الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أيام «الإرهاب» الأخيرة فى سيناء

أيام «الإرهاب» الأخيرة فى سيناء
أيام «الإرهاب» الأخيرة فى سيناء


عبر «سيناء» خرج الملك رمسيس الثانى على رأس الجيش المصرى يلاحق «الحيثيين» شرقًا حتى أخضعهم فى معركة «قادش» ووقّع معهم أول اتفاقية صُلح عرفها التاريخ، ليهنأ بعد ذلك بالاستقرار الذى مكنه من تنفيذ مشروعاته الكبرى بالبلاد إلى أن تُوفى ودُفن فى وادى الملوك.

عبر سيناء أيضًا خرج سيف الدين قطز متوجهًا شرقًا نحو موقعة «عين جالوت» فكان النصر حليفه ضد جيش المغول، وإلى شبه الجزيرة عبر الجيش المصرى فى 1973 ليُسطر واحدة من أنبل المعارك فى العصر الحديث، وفى قلب سيناء انطلقت قبل 100 يوم من الآن معركة القوات المسلحة ضد منتخب إرهابيى العالم، التى تحمل اسم العملية الشاملة «سيناء 2018».
جيش كامل بعدته وعتاده واجهته القوات المسلحة خلال الشهور الثلاثة الماضية منذ صدور التكليف الرئاسى لها فى احتفال المولد النبوى الماضى بتطهير أرض سيناء من التنظيمات الإرهابية، لكنه ليس جيشًا نظاميّا تسهل مواجهته والتعامل معه، وإنما كتائب من الفئران التى احترفت حرب الخنادق والجحور.
4600 وكر وملجأ ومخزن سرّى بعضها تحت الأرض كانت تستخدمها العناصر الإرهابية فى التنقل والاختباء من رجال القوات المسلحة علاوة على570 مخزن أسلحة وذخيرة، و4 مراكز إعلامية و5 مركز إرسال للاتصالات اللاسلكية، إضافة إلى 3 منازل مفخخة متصلة بخندق طوله 100 متر مرتبط بـ 15 خندق مواصلات مجهزة هندسيّا، ناهيك عن معسكر تدريب خاص يضم ميدان رماية وميدان موانع ونفقًا ينتهى بقاعة محاضرات تحت الأرض.
1317 عبوة ناسفة تمت زراعتها فى طريق القوات تكوّن معًا ما يشبه حقل ألغام، علاوة على 12 سيارة مفخخة حاولت تنفيذ 7 عمليات ضد الجيش و207 عربات أغلبها سيارات دفع رباعى و753 دراجة بخارية استخدمت جميعًا فى عمليات الكر والفر  ضد تمركزات الجيش والشرطة.
عندما تتحدث عن مخابئ تحت الأرض مجهزة هندسيّا ومزودة بمواد إعاشة وتخفّى وشبكة أنفاق متصلة ببعضها البعض، فقطعًا أنت أمام عمل يتجاوز القدرات التخطيطية والتدريبية والتنفيذية لعناصر هذه التنظيمات.
ورُغم أن العتاد ومناطق التمركز تؤكد وقوف دول بعينها خلف انتشار هذه التنظيمات فى سيناء، فإن القوات المسلحة استطاعت كسر شوكة التنظيمات وتراجع بالفعل حجم الأعمال العدائية التى كانت تلك الجماعات تنفذها ضد الجيش والمدنيين وكانت آخر محاولة قاموا بها فى 14 إبريل الماضى عندما حاولت مجموعة منهم تنفيذ هجوم انتحارى وتم التصدى له بنجاح من جانب الضباط والمجندين.
تغيير إجبارى فى التكتيكات
مع إحكام القوات المسلحة والشرطة قبضتها على محافظات شبه الجزيرة تراجعت العمليات الإرهابية ولجأت العناصر التكفيرية إلى حِيَل مختلفة لعمل خطوط إمداد للفلول الباقية، وتضمن البيان رقم 21 إشارة إلى ضبط جَملين محمل عليهما دوائر نسف وأجهزة لاسلكية ومواد طبية وغيرها.
كانت التعليمات الصادرة من رئاسة الجمهورية للفريق محمد فريد حجازى رئيس الأركان محددة فى نقطتين رئيسيتين: الأولى هى اقتلاع الإرهاب من جذوره، والثانية هى إحكام السيطرة على جميع أراضى سيناء والتمركز بها بعد تطهيرها، ليأتى احتفال مصر بعيد تحرير سيناء هذا العام فى 25 أبريل الماضى وقد أصبحت سيناء تحت السيطرة الكاملة للقوات المسلحة المصرية ووصلت الطائرات الحربية المصرية أبعد نقطة حدودية شمال شرق سيناء على الحدود مع إسرائيل، وهو ما يعنى إسقاطًا عمليّا لبنود اتفاقية السلام مع إسرائيل، التى كانت تمنع دخول الطائرات والدبابات إلى المنطقتين «ب» و«ج» داخل سيناء.
الرؤية كانت واضحة تمامًا، إذا تركنا سيناء فريسة لمافيا تجارة السلاح والمخدرات والبشر فإنها لن تُصبح خاضعة للسيطرة المصرية فعليّا حتى إن بقيت السيطرة اسمية، ولهذا لم تكتف القوات المشاركة فى العملية الشاملة بالقضاء على العناصر الإرهابية وإنما ضربت معها عصابات الإتجار بالبشر وتهريب المتسللين من جنسيات مختلفة، كما دمرت 363 مزرعة وضبطت 50 طنّا فأكثر من جوهر الحشيش، وهذه الأرقام تعكس طبيعة الاقتصاد الذى كانت تقوم عليه علاقات المجتمع السيناوى فى فترة سابقة.
لإنهاء فترة طويلة من غياب الدولة عن المجتمع السيناوى كان على القوات المشاركة أن تستخرج أوراقًا ثبوتية لكثير من السيناوية الذين تعوّدوا على الحياة خارج نطاق السيطرة فعمدت وزارة الداخلية خلال عمليات التمشيط إلى استخراج بطاقات الرقم القومى لمن لا يملكون بطاقات.
3 زيارات للسيسى
للوقوف على طبيعة ما يُجرى على الأرض كان على القيادة السياسية أن تذهب إلى هناك، 3 زيارات أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى شبه الجزيرة كان آخرها يوم الجمعة 23 مارس، وزار خلالها إحدى القواعد الجوية والتقى بالعديد من القيادات العسكرية والضباط وضباط الصف والجنود، المشاركين فى العملية الشاملة سيناء 2018، وقال: سوف نأتى إلى هنا قريبًا لنحتفل بالقضاء نهائيّا على خوارج العصر.
الزيارة الثانية، أجراها الرئيس لسيناء فى 25 فبراير الماضى، من أجل افتتاح قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب، مرتديًا الزِّى العسكرى بحضور رئيس الوزراء وعدد من القادة العسكريين.
قبلها وفى 4 يوليو من عام 2015، تفقّد الرئيس السيسى قوات تأمين شمال سيناء، وكانت المرّة الأولى التى يرتدى فيها الزّى العسكرى عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية فى يونيو عام 2014، ووجّه يومها التحية العسكرية للقوات المشاركة فى تأمين سيناء من الجيش والشرطة، وأكد أن التاريخ سيتوقف كثيرًا أمام التضحيات التى يقوم بها الجيش من أجل حماية مصر من خطر الإرهاب. 