوية مدة 5 سنوات، ولا يحق للوزير نقله.
أما عن العلاقة بين هذا المجلس ووزير الداخلية.. فالوزير يكون هو المسئول السياسى عن الوزارة ويتولى مهام وضع السياسات بالتشاور مع المجلس.. ويكون المجلس مسئولا تنفيذيا عن سياسة الوزارة، وتكون الجهتان مسئولتين أمام الشعب وذلك فى حالة الاتفاق بينهما.
لكن إذا اختلفتا، يتم عرض نقاط الخــلاف علــى اللجنــة العليا للأمن - سنستعرضها لاحقا - ويكون قرارها نافذا فى مواجهة الطرفين، ومن يعترض منهما فليس أمامه إلا الاستقالة.
أيضا يضع المشروع شروطا واضحة لكيفية تكوين هذا المجلس.. وهى أن يكون من ضمن أعضاء هذا المجلس 4 قانونيين من اختيار مجلس نقابة المحامين، بينهم اثنان من عمداء كليات الحقوق السابقين.. و4 متخصصين فى مجال حقوق الإنسان.. و6 شخصيات عامة يختارهم مجلس الشعب.. وبهذا التكوين المتنوع يتم إلغاء تبعية الشرطة لرئيس الجمهورية بعد أن كانت سلطة مطلقة فى يده طيلة العهود السابقة.
كذلك من صلاحيات المجلس أن يشرف على الكليات والمعاهد الشرطية، وتكون قرارات المجلس نافذة من تاريخ اعتمادها من الوزير، وتعتبر مُعتمدة قانونا بمرور 15 يوما على رفعها إليه دون أن يعترض عليها كتابيا.
اللجنة العليا للأمن
تتكون اللجنة من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومى، ورئيس جهاز المخابرات العامة ورئيس جهاز المخابرات الحربية، وأعضاء لجنة الدفاع والأمن القومى من ضباط الشرطة، ورئيس حزب الأغلبية ورئيس الحزب صاحب الأغلبية التالية.
الشرطة تعتذر للشعب
أيضاً من النقاط المهمة فى المشروع التركيز على ضرورة تحسين الصورة الذهنية عن ضابط الشرطة والتى عانى منها المواطن لسنوات طويلة، فالمشروع يبدو وكأنه وسيط للصلح بين الطرفين عن طريق التوافق على الرضا بأحكام القضاء لتكون فيصلا بين كل الطوائف بشأن شهداء الثورة ومصابيها.. وأن تتعهد الداخلية بألا تعود لماضيها الأسود من جديد، والسماح بتلقى كل ما لدى المواطنين من وقائع سابقة لفتح التحقيق بها مجددا.
وزارة بـ 4 قطاعات
أما من حيث إعادة تقسيم قطاعات الداخلية لتصبح وزارة جديدة.. فسيتم إلغاء إدارات الجوازات والسجل المدنى لكونهما إدارات ليس لها علاقة بالعمل الشرطى ويمكن للمدنيين أن يتولوا مسئوليتها بشكل كامل.. وتقسيم الوزارة إلى 4 قطاعات رئيسية ويكون على رأس كل قطاع نائب للوزير.. والقطاعات هى الأمن والمعلومات، والقوات والتدريب، والجودة والتوجيه المعنوى، وقطاع الإدارات الخدمية.
ولتحقيق ذلك يؤكد المشروع على أنه لابد من إعادة النظر فى قوانين الشرطة لتحقيق الردع، والنظر فى كل ما يتعلق بالجرائم الصغرى ووضع قواعد تنظيم العقوبات عليها للحد منها.. وتكوين لجان للشئون القانونية وحقوق الإنسان لتقوم بدراسة القوانين الشرطية والتأكد من فاعليتها، لضمان الارتقاء بالأداء الشرطى.
وتغيير طريقة ومعايير القبول بأكاديمية الشرطة ومعاهدها، وتطوير شامل للمناهج القديمة والتدريبات التى يتلقاها الطلاب داخل الأكاديمية، ليستمر التدريب حتى بعد التخرج وأثناء الخدمة.
شركات أمن خاصة
تهدف هذه النقطة فى المشروع إلى فتح حوار مجتمعى بهدف توفير إجماع على تحديد المهام المطلوبة من الشرطة لتكون ملزمة بها قانونا وأمام الشعب.. وإعادة توزيع العاملين بالوزارة من قيادات وضباط وأفراد وفق استراتيجية واضحة لتحقق الرؤية الجديدة للوزارة، لخلق موجة من الاستحسان لدى العامة.
وأشار المشروع إلى ضرورة التعاون بين الوزارة وشركات الأمن الخاصة والاعتماد عليها على أن تخضع لرقابة جادة من الداخلية، لاكتمال المنظومة الأمنية.
بالإضافة إلى الاستعانة بنظام تجنيد ضباط الاحتياط ولو لفترة زمنية مؤقتة لحين استقرار المنظومة الأمنية الجديدة التى سيتم تحديدها وفقا للاتفاق بين قوى الشعب بمبادرة من الداخلية والتى ستقوم برسم الهيكل التنظيمى الجديد وتحديد الهوية الجديدة للوزارة، والتى لابد وأن تضمن عدم انحيازها إلا للقانون بما يؤسس سيادته واحترامه من الجميع.
لجان شعبية
تبنى المشروع موقفا ثوريا من حيث موقف الشرطة من الشباب الذين نظموا اللجان الشعبية لحماية الممتلكات فى بداية الانفلات الأمنى، ودعا المشروع قيادات الشرطة الحالية إلى غلق باب القبول بأكاديمية الشرطة فى الفترة الحالية لحين استقرار الوزارة وإتمام هيكلتها وتطوير مناهج الأكاديمية.. ولحاجة الشرطة لدفعات جديدة اقترح المشروع أن تعتمد الوزارة على مجموعات الشباب الذى كوّن لجاناً شعبية أثناء بداية الثورة، وضمهم لصفوف جهاز الشرطة لفترة مؤقتة نظرا لجهودهم فى حماية البلاد دون مقابل، ذلك لحين الانتهاء من جميع أعمال الهيكلة.
المشروع يبدو متكاملا ويسرد حتى تعديل مواد ونصوص قانون الشرطة لتسهيل عملية التنفيذ وفق الآليات التى وضعها المشروع أو الدراسة.. وقد تم إرسال المقترحات الجديدة للقانون الشرطى لمجلس الشعب فى مارس الماضى، لكن مازال المشروع مُعطلا حتى إشعار آخر.