الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراسة: 6.3 مليار جنيه تكاليف الطلاق سنويا!

دراسة: 6.3 مليار جنيه تكاليف الطلاق سنويا!
دراسة: 6.3 مليار جنيه تكاليف الطلاق سنويا!


ارتفعت حالات الطلاق خلال السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلى 40 ٪ من إجمالى حالات الزواج، وذلك حسب إحصائية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وبلغت حالات الطلاق خلال العام الماضى 196 ألفا و269 حالة، مقابل 192 ألفا و79 حالة فى 2016، بنسبة زيادة بين العامين تقدر بـ3٫2 ٪.

إحصائية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد أن الأعداد كبيرة وأنها تزداد عاما بعد عام بدليل زيادتها ما بين عامى 2016 و2017 بنسبة 3٫2 ٪، وهو ما يعنى بالطبع زيادة أعباء وتكاليف الطلاق اقتصاديا وكذلك آثاره النفسية.
وفى هذا الصدد صدرت دراسة «التكاليف الاقتصادية والنفسية للطلاق فى مصر»، للدكتور حمدى الحناوى الخبير الاقتصادى والدكتورة سلوى عبدالباقى أستاذ علم النفس بجامعة حلوان.
تعتبر هذه أول دراسة من نوعها ترصد تكاليف الطلاق اقتصاديا ونفسيا بعد أن استشرت الظاهرة فى المجتمع.
الدراسة تمت على ثلاثة أقسام، يتحدث الأول عن التكاليف الاقتصادية للطلاق باعتبار الزواج مؤسسة اجتماعية وأيضا اقتصادية، واعتمدت دراسة التكلفة الاقتصادية للطلاق على حساب عناصر التكاليف المباشرة بما فى ذلك رسوم التقاضى وأتعاب المحامين وزيادة نفقات المعيشة التى يتحملها الأفراد نتيجة النزاع.
وهناك أيضا حساب لقيمة التدهور فى نوعية حياة المطلقين على ما فى ذلك من صعوبات، لعل أهمها أن تكاليف هذا التدهور لا تظهر كلها دفعة واحدة، وإنما تتولد وتتراكم عبر فترة من الزمن، وقد يستمر تأثير بعض عناصرها مدى الحياة.
وأكدت الدراسة أن هناك فوائد للطلاق، فهو ليس شرا كاملا، و إنما له فى النهاية فوائد تعوض على الأقل جزءًا من تكاليفه، وأولى هذه الفوائد توقف النزيف الذى تسببه النزاعات الأسرية ويضاف لهذا نتائج عمل المطلقة التى رفضت ترك عملها بعد الزواج أو التى لجأت للعمل بعده.
القسم الثانى من الدراسة تناول التكاليف النفسية لانفصال الأبناء عن الآباء، واستخدمت الدراسة اختبارات إسقاطية لكى يسمح بدراسة متعمقة لنفسية الطفل ويطلق على هذا الاختبار طريقة تفهم الموضوع، وركزت الدراسة على إدراك الأطفال لطبيعة الصراع والجوع العاطفى لدى الأطفال الذين طلق آباؤهم وأمهاتهم.
القسم الثالث من الدراسة تناول تغير القانون وكيفية تقليل تكاليف الطلاق بما فى ذلك مسئولية القانون عن تكاليف الطلاق وكفاءة الدولة والمجتمع فى إدارة الموارد.
الدراسة أقيمت على جميع فئات المجتمع، وفى الوجهين البحرى والقبلي، وبين مسلمين وغير مسلمين، والريف والحضر، والمناطق الشعبية ومناطق الطبقات الأعلي، والذكور والإناث، وتم اختيار 3 محافظات إحداها تمثل الوجه القبلى وهى المنيا، والثانية تمثل الوجه البحرى وهى الدقهلية، والثالثة هى القاهرة وتمثل المحافظات الحضرية.
سألت الدراسة فى البداية المطلقات عن أسباب الطلاق، فكانت الإجابة بالترتيب: تقصير الزوج فى الإنفاق، وعدم التكافؤ، والعنف المادى والمعنوي، والزواج بأخري، وتدخل أهل الزوج، وهجر الزوج لزوجته، والخيانة الزوجية والإدمان والعقم.
وبدأت الدراسة فى تحديد التكلفة المباشرة لقضية الطلاق على أساس قيمة الرسوم التى تدفع للتقاضى فى مراحله المختلفة مضافا إليها متوسط قيمة أتعاب المحامين ونفقات الانتقال إلى المحامين وإلى النيابة والمحكمة، وكانت الدراسة تعد قبل ارتفاع الأسعار وارتفاع الدولار، وقدرت أتعاب المحامى فى القضية بـ850 جنيها تقريبا، على اعتبار أن أتعاب المحامى تختلف من محافظة إلى أخري.
