الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القطط المسرحية

القطط المسرحية
القطط المسرحية


أن يعود ذلك الإنتاج الاحترافى الفنى للمسرح القومى للطفل بمسرحية القطط التى يشاهدها الأطفال على مسرح عبدالمنعم مدبولى «متروبول سابقا» لهو عود  حميد، وهو إن أردنا الدقة خطوة للوراء بمثابة سير مهم نحو الأمام، إنها خطوة استيعادية للمسرح الغنائى الاستعراضى للأطفال، بعد غياب طويل عن الجمهور الأهم فى مصر، وهو جمهور الأطفال، الصفحة البيضاء شديدة النقاوة والذكاء والتى يتشكل ذوقها الفنى وقيمها الأخلاقية بمقدار ما تشاهده من فنون وثقافة موجهة لهم، أطفال اليوم هم صناع المستقبل القادم فى مصر.

جدير بالذكر أن صالة الجمهور ممتلئة بعدد كبير مبهج من الأطفال، مما يؤكد أنه رغم غياب نجوم مسرح الطفل التقليديين عنه من ممثلين ومطربين، فإن الأسرة المصرية وجمهور الأطفال يحضرون للمسرح عندما يقدم عملًا فنيًا راقيًا مثل مسرحية القطط.
ذلك أن المؤلف والشاعر صفوت زينهم يكتب عن عالم القطط بقلب طفل، وعقل شديد الحساسية تأمل هذه الكائنات البديعة قطط الله فى الأرض، وهى حيوانات أليفة تتميز رغم ضعفها البدنى بالمقارنة بحيوانات أخرى بأنها صاحبة كرامة رفيعة المستوى، وعندما تغضب وتعود لشراسة فصيلتها الأصلية من النمور، لا تملك إزاء هذا الغضب إلا العطف على القطط، بسبب تلك المسافة الكبيرة بين قوتها الحقيقية وحجم الغضب لكرامتها، والقطط أيضًا كائنات متوحدة، وهى لا تتماهى أبدًا فى الآخرين سواء صاحبها الإنسان أو رفيقها من بنى جنسها، عبدها المصريون القدماء وظنوا بها شيئًا مقدسًا، لكل هذا الذكاء وكل تلك الكرامة النادرة التى تملكها تلك القطط، يراها البعض غادرة، ويراها البعض تنكر العشير، ويراها البعض نموذجًا للانقلاب المفاجئ، والأوجه المتعددة لكننى أراها كائنات بديعة، حيث تملك كل قطة وقط إرادة أن يتمتع بالحياة منفردًا بنفسه لساعات طويلة.
أما إذا أرادت القطط أن تمرح وتلهو وتحب وتصفو، فهى تملك ذلك النوع من الذكاء العاطفى وتلك البهجة المدهشة، ولذلك يحبها الأطفال أكثر مما يحبها الكبار وتحبها الفتيات أكثر من الفتيان، ويرى فيها صفوة أهل الدين إبداع الخالق عز وجل فى مقدرته على إتاحة التنوع والاختلاف، والألفة والتشابه معا.
المسرحية  تدور أحداثها عن  قطط  تعيش فى مدينة، أطلق السيد سامى وهو مسئول بهذه المدينة شائعة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، أن قطط المدينة تحمل مرضًا معديًا وبائى الطابع، وحذر من أن تخالط الكبار والأطفال، فتم طرد جميع القطط خارج المدينة وهنا فكر القط «ماو» ومجموعة القطط فى كيفية الانتقام منه، والعودة للمدينة، فقامت مجموعة منهم بخطفه ولكن القطة «جوجو»، صديقة «نسمة» وصديقة الإنسان تعطف عليه وترفض تعذيبه، مما يجعله يحب القطط ويترك كراهيته لهم ويعود للمدينة ويعلن أنه صاحب الشائعة ويندم على فعلته، مما يجعل مجلس المدينة يطالب بالقبض عليه وإحالته للمحاكمة على أن تعود القطط للمدينة، لأصحابها من الأطفال والكبار ولبيوتها لتنعم بالهناء والسعادة فى صحبة أهل المدينة.
تلك الأحداث يجسدها مجموعة من الممثلين الخبراء فى مسرح الطفل، ورغم ابتعادهم عن عالم الشهرة قليلا، فإن إخلاصهم المهنى لمسرح الطفل مسألة نادرة، وعلى رأسهم الفنان سيد جبر، وهو ممثل مسرحى مهتم بالعمل للمسرح عامة ولمسرح الطفل خاصة، يملك ذلك الحضور وتلك الطاقة الإبداعية القادرة على التواصل مع الأطفال. وكذلك الفنان محمود حسن، والفنان جلال عثمان فى دور السيد سامى ووائل إبراهيم، والمبهجتان نشوى إسماعيل وريهام حسنى، وحمزة خاطر فى دور الضابط. ومجموعة الرقص أصحاب الوجوه الجميلة واللياقة البدنية الواضحة على بساطة الاستعراض الجميل الذى صممه مصطفى حجاج، والمكياج التعبيرى شديد الرقة لرحاب عبدالغنى والمادة الفيلمية المتأملة لعالم القطط والتى قدمها محمد الجباس، وموسيقى وألحان صلاح الشرنوبى وتوزيع أحمد عبدالعزيز، التى أضافت للإيقاع العام للعرض تدفقًا حيويًا ومتعة سمعية متصلة بالمتعة البصرية لمناظر وملابس فادى فوكيه، الذى اختار مدينة خيالية كى تدور فيها الأحداث، مما جعل المسرحية تلامس «الفانتازي» وهو عالم الخيال المتأسس على صياغات واقعية وهو عالم مدهش جذاب لجمهور الأطفال.
أما النجمة العائدة لمسرح الطفل ميرنا وليد، فهى ترقص بطريقة محترفة، وتمثل بطريقة طفولية، وهى نجمة جديدة فى عالم فنون الطفل قد دخلت هذا العالم الساحر من الباب الكبير وهو باب المسرح، وعليها ألا تغادره، أما المخرج صفوت صبحى فقد كانت بساطته وصدقه سببا وراء هذا العمل المبهج الذى يحسب بالتأكيد للمسرح القومى للطفل، ومديره حسن يوسف وللبيت الفنى للمسرح.
عله يستمر، وعلهم يقدرون على التجوال فى كافة الأقاليم، ليشاهده أطفال اليوم مستقبل الغد الاجمل والأفضل القادم فى مصر الجميلة بإذن الله.>