الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراما بـ«الكيلو» من أجل «تورتة» الإعلانات!

دراما بـ«الكيلو»  من أجل «تورتة» الإعلانات!
دراما بـ«الكيلو» من أجل «تورتة» الإعلانات!


رُغْمَ نجاحها على مدار سنوات طويلة ورُغْمَ تجدد نجاحها دومًا عندما تعرض حتى الآن، فإن المسلسلات القصيرة أصبحت لا تجد مكانًا لها فى «سوق» الدراما، الحلقات القليلة التى صاحبت روائع «الشهد والدموع»، «الرايا البيضا»، «ضمير أبلة حكمت»، «هو وهى»، «أحلام الفتى الطائر» أصبحت لا تصاحب إلا هذه الأعمال القديمة وغيرها.. فهل أصبح التوحش الذى سيطر على أصحاب القنوات والمنتجين هو المتحكم فى عدد حلقات أى مسلسل، من أجل جنى المزيد من الأرباح، من دون وضع «الجودة» فى الاعتبار، فالمهم الكم وليس الكيف.
كما لو كان فن الدراما أصبح يباع بالكيلو.. فى السطور التالية نحاول التعرف أكثر على أسباب اختفاء المسلسل القصير.
الكاتب «يسرى الجندى» عبّر عن رأيه فى هذا الأمر قائلاً: «قديمًا كان الكاتب يحدد عدد حلقات المسلسل حسب الموضوع وما يحتاجه من مساحة درامية. أمّا الآن فالعكس هو ما يحدث وأصبح شرطًا أن تكون الحلقات 30 أو 60 حتى فكرة الأجزاء أصبحت قائمة على استغلال نجاح المسلسل، فإذا نجح المسلسل بفكر صُنّاعه فى عمل جزء ثانٍ وثالث حتى لو الحالة الدرامية لا تحتمل هذا، وهو ما أوقع الدراما فى فخ المط والتطويل ولم يعد هناك «قماشة» درامية حقيقية».. وبسؤاله حول أسباب خضوع الكاتب لهذه الشروط، أجاب: «السوق.. سواء المنتج أو الإعلانات أو النجوم أنفسهم هم من فرضوا هذه النوعية من الدراما على الكاتب. وهذا ما جعلنا نترك المقاييس الصحيحة للكتابة منذ فترة.. وهذا ما جعلنا نخسر مكانتنا فى استقطاب السوق العربية كما كنا من قبل».
وأوضح الجندى: «إنه ليس شرطًا أن يكون المسلسل القصير أقل فى التكلفة الإنتاجية، فمسلسل «النديم» مثلا كانت عدد حلقاته قليلة، ولكن تكلفته كانت كبيرة، فالعبرة باحتياج الدراما للمحتوى والمضمون الذى يقدم.
المخرج «محمد ياسين» تحدّث أيضًا عن إمكانية إعادة المسلسلات القصيرة قائلا: «الشكل الأساسى فى الدراما التليفزيونية ظل لسنوات طويلة يعتمد على مسلسلات الـ13 والـ15 حلقة. وكانت هناك مسلسلات كثيرة ناجحة مثل «أحلام الفتى الطائر» و«الشهد والدموع».. وغيرهما. وأول من اخترع «فورمات» الـ30 حلقة كان الكاتب الكبير «أسامة أنور عكاشة»، لكنه كان يجيدها هو و«محفوظ عبدالرحمن» و«محسن زايد»، أمّا الجيل الحالى فلا يمتلك هذه القدرة إلا القليل منهم. ولا يوجد أحد ضد شكل فنى معين، المهم هو إجادة هذا الشكل والمعيار الحقيقى هو كيفية صناعته.. لذلك فمن الضرورى أن نتيح لأنفسنا الفرصة لإنتاج جميع الأشكال الدرامية لأن القاعدة الصحيحة هى أن يكون لدينا كل الأشكال.
هناك مسألة مهمة يجب الاهتمام بها - والكلام لمحمد ياسين - وهى أن النظرة إلى المسلسل القصير يجب أن تكون نظرة عادلة من ناحية التكلفة الإنتاجية فلا يوجد مبرر أن تكون التكلفة ضئيلة، فهناك معايير مهنية يجب أن تأخذ فى الاعتبار لكى نصنع منتجًا فنيّا متميزًا، كما يجب الاهتمام بالتسويق الجيد لهذه النوعية التى اختفت.. وفى النهاية عندما نطالب بشكل فنى معين لا بُدّ أن ندرك أن هناك مشاكل عديدة وفسادًا فنيّا مسكوتًا عنه فلماذا نقبل به؟ وهذا الفساد من كل صناع المنظومة أصحاب قنوات، وكلاء إعلان، منتجين، فنانين، مخرجين.. لا أستثنى أحدًا. ولا أقصد بالفساد هنا السرقة، ولكن فساد السكوت على هذا الوضع.