وقدرت نفقات الانتقال إلى المحامين والنيابة والمحكمة فى حدود 150 جنيها قبل زيادة أسعار المواصلات، وعلى اعتبار أن متوسط عدد الجلسات فى أى قضية 10 جلسات، وعلى اعتبار أن الأطراف لا يحضرون كل الجلسة، بل ينوب عنهم محاموهم.
ويضاف إلى ذلك تقدير نفقات القضاة والعاملين بالمحاكم وبصورة تقديرية أيضا يخص القضية الواحدة من وقت القاضى 10 ساعات تشمل وقت الجلسات ووقت الاطلاع، وتحسب عشر ساعات أخرى للأعمال الإدارية التى يقوم بها موظفو المحكمة بشأن القضية ويضاف نصيب من وقت الحراسات الأمنية وبصورة حكمية تحسب لكل قضية خمس ساعات من وقت تلك الحراسات على مدى الجلسات كلها بمعدل نصف ساعة لكل جلسة من جلسات القضية.
وانتهت الدراسة فى هذه الجزئية من التكلفة المباشرة لقضية الطلاق الواحدة 1195 جنيها.
وكشفت الدراسة عن تكلفة مباشرة أخرى لتفكك بيت الزوجية، حيث يعيش البعض مع أسرته لعدم استطاعته فتح بيت جديد وتتحمل أسرته فى هذه الحالة زيادة فى نفقاتها، والبعض يذهب للعيش فى شقق للإيجار سواء جديد أو قديم وتمليك وحسبت الدراسة هذه التكلفة 40 ألف جنيه سنويا، وبالتالى كما قالت الدراسة فإن جملة التكاليف المباشرة للطلاق 41195 جنيها.
وأكدت الدراسة أن هذه القيمة التى قدرتها هى أقل من المتوقع للوقت الحاضر والمستقبل.
أما التكاليف غير المباشرة للطلاق فأكدت الدراسة أنه لا يمكن تقدير هذه التكاليف وهى قيمة الوقت الذى يستغرقه الزوجان فى نزاعاتهما سواء قبل الطلاق أو أثناء إجراء الطلاق، وقالت الدراسة الوقت له قيمة فى كل المجتمعات وله قيمة عندنا بطبيعة الحال، ولكن إطالة النزاع أكثر مما تحتمل حياة الفرد يعكس مدى تدنى قيمة الوقت فى المجتمع وهذه التكاليف الخفية لا يمكن أن تقدر.
والطريف أن الدراسة حسبت التكاليف التى تخسرها المرأة والرجل شهريا فى فترة نزاعهما قبل الطلاق والذهاب للمحكمة، وكان متوسط خسارة المرأة 572 جنيها شهريا، بينما متوسط خسارة الرجل 1040 جنيها، وهى قيمة تعطل الزوج عن العمل بسبب الخناقات مع زوجته، وأخذ الزوجة وقت رعاية أطفالها للنزاع مع زوجها.
الدراسة كشفت بعد أن قامت بحساب تكلفة الطلاق فى عدد المطلقين سنويا فى مصر كانت المفاجأة أن تكلفة الطلاق الاجتماعية فى مصر 6٫368 مليار جنيه سواء تكلفة مباشرة أو غير مباشرة، وقامت بحسابها كالتالي:
تكلفة القضية 64850 * 1٫200 جنيه = 0٫08 مليار جنيه.
تفكك بيت الزوجية 64850 * 40 ألفا = 2٫60 مليار جنيه.
تكلفة وقت التقاضى 64850 * 29٫0 ألفاً = 1٫88 مليار جنيه.
تكلفة وقت النزاع 64850 * 28000 = 1٫82 مليار جنيه.
> فوائد الطلاق
قالت الدراسة إن الطلاق ليس شرا كاملا وإنما له فى النهاية فوائد تعوض على الأقل جزءا من تكاليفه، أولى تلك الفوائد توقف النزيف الذى تسببه النزاعات الأسرية، وهذا النزيف يساوى 780 جنيها شهريا لكل حالة طلاق، يضاف لهذا ناتج عمل المطلقة التى رفضت أن تنسحب من عملها بعد الزواج والمطلقة التى عادت إلى عملها أو وجدت عملا بديلا وحسبت الدراسة هذه الفوائد بمبلغ 790 مليون جنيه تقريبا تم حسابها كالتالى:
توقف النزاعات 870* 12* 64850 «حالة طلاق» = 607 ملايين جنيه سنويا.
عمل المطلقات 471 * 12 * 64850 * 50 ٪= 183 مليون جنيه سنويا.
وانتقلت الدراسة بعد ذلك إلى التكاليف النفسية لانفصال الأبناء عن الآباء والتى تمت على أطفال آباؤهم مطلقون.
وأكدت الدراسة تعرض أطفال الطلاق لتشوه نفسى بدرجات متباينة، وهم يتعرضون للضغوط التى تسبب ذلك التشوه وهم لايزالون أصغر من أن يستوعبوا أو يقاوموا.
ويقول تراث علم النفس إن فرص التشوه التى يتعرض له الأولاد فى سن 9 - 12 أكثر ممن يصغرون سنا.
والسبب أنهم فى هذه الفترة من العمر يحتاجون إلى التوحد النفسى مع صورة الأب.
وإذا كانت تلك الصورة ليست ناصعة فهنا فرصة التشوه، والبنت فى نفس السن تفتقد الأب أيضا لأنها فى هذه الفترة من عمرها تعيش المرحلة الأوديبية التى تنجذب فيها البنت إلى أبيها، فإذا غاب أبوها فهى عرضة هى الأخرى لتشوه بنائها النفسي.
وأكدت الدراسة أن التشوه النفسى الذى يصيب أطفال الطلاق يؤدى إلى نتائج كثيرة تتوقف على الظروف التى يمر بها الطفل فى المراحل التالية من حياته، ويكون ثمن تلك التشوهات باهظا فى المستقبل لا تستطيع حساب قيمته لأننا لا نستطيع أن نتنبأ بما سيؤدى إليه التشوه النفسي.
قد تنتج هذه التشوهات منحرفين ومجرمين يصبون عدوانهم على المجتمع الذى حرمهم من طفولتهم.
وظهور العنف والعدوان وهو نتيجة طبيعية للضغوط المصاحبة التى تحيط بالطفل، والحرمان الذى يعانيه سواء الحرمان المادى أو العاطفى والنهايات السعيدة التى وضعوها لقصصهم ليست سوى أمنيات ليت المجتمع ينتبه إليها قبل فوات الأوان.
أما القسم الثالث الذى قامت فيه الدراسة فكان تغير القانون وكيف يقلل تكاليف الطلاق، ويقصد بالطبع قانون الأحوال الشخصية، وأكدت فيه أنه كلما تأخر تعديل القانون لتبسيط إجراءاته وإلغاء التمييز بين الرجل والمرأة سيظل المجتمع يتحمل مزيدا من الخسائر وستظل التكلفة النهائية أضعاف قيمتها المقدرة فى هذه الدراسة.
طالبت الدراسة فى نهايتها بخمسة مطالب لتقليل التكلفة الاقتصادية والنفسية للطلاق فى مصر أو لتقليل نسبة الطلاق فى مصر، أولها الدعوة إلى أن يعبر القانون عن التغير الذى يحدث فى المجتمع، خصوصًا تغير أوضاع المرأة ومشاركتها مع الرجل فى الإنفاق على الأسرة، وهذا مدخل إلى تعديل فلسفة القانون الذى يفرض على المرأة الطاعة مقابل الإنفاق عليها.
ثانيا: العمل على تقليل تكلفة الطلاق من خلال إدخال تعديلات قانونية تؤدى إلى تقليل فترة التقاضي.
ثالثا: دعوة المجتمع إلى العمل على تقليل فشل الزواج بتعديل تقاليده بما يتسق مع احتياجات الأنثى المتعلمة وتعديل إجراءات الزواج لتتاح للمقبلين عليه، التأكد من التوافق الإنساني، رابعا مخاطبة الجهات المسئولة عن الإحصاءات القومية لجمع ونشر بيانات تفصيلية تفيد العمل الاجتماعى مثل أعداد الأسر التى تعولها النساء وسلوكيات الإنفاق داخل الأسرة.
خامسا يرتبط التغير الاجتماعى ارتباطا وثيقا بالتغير الاقتصادى فقد كان تغير القيم والتقاليد والأعراف شديد البطء نظرا لبطء النمو الاقتصادى وهو نمو متعثر بشهادة واقعنا الراهن، ومن هنا يجب أن يمتد اهتمام الناشطين إلى التنمية الاقتصادية ولا يقتصر على التنمية الاجتماعية.>