 أمّا الكاتب الشاب «محمد رجاء» فقد بدأ حديثه حول إمكانية تحقيق فكرة المسلسل القصير على أرض الواقع قائلا: «هذه الفكرة مطروحة على الساحة الفنية منذ سنوات، ولكنها لم تدخل إلى حيز التنفيذ. والسبب الرئيسى يرجع إلى الإنتاج والتسويق والإعلانات؛ خصوصًا أن التسويق أصبح يتم قبل التنفيذ الفعلى للمسلسل، وبالتالى كلما قَلّ عدد الحلقات قَلّت الإعلانات. فعندما كان قطاع الإنتاج هو المتحكم فى العملية الإنتاجية والتسويقية التى كانت تتم بطريقة منظمة تعطى للعمل المساحة الكافية لخروجه بشكل صحيح كانت الأوضاع مختلفة».
أيضًا تحدثنا مع الكاتب الشاب «عمرو سمير عاطف» الذى قال: «المعيار الحقيقى للكتابة ليس عدد الحلقات، ولكن الأهم هو جودة ومحتوى المضمون، مع أنه من المتعارف عليه فى سوق الدراما والكتابة أن نجاح المسلسل وتميزه يكمن فى قلة عدد حلقاته، وبينما نحن فى حاجة للتغيير طوال الوقت حتى لا يمل المشاهد وهذه النوعية من المسلسلات التى تزيد بها تكثيف الجرعة الدرامية وتكون أحداثها أسرع وخالية من المط والتطويل الذى يجعل المشاهد يهرب فى منتصف الحلقات.
أمّا عن المسئولين فى القنوات وإن كان هناك حماس لوجود هذه النوعية فى الفترة الحالية فقد تحدثنا إلى «محمد الجازوى» نائب رئيس شبكة قنوات النهار الذى قال: «هذه التجربة ليست جديدة على الدراما المصرية، وقد قام بها قطاع الإنتاج وقدّم العديد من التجارب الناجحة مثل «هو وهى» و«ضمير أبلة حكمت» وغيرهما. وقد ارتبط المشاهد بالأحداث أكثر من الوقت الزمنى للمسلسل، وفى رأيى أنه لو قمنا بتكرارها ستلقى نجاحًا.. خصوصًا أن هناك إعادة مستمرة لعرض هذه المسلسلات على بعض القنوات، وهناك نسبة مشاهدة مرتفعة لها. ونحن كمسئولين عن قنوات فضائية، فكل ما يهمنا هو تقديم ما يحبه المشاهد وجذب المتفرج هو الهدف الأول، ومن هنا فنحن دائمًا ما نبحث عن المحتوى أكثر من الاهتمام بعدد الحلقات.. وفكرة أن الهدف دائمًا هو ملء الهواء والحصول على إعلانات صحيحة، ولكن من دون جذب المشاهد وتحقيق رغباته لن يكون هناك إعلانات أو تواجد.
الناقدة «ماجدة موريس» تلخص صعوبة إعادة إنتاج المسلسلات القصيرة بقولها: «فكرة المسلسل الـ30 حلقة تم فرضها من المنتج وتم استسهالها من القنوات لملء الهواء.. وأفضّل وجود تحديد كَمّى للحلقات، وأعتقد أن أنسب شكل هو الـ30 والـ15 حلقة، لأن هذا التحديد يكون مريحًا أكثر للمشاهد. فالناس حياتها أصبحت مزدحمة ومركبة.. وعن أهمية هذا الشكل الدرامى المكثف أضافت: «هذه النوعية من الدراما من الممكن أن تكون حلّا مناسبًا لبعض الأفكار والقصص التى لا تحتمل الـ30 حلقة، ولكن الأهم هو النزاهة فى قراءة هذه الموضوعات قبل القيام بتنفيذها، وهو ما يحتاج إلى تقييم عادل. كما أنها ميزة مهمة فى مشاهدة دراما تخلو من التطويل والملل وتقديم، قالب ذى حبكة جيدة.